علينا أخذ الدروس في بداية الأحداث، ولا يجوز السكوت

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

عندما يقول القرآن الكريم: {إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ} (الحجرات: من الآية10) {وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ ۚ يَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ} (التوبة: من الآية71) عندما يقول: {وَلتَكُن مِنكُم أُمَّةٌ يَدعونَ إِلَى الخَيرِ وَيَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ} (آل عمران: من الآية104) عندما يقول أيضًا: {قاتِلُوا الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَلا بِاليَومِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسولُهُ وَلا يَدينونَ دينَ الحَقِّ مِنَ الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ حَتّىٰ يُعطُوا الجِزيَةَ عَن يَدٍ وَهُم صاغِرونَ} (التوبة:29) عندما يقول: {وَأَنفِقوا في سَبيلِ اللَّهِ وَلا تُلقوا بِأَيديكُم إِلَى التَّهلُكَةِ} (البقرة: من الآية195) عندما يقول: {وَاعتَصِموا بِحَبلِ اللَّهِ جَميعًا وَلا تَفَرَّقوا} (آل عمران: من الآية103) إنه بكل ذلك يهدينا إلى السلام، يهدينا إلى سبل السلام، فكل من ينشد السلام، كل من يريد السلام، كل من يعرف أن ربه هو السلام، إن عليه أن يتحرك على أساس القرآن.

ولنرى مصداق ذلك ماثلًا أمام أعيننا، [حزب الله] في لبنان أليس الآن يعيش في سلام؟ [حزب الله] في لبنان هل التزم الصمت والسكوت؟ أم أنه مجاميع من المؤمنين تشبعوا بروح القرآن الكريم التي كلها عمل وجهاد، كلها وحدة، كلها أخوة، كلها إنفاق، كلها بذل؟ هاهم الآن – على الرغم من أن إسرائيل وأن أمريكا يعلمان أنهم هم الإرهاب بعينه، وفق مفاهيم أمريكا وإسرائيل – هاهم الآن يعيشون في سلام. والإسرائيليون والأمريكيون هاهم يضربون الفلسطينيين ويضربون أينما شاءوا، هاهم يذلون زعماء تلك الملايين، زعماء يمتلكون مئات الآلاف من الجيوش المسلحة بأحدث الأسلحة، وذلك الحزب يعيش رافعًا رأسه، مجاميع من المؤمنين تعيش رافعة رأسها، تتحدث بكل ما تريد ضد إسرائيل، تمتلك قناة فضائية تسخرها كلها ضد إسرائيل، حتى فواصلها ضد إسرائيل، هاهي إسرائيل لا تجرؤ أن تضربهم بطلقة واحدة، أليس هذا هو السلام؟

هاهي إيران نفسها – وأمريكا وإسرائيل تعلمان أن إيران هي الإرهاب بكله، هي الإرهاب بعينه، وأنها ليست فقط دولة إرهابية بل أنها تصدر الإرهاب حسب ما يقولون – هاهي دولة عندما وُوجهت بتهديد أمريكي تجريبي – لأن الأمريكيين قد عرفوا الإيرانيين وعرفوا الثورة الإسلامية وعرفوا قادتها، لكن هذا الرئيس الأمريكي جاء ليعمل تهديدًا تجريبيًا لينظر ماذا ستكون ردة الفعل – والإيرانيين يفهمون كيف يقابلون الأحداث وكيف تكون ردود الفعل الصحيح، خرجوا: زعيمهم قائدهم رئيسهم، كل مسئوليهم والشعب كله خرج في مسيرات صاخبة تتحدى أمريكا.

ما الذي حصل بعد ذلك؟ هل تحركت أمريكا أو كررت شيئًا من عباراتها الجارحة لمشاعر الإيرانيين؟ أم أن الرئيس الأمريكي نفسه وُوجه بكلام قاس من أعضاء [الكونغرس] الأمريكي نفسه، فقالوا لـه: إنك تثير الآخرين ضد مصالح أمريكا. ألم يتحقق بتلك المواقف العملية السلام للإيرانيين.

من الذي يعيش الآن يتلقى الضربات الموجعة من إسرائيليين؟ هل هم حزب الله أم الشعب الفلسطيني؟ لأن الشعب الفلسطيني كانوا كمثلنا يتوافد اليهود بأعداد كبيرة من كل بلد إلى فلسطين ولا يهتمون بذلك ولا يتدبرون عواقب ذلك. كانوا كمثلنا، وما أكثر من يرى هذه الرؤية ولا يأخذ الدروس من الأحداث التي قد وقعت. كان الفلسطيني يبيع من‍زله بمبالغ كبيرة يدفعها اليهود، يبيع منزله ويراه مكسبًا، كما يبيع الناس هنا في بلدنا الكتب من تراثنا، يبيعون كتبًا من تلك الكتب الزيدية المخطوطات القديمة، يبيعها بمبلغ كبير من الدولارات. أليس الناس هنا مستعدون أن يبيعوا من ازلهم بمبالغ كبيرة؟ لا نتدبر العواقب.

الفلسطينيون كانوا يبيعون منازلهم ويبيعون أراضيهم. كان اليهود يتوافدون إلى بلدهم ولا يحسبون لذلك حسابًا كما يتوافد الأمريكيون الآن إلى اليمن ولا نحسب لذلك حسابه ولا نفكر في عاقبته، الحال واحدة. ما الذي حصل؟ تحول اليهود إلى عصابات وضربوا الفلسطينيين.

إن كل من لا يرى أن عليه أن يتخذ موقفًا في بدايات الأمور فإنه قد لا يتخذ موقفًا حتى وإن أصبحت الأمور بالشكل الواضح، لو أصبح هناك ضَرْبٌ من الأمريكيين لليمن أو لمناطق في اليمن تحت مسمى أنهم يحاربون الإرهاب فسنجد أن هناك من يقول: (لا.. لا ينبغي لأي شخص أن يتحرك عندما تتحرك ستثيرهم أكثر). تبريرات لا تنتهي.

لكن ماذا كان عاقبتها في فلسطين؟ عندما توافد اليهود بأعداد كبيرة من كل بلد، وكان الفلسطينيون صامتين، وكانوا هكذا يسيرون على هذه الحكمة التي تقول إن السكوت من ذهب [إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب]، هي حكمة! سكت الفلسطينيون فإذا بهم يرون أنفسهم ضحايا لعصابات اليهود، وإذا بهم يرون أنفسهم أيضًا مواطنين غرباء تحت ظل دولة يهودية، وإذا بهم في الأخير يرون أنفسهم كما نراهم اليوم على شاشات التلفزيون.

أليس هؤلاء يضربون كل يوم؟ هل تظن أن الفلسطينيين ليس فيهم من يقاتل؟ فيهم الكثير ممن يمكن أن يقاتل، فيهم الكثير ممن يمتلكون الأسلحة، [منظمة التحرير] تمتلك أسلحة وتمتلك جيشًا، وتمتلك خبرات قتالية، كانت بعض الحركات في البلاد العربية تتدرب على أيدي الفلسطينيين، لكنهم يمسكون بهذه الحكمة: (السكوت من ذهب)، والجمود هو الحل، والسكوت هو الحل، والمطالبة بالسلام من أمريكا هو الشيء الذي سيحقق لنا السلام. هؤلاء يضربون يومًا بعد يوم.

لو تحرك هؤلاء كما تحرك [حزب الله] في لبنان، لو انطلقوا – وهم الآلاف وفيهم الشباب وفيهم من يعرف كيف يستخدم الأسلحة – لو انطلقوا كما انطلق [حزب الله] في لبنان لحققوا لأنفسهم السلام كما حققه حزب الله لبلده ولشبابه ولمواطني جنوب لبنان. أليس هذا هو ما نجده ماثلًا أمامنا؟

نحن علينا أن نأخذ الدروس ونحن في بداية الأحداث، لا يجوز بحال أن نسكت ونحن نسمع أن الأمريكيين يدخلون إلى اليمن. لماذا جاءوا؟ وماذا يريدون أن يعملوا؟

نحن أيضًا من نردد كلمات التبرير لدخولهم فنقول: [إنما جاءوا ليدربوا الجيش اليمني]. هل أن اليمن إنما تحول إلى دولة، وتحول إلى بناء جيش من هذه السنة؟ أم أن لديه جيش تكون منذ سنين، وتدرب الكثير منه في بلدان أخرى، ولديه هنا مراكز للتدريب؟! هل الجيش اليمني بحاجة إلى الأمريكيين أن يأتوا ليتدربوا؟ ومن أجل ماذا يتدربون لمواجهة من؟ الرئيس يقول: [هناك فقط ثلاثة إرهابيين ادعى الأمريكيون أنهم في اليمن ثلاثة إرهابيين]. هل مواجهة ثلاثة إرهابيين تحتاج إلى كتائب من الجيش الأمريكي وخبراء أمريكيين يدخلون اليمن؟‍‍! وهل ثلاثة إرهابيين في اليمن – كما يقولون – تحتاج إلى أن ترسو السفن الحربية في سواحل اليمن أم أن هناك نوايا أخرى؟!

ونحن – لأننا قد اتخذنا قرار الصمت والجمود وإغماض الأعين – من ستسكتنا، من سترضينا، من سنتشبث بكلمة مثل هذه. لا يمكن أن تكون واقعية.

ثلاثة إرهابيين في اليمن نحتاج إلى جيش أمريكي يأتي ليدرب الجيش اليمني على مواجهة ثلاثة إرهابيين! ألم يدخل اليمن في حرب عام 1994م حرب الشمال والجنوب ألم تكن حرب شديدة هل احتاج اليمنيون للأمريكيين أن يدربوهم؟ لم نحتج إلى ذلك.

إن دخول الأمريكيين إلى اليمن هو بداية شر، يريدون أن يعملوا قواعد في هذا البلد وإذا ما عملوا قواعد في هذا البلد فإنه سيكون قرار البلد بأيديهم أكثر مما هو حاصل الآن، سيحكمك الأمريكيون مباشرة، يؤتون الملك هنا من يشاءون وين‍زعونه ممن يشاءون – إن صح التعبير-، يسيرون الأمور في اليمن كما يشاءون.

وهل نحن نظن بالأمريكيين خيرًا؟ هل يمكن أن نقول إن أولئك الذين قال الله عنهم أنهم ما يودون لنا أي خير، أنهم لا يحبوننا، أنهم أعداء لنا، أنهم سيأتون من أجل الخير لنا؟ ومن أجل مصلحتنا؟ إنهم لا يمكن أن يتحركوا إلا ضدنا وضد مصالحنا، وإفسادنا وإفساد نفوسنا، وشبابنا، وإفساد كل شؤون حياتنا.

فإذا كنا نصمت ونحن نراهم، إذا كنا نسمع أن هناك من يجعل من نفسه جنديًا يعمل على أنه متى ما قالوا فلان إرهابي أن يتحرك لأن يلقي القبض عليه ويضربه ثم نسكت، فإن العواقب ستكون وخيمة وسنرى أنفسنا أبدًا لا يمكن أن يتحقق لنا سلام، ولا تبقى لنا كرامة ولا عزة، وسنرى قرآننا يُحارب، سنرى مدارسنا تغلق، سنرى علماءنا يسجنون، سنرى شبابنا يُقَتَّلُون، سنرى مساجدنا تغلق، سنرى أنفسنا غرباء في بلدنا، نرى ديننا يُحارب. وفي نفس الوقت أيضًا لا يكون لنا عذرنا أمام الله سبحانه وتعالى فنكون في الأخير من قد أوقعنا أنفسنا في خزي في الدنيا، ومن قد جعلنا من أنفسنا من يستحق أيضًا أن يكون له العذاب العظيم في الآخرة.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن

الإرهاب والسلام

ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي

بتاريخ: 8/3/2002م

اليمن – صعدة

قد يعجبك ايضا