أطفال اليمن لا بواكي لهم… بالرغم من آلاف الجرائم بحقهم
خاص
في بداية الأمر، فإنه لا يوجد أي مشكلة بالنسبة للتعاطف مع حادثة الطفل المغربي، لاسيما وأن التعاطف سمة إنسانية طبيعية وتلقائية، ومن لا يتعاطف فإن لديه مشكلة عندما تموت الإنسانية من وجدانه، ولكن المشكلة تكمن في استثمار قضية معينة لغايات في نفس يعقوب كما يقول المثل الدارج، فيظهر النفاق والدجل واثارة العواطف الإنسانية للرأي العام، بينما تموت هذه الإنسانية أمام أحداث فضيعة ومأساوية وهذا ما يعني أن الإنسانية تستخدم فقط عندما يكون هنالك غرض في نفس أمريكا وإسرائيل!؟.
التعتيم على جرائم تحالف العدوان بحق أطفال اليمن:
دون أدنى شك، فإن الجرائم التي يرتكبها تحالف العدوان بحق أطفال اليمن هي جرائم بشعة ومأساوية جداً، ولذلك فإن أولئك المجرمون يهتمون بالتعتيم عليها ويشترون في سبيل ذلك الإعلام والاقلام ومحركي الرأي وناشطي الحقوق، حيث إن الماكينة الإعلامية الضخمة التي يمتلكها القتلة المجرمين تقوم بمهمتها في التشويش وفق قاعدة “لبس الحق بالباطل”، وقلب الحقائق والأحداث، والتلاعب بالعقول والرأي، أضف إلى ذلك أن المرتزقة والعملاء اليمنيون التابعون للتحالف يؤدون دوراً قبيحاً في ذلك، فهم يسارعون إلى طرح وتسويق التبريرات لكل جريمة يرتكبها العدوان، ويغطون كل مجزرة وجريمة قبيحة صادرة منه؛ لأنهم طرف أساسي فيه.
لماذا التهويل الإعلامي في قصة الطفل ريان؟:
لم تكن التغطية الإخبارية المُستمرة لمختلف الوسائل الإعلامية والقنوات الفضائية العربية والدولية لعملية إنقاذ الطفل ريان عملية تلقائية، وبحسن نية…لا، بل كانت خدمة لأغراض يهودية من خلال صناعة الوعي للشعوب العربية والاسلامية، وعبر استراتيجيات السيطرة على الأفكار والعواطف وردود الأفعال الإنسانية، مستخدمين في ذلك ماكنة إعلامية ضخمة، وأدوات ووسائل الاتصال الجماهيري ورسائلها المختلفة في الاتجاهات التي يتم تحديدها بغية خلق رأي عام عربي وعالمي واسع التضامن وشامل التعاطف والالتفاف .
استطاع الاعلام العربي والعالمي الذي تسيطر عليه قوى الاستكبار أن يزور الحقائق، ويفرض صورة وهمية في عقول العالم العربي والإسلامي؛ لغرض إخفاء أحداث أخرى مهمة والتعتيم عليها، لكيلا يعرفها الرأي العام العربي والعالمي في هذا الوقت بالذات، ومنها أصداء الرد المشروع للقوات المسلحة اليمنية والذي طال أهدافاً مشروعة في العمق الاماراتي، وذلك رداً على جرائم التحالف الأمريكي الإسرائيلي السعودي الاماراتي بحق الاطفال والنساء في اليمن، وبالتالي صرف أنظار الرأي العام العربي والعالمي صوب قصة الطفل المغربي، وهذا بحد ذاته استهتاراً واضحاً بعقول البعض من الذين يتميزون بسطحية التفكير في سياق السيطرة على وعي الرأي العام الذي يمارسها ذلك الإعلام المنافق، لاسيما وأن هنالك ثمة مؤشرات كان من المفترض يعرف الرأي العام في أنه لا سيبل لنجاة الطفل ريان، إذ أنه من الطبيعي والبديهي جداً أنه عندما يسقط طفل من ارتفاع أكثر من 30 متر فهذا يعني أن احتمال النجاة ضعيف جداً، ناهيك عن حدوث كسور في العمود أو الراس وتعرضه لنزيف داخلي في ظل ضيف الحفرة التي سقط الطفل فيها.
كم أنتم وقحون يا قتلة الأطفال عندما تعزون في وفاة الطفل ريان.
في مشهد طغت عليه قمة الوقاحة تارة، وكان مثيراً للسخرية تارة أخرى شهد البعض التعازي السعودية والإماراتية والإسرائيلية الى المغرب عقب الاعلان عن وفاة الطفل ريان، وفشل محاولات انقاذه من البئر التي سقط فيها ، فكم كان ذلك وقحاً ومثيراً للسخرية وأولئك القتلة والمجرمون هم قتلت الالا منف الأطفال في اليمن وفلسطين المحتلة، فهناك مجازر مروعة ارتكبها تحالف العدوان برعاية إسرائيلية وأمريكية وبريطانية طالت كل المناطق اليمنية تقريباً وأوقعت ما يزيد عن 45 ألف مدني بين شهيد وجريح.
4200 طفل يمني قتلوا وجرحوا بالغارات الجوية لطيران التحالف خلال سبع سنوات من العدوان الغاشم، وفق احصائيات مدنية لمركز عين الإنسانية، واحصائيات رسمية تؤكد تجاوز الرقم 4 الف طفل يمني قتلوا وجرحوا بقصف مباشر ومتعمد للإحياء السكنية والمدارس والطرقات والمساجد والأسواق.
الالاف من القصص المأساوية بحق أطفال اليمن:
لم يقتصر الاجرام والقتل في اليمن على من ولدوا، بل وصل إلى ملاحقة الأجنة وهم في بطون أمهاتهم، فثمة يوجد الالاف من القصص المأساوية التي قتل فيها الأجنة بالقصف وهم في بطون أمهاتهم، كما أن من لم يقتل او يجرح بنيران لغارات والصواريخ، فقد اورثه العدوان الأمراض الخبيثة نتيجة الأسلحة المحرمة دولياً.
وفي توضيح ذلك، فقد سبق وصرح وزير الصحة العامة والصحة الدكتور طه المتوكل، إن أكثر من 3000 طفل مُصاب بالسرطان ومعرضون للموت جراء الحصار الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن، وأضاف أن مطار صنعاء مغلق والمريض لا يستطيع الخروج للعلاج وفي نفس الوقت بسبب الحصار يمنع دخول الأدوية والمستلزمات اللازمة.
ولذلك، فإن من يقتل اطفال اليمن بالأسلحة المحرمة دولياً، وبالقنابل الانشطارية ويقضي على من بقي منهم بالأوبئة البيولوجية التي تقضي على أكبر عدد منهم بمرض السرطان، ويمنعهم من العلاج في الخارج ويمنع دخول الأدوية لا يمكن أن يكون عنده أدنى إنسانية لينقذ طفل البئر، وسيعيش الالاف الأطفال اليمنيين حياتهم مثقلين بجراح واعاقات وتشوهات، وفقدان أهاليهم في عدوان وحرب ظالمة ونفاق عالم كاذب أدعى زوراً وبهتاناً أنه ثمة مشاعر إنسانية لديه تجاه طفل سقط في بئر، وتجاهل مأساة الالاف من الأطفال الذين دفنتهم الغارات الاجرامية تحت الركام.
أطفال اليمن لا بواكي لهم:
لقد شارك الطفل المغربي ريان ففي ضح نفاق العالم وزيفه، وزيف وسائل إعلامه التي باشرت الكثير منها بتخصيص بثها المباشر لتغطية ومواكبة ومرافقة هذه العملية وتوصيف الحدث أولاً بأول، وقامت بتخصيص أرقام هواتفها للجماهير العربية المتعاطفة للتواصل وإعلان الموقف والتعبير عن التضامن، ناهيك عن انتشار جيشٍ إلكتروني جرار في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، للنشر والتغطية والتحليل والتعبير، فيما يتناسى ذلك العالم ويتجاهل مأساة الالاف من أطفال في اليمن على مدى سبع سنوات مضت من الجرائم والمجازر الوحشية التي نالت أطفال اليمن .
وعند متابعة معظم القنوات الفضائية العربية وهي تتابع في بث مفتوح قضية الطفل المغربي ريان العالق في البئر فإن أي شخص ينتابه شعور أن هذا القنوات تمارس العهر الإعلامي، وتمارس أعلى درجات النفاق والدجل والظهور بالمظهر الإنساني.
وهنا يمكن القول انه في ظل سيطرة قوى الاستكبار على الإعلام والرأي العام العالمي، فقد أصبح إنقاذ طفل واحد وقع في بئر مهمة إنسانية، وقتل الالاف من الاطفال في فلسطين المحتلة دفاعاً عن النفس، وقصف بيوت المواطنين وحصارهم عاصفة حزم، وقتل الالاف الأطفال في اليمن إعادة أمل، وصدق الشاعر حين قال:
قتل امرئ في غابة
جريمة لا تغتفر
وقتل شعب كامل
مسألة فيها نظر
تبا له من عالم
يحكمه راعي البقر
لأوليائك المتعاطفون نقول:
ريان وقع في بئر…نعم، ورحمة الله تغشاه، لكن أصبحت اليمن بفعل العدوان والحصار أشبه ببئر أكثر عمقاً وظلمةً وضيقاً من ذلك البئر، فثمة يوجد الآلاف من الأطفال من أخوة ريان ما يزالون يقتلون في اليمن بفعل العدوان الاجرامي على شعب اليمن، وهم اليوم أولى بالتعاطف والنصرة لمظلوميتهم؛ لأن هناك من يتعمّد قتلهم، فلماذا تنعدم المشاعر والأحاسيس الإنسانية في التعاطف معهم من قبل وسائل الإعلام والنشطاء.
لابد في هذا التقرير أن نتساءل عن أوليك المتعاطفون من أصحاب الضمائر الإنسانية الحية على اختلافهم وتنوع جنسياتهم، والذين تفاعلوا مع قصة الطفل ريان وعاشوا معاناته: هل جميعهم أو البعض منهم ما يزال يحمل نفس الضمير الإنساني ويتعاطف ويتضامن مع ملايين الأطفال في اليمن وفي فلسطين؟، أم انهم اليوم بحاجة إلى عملياتٍ إنعاشيهٍ حتى يصحوا من سباتهم ويعودون إلى وعيهم الإنساني.
أيها المتعاطفون: ثمة الالاف من الأطفال باليمن أمثال الطفل ريان، جميعهم محشور في قعر البئر الذي صنعته أيادي قوى العدوان والحصار، بعض هؤلاء الأطفال قضى بعضهم حتفه تحت أنقاض الركام نتيجة قصف طائرات العدوان، ومزقت القنابل العنقودية والذكية أجسادهم وبعثرتهم أشلاء، وآخرين يصارعون الموت جراء الأمراض الخبيثة كمرض السرطان ويتعمد العدوان منع سفرهم للعلاج في الخارج، بعضُهم الاخر يعاني الآلام ويعتصره الوجعَ، فيما يثخن القهر والحسرة أسرهم لعجزهم في البحث عمّا يشفي فلذات أكبادهم في مستشفيات الخارج نتيجة تدمير مطارهم وإغلاقه جراء الحصار الغاشم.