قوى الشرك والنظام السعودي.. وحدة الهدف والأسلوب
قوى الشرك كانت تسيطر على المسجد الحرام، وكانت تجعل منه منطلقاً في معركتها ضد رسول الله -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله-، يجهِّزون الجيش في مكة، وسينطلق لمحاربة محمد الصابئ وأصحابه، هكذا كانوا يصورون المسألة، وأنهم حماة للمسجد الحرام ولمكة، وأنهم يدافعون عن مكة لا يقتحمها محمد عسكرياً، هكذا يصورون معركتهم مع رسول الله، وكأنها معركة للدفاع عن مكة، للدفاع عن المسجد الحرام، كما يصور النظام السعودي اليوم معركته في عدوانه على الشعب اليمني، على يمن الإيمان والحكمة، ثم يفتري افتراءً من أعظم ما افتراه: [أنه يدافع عن مكة من الشعب اليمني، وأن الشعب اليمني يمثل خطورة على مكة، وأنه يستهدفها بالصواريخ لولا اعتراض الباتريوت]، افتراءً، عظيماً، وبهتاناً، عظيماً، وزوراً فظيعاً، يعمل في ذلك بنفس ما كان يعمله المشركون في أسلوبهم باستغلال البيت الحرام، والمسجد الحرام، وشعائر الحج، والمقدسات في مكة، دعايةً يستغلونها ضد رسول الله، وفي حربهم ضد الإسلام.
فهذا القرآن الكريم يقدم الوعي بأن أولئك فيما يفعلونه، وفي طريقتهم في إدارة المسجد الحرام والسيطرة على مكة، إنما هم يصدون، والذي يستحقونه على ذلك هو العذاب، ليس التقدير، وليس الاحترام، وليس الأجر، وليس الثواب؛ لأنهم يستغلون أعظم مقدسات الأمة في مساجدها استغلالاً للتضليل، واستغلالاً للدعاية، واستغلالاً في حربهم على الإسلام، وهم يسيطرون عليه ويديرونه وفق طريقتهم الخاطئة، فهم أهل ضلال، وما هم عليه يستحقون به العذاب، العذاب الذي توعدهم الله به، عندما قال: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ}، يعني: لا بدَّ من أن يعذبهم، وفعلاً عذبهم.
{وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ}، هم سيطروا على مكة لسنوات طويلة، وسيطروا على المسجد الحرام، وسيطروا على شعائر الحج، لكنها سيطرةً ظالمة، لا مشروعية لهم فيها، ليس لهم الولاية على بيت الله الحرام، ولا على شعائر الحج، ولا على مكة، ليس لهم أي ولاية مشروعة أبداً.
{إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ}، وهنا يقدم القرآن الكريم حصر الولاية للمتقين، حصر الولاية المشروعة على المسجد الحرام، وعلى إدارة شؤون الحج والمشاعر المقدسة هناك، حصرياً على من؟ المتقين، فهم من لهم الولاية المشروعة فقط المتقون.
أما غير المتقين إذا سيطر، فسيطرته باطلة وظالمة، وليس له أي ولاية شرعية أبداً، مهما قدم نفسه، مهما حمل من عناوين، مهما فعل وصنع؛ لأنه ليس من المتقين، المتقون معروفون في القرآن الكريم بمواصفاتهم، بمواقفهم، بأعمالهم، بتوجهاتهم، وهم الذين يمتلكون الجدارة لهذه الولاية؛ لأنهم هم الذين سيحركون ويديرون هذه المقدسات وهذه الشعائر وفق توجيهات الله -سبحانه وتعالى- بما يحقق التقوى، بما يؤدي منها دورها المنشود والمأمول، وثمرتها المطلوبة في تحقيق التقوى في واقع الأمة، وفي تحقيق الهداية للأمة.
فالكافرون، والمشركون، والظالمون، والمفسدون، والضالون… كل الذين هم خارج عنوان التقوى في مفهومه الحقيقي لا ولاية لهم، مهما كانوا مسيطرين على المسجد الحرام، هم غاصبون، هم بحسب التوصيف القرآني غاصبون، ليس لهم ولاية؛ إنما اغتصاب، اغتصبوا المسجد الحرام، واغتصبوا شعائر الحج، واغتصبوا تلك المشاعر، واستغلوها، وظفوها وأداروها بطريقتهم، وبما يحلو لهم، وبما يناسبهم، وليس وفق منهج الله -سبحانه وتعالى-.
فالولاية الشرعية الحصرية في ذلك هي للمتقين حصراً، وأما الآخرون من كل الفئات الأخرى، خارج عنوان التقوى، فليس لهم أي ولاية شرعية، لا على المسجد الحرام، ولا على مساجد الأمة، ولا على مصالح الأمة الدينية، ولا على الأمة بكلها، لا شرعية لهم في ولايتهم على الناس.
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}، هناك جهل بهذه الحقيقة، حتى جهل بمن له الولاية الشرعية على المسجد الحرام، على المصالح الدينية، على المساجد، هناك جهل لدى كثير من الناس، ولدى كثير من المسلمين حتى، لا يفهمون هذه الحقيقة، ولا يحملون هذا الوعي، وليس لديهم هذه النظرة الصحيحة، وهذا الفهم الصحيح، فهم بحاجة إلى أن يستفيدوه من القرآن الكريم؛ حتى لا تبقى لديهم أفكار خاطئة وتصورات مغلوطة.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة السادسة والعشرون (يوم الفرقان- 8) 1441هـ.. يوم الفرقان (8)