السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي: دول تحالف العدوان وصلت إلى نقطة مسدودة وفشل واضح
موقع أنصار الله – اليمن – 10 رمضان 1443 هجرية
أكد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في محاضرته الرمضانية ، اليوم الاثنين، أنه ومنذ بداية العدوان وإلى اليوم حصلت الكثير من المتغيرات، فكان لدى الأعداء آمالا في أن يسيطروا بشكلٍ تام في فترةٍ وجيزة، بالاستناد إلى إمكانياتهم الهائلة، وإلى جبروتهم، وطغيانهم، وحصارهم، وظلمهم، لكنهم وصلوا اليوم إلى نقطةٍ مسدودة، ووصلوا إلى مستوى الفشل الذي عرف به كل العالم، و يتحدث عنه الجميع.
وشدد السيد القائد على أنه ما من شكٍ في أن المعتدين قد فشلوا إلى الآن في تحقيق أهدافهم الرئيسية التي أرادوها من خلال العدوان، وأنهم تكبَّدوا الكثير من الخسائر، وأنهم أيضاً تكبَّدوا الكثير من الهزائم تلو الهزائم، وأنَّ شعبنا قد حقق الكثير والكثير والكثير من الانتصارات، وبات هذا العدوان فيما فيه من حصار، وإجرام، ومعاناة، حافزاً مهماً لشعبنا في أن يبني واقعه، وأن يحوِّل التحدي إلى فرصة، وأن يجعل من ذلك عاملاً لنهضته في كل المجالات، ولكن ذلك بكله يحتاج إلى صبر.
وقال السيد ” لمَّا كان الصبر سلاحاً في مواجهة العدو، أتى قول الله “سبحانه وتعالى”: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا}[آل عمران: من الآية200]، فالمصابرة أكثر من مسألة: {اصْبِرُوا}، {وَصَابِرُوا}؛ لأنه سلاح في مواجهة العدو، فإذا أصرَّ العدو واستمر على وسائله الإجرامية الوحشية، على سعيه لإضعافكم، للسيطرة عليكم، كونوا أكثر إصراراً منه، أكثر اهتماماً منه، أكثر جديةً منه، في الثبات في موقفكم الحق، في التمسك بقضيتكم العادلة، في أدائكم لمسؤولياتكم المقدَّسة، فالعدو يرى في الأخير أنَّ وسائله وأساليبه ليست مجدية، وأنَّ ردة الفعل هي عكس ما يريده، هو يريدهم أن ينهاروا، أن ييأسوا، أن تنكسر إرادتهم، فإذا بهم أكثر عزماً، أكثر تصميماً، أكثر قوةً وجديةً في اهتمامهم وعملهم.
وأوضح السيد أنه في الواقع البشري لا تنهض الأمم، ولا تواجه التحديات، ولا تتحرك في إطار المهام الكبرى، إلَّا وتستند إلى الصبر، لا بدَّ من الصبر، حتى الجيوش في بنائها لتكون جيوشاً قوية، الأساس في ذلك هو الصبر، وحتى في داخل الجيوش، من لهم مهام خاصة، مهام استثنائية، يحظون بتمرينٍ كبير على الصبر، على التحمل الذي يقترن به أداء مهام وأعمال عظيمة، كبيرة، نوعية، مهمة، ذات تأثير كبير؛ لأنه كلما أردنا أن يكون هناك فاعلية أكثر، فاعلية في العمل، فاعلية في الأداء، في مستوى الأداء، لا بدَّ من الصبر أكثر.
وأوضح أن من أهم ما يميِّز الصبر في سبيل الله “سبحانه وتعالى”: أن نتيجته الإيجابية، ثمرته الطيِّبة، عاقبته الحسنة حتمية؛ لأنها ارتبطت بوعد الله “سبحانه وتعالى” الذي لا يخلف وعده، وهو الصبر المجدي، مضيفا أن الشدائد على المستوى الاقتصادي تحصل فيها انفراجات، لا تبقى الشدة كما هي في أقسى حالاتها على نحوٍ مستمر، تأتي انفراجات، وانفراجات، وانفراجات، حتى يأتي الفرج الكبير، ويترافق مع العسر اليسر، كما قال الله “سبحانه وتعالى”: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}[الشرح: الآية5]، يأتي اليسر، فتأتي انفراجات من هنا، إيجابيات من هنا، عوامل مساعدة من هناك… وهكذا لا يبقى العسر بشكلٍ خالصٍ، مستمرٍ، ضاغطٍ، والعناء شديدٌ بشكلٍ مستمر.
وقل السيد” الغايات المذكورة في القرآن الكريم للصبر، هي غايات عظيمة، غايات كبيرة، جمعتها عبارة واحدة: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، الفلاح، الفلاح الذي هو وصول إلى النتائج العظيمة، ظفرٌ بالخير، وصولٌ إلى النتائج المرجوة في الدنيا والآخرة.
ولفت السيد إلى أن الخيار البديل عن الصبر في سبيل الله هو خيار الانهيار، الاستسلام، العجز، اليأس، الضعف، الانهيار أمام العدو، وتمكين العدو من فعل ما يشاء ويريد، من الوصول إلى أهدافه ومآربه الشيطانية، فما الذي ينتج عن ذلك؟ ينتج عنه: العناء، القهر، الذلة، الاضطهاد، الضيم، الذي يستمر، وإذا صبر الناس عليه، فصبرهم لا يفيدهم، لا يجديهم، لا ينفعهم، لا يغيِّر من الواقع شيئاً، وحتى لا يؤجرون عليه، ، فيكون هو الصبر السلبي، بدلاً عن الصبر الإيجابي، عن الصبر المطلوب، وهي حالة خطيرة جدًّا، وتدوم الحالة، تستمر ما داموا مستمرين على ذلك، وإذا أرادوا التحرك فيما بعد، وتحرَّكوا متأخرين بعد أن يتمكن العدو منهم أكثر، بعد أن يكونوا قد فرَّطوا بمسؤولياتهم وواجباتهم لمدةٍ طويلة، وتحرَّكوا متأخرين، كانوا محمَّلين بالإصر الثقيل، بالحمل الثقيل، الذي هو نتاجٌ لتفريطهم، عاقبةٌ لعصيانهم، لاستهتارهم، لإهمالهم، لتقصيرهم، فتكون الكلفة هائلة، والنتيجة ضئيلة، ويحتاجون إلى عناء كبير جدًّا، ومدة زمنية طويلة جدًّا، وهذه مسألة خطيرة جدًّا.
وأشار السيد إلى أن الصبر في سبيل الله ومواجهة الطاغوت هو من أعظم العبادات والقرب، التي نتعبد لله بها، و نحظى من خلالها بالدرجات العالية، فعندما نصبر في طاعة الله، عندما نصبر ونحن نقوم بمسؤولياتنا ومهامنا الإيمانية التي أمرنا الله بها، وجَّهنا إليها، نصبر ونجاهد، نصبر ونضحي، نصبر ونتصدى للطاغوت، نتصدى للطغاة والظالمين والمجرمين، نقف في وجه المعتدين، صبرٌ عمليٌ، صبرٌ في أداء مسؤولياتنا، ومهامنا، وواجباتنا، صبر الأحرار، صبر المؤمنين، صبر المجاهدين، صبر المتقين، عبادةٌ عظيمة نتقرب بها إلى الله “سبحانه وتعالى، وسببٌ لنيل مرضاته، ومعونته، وتأييده، ويرتبط بذلك الغايات العظيمة.
وأضاف أن من أهم ما يتعلق بالصبر: أنه سلاحٌ مهمٌ في مواجهة العدو؛ لأن ما يلجأ إليه العدو في محاربته للمؤمنين: من حصار، من تضييق، من جبروت، من إجرام، من وحشية، هو بهدف النيل منهم، والإضعاف لهم، وضرب إرادتهم ومعنوياتهم، وإرغامهم على الاستسلام، وتحطيم معنوياتهم.
وأكد أن العدو يحرص على كسر الإرادة، و تحطيم المعنويات، و الإرغام للأمة على الاستسلام، و زرع حالة اليأس، و الوصول بها إلى الانهيار التام، وهذا ما يسعى له العدو، فعندما يرى أنَّ ما يفعله من إجرامه، ووحشيته، وفظائعه، وانتهاكاته، وعدوانه، وحصاره، له ردة فعلٍ عكسية، هو يزيد من اهتمام الأمة، من عزمها، من قوتها، من إصرارها، من تصميمها، من جديتها في مواقفها، من استشعارها لحجم مسؤولياتها، من غضبها على عدوها، وترجمة ذلك الغضب في الواقع العملي، من خلال الجدية الكبيرة في عملها وهي تتصدى للعدو، في تحركها وهي تواجه العدو، سيكون لذلك الأهمية الكبيرة التي يترتب عليها يأس العدو، فما يكون هناك من صبر، من ثبات، من قوة، من ردة الفعل الواعية في واقع الأمة تجاه العدو، يقابله هبوط لدى العدو، يأس، شعورٌ بالفشل، شعورٌ بالإخفاق، شعورٌ بالعجز، يصل به- في نهاية المطاف- إلى الاستسلام.