من سعة فضل الله ورحمته أن المجرم يوم القيامة يشهد على نفسه بأنه يستحق النار!!
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
في القرآن الكريم الله قدم جهنم بقضية مؤيسة عن أي مخرج، مغلّقة لها أبواب، {إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ} (الهمزة8) لها أبواب وتغلق {فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ} (الهمزة9) أعمدة بعد الأبواب، وزبانية، كلما طلعوا أهل النار؛ لأن أهل النار وهم في جهنم ما يكون واحد جالس مكانه، لشدة العذاب يتحرك، يسير ويجي، ويطلع وينزل في جهنم من شدة العذاب، ويتجهون إلى سور جهنم، إلى أبواب جهنم، يوصل هناك أبواب مغلقة، وكل شيء نار، أبواب نار، أسوار نار، طريق نار، وهو يتحرك فيها، وهو كله نار، عندما يصل هناك يقمعونه بمقامع من حديد {وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} (الحج21) فيرجع.
ولا يمكن يقول واحد قد يكون سنة أو سنتين، مع أن أسبوع واحد في جهنم نعوذ بالله، أسبوع واحد من يتأمل جهنم كما عرضها الله سبحانه وتعالى في القرآن، أسبوع واحد هو مما يجب أن يدفع الإنسان في هذه الدنيا إلى أن يعمل أشد الأعمال من أجل أن يسلم منها، خلي عنك أما إذا كانت ملايين السنين، يمر مليار سنة ما يمثل دقيقة واحدة بالنسبة لك؛ لأن ما هناك خروج؛ ولهذا جاءت آيات خالدين فيها، خالدًا فيها، تتكرر كثيرًا في القرآن الكريم.
ما يمكن إطلاقًا أن تقبل منك أي فدية، تتمنى أنك لو تفتدي من عذاب يوم القيامة بأولادك، بزوجتك، بأخيك، بأمك، بكل من حولك، يتمنى لو أنه يمكن يقول خذوا أولادي وزوجتي وأبي وأمي وإخوتي وعشيرتي، تفضلوا خذوهم واتركوني لوحدي، يتمنى {لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ} (المعارج14) يتمنى أنه لو يمكن أن يفتدي بكل هؤلاء لافتدى مقابل أن ينجى ما يمكن.
{كَلَّا إِنَّهَا لَظَى} (المعارج15) لظى يعني جهنم، إنها لظى، تتلظى: تحترق بشدة {نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى} (المعارج16) لما في داخل الإنسان، يحترق بطنه، يحترق جسمه كله، وكل ما احترق جسمه يتغير من جديد، يتغير يعني جسمك ينبت ويحترق في نفس الوقت ينبت ويحترق.
أيَّس من الخروج منها {إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ} يأتي إمكان فدية يفتدي إما بمال بذهب بالأرض كلها وهي ذهب! بينما قد يكون في الدنيا هنا كان بالإمكان أعمال بسيطة، مبالغ بسيطة من ماله تعتبر فدية ما يرضى، أليس في الحديث: ((اتقوا النار ولو بشق تمرة)).
لاحظ من رحمة الله سبحانه وتعالى الواسعة بعباده أن هذا العذاب الشديد، هذا الهول الشديد يسهِّل للناس إمكانية أن ينجوا منه ولو بأعمال بسيطة، ((اتقوا النار ولو بشق تمرة)) {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} (الإنسان8) عشاء ثلاث ليالي لاحظ كيف قدمه بشكل كبير، وجعله أيضًا من ما ينجيهم من النار.
فعندما حكى الله عنهم: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا} (الإنسان9) كم في الوسط؟ ثماني وثماني وثماني ثلاثة أيام [ثَلَتّه] شعير! لاحظ كيف هذا [الثَلَتّه] الشعير كيف طلع من ورائه {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ} (الإنسان11) من [ثَلَتّه] حَبّ! لكن وهو في ساحة المحشر ما ينفعك ولا [ثَلَتّه] ذهب، ولا جبل ذهب، ولا الأرض بكلها وهي ذهب أن تقدمها إما لـ[مالِك] أو للخزنة، أو لواحد من الخزنة [ويشاقف] الباب، ما يمكن، أبدًا.
هذا من الشيء الذي يدل على أن الإنسان عندما يَقْدِم على الله سبحانه وتعالى وهو مجرم، وهو مقصر أنه سيتحسر، وسيرى نفسه في الأخير أنه يستحق وهم يقودونه إلى جهنم بالسلاسل، يرى أنه يستحق، عندما يكون يفكر أنه لو عنده الدنيا كلها ذهبًا أنه مِن يسلمها، يفكر أيضًا بأنه كان في الدنيا بإمكانه أن يقدم أبسط الأشياء ويفديه من جهنم.
يوم كان في الدنيا يحاول يخذِّل أولاده، يخذِّل أخاه، يخذِّل أباه عن أن يعمل في سبيل الله، على أساس أنه خائف على ابنه، خائف على أبيه، يقول لأبيه: [وديْك حقنا، أشرطه ومدرسه، ودورات، وأشياء من هذه] في الأخير يأتي يوم القيامة يتمنى لو أنه يمكن، كل هؤلاء الذين كان في الدنيا يبدو أنه رحيم بهم عنده استعداد كامل أن يسلمهم لجهنم تطحنهم! أولاده، زوجته، أخوه، أمه، أبوه، فصيلته، الأسرة التي هو منها، عشيرته، [هل ستقبلوا مني قبيلتي؟ ها لْكم قبيلتي]!!.
الذي كان مثلًا في الدنيا يحاول في ابنه ألا يشترك في أي عمل صالح، خائف لا يسجنونه، خائف لا يلحقه إجارة عسكري تنفيذ، خائف أشياء بسيطة لا يفوته شيء بسيط من الدنيا مقابل أن يتحرك ابنه في سبيل الله.
أنت لست شفيقًا بابنك في الواقع؛ لأنه وقت الشفقة الحقيقية سترى أباك، هذا يعني تذكرة لنا جميعًا كأسر، لا تعتبر أحدًا أشفق بك من الله سبحانه وتعالى إطلاقًا؛ لأن أمك وهي تبدو شفيقة هنا في الدنيا، أبوك وهو يبدو شفيق عليك في الدنيا فيوجهك عن أعمال، يقعدك عن أعمال فيها رضى لله سبحانه وتعالى، هذه هي شفقة غير واقعية.
الشفقة التي أنت بحاجة إليها، والشفقة لو كان هناك شفقة حقيقية أنت سترى أباك هذا في المحشر يتمنى أنه يمكن أن يقدِّمك أنت وكل إخوتك وأمكم، أمكم زوجته وبقية أفراد الأسرة يقدمكم لجهنم تحطمكم حطم وهو ينجى.
والله عرض لنا كيف يجب بأن من نفكر بأنه الرحيم بنا هو الله، أمك هي رحيمة بك، أبوك هو رحيم بك، لكن إذا كان يغلط فاعتبر بأنه لا يمكن أن ينفعك، تقول له: هل أنت عندما نصل إلى ساحة الحشر، وترى نفسك أن مصيرك سيئًا هل ستعطينا وجهك بأنك ما تقول في الأخير هل سيكفيكم أولادي وتتركوني أسْلَم؟ في الأخير ستضحي بنا في ساحة الحشر.
يعني: عندك استعداد، إنما فقط ما هم راضين يقبلوا منك، عندك استعداد إنما ما هم راضين يقبلوا منك، فإذا أنت شفيق علينا فوطِّن نفسك من الآن أنك يوم القيامة أن لا يحصل عندك هذا الشعور: أنك مستعد أن تسلمنا جميعًا لجهنم مقابل أنك تسلم، مع أنه شعور لا بد أن يحصل عند كل شخص سيساق إلى جهنم {يَوَدُ المُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ} ثم ينجيه هذا الذي يقدمه يتمنى.
قل لابنك أو قل لأخيك، أو قل لأبيك: أنت في هذا الموقف تبدو شفيقًا بي، لكن هذه ليست شفقة في الواقع، ليست شفقة أن تدعوني إلى عمل فيه هلاك لي ولك، أنت يوم القيامة عندما يكون مصيرك سيئًا ستتمنى أن بالإمكان أن يقبلوا منك أن تقدمني أنا وجميع إخوتي وأمّنا وجميع الأسرة لجهنم وأنت تنجى! أليس هذا صحيحًا؟ صحيح ما فيه شك.
إذًا فاتركنا من الآن نصلَّح نفوسنا، أنت شفيق علينا هنا في الدنيا، أتركنا نصلَّح نفوسنا جميعًا، أتركنا ننطلق جميعًا في الأعمال التي فيها نجاة لنفوسنا ولو وصلنا أينما وصلنا، لا تهب لي رحمة وشفقة هي في الأخير غلط، تنتهي في الأخير بك إلى جهنم، وتنتهي بي في الأخير إلى جهنم، تأتي يوم القيامة أتمنى أنه يمكن أن أسلِّمك وأسْلَم، وأنت كذلك تتمنى أنه يمكن أنك تسلمني لجهنم وتسلم.
ما هم سيكونون مختلفين يوم القيامة؟ هنا في الدنيا ممكن أن الناس يلتقون، الأب وابنه، الأخ وأخوه، الكل تلتقي مشاعرهم على أنه نتحرك جميعًا فيما ينجينا من عذاب الله، فيما ينجينا من سخط الله؛ لنقدم يوم القيامة ونحن كلنا آمنين، وكلنا أصدقاء بشكل قوي، إضافة على أننا أرحام وأقارب، فتكون النتيجة بالنسبة لنا في الآخرة بدل أنك تأتي تفكر لو أنك تقدم لي جهنم.
إذا كان مقامك أعلى الله سيرفعني إلى مقامك تكريمًا لك، كما حكى الله في القرآن الكريم إذا كان الأب صالحًا وابنه صالح وأولاده وزوجته يرفعون إلى مقامه تكريمًا للأب، وتكريمًا للأبناء والزوجة في ظل تكريم الأب {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ} (الطور21).
أليس هذا هو العمل الصحيح؟ هنا الذي في الأخير الأب سينفع ابنه والإبن ينفع أباه، أنت يكون مقامك رفيعًا، أبوك، زوجتك، أمك ترتقي إلى مكانك، هكذا داخل الأسرة، الله يحكي في القرآن الكريم بأنه داخل الأسرة الواحدة؛ لأن الأسرة الواحدة عندما كانت تشجع، عندما كانت تقف مع واحد منها يتحرك حركة صحيحة هي تشارك في العمل الصالح، قد لا تكون مشاركتها بالشكل الذي يحصل عليه هذا الإنسان من تكريم عند الله سبحانه وتعالى.
ولكن ومن تكريمه أيضًا أن بقية أفراد أسرته يرفعون إلى مقامه، هذه هي النتيجة الصحيحة، عندما يكون كل واحد منا من أفراد الأسرة، الذي يكون في المقام الرفيع سيسحب الآخرين معه إلى المقام الرفيع الذي هو فيه، بدل أن نكون في ساحة المحشر كل واحد يفكر ليت أنه ممكن أن يأخذوا أولادي بدل، ما هنا يوجد فارق كبير جدًا بين الحالتين؟ فارق كبير جدًا.
عندما يقول الله: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ}أنت عندما ترى واحدًا من أسرتكم تراه سباقًا إلى الخير حاول أن تشجعه على أن يكون سباقًا إلى الخير، تراه ينطلق إلى المبادرة إلى الأعمال الصالحة شجعه في هذا، لا تثبطه، وليس هناك مبرر إطلاقًا لأن تثبطه؛ لأن كل ما يعمله هو في الأخير سينتهي إلى مصلحتك أنت، إذا أنت متجه في نفس الإتجاه، أما إذا الإنسان مجرم فهذا شيء آخر سيفصل عن أسرته، ويفصل نهائيًا.
لكن أسرة صالحة، أسرة بوضع طبيعي، فعندما يرون أحدًا من أفراد الأسرة عنده روح المبادرة والسبق في طاعة الله سبحانه وتعالى – في الأعمال وإن كانت أعمالًا خطيرة – لا يجوز أن يوقفوه بحال، إذا أوقفوه سيكونون هم صادين عن سبيل الله، وصادين عن عمل مصلحته في الأخير ستنتهي إليهم هم؛ لأنه إن كان الذي يدفعك إلى أن تصد ابنك أو أباك أو أخاك؛ لأنه يعطي جزءًا من أموالكم بسيطًا في سبيل الله، فأنت إذا أنت حريص على أموالكم، إرجع إلى القرآن الكريم الله يقول فيه: {وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} (الأنفال60).
لماذا تعارض؟ ما هو ناقص عليك شيء، وعد إلهي لن ينقص عليك شيء، سيخلف الله أضعافًا مضاعفة من حيث لا تشعر. إذًا فلماذا تصده عن الإنفاق في سبيل الله، أنت تصده؛ لأنك خائف عليه، وخائف لا يكلف عليكم في الأخير لمشكلة، [لا يَخَسِّرنا]، وعبارات من هذه، وهو في سبيل الله، أنت الآن تأتي توقفه فيكون هو وأنت قاعدين عن عمل هو لله رضى، فتتحول القضية بالنسبة لكم إلى جريمة.
أتركه ينطلق في الأعمال الصالحة ستستفيد أنت من ورائه في الدنيا، وستستفيد أنت من ورائه في الآخرة؛ لأنه ربما هذا الواحد من أفراد أسرتنا يتحرك أفضل، سبَّاق ما استطعنا أن نصل إلى درجته نكون مؤمنين أيضًا يوم القيامة بتكريم الله له سيقربنا الله إلى مقامه.
أليست هذه هي الفائدة العظيمة، الفائدة العظيمة أنه واحد من أفراد أسرتك مهما بلغت أعماله وأنت في اتجاهه بإيمان، ولكن لاعتبارات معينة ما تهيأ لك أن تكون سباقًا كمثله لكن {وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ} كما قال الله: {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
آيات من سورة الواقعة
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 10 رمضان 1423هـ
اليمن – صعدة