عملية “فجر الصحراء”: أنموذج لتنفيذ القول السديد إلى الفعل الشديد
“بهذه الروح الثورية والجهادية، وبهذه البصيرة، سنحرر كل بلدنا، ونستعيد كل المناطق، التي احتلها الأعداء؛ من أجل أن يخضعوها للأمريكي والبريطاني والإسرائيلي”،
بهذه الكلمات ختم متحدث القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع الايجاز الصحفي عن عملية “فجر الصحراء” بما أكد عليه قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في الخطاب الذي القاه خلال مسيرات إحياء ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي “عليهما السلام” 1443هـ، حيث أكد قائد الثورة على الموقف الحق والمشروع، الذي نمتلك فيه الشرعية بكل الاعتبارات، لمواجهة العدوان وردعه وتحرير واستعادة كل المناطق التي احتلها الأعداء، وهو ما تجلى بوضوح من خلال امتلاك ابطال الجيش واللجان الشعبية لزمام المبادرة من موقع الفعل وليس رد الفعل في إدارة العدوان مع العدو المتغطرس.
لتتجلى بوضوح حكمة وحنكة القيادة الرشيدة في التعامل مع هكذا عدوان غاشم تشارك فيه قوى الاستكبار العالمي “أمريكا وإسرائيل” وادواتها القذرة.
فجر الصحراء
وخلال الأيام القليلة الماضية نفذت القوات المسلحة عملية عسكرية واسعة أسميت ” فجر الصحراء ” في منطقة اليتمة في مديرية خب والشعف بمحافظة الجوف وهذه المنطقة تكمن أهميتها في كونها إحدى خطوط الدفاع التي أعدها الجيش السعودي لحماية مدينة نجران التي تطل عليها منطقة اليتمة‘ إضافة إلى ذلك كونها منطقة نفطية.
في تفاصيل العملية التي أعلن عنها المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع في إيجاز صحفي أوضح أنه تم تحديد المهام العملياتية للقوات المسلحة في الجوف وبعد الاعداد للعملية بدأت الوحدات العسكرية في تنفيذ الهجوم على قوات العدو من عدة محاور و خلال الساعات الأولى نجحت قواتنا في إرباك العدو الذي حاول الدفع بالمزيد من المرتزقة الى الخطوط الأمامية، فيما شن طيران العدوان أكثر من ستين غارة جوية في محاولة لإعاقة تقدم المجاهدين يحفظهم الله ويرعاهم.
ولفت العميد سريع في إيجازه الصحفي أن أبرز نتائج العملية كانت على النحو الآتي :
تحرير مساحة اجمالية تقدر بـ 1300كم مربع وبهذا تكون معظم محافظة الجوف محرر … عدا بعض المناطق الصحراوية .
كما أدت العلمية إلى مقتل وجرح وأسر العشرات ..حيث بلغ عدد القتلى 35 مرتزقا وأصيب 37 وتم أسر 45 آخرين.
وأضاف العميد سريع أن قواتنا نجحت في اعطاب واحراق 15 آلية ومدرعة واغتنام كميات كبيرة من الأسلحة المتوسطة والخفيفة ، فيما تمكنت وحدات الدفاع الجوي من اسقاط طائرة أمريكية الصنع نوع سكان ايجل.
قائد الثورة يعّي ما يقول، ويفعل ما يقول:
كما هو معلوم أن قائد الثورة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يعّي ما يقول، ويفعل ما يقول، ولقوى العدوان ومرتزقتها أن تأخذ العبرة من الأقوال والتحذيرات التي يطلقها قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، فتحرير جميع الأراضي اليمنية أمراً محسوم، والتهاون عن ذلك أمراً غير موجود في قاموس الحرية والاستقلال، فالتصعيد سيقابل بتصعيد أكبر بكثير ومخالف للتوقعات، وحينها لا مجال للمغامرات غير المحسوبة العواقب.
وبدون أدنى شك، يمكن القول ان عملية “فجر الصحراء” هي تجسيد عملي في الميدان لما سبق وأعلن عنه السيد القائد بتحرير جميع الأراضي اليمنية، أضف إلى أنها تحمل في ثناياها أن الجيش واللجان الشعبية ليسوا في حالة ضعف، ولا غفلة، بل حريصون كل الحرص على ترجمة توجيهات السيد القائد لتحرير جميع الأراضي اليمنية واستعادتها من المحتل الغازي، وانهم على جهوزية تامة بانتظار القول الفصل، وأنهم بعونٍ من الله سينفذون خيارات موجعة وقوية لا ينبغي الحديث عنها الآن، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن ما أعلن به السيد القائد هو بمثابة تطمينات للشعب اليمني الصامد باستعادة جميع الأراضي اليمنية وتحريرها من المحتل الغازي مهما طال الوقت، وأنه لا يزال في جعبة الجيش واللجان الكثير من الخيارات التي لم تدخل المعركة وسوف تدخل في الوقت والمكان المناسبين، وإن غداً لناظره قريب.
ولهذا، فأن على قوى العدوان ومرتزقتهم أن يفهموا ويعوا جيداً أنه لا يمكن أن يتخلى الشعب اليمني شبر واحد من أراضيه، ولن يتخلى عن كرامته وسيادته بعد الصمود في وجه العدوان طيلة ما يقارب سبعة أعوام، ولسان حال قائدهم يقول “إن أرادوا السلامَ فأبواب السلام مفتوحة، وإن أرادوا التصعيدَ فلا يوجد أمامه سوى الدفاع عن الأرض والعرض مهما كانت التضحيات”.
صفعة كبيرة للعدوان ومرتزقته:
لقد مثلت الانتصارات التي يحرزها رجال الله في مختلف الجبهات، وخصوصاً في مارب والجوف وبقية الجبهات صفعة كبيرة للعدوان ومرتزقته الى درجة أن آثار الصفعات قد عبَّرت عن خيبتهم وهزيمتهم وخسارتهم بشكل مباشر وانعكست في تلك الهستيريا في خطابهم الإعلامي المتخبط، فهم عندما يتحدثون عما يسمونه ويتشدقون به من دعم إيراني، او محاولة ربط ما يجري في اليمن من انتصارات بصراعهم مع حزب الله اللبناني فإنهم يثبتون انهم فشلوا في جميع المجالات أمام الشعب الصامد والمجاهد، وإنهم تتميزون بغباء شديد وازالي لا نظير له.
وهكذا من باب الفضول، فمن يلاحظ وسائل اعلام العدوان خلال هذه الأيام يجد انهم يعيشون حالة من التخبط والافلاس يبحثون عن مبررات واهية تغطي على خسائرهم وعلى فشلهم، ولكن تبقى الحقيقة التي لا ينكرها الا جاحد تقول ان الشعب اليمني شعب يثق بالله القوي العزيز، ولا يمكن ان يقهر او يهزم او يستسلم مهما كان حجم التحديات، لاسيما وأن ما يسمى بالتحالف يعتمد على “أمريكا” فيما يعتمد اليمن قيادةً وشعباً على الله القوي العزيز، حيث توجهوا بالآلاف صوب جبهات الشرف كما يحبون تسميتها، وهي كذلك.
السر في الانتصارات العظيمة
يمكن القول إن السر في الانتصارات العظيمة، يكمن في القيادة والمشروع، ففي اليمن ثمة يوجد قيادة حكيمة تبذل كل جهودها في سبيل الله ومن اجل الدفاع عن الارض والعرض من الغزاة، التي استطاعت بفضل الله، وبجهود الشعب وتضحياته من تحقيق ثورة شعبية حققت جميع أهدافها، وكانت كفيلة بأن تنقل اليمن من مربع الوصاية والهيمنة علية الى مربع الحرية والاستقلال الوطني وعدم التبعية لأحد.
وبموازاة ذلك، يوجد مشروع قرآني تحرري لهذه الأمة جمعاء مشروع يجسد ثقافة الجهاد والاستشهاد، ومشروع قادرًا على تقديم الروي والخطط الناجعة لمواجهة أعداء الأمة مهما كانت قوتهم، وكفيل أيضاً ببناء هذه الأمة والارتقاء بها الى دوحة العلياء، وبالتالي لم يُعّد للمستحيل من مكان في قاموس اولئك الفتية الذين أمنوا بربهم، والتزموا بهدى كتابة المبين، وساروا وراء أعلام الهدى، مصابيح الدجى في ذلك الليل الحالك، وسيدرك الجميع أن الله غالب على أمره وما الانتصارات الموجعة للعدو إلا شواهد تؤكد صدق الوعود الالهية للذين ظلموا بأنه على نصرهم لقدير.
وختاماً…فقد أثبتت القيادة الحكيمة والعقل الاستراتيجي الذي يدير ويقود معركة الدفاع عن اليمن أن قوة الحق هي قوة الله عز وجل، وهي القوة المدافعة عن مبادئ الشرف العظيمة التي يراهن عليها كل أبناء الشعب اليمني الشرفاء، وهكذا يتكرر المشهد يومياً، وتتكرر معه الآيات والمعجزات لتكون حجة لله على عباده ودليلا قاطعاً على تحقق وعده للمؤمنين المستضعفين الواعين بالنصر والغلبة، ولو كره المشركون والمنافقون والمتربصون والمحايدون، ولن تجد لسنة الله تبديلا..