تأمل جيداً: ومن يتولهم منكم فإنه منهم!

نأتي- ما بعد هذا العنوان- إلى الحديث أيضاً عن المظالم الكبرى، هناك- كما قلنا- مظلمة شعب بأكمله، كما يجري على شعبنا اليمني اليوم في ظل هذا العدوان الأمريكي السعودي عليه، مثل ما هو حال الشعب الفلسطيني… شعوب أمتنا الإسلامية كلها مظلومة، تتفاوت نسبة الظلم من شعبٍ إلى آخر، من أخطر الأشياء على الإنسان أن يشترك في ظلمٍ كهذا، أن يشارك في ظلم شعب، في ظلم أمة، وهذا النوع من الجرائم، وهذا النوع من الظلم يمكن للإنسان أن يتورط فيه، وقد لا يشعر أنه بات متورطاً فيه.

مما يجعل الإنسان على هذا المستوى: متورطاً في جرائم كبيرة للغاية بكل ما فيها هو عدة عوامل، منها: الولاء، قال الله -سبحانه وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[المائدة: الآية 51]، نجد هذه الآية المباركة التي حرم الله فيها تحريماً قاطعاً اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، وذكر أنهم يوالون بعضهم البعض، ويتوحدون في مواقف ظالمة، ثم أكد هذا التحريم بقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، وختم هذه الآية المباركة بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، ظلم.

هذا الجرم الفظيع، الشنيع، الكبير، الخطير، تورطت فيه حكومات وأنظمة وزعماء بأكملهم، وتورط معهم الكثير من الناس الذين اتجهوا على نحو ما هم عليه، عندما تجد ما وقع فيه النظام السعودي، النظام الإماراتي، ومن يشبههم، ومن على شاكلتهم، ومن يواليهم ويتجه معهم من أبناء الأمة، وقعوا في هذا الذنب العظيم الفظيع، الله -جلَّ شأنه- قال: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ}، يعني لا يزال يعتبر نفسه من الذين آمنوا، ولربما لا يزال يصلي، ولربما لا يزال يصوم شهر رمضان، ولربما لا يزال ينفق ويقدم الصدقات، لربما يعمل بعض الأعمال، لربما يتظاهر بالتدين، المهم أنه لا يزال يحسب نفسه من الذين آمنوا، {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ}: هو لا يزال يحسب نفسه من الذين آمنوا، يعني: لم يعلن بعد ارتداده عن الإسلام، لا يزال يشهد الشهادتين، ولا يزال يصلي، ولا يزال يحسب نفسه من المسلمين، {فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، يعني: فإنه وهو على نفس هذا الحال الذي لا يزال يحسب فيه نفسه من المسلمين، قد أصبح عند الله من أولئك الذين اتخذهم أولياء، حكمه عند الله حكمهم، يحشره الله يوم القيامة معهم، يعتبره الله -سبحانه وتعالى- شريكاً لهم في كل جرائمهم وفي كل ظلمهم.

هذا الظلم العظيم؛ لأن ظلم اليهود ظلم رهيب جدًّا، اليوم ظلم اليهود الصهاينة- لربما- هو في أعلى مستوى في الأرض، ظلم رهيب جدًّا، وظلمهم يمتد إلى الواقع البشري في كل أنحاء العالم، من خلال نفوذهم، وسيطرتهم، وتأثيرهم في السياسات والمواقف العالمية، ومن خلال تأثيرهم في كبريات الدول، وتأثيرهم على قراراتها، ومواقفها، وسياساتها، وتوجهاتها، ومن خلال مؤامراتهم الشاملة التي تمتد إلى بقية ومختلف الشعوب والأمم، ظلمهم رهيب جدًّا، من أفظع الأشياء، ومن أكبر الخسارة أن يورط الإنسان نفسه ليكون شريكاً لهم في ظلمهم العالمي، ظلمهم هو ظلم عالمي.

الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام

السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي

سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة الخامسة عشر 1441هـ .. وما الله يريد ظلماً للعالمين (3)

قد يعجبك ايضا