اتّفاق السويد المغدور به

|| صحافة ||

انقضت ثلاثةُ أعوام، منذ توقيع اتّفاق ستوكهولم بين وفدَي الحكومة في صنعاءَ، وحكومة هادي في 13 ديسمبر 2018. وشغل المِلَفُّ الاقتصاديُّ حيزاً معقولاً في الاتّفاق، مقتصِراً على ثلاث قضايا هي مرتبات الموظفين العموميين، والواردات إلى الموانئ الثلاثة (الحديدة- الصليف- رأس عيسى)، بالإضافة إلى التصدير.

والواضحُ أن الاتّفاقَ الذي رعته الأممُ المتحدة، قد تعثر تنفيذُه إلى الآن في كثيرٍ من بنوده، بما فيها البنودُ المتصلة بالملف الاقتصادي، وتقولُ السلطاتُ في صنعاء: إن حكومة هادي هي من أفشلت المضي في تنفيذ بنود الاتّفاق التي هدفت إلى استئناف صرف مرتبات الموظفين المنقطعة منذ أكثرَ من خمس سنوات؛ نتيجةَ قرار نقل وظائف عمليات البنك المركزي اليمني من مقره الرئيس في صنعاء إلى فرعه في مدينة عدن في سبتمبر 2016، بالإضافةِ إلى رفع القيود على الواردات إلى موانئ الحديدة، وهو البند الذي بطبيعة الحال بنيت عليه مبادرة إيداع الإيرادات المحصلة من موانئ الحديدة الثلاثة، في حسابٍ خاصٍّ لدى فرع البنك المركزي في المحافظة، “للمساهمة في دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية في محافظة الحديدة وجميع محافظات اليمن”.

وبينما كان يُعوَّلُ على الأمم المتحدة، ممارسة دورٍ ملزِمٍ لتنفيذ بنود الاتّفاق، عكست المواقف اللاحقة للجانب الأممي، تماهياً مع مواقف التحالف وحكومة هادي، من خلال الصمت إزاء حقائق امتناع حكومة هادي، عن التزامها بتغطية العجز الخاص ببند الرواتب، وكذلك استمرار القيود ضد الواردات التجارية إلى ميناء الحديدة.

وكان الاتّفاقُ قد نص على دور قيادي للأمم المتحدة في “دعم الإدارة وعمليات التفتيش للمؤسّسة العامة لموانئ البحر الأحمر اليمنية، في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، يشمل تعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقّق والتفتيش (UNVIM)”.

وحتى في وقت قال الجانب الأممي إنه تم تطبيقُ آلية التفتيش والتحقّق، إلا أن القرصنة على السفن المتوجّـهة إلى موانئ الحديدة استمرت، متسببةً في أزمات عديدة أحالت حياة 80 في المئة من سكان اليمن إلى جحيم دائم، كما راكمت الكثير من الغرامات الناجمة عن تأخير تلك السفن لأشهر في عرض البحر.

وفي يونيو 2020، بدأت دول التحالف وحكومة هادي تكثيف قيودها، على الواردات النفطية إلى موانئ الحديدة، في خطوة عكست في جانب من مبرّراتها التزام سلطة صنعاء بتوريد عوائد الميناء إلى الحساب الخاص بالمرتبات، مقابل عدم وجود ما يؤشر على التزام حكومة هادي فيما يخص الاتّفاق، حَيثُ اتهمت الأخيرة صنعاء بالاستحواذ على أكثر من 30 مليار ريال يمني من حساب المرتبات واستخدامها لتمويل أنشطتها القتالية.

في حين تقول صنعاء: إن عدم التزام الطرف الآخر بالاتّفاق، دفع بها إلى استخدام الإيرادات لصرف أنصاف رواتب للموظفين المحرومين طوال السنوات الماضية. لكن ما يزيد من التعقيدات الناتجة عن تبادل الاتّهامات والأخذ والرد، هو الخذلان الأممي لملايين من اليمنيين من بينهم “الموظفون” الذين يعاقبون بحرمانهم من أَسَاسيات المعيشة.

وبالرغم من أن اتّفاقَ ستوكهولم قد نَصَّ على رفع القيود عن الصادرات اليمنية، إلا أن التحالف الذي تقوده السعوديّة والإمارات يواصل فرض الحصار على منافذ البلاد البحرية والجوية والبرية، وخُصُوصاً المنافذ في نطاق سلطات صنعاء: موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، ومطار صنعاء الدولي.

وأدى الحظرُ المفروضُ على ميناء الحديدة، إلى توقف الصادرات اليمنية عبر الميناء، والتي يبلغ حجمها 200 ألف طن سنوياً، وتشمل الأسماك والتونة المعلبة والألبان والعطور ونخالة القمح.

ووفقاً لمؤسّسة موانئ البحر الأحمر، “توقف 75 بالمئة من نشاط الصادرات بعد تراجع نشاطها من 227 ألف طن إلى 59 ألف طن”.

وعزّزت إجراءاتُ التحالف المقيِّدة لحركةِ الصادرات، من إضعاف أهمِّ الفئات الإنتاجية في قطاعَي الزراعة وصيد الأسماك، خُصُوصاً تلك التي كانت تعتمدُ على التصدير لأسواق الدول المجاورة، والتي كانت تستوعبُ الجزءَ الأكبرَ من صادرات الغذاء.

 

صحيفة المسيرة

 

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com