“واشنطن بوست” تسلّط الضوءَ على التورط الأمريكي الواسع في جرائم الحرب ضد اليمنيين
صحافة| متابعات
أكّـد تحقيقٌ مشتركٌ نشرته صحيفةُ واشنطن بوست أن الولايات المتحدة متورطةٌ في جرائم الحرب التي ارتكبها تحالف العدوان في اليمن منذ عام 2015م؛ بفعل الدعم العملياتي واللوجستي والفني الواسع والمُستمرّ الذي تقدمه واشنطن لدول العدوان في العمليات العسكرية الجوية.
وأوضح التحقيق الذي أجرته الصحيفة بالاشتراك مع معهد حقوق الإنسان التابع لكلية كولومبيا للقانون، أنه بناء على تحليل أكثر من ثلاثة آلاف صورة وتقرير وبيان ومقاطع فيديو، فَـإنَّ أسراب الطائرات المقاتلة التي استخدمتهما السعوديّة والإمارات خلال الهجمات الجوية على اليمن، تلقت مساعدة أمريكية كبيرة.
ووجد التحقيقُ أن الولايات المتحدة شاركت في تدريبات ومناورات مع كُـلّ أسراب الطائرات السعوديّة والإماراتية التي نفذت غارات جوية على اليمن، وأن هذه التدريبات جرت على الأراضي الأمريكية أربع مرات على الأقل، وتضمنت محاكاة عمليات هجومية جوية.
وأشَارَ التحقيق المشترك إلى أن إعلان إدارة بايدن العام الماضي عن إنهاء الدعم العسكرية “الهجومي” لم يكن صادقا؛ لأَنَّ التحليل يظهر استمرار عقود الصيانة التي أبرمها الجيش الأمريكي والشركات الأمريكية لمساعدة أسراب الطائرات التي تقوم بعمليات هجومية في اليمن.
وأوضح أن الولايات المتحدة تستطيع أن تحد من الضربات الجوية على المدنيين من خلال إلغاء عقود الصيانة، مُشيراً إلى أنه “قد توجد بدائل للذخائر، لكن لا يوجد بديل لهذه العقود ولا يمكن الطيران بدونها” بحسب النائب توم مالينوفسكي الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان خلال إدارة أوباما.
وألمح التحقيق إلى أن الولايات المتحدة لا تنكر تورطها في الجرائم التي يرتكبها تحالف العدوان في اليمن، بل تسعى لتبرير ذلك التورط؛ لأَنَّ تعليقات المسؤولين الأمريكيين تتحدث فقط عن “أهميّة التحالف مع السعوديّة” وَ”تعزيز دفاعاتها” بحسب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية.
ونقل التحقيق عن الرائد بالجيش الأمريكي روب لودويك -المتحدث باسم البنتاغون- إقراره بأنه “لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به” مع إجراءات الاستهداف وقدرات التحقيق الخَاصَّة بالقوات المسلحة السعوديّة.
وأوضح التحقيق أن العقود التي تمت مراجعتها؛ مِن أجلِ التحليل لم تكن سوى جزء صغير من إجمالي مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى دول تحالف العدوان؛ لأَنَّه “لا يتم نشر تفاصيل بعض المبيعات للجمهور أبدًا في بعض الحالات، وإحدى هذه الحالات هي البيع التجاري المباشر، حَيثُ تبيع الشركات الأمريكية مباشرة إلى الحكومات، وفي بعضها – مثل صفقات الأسلحة التي تقل قيمتها عن 14 مليون دولار- لا تتطلب مراجعة من الكونجرس وبالتالي لا يتم الإعلان عنها علنًا بشكل عام”.
ونفى التحقيق مزاعم عدم علم الولايات المتحدة بالأهداف التي تضربها المقاتلات السعوديّة والإماراتية، مُشيراً إلى أن رئيس القيادة المركزية الأمريكية السابق، الجنرال جوزيف فوتيل، أكّـد في شهادة له عام 2019 أن “الولايات المتحدة لديها حق الوصول إلى قاعدة بيانات مفصلة عن الضربات الجوية للتحالف في اليمن”.
وَأَضَـافَ التحقيق أن قاعدة البيانات هذه تؤكّـد أن “بعض المسؤولين الأمريكيين لديهم معرفة بالأسلحة التي تم استخدامها والأسراب التي شاركت في الضربات الجوية التي أَدَّت إلى إلحاق ضرر بالمدنيين أكثر مما يقال للجمهور وأعضاء الكونجرس”.
وأشَارَت أونا هاثاواي -أُستاذة القانون والعلوم السياسية في كلية الحقوق بجامعة ييل- إلى أن المبيعات الأمريكية التي تدعم انتهاكات القانون الإنساني والدولي من جانب السعوديّين، تمثّل تورطاً في جرائم الحرب.
ودحض التحقيقُ أَيْـضاً مزاعمَ الولايات المتحدة عن اتِّخاذ إجراءات “لتجنب الإصابات بين المدنيين” عن طريق إرسال مستشارين، ولاحقاً عن طريق اعتماد سياسة تتطلب بيع الصواريخ الموجَّهة بدقة، حَيثُ أوضح التحقيق أن “مراقبي حقوق الإنسان في اليمن أكّـدوا أنهم لم يروا أيَّ تغييرٍ ذي مغزًى في الحملة الجوية نتيجة لهذه الإجراءات، حَيثُ لا تزالُ الغارات الجوية مسؤولةً عن الغالبية العظمى من القتلى المدنيين”.