عيد الاستقلال الثلاثين من نوفمبر.. البريطانيون في مستنقع جديد

|| صحافة ||

قبل 54 عاماً اندحر الاستعمارُ البريطانيُّ من جنوب اليمن، ومنذ ذلك التاريخ لا يزال اليمنيون يعزفون أوتارَ الانتصار من عام إلى آخر، ويردّدون العبارات الشهيرة بأن اليمن مقبرة للغزاة.

لقد عرف البريطانيون أن بقاءَهم في اليمن يعني مواجهة المصير المحتوم وهو الموت، ولهذا لم يكن أمامهم من خيار سوى الخروج المذل، ليكون الثلاثون من نوفمبر 1967 يومَ خروج آخر جندي بريطاني من اليمن، لكن الدولة التي لا تغيب عنها الشمس ظلت ترصد اليمن من مكان بعيد، حتى جاءت اللحظة المناسبة، لتعود محتلّة للجنوب من بوابة العدوان الأمريكي السعوديّ.

ومثلما سهّل الخونةُ القدامى للمحتلّ البريطاني الدخول إلى مناطق وقرى وعزل المحافظات في جنوب اليمن، أقدم الخونة الجدد على لعب الدور ذاته، ففرشوا الأرض بالورود للمحتلّ الإماراتي والسعوديّ ومن خلفهما الأمريكي والبريطاني، وسهّلوا لهم الاستحواذَ على ثروات البلاد ومقدراتها، بل والتمركز في المطارات والموانئ وفي المناطق الهامة من سواحل البلاد.

فيما يلوذ المسؤولون المرتزِقة بالصمت أمام هذه المناسبة العظيمة، ويحرّفون الكلم عن مواضعه، ينبري المسؤولون في صنعاءَ لتذكير الأحرار بوحشية البريطانيين بين الأمس واليوم، مؤكّـدين أن الشعب اليمني الحر يأبى أن يرى أرضه محتلّة، وأن الغزاة والمحتلّين مثلما خرجوا أذلاء صاغرين في الماضي، فسيخرجون منكسرين في قادم الأيّام، فالأرض اليمنية لا تقبل على الإطلاق أن يُدنس ثراها الأجانب المحتلّين.

ويؤكّـد رئيس الوزراء، عبد العزيز بن حبتور، أن الشعب اليمني واجَهَ بالماضي البعيد والقريب المحتلّين والغزاة والطامعين من البريطانيين وغيرهم، وسيواجه اليوم المعتدين الجدد المنضوين ضمن المشروع الصهيوني الأمريكي الإنجلوسكسوني، الذي مارس قبل مِئة عام تقسيم الوطن العربي وتجزئة الأُمَّــة”.

وقال في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: “العدوان الصهيوني يسعى اليوم عبر عملائه ومرتزِقته لتجزئة المجزأ، وتفتيت الأُمَّــة، وإشاعة الفوضى في أوساطها، وبثّ سموم الفتنة والفرقة والتناحر بين أبنائها، لافتاً إلى أن العدوان يعمل بسياسة «فرّق تسد» وما تزال سارية في المنطقة العربية، عبر إغراق الأُمَّــة في دوامة من الصراعات اللا متناهية التي ألقت بظلالها الحالكة على حاضر ومستقبل الأُمَّــة قاطبة.

ويشير بن حبتور إلى أن بريطانيا تحاول اليوم أن تعيد المسرحيةَ الهزلية عبر تبريرها للتواجد العسكري الأمريكي شرقي اليمن سواءً على الأرضي اليمنية كبناء قاعدة عسكرية أمريكية كما تتحدث التسريبات أَو لفرض تواجد عسكري أمريكي بحري على المياه الإقليمية اليمنية والذي كُشف عنه مؤخّراً، مُضيفاً بقوله: “هذه المسرحية حسب مراقبين تعيد التذكير بالتبريرات التي ساقتها لندن لاحتلال جنوب البلاد وفرض تواجد عسكري في عدن لأكثر من 127 عاماً، والذي انتهى بالرحيل بفضل المناضلين المخلصين في الجنوب”.

ويذكر بن حبتور النظرةَ الشاملةَ لمستوى الحضور البريطاني وراء ما يسمى اتّفاق الرياض، ووجوده القوي في تفاصيل الصراع الحاصل في جنوب اليمن بين فصائل العدوان سواء الموالية للسعوديّة أَو الإمارات وسيدرك المتابع خطورة الدور البريطاني فِي أول دولة تمد يدها لدعاة الانفصال، واحتضنت قيادات منهم كما رعت عدة فعاليات لهم، مُشيراً إلى أن بريطانيا اليوم عبر مرتزِقتها تعيثُ فساداً وإفساداً في المحافظات والمناطق المحتلّة، وأمعن عملارها في انتهاك كرامة مواطنيها، وعجزوا عن توفير الأمن وأبسط المقوّمات الأَسَاسية لهم.

ويختم رئيس الحكومة حديثه بالقول: “بمناسبة احتفالات بلادنا بالثلاثين من نوفمبر اليوم التاريخي والخالد الذي كان وسيظل يوماً فارقاً في حياة وتاريخ الشعب اليمني، تلاقت فيه الإرادَة الشعبيّة من كُـلّ أنحاء الوطن من المهرة شرقاً حتى ميدي غرباً، ومن عدن وسقطرى جنوباً حتى صعدة شمالاً، لتصنع الاستقلال لجزء غالٍ من أرض اليمن، الذي مهّد الطريق أمام تحقيق الهدف الأسمى للثورة اليمنية، وهو إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في 22 مايو 1990م”.

 

البريطانيون سيندمون

ويؤكّـد محافظ عدن، طارق سلام، أن ذكرى 30 نوفمبر تعيد التذكير بمصير المرتزِقة الذين تواطأوا مع الاحتلال البريطاني آنذاك فباعوا أوطانَهم وَضيعوا أعمارهم دون أية فائدة تذكر، مُشيراً إلى أنه لا يكاد يمر يومٌ دون أن نرى أَو نسمع عن جرائم وانتهاكات يتعرض لها أبناؤنا وإخواننا في المحافظات الجنوبية المحتلّة بعد أن جردهم المحتلّ من كافة حقوقهم وممتلكاتهم وسخرها لمصالحه الضيقة ووسعها على حساب الملايين من أبناء الشعب اليمني الصامد.

ويضيف سلام أن الشعبَ اليمني يحتفي بذكرى الـ30 من نوفمبر 1967م، وهو يعاني من عدوان جائر وحصار خانق لسبع سنوات عجافٍ أفسدت بهجةَ هذه المناسبة وسلبت فرحةً لطالما احتفى بها اليمنيون ولا يزالون، مستدركاً بقوله: “لكنها لم تمر دون أن تبعث في قلوبهم غُصةً من الأسى والحسرة على نضال الأجداد وتضحياتهم التي باعها ثلةٌ من المجرمين بحفنة من مال مدنَّس ومناصب لم يمارسوها إلا على وسائل الإعلام”.

ويشير سلام إلى أن المرتزِقة الجُدُدَ يهيئون الساحة لاحتلال بريطاني جديد، موضحًا أن بريطانيا تسعى من خلال الاحتلال السعوديّ والإماراتي إيجاد موضع قدم في الأراضي اليمنية بعد أن خرجوا منها وهم صاغرون.

ويؤكّـد محافظ عدن أن اليمنيين الأحرار سيثبتون مجدّدًا أن اليمنَ مقبرةُ الغزاة، وأن الاحتلال البريطاني والأمريكي سيندم على دخوله في هذه الحرب المحسومة النتائج، وأن أحفاد الثوار القدامى الذين مرّغوا أنف الاحتلال البريطاني وَالسعوديّ يمرغون أنف الاحتلال الجديد، وأن الأراضي اليمنية ستكون مقبرة جحافل الاحتلال من مختلف البلدان العالم.

ويقول سلام: وفي هذه المرحلة الصعبة التي نعيشها، وبلادنا تشهد مرحلة فارقة في حياتها ونضال أبنائها وتضحياتهم الجسيمة في سبيل الحرية والاستقلال والعزة والكرامة، يتوجب علينا جميعاً المزيد من الوعي والإدراك وحشد الطاقات والهمم لمواجهة هذا المحتلّ وأدواته بكل الوسائل الممكنة والمتاحة وتفويت الفرصة على مجرمي العصر وطواغيتها في إركاع أمتنا الصامدة والصابرة وجر الوطن إلى مستنقع العمالة والارتهان.

ويخاطب سلام أبناء الجنوب قائلاً: “إنكم مطالَبون بضرورة استلهام الوعي الثوري واستذكار أمجادكم والبدءِ في قدح شرارة النضال ضد قوى الإجرام والاحتلال، فوطنُكم ومستقبلُ أبنائكم يحتاجُ إلى تحَرّك شعبي وشبابي قوي وفاعل وتحريك مداميك الجماهير وتغذيتها بالولاء للوطن والدفاع عنه لجَرْفِ قوى العدوان والاحتلال التي أضاعت سنين من أعماركم في حروب ونهب وتدمير كان من المفترض أن تعمروها بأياديكم”.

بدوره، يعتبر مشعل محمد الردفاني، نائب رئيس الهيئة العامة للشهداء ومناضلي الثورة ” الــــ30 من نوفمبر، أن هذه الذكرى أتت بعد كفاح وتضحيات جسيمة، مستعرضاً ذكريات ثورة 14 أُكتوبر والتي قادها آنذاك القائد الفذ البطل الشهيد راجح بن غالب لبوزة، من على قمم جبال ردفان، وقد التف حوله كُـلُّ أحرار اليمن شماله وجنوبه شرقه وغربه ليشكلوا نموذجاً وطنيناً ثورياً قوياً لطرد الاستعمار البريطاني الغاصب.

ويضيف الردفاني: “قد سطّر الثوارُ الأبطالُ ملاحمَ وطنية أدهشت العالم أجمع وسجل بدماء الشهداء الأحرار تاريخاً مشرفاً لكل أبناء الوطن تدرسه الأجيال جيلاً بعد جيل، وسنظل نفخر ونعتز به جميعاً”، متابعاً بقوله: “استمر الثوار الأحرار بكفاحهم وبطولاتهم صامدين وشامخين، وهو ما جعل العرش البريطاني يهتز رُعباً وجعلت جيشه المحتلّ الغاصب يعيش 4 سنوات من الرعب والكوابيس المزعجة”.

ويؤكّـد الردفاني أن الأحرار اليمنيين يعيدون ذكريات أجدادهم العطرة في مواجهة الغزو وَالاحتلال مسطِّرين أنصعَ البطولات في مختلف الجبهات، مؤكّـداً أن بريطانيا تحاول التواجُدَ في الأراضي اليمنية وذلك من خلال أدواتها من النظام السعوديّ والمرتزِقة اليمنيين، متناسيةً ما حصل لها في الماضي حينما تكبَّدت خسائر جسيمةً في الأرواح والعتاد وغادرات من الأراضي اليمنية وهي تجر الخيبة من هول ما فعله بها الأحرارُ اليمنيون”.

ويؤكّـد الردفاني أن “الشعب اليمني يثبت كما فعل في الماضي أن الأراضي اليمنية ذات سيادة واستقلال لا تقبل الغزو من أي كائن كان”.

 

صحيفة المسيرة

 

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com