الله سبحانه وتعالى يصنع المتغيرات ويهيئ الأجواء أمام أوليائه إذا انطلقوا على هديه

إذاً فليفهم الناس هذه الإشكالية؛ لأنها فعلاًً من أكثر ما يهيمن على نفسيات الناس. فعندما يتحرك واحد في أوساط الناس كم تسمع من مفاهيم معوجة! وعندما تسمعها فهم يتحدثون عن الحياة، أليس كذلك؟ [الدنيا كذا والدنيا ملان أعداء، والدنيا ملان مفسدين، وأعداؤنا معهم أسلحة، ومعهم طائرات، ومعهم، ومعهم… الخ] أليسوا يتحدثون عن الحياة أنها ملان عوج، ومطبات؟!.

لكن من يسيرون على هدي كتابه لن يجدوا أيَّ مطب يصنعه هو، أن يكون قد صنعه هو سبحانه وتعالى هو في الحياة أبداً، ولا في تدبيره، بل يصنع ماذا؟ يصنع المتغيرات، ويهيئ الأجواء أمام أوليائه إذا انطلقوا على هديه. هذه القضية مما أكد عليها القرآن الكريم، وخاصة في هذه السورة، سورة [الكهف].

إذاً القرآن هو قيِّم، يرسم طريقاً مستقيماً، ويستقيم بمن يسيرون على هديه، ما ترى عوج، إنما تراه في عملهم هم، في عملهم وهم يسيرون على هدي القرآن، لا يكونون من النوع الذي دائماً يعملوا شيئا ثم يكتشفوا خطأ، عملوا شيئاً في ثاني مرحلة ثم اكتشفوا أخطاء، وأنهم كانوا مخطئين، وأنهم كانوا غالطين.

هذا لا يحصل لمن يسيرون على كتاب الله، وكمثال عملنا هذا الذي يتمثل في رفع شعارات، وتوعية، واهتمام بقضايا من هذه، على نحو ما يقارب من سنتين، عندما انطلقنا على أساس كتاب الله، وعلى أساس الإهتداء بكتاب الله، ألم نجد كل الأحداث تشهد بأهمية هذا العمل؟ وهل أحد منا ندم في هذا العمل، على أساس أننا كنا غافلين، عندما رفعنا شعار واتضح إن ما كان هناك حاجة إلى أن يرفعوه؟!. لا.

تجد كلما مشت من الأحداث، كلما ظهرت أهميته أكثر فأكثر، وكلما تقدمت الأيام، وأيضاً ظهرت متغيرات أخرى، كلما ظهر أهمية أن ننطلق في هذا العمل بجدية، وأن ينطلق الناس أيضاً معنا في هذا العمل، وأنه فعلاً من يسيرون على هدي الله، وهدي كتابه، لا يكتشفون أنفسهم أنهم سلكوا طرقاً ثم ندموا في سلوكها، أنهم تبنوا أشياء، ثم ندموا على تبنيها؛ تجدهم دائماً يلجموا، أخطاء، يخطي ويصحح، ويخطي ويصحح دائماً!.

تأتي هذه الأحداث من خلال تحرك الأمريكيين، تحرك الإسرائيليين، تحرك دول الغرب هذه. من يتأملها بنظرة قرآنية لا يمكن أن يحصل لديه إحباط، ولا يحصل لديه يأس، بل يمكن أن يرى هذه الفترة من أفضل، وأحسن الفترات بالنسبة للإسلام، لمن يعرفون كيف يتحركون في سبيل الإسلام، فعلاً.

ومن لا ينظرون نظرة قرآنية، يجدوها فترة مظلمة، وفترة رهيبة. هي فعلاً رهيبة، وخطيرة، لكن لمن لا يتحركون على هدي القرآن، فهي خطيرة، ورهيبة فعلاً، هنا في الدنيا، وفي الآخرة.

أما من يسيرون على هدي الله، على هدي كتابه – على حسب فهمنا، وتقييمنا – أنها من أفضل المراحل في تاريخ هذه الأمة، لمن يعملون في سبيل الله فقط، لمن يتحركون في سبيل الله، وعلى أساس كتابه.

وأنها يبدو ليست مرحلة من سنة، أو سنتين، بل ربما قد تكون من نحو عشر سنين تقريباً، من نحو عشر سنوات بدأت متغيرات بشكل عجيب في هذه الدنيا. ولكن ما أسوأ حال من يعرضون عن كتاب الله، في مرحلة كهذه.! وبدأت مؤشرات سوء الحال، وسوء المصير، عندما اتجه الأمريكيون للاستيلاء على صياغة المناهج، وإنزال المناهج التربوية، وحتى السيطرة على المساجد في معظم الدول العربية، ثم لا تسمع كلمة، ولا تسمع أي ممانعة، ولا تسمع معارضة. هذه حالة خطيرة جداً على الناس، حالة خطيرة جداً على الناس.

كما قلنا أكثر من مرة: من أسوأ ما في هذه بالنسبة للناس أننا جئنا من جديد نمكن بني إسرائيل من كتابنا، من تثقيف أنفسنا، من تثقيف أولادنا؛ ليحرِّفوا، ليخفوا الكثير منه، وهم من قد نزع الله من بين أيديهم كتبه، ووراثة كتبه، وأنبيائه، فهل نمكنهم نحن؟!.

هذا من أسوأ المواقف التي تدل على أن القرآن الكريم الذي يمجد الله نفسه، ويثني على نفسه بإنزاله إلينا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} وإذا بالمسلمين اليوم يريدون أن يسلِّموا هذا الكتاب إلى بني إسرائيل، الذين قد حرَّفوا التوراة، والإنجيل؛ ليخفوا منه ما يريدون، ويجعلونه قراطيس يبدونها، ويخفون كثيراً.

ألسنا نسمع أخباراً بأنهم يريدون أن يخفوا آيات الجهاد، والآيات التي عن بني إسرائيل، وآيات مدري ماذا! يطلع لك نصف القرآن يخفونه عن الناس! هذا يعتبر من الكفر الرهيب، من الكفر الرهيب بهذه النعمة العظيمة التي أنعم الله بها على عباده: القرآن.

لأنه في كثير من الآيات يبين عظمة هذا القرآن، وأنه نعمة كبيرة على عباده، أنه يثنى سبحانه وتعالى على نفسه بإنزاله، {الْحَمْدُ لِلَّهِ} يعني: كل الحمد، وكل الثناء، وكل المجد لله {الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ}، والذي هو في نفس الوقت أيضاً لم يجعل عوجاً أمام هذا الكتاب في سنن الحياة، ولا في تدبيره هو، فيصطدم بها.

وجعله قيِّما لمن يسيرون على نهجه، يرسم الطريق المستقيم، والمواقف المستقيمة، والرؤى المستقيمة، والمفاهيم المستقيمة.

 

الكثير من الناس الآن ممتلئة أفكارهم بمفاهيم معوجَّة، فمن كان هناك لديه مفاهيم معوجة، فمعنى هذا أنه لابد أن يعود إلى القرآن، القرآن هذا القيِّم، الذي يقوِّم أي اعوجاج، يقوِّم أي اعوجاج في النفوس، أي اعوجاج في الآراء، في المفاهيم، في الأفكار، في الطرق، فهو يقوِّمها.

وحتى نفهم أن هناك اعوجاجات كثيرة، عندما تجد حملة العلم لا يتحركون، ولا يضجون حتى في هذه اللحظة الخطيرة جداً عليهم، وليس على الكتاب، الكتاب في نفسه الله قد حفظ الكتاب في نفسه، لكن نحن بحاجة إلى أن نحفظ أنفسنا، ونحفظ التزامنا، ونحفظ استقامتنا به. وإذا لم نحفظ استقامتنا بالإلتزام به، والسير على هديه، وهو قيِّم، سنصبح معوجين في حياتنا، وتصبح معوجة كل نتائج مواقفنا هذه السيئة.

كيف لا يعترضون، ولا يضجون على أن هناك توجه يهودي للسيطرة على مناهج المسلمين! أنا أتصور هذه أنها عند الله كبيرة جداً، أنها مظنة أن يحصل للأمة هذه ضربات شديدة، وأنها في نفس الوقت فضل عظيم لمن ينطلقون ليعارضوا هذه الفكرة التي يتبناها اليهود، يعارضوها بجدية.

الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام

دروس من هدي القرآن الكريم

 

السيد حسين بدر الدين الحوثي.

 

محاضرة.. آيات من سورة الكهف 2ـ3.

قد يعجبك ايضا