أعاصير اليمن تغيّر المعادلة وتكشف زيف الحماية الأمريكية
بعد مرور سبع سنوات من العدوان
|| صحافة ||
بعد مرور أكثر من سبع سنوات من الحرب العدوانية على اليمن التي تقارب عامها الثامن بقيادة تحالف الشر السعودية والإمارات وبعد أن كانت القوات المسلحة اليمنية بداية العدوان خارج نطاق الجاهزية العسكرية للتصدي لأي هجوم خارجي ، في المقابل تحتل دول تحالف العدوان مركز القوة والهجوم في ذلك الحين ،ومع بداية العام الحالي في 2 من كانون الثاني يناير2022م أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن تنفيذ عملية بحرية تمكنت من خلالها السيطرة على السفينة الإماراتية روابي – وفقا للقانون الدولي – وذلك لاختراقها المياه الإقليمية لليمن وعلى متنها آليات ومعدات وأسلحة حديثة ومتطورة لتنفيذ أعمال عدائية ضد اليمن.
فرق شاسع
تشير تقارير عربية وأجنبية إلى تغير وضع المعركة في اليمن اليوم مع ما كان يتصوّره ابن سلمان عند انطلاقها قبل نحو سبع سنوات، والذي يُفسّر الارتباك السعودي الكبير الذي اتّسم به أداء التحالف عسكرياً وسياسياً، وأوضحت التقارير الهوة الشاسعة بين ما كان عليه الحلم السعودي لحظة بداء العدوان في مارس 2015 م وما آلت إليه الأمور اليوم، حيث يراد فقط منع أنصار الله من تحقيق انتصار عسكري كامل، وهو ما تُظهر دونه عقبات كثيرة، لعل أبرزها تحول العمق الحيوي للحليفين السعودي والإماراتي إلى هدف دائم للصواريخ والمسيرات اليمنية من دون أن يكون لدى واشنطن القدرة على منع ذلك، على رغم كثرة التنظير لضرورة توفير وسائل إضافية لتحديث الدفاعات الجوية والصاروخية لكل من الرياض وأبوظبي.
فشل ذريع
بيّنت التقارير أن السعودية لم تفشل في تحقيق أهدافها الأساسية من العدوان، والمتمثّلة في هزْم أنصار الله وإعادة تثبيت حكومة هادي وسيطرتها فحسب، بل تَحوّل الجيش واللجان الشعبية اليوم، بعد سنوات القتال الطويلة، إلى قوّة قتالية هائلة، وأنهم صاغوا معادلات جوّية عبر المسيّرات والصواريخ الباليستية، كان آخرها ضربُ العُمقَين السعودي والإماراتي، في تحدٍّ نقَل المعركة إلى مستوى أكبر من المخاطر على الأمن القومي السعودي. وهذا واقع مستجدّ فشل العقل السعودي في تَوقُّعه منذ بداية المغامرة في آذار 2015.
المملكة التي اعتقدت أنها ستنتصر في الحرب عبر القصف الجوّي المكثّف، في غضون أسابيع معدودة، صار عُمقها الجغرافي اليوم هدفاً شبه دائم لعمليات الردّ اليمني، وهو وضْع جعل الدعوات المتكرّرة التي تطلقها الرياض من أجل السلام لا تجد طريقها إلى آذان قيادة صنعاء، التي رفعت سقف شروطها لقبول الشروع في مفاوضات، أرادتها الرياض ابتداءً مفاوضات استسلام، لكنها أضحت اليوم تبحث من خلالها عن استراتيجية خروج من المستنقع اليمني.
تدخل سافر يولّد إعصارا
بعد أسبوعين من السيطرة على السفينة روابي وبعد تصعيد العدوان الإماراتي على استهداف المدنيين في صنعاء وبقية محافظات اليمن وتحديداً في 17 يناير 2022م أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن تنفيذ عملية إعصار اليمن في العمق الإماراتي بعدد من الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية استهداف مطاري أبوظبي ودبي ومصفاة النفط في المصفح بأبوظبي وفي تصريح خاص لـ “الثورة” يقول الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء الركن طيار عبدالله الجفري: “أن تنفيذ عمليات إعصار اليمن في العمق الإماراتي أتى نتيجة التدخل السافر لدولة الإمارات في شؤون اليمن واستمرار مشاركتها في العدوان على اليمن رغم إعلانها عن الانسحاب من اليمن في العام 2019م وكذلك السيطرة على بعض الجزر اليمنية والتنسيق مع الكيان الصهيوني للسيطرة على ممر الملاحة الدولي في المحيط الهندي”.
ويضيف الجفري، أن عمليات إعصار اليمن تأتي في سياق الرد الطبيعي، وكذلك ما يعانيه الشعب اليمني من حصار مطبق خلال السبعة أعوام وتحديدا في الفترة الحالية من الحصار الخانق للمشتقات النفطية.
وأشار الناطق الرسمي باسم القوات الجوية سابقا اللواء الركن طيار عبدالله الجفري إلى تطور قدرات القوات الصاروخية والجوية اليمنية ووصولها إلى العمق الاستراتيجي الداخلي لدولة الإمارات والتي تجاوزت أكثر من 1500 كيلومتر دون أن ترصدها شبكة الرادار أو تسقطها صواريخ الدفاعات الجوية لدولة الإمارات، ويؤكد الجفري أن تفوق القدرات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية غيّر المعادلة على مسرح العمليات، ونوه الجفري إلى أن اقتصاد الإمارات يعتمد على الاستثمار للشركات الأجنبية فبتنفيذ العمليات في عمق الإمارات ستصبح بيئة طاردة لهذه الشركات.
اختراق أمني وتهديد كيان
يقول اللواء الجفري بأن تنفيذ المرحلة الثانية من إعصار اليمن التي ضربت بعدد من الطائرات المسيرة بما فيها نوع صماد 3 وصواريخ ذوالفقار البالستية قاعدة الظفرة الجوية التي تحوي أكثر من 60 طائرة حديثة ومتطورة بما فيها طائرات الفانتوم والميراج والتايفون والترنيدو و F16وكذلك تواجد أعداد كبيرة من الجنود الأمريكيين وبريطانيين وخبراء إسرائيليين، وتابع قائلا: إنه في أقل من أسبوعين وتزامننا مع زيارة رئيس الكيان الصهيوني إسحاق هرتسوغ لدولة الإمارات نفذت القوات المسلحة اليمنية عملية إعصار اليمن الثالثة بعدد من الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية، ما يؤكد مدى الاختراق الأمني الكبير ويؤكده ما تحدث به الخبراء السياسيون في القنوات الإسرائيلية، وبحسب تصريح اللواء الجفري فإن هذه الصواريخ والطائرات تهدد أمن واستقرار الكيان وبإمكانها أن تصل إلى ميناء إيلات الإسرائيلي، وأضاف: أن هذه الضربات والعمليات الاستراتيجية لتوازن الردع من الأولى إلى الثامنة هي من ستجبر السعودية والإمارات للسلام ولن يتحقق هذا إلا من خلال هذه الضربات وبأعداد مكثفة حسب قوله.
فضيحة الحماية الأمريكية
ما تناقلته وسائل الإعلام حول تجوّل الطائرة المسيرة “حسان “ في سماء كيان إسرائيل التي أطلقتها المقاومة اللبنانية أظهر هشاشة الكيان الغاصب وفضيحة القبة الحديدية، في المقابل يقول الخبير الاستراتيجي والعسكري العميد عزيز راشد في تصريح خاص لـ”الثورة” أن عمليات إعصار اليمن الثلاث ضد الإمارات والسعودية مثلت إرباكا شديدا وتغييرا في قواعد الاشتباك، ولما لهذه الضربات من أثر تعالى الصراخ الإماراتي لدى المجتمع الدولي، وطالب بالحماية العسكرية، وأشار إلى تشبث الإمارات بالقشة الصهيونية ألتي ستكسر ظهر الإمارات شعبيا وعربيا، وذلك لما لها من تداعيات على المستوى الشعبي الإماراتي وكذلك العربي والإسلامي، وأكد العميد راشد خسارة الإمارات على المستوى العسكري وعجز الحماية الأمريكية والقوة العسكرية عن تحقيق أمن الإمارات ، وأوضح راشد عن دعوة بن زايد لكيان العدو الصهيوني لزيارة الإمارات لعله من خلالها أن يحصل على القبة الكرتونية أو مقلع داوود، فكانت المفاجأة في تنفيذ القوات المسلحة اليمنية عملية إعصار اليمن الثالثة في العمق الإماراتي عقب زيارة رئيس الكيان الصهيوني – حسب قوله – ويضيف بأن ما زاد المشهد تعقيدا وخلط الأوراق هو عدم حضور الدفاعات الجوية لاعتراض الضربات ولا خيار أمامهم لحماية أنفسهم من هذا الإعصار إلا الملاجئ، ولفت إلى أن عمليات إعصار اليمن الثلاث مثلت رسالة سياسية إلى العدو الإسرائيلي بأنه هدف وليس له وزن وأنه سيكون ضمن خارطة الأهداف قريبا، إن شُعر بتدخل عسكري مباشر منه، ويتابع بأن العمليات أخذت بعدا إقليميا وعربيا ودوليا، أي أن القدرات اليمنية أصبحت قادرة ومؤثرة على كل المستويات .
الإمارات غير آمنة
اعتبر الخبير العسكري عزيز أن الفشل العسكري للإمارات المتمثل في عدم تحقيق الأمن وتراجع عملائها من القاعدة وداعش في شبوة ومارب وعجز الدفاعات الجوية المختلفة من الاعتراض لعمليات إعصار اليمن تصبح الإمارات غير آمنة ، وأكد على التراجع الكبير للاستثمارات والعقارات وسقوط الأسهم والسياحة التي تمثل 12%من الدخل القومي، كذلك خسائره على مستوى دخل الملاحة الجوية التي تمثل دخلا رئيسيا لدويلة الإمارات ، وأشار إلى الخسائر التي أصابت خزانات (ادنوك) النفطية والتي ستظهر بعد أشهر وبشكل كبير وفقا للتصريح وأكد على أن التحذير الأمريكي والعالمي من عدم السفر للإمارات كان أقوى الضربات على الاقتصاد الإماراتي، بالإضافة إلى شراء أسلحة الجيل الخامس التي سوف تؤثر على مستوى السيولة الإماراتية التي جمعتها منذ أربعين عاما والتي سوف تذهب إلى البنوك الأمريكية أي بمعنى “أن الإمارات دخلت في معركة غير محسوبة العواقب” ولم تكن تعلم بحجم الرد اليمني على الانتفاشة التي حققتها في شبوة، فكانت كبوة من العيار الثقيل .
استمرار الأعاصير مقابل السلام
يقول الخبير العسكري العميد عزيز راشد: إن استمرار الضربات والأعاصير سوف يقرب وتعجل بالحلول السياسية، لأنها ستدخل الإمارات في معادلة توازن في الرعب، وهذا ما لا يريده العدو الأمريكي وكذلك الإماراتي، لأنها سوف تكون هزيمة بدون الحفاظ على ماء الوجه وهيبة أمريكا سوف تهتز في المنطقة وتداعيات الإعصار الثالث عكستها التصريحات والصحف الصهيونية وكذلك الغربية – وفقا للعميد.
ويرى العميد راشد أن الصفقة الأخيرة للأسلحة الحديثة لا تقدم ولا تؤخر، ولن تؤثر في إعاقة الأعاصير، لأن الجيل الخامس من الدفاعات الجوية ليس بينها وبين الجيل الرابع أي فوارق، إلا من حيث أن الجيل الخامس هو دفاع جوي لما بعد الغلاف الجوي، وهذا لن يعترض المسيرات ولا الصواريخ المجنحة، ولكن ربما يعترض أسلحة أو صواريخ تخرج خارج الغلاف الجوي، أما طائرات الجيل الخامس لن تكون مؤثرة إلا على مستوى ضربها للبنى التحتية وضد الأعيان المدنية، ولذلك فهي ليست بحاجتها، لأنه ليس لدينا دفاعات جوية روسية حتى تأتي بهذا الجيل إلا من باب حلب الإمارات أموال كما حُلبت السعودية من قبل، لأن الأسلحة سوف تصدأ في المخازن الغربية.. إذن فلا بد من تخويف وتفجير حروب عالمية لكي تتكسب أمريكا على حساب إراقة الدماء في العالم، وهذا حال الإمبريالية الأمريكية وحال أتباعها وأدواتها، الشراء المستمر لكي يكسب الأمريكي .
استنجاد لإنقاذ الاقتصاد
الصحفي والخبير الاقتصادي، رشيد الحداد أكد في تصريح خاص لـ”الثورة”، أن دويلة الإمارات اليوم تستجدي العالم لإنقاذ اقتصادها القائم على مصادر غير مستقرة وحساسة كالنفط والسياحة والخدمات والتبادل التجاري والنقل البحري والجوي والاستثمارات الأجنبية من أعاصير الرد والردع اليمنية، فإعلان قوات صنعاء الإمارات غير آمنة “ ليس شعارا عابر، بل نهج عسكري أقرته القوات المسلحة وسوف يضل مستمرا ولن يتوقف إلا بتوقف العدوان والحصار وانسحاب الغزاة والمحتلين من كافة أراضي الجمهورية اليمنية ودفع التعويضات، وأن الإمارات التي بنت مجدها الزائف على أوجاع الآخرين واستطاعت أن توظف كل الاضطرابات التي شهدتها المنطقة خلال العقدين الماضية لبناء سمعة سياحية واستثمارية واستقطاب السياح والمعارض الدولية ورؤوس الأموال، فقدت أمنها الذي يعد أهم عامل لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، وأضاف: إن العملية الثالثة من عاصفة اليمن ، كانت رسالة قوية لكل رؤوس الأموال العربية والدولية أكدت فيها صنعاء أن الإمارات ساحة حرب مفتوحة وبيئة استثمارية وسياحية غير آمنة.
تأثر الاستثمار
نوّه الخبير الاقتصادي رشيد الحدد أن دويلة الإمارات أصبحت طاردة للاستثمار وأن الاستثمار فيها عالي الخطورة ولم تعد بيئة أعمال مؤاتيه، فتضررت الاستثمارات الأجنبية كون الإمارات كانت منطقة جذب للاستثمارات الأجنبية، وبسبب الضربات الثلاث وتحذيرات القوات المسلحة اليمنية المتكررة للاستثمارات الأجنبية سوف ترتفع خسائر هذا القطاع الحيوي الهام إلى مليارات الدولارات وستفقد الإمارات ما كسبته من ثقة استثمارية في خارطة الاستثمار العالمي والتي يبلغ حجم الاستثمارات الأجنبية، في الإمارات، حسب أحدث الإحصائيات الرسمية، نحو174 مليار دولار، يتركز معظمها في قطاعات النفط والغاز والاقتصاد الرقمي والعقارات والطاقة المتجددة والزراعة والابتكار والتكنولوجيا.. إن ألعمليات الثلاث التي استهدفت الاستثمار الأجنبي المباشر، وتداعياتها على القطاع السياحي والفندقي لدويلة الإمارات التي تفوقت على الصين في نسبة الأشغال الفندقي والسياحي العام الماضي ستكون كبيرة، دويلة الإمارات تصنف كثاني أكبر اقتصاد عربي بعد السعودية وأكثر الدول العربية نشاطاً فيما يتعلق بالتبادل التجاري والعلمي والسياحي والاقتصادي مع دول العالم، وبالتالي فإن الأعاصير اليمانية سوف تعصف بكافة القطاعات الاقتصادية.
وكتقدير أولي وفقاً للمؤشرات وتراجع اسهم الشركات الإماراتية في الأسواق المالية والدولية نقدر الخسائر الأولية للاقتصاد الإماراتي جراء عمليات إعصار اليمن الثلاث بقرابة ١٠ مليارات دولار حتى الآن ونتوقع ارتفاع الخسائر على المدى المتوسط والبعيد إلى أكثر من ٥٠ مليار دولار وفي حال نقلت الاستثمارات الدولية مقراتها وسحبت شركات أخرى رؤوس أموالها ونقلت أنشطتها إلى دول آمنة فإن فاتورة العدوان على الشعب اليمني سترتد وبالاً على الاقتصاد الإماراتي وقد تفوق الأضرار والخسائر كافة التوقعات الاقتصادية ، ولذلك فإن تكرار العمليات الهجومية على مواقع حساسة في العمق الإماراتي سيعيد الإمارات لمطلع تسعينيات القرن الماضي .
دور خفي
ونوّه تقرير نشر على موقع صحف عربية إلى الدور الخفي لإدارة أمريكا في التدخل في حرب اليمن ، وإعاقة تحقيق عملية السلام ومنها كذبة شعار “إيقاف الحرب في اليمن من أولوياتنا” عقب وصول الرئيس بايدن سدة الحكم، بينما عادت للانخراط في إشعال فتيل الحرب عبر استئناف صفقات الأسلحة، وكذلك التورط الأمني والعسكري اللوجستي المتزايد، وأشار التقرير إلى أن جولة ليندر كينغ للخليج أتت بحثا لتحسين موقف الحلف إثر تلقيهم الهجمات الأخيرة من القوات اليمنية، وليس للضغط والاستعجال في تحقيق السلام. وبحسب التقرير فإن حرب السعودية على اليمن باتت مستنقعا مكلفا ومسدود الأفق، وأنه أصبح طموحها تحقيق الاستقرار في جبهة مارب خصوصا بعد تقدم قوات الجيش واللجان الشعبية في هذه الجبهة، وذلك تمهيدا لجلب أنصار الله إلى طاولة المحادثات.
صحيفة الثورة/ ناصر جرادة