الموقف الحكيم: الصمود والثبات

أما موقف الصمود، والثبات، والاستبسال، والتصدي لهذا العدوان الظالم، هذا العدوان الذي أتى ليستعبدنا، أتى ليسيطر علينا، أتى ليتحكم بنا، أتى ليسلبنا حريتنا وكرامتنا، أتى ليحتل أرضنا وبلدنا، ويتخذ من أهم مواقع هذا البلد قواعد عسكرية، وينهب ثروات هذا البلد من النفط، والغاز… وغيرها. أتى ليسيطر على الإنسان اليمني، ويجعل منه عبداً في يده، تحت إمرته، تحت سيطرته، يوجهه لخدمته في أي ميدان: إما في ميدان القتال؛ ليقتل بدلاً عنه، ليقتل وهو يقاتل لتنفيذ أجندته ومؤامراته، ولخدمته، وفداءً لضباطه وجنوده، وإما في الميدان الإعلامي؛ ليجعل منه بوقاً ينفخ فيه بأكاذيبه وافتراءاته ودجله وتضليله وبهتانه، وإما ليجعل منه غطاءً سياسيًا؛ فيكون أشبه بالمنديل الذي تمسح به الأقذار، هذا ما أراده تحالف العدوان.

 

فكان قرار شعبنا وخياره بالصمود والتصدي لهذا العدوان قراراً حكيماً وصائباً، ويستند على حيثيات عظيمة، حيثيات صحيحة: أولها المسؤولية الدينية، نحن شعبٌ مسلم، شعبٌ له وسام الشرف العظيم الذي يجب أن يتذكره؛ باعتباره وسام شرفٍ وفخر، وباعتباره مسؤولية أيضاً، مسؤولية، (الإيمان يمان) نحن شعبٌ نفتخر بهذا الوسام العظيم، ويجب علينا- في نفس الوقت- أن تكون منطلقاتنا في مواقفنا، وقراراتنا، وتوجهاتنا، وولاءاتنا، وعداواتنا، وتحركنا في الساحة في ممارساتنا في حياتنا العامة، أن يكون المنطلق إيمانياً، من مبادئ الإيمان، محكوماً بالإيمان في المبادئ، في القيم، في الأخلاق، وحتى في الحكم الشرعي، حتى على مستوى الشريعة الإسلامية هذا ما يجب أن نكون عليه.

 

ونحن نقول: إن الله -سبحانه وتعالى- أوجب علينا كواجبٍ شرعي، كالصلاة، وكالصيام، وكالزكاة، وكالحج لمن استطاع إليه سبيلاً… وككل المسؤوليات الدينية، كجزءٍ من التزامنا الديني والإيماني، أن نواجه هذا العدوان، ألا نستسلم له، ألا نخضع له، ألا نركع له، هذا هو واجبنا الديني، القرآن الكريم حينما أوجب فريضة الجهاد في سبيل الله هل لحماية الله -سبحانه وتعالى- والدفاع عن ذاته المقدسة؟ هل لحماية دينه وشرعة، أم أن الأمة هي بنفسها التي تحتاج إلى هذه الفريضة لحماية نفسها؟ حتى الدين في شرعه وأحكامه ومبادئه هو للأمة لصالحها، الله غنيٌ حتى عن دينه، وحتى عن أعمالنا الصالحة،

وحتى عن مواقفنا النبيلة، غنيٌ عن كل ذلك، غنيٌ عن العالمين، لا تنفعه طاعة من أطاعه، ولا تضره معصية من عصاه، الدين في مبادئه، والدين في قيمه، والدين في أخلاقه، والدين في تشريعاته، والدين في حلاله وحرامه، الدين في كل الالتزامات التي يفرضها علينا هو لنا نحن، لمصلحتنا نحن؛ لكي نكون أحراراً، لكي يخلصنا من العبودية للطواغيت والمجرمين والظالمين والمفسدين، الذين يسعون لاستعباد البشرية وإذلالها، والاستغلال لها، والامتهان لكرامتها،

والتسخير لها في مصالحهم ومنافعهم الشخصية والفئوية والظالمة والباطلة والعبثية، فالواجب الديني يفرض علينا أن نتصدى لهذا العدوان، إن الله يقول عن عباده المؤمنين: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ}، إذا بغى عليهم عدوهم وهاجمهم واعتدى عليهم، ماذا؟ يستسلمون، يقعدون، يجمدون، يخضعون، يتنصلون عن المسؤولية تحت عنوان الحياد، يتهربون من أداء الواجب تحت أي عنوان ديني أو سياسي أو غيره؟ {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ}[الشورى: الآية39]، وحينما يتحركون لا لوم عليهم؛ هم في الموقف المشرِّف، من ينتقدهم، من يلومهم، من يثبطهم، أو يثبط غيرهم عن الالتحاق بهم،

وعن الوقوف في موقفهم المسؤول والمشرِّف، هو الخاطئ، ليس اللوم عليهم في أن يتحركوا وهم يواجهون من بغى ومن اعتدى ابتداءً وبغير حق، ولهذا يقول الله: {وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ ∗ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ}[الشورى: 41-42]، الله هو الذي يقول لنا: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}، فماذا؟ فاستسلموا له، فاقعدوا عنه وافتحوا له المجال ليتصرف كيف ما يشاء ويريد؟ يقول الله: {فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[البقرة: من الآية194]، الله يقول: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ}، (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ): من أتى لقتالكم والاعتداء عليكم بغير حق، والبغي عليكم بغير حق، مسؤوليتكم الدينية، وواجبكم الجهادي أن تقاتلوه، لا أن تخضعوا له، ولا أن تستسلموا له، ولا أن تقعدوا عن هذا الواجب تحت المبررات والذرائع الواهية، {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ ∗ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}[البقرة: 190-191]، وهكذا تتكرر الآيات القرآنية الكثيرة جدًّا؛ لتؤكِّد هذا الواجب، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}[البقرة: الآية216].

الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام

السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 

قد يعجبك ايضا