مسكنات الهدنة
|| فهمي اليوسفي ||
منذ بدء الموافقة الأولية على الهدنة لكوكتيل تحالف العدوان ومن خلفه الغرب أيقنت أن تلك الموافقة لا تعني أن التحالف سوف يلتزم بتنفيذ بنودها نصا وحرفا وفقا لبرنامج مزمن بل ثمة أسباب جعلته يقول OKللهدنة
وفي باطنه الإدمان على استمراريته في الأخطبوطية الغلاطية والتضليلية واستنفاذ الوقت ونسج المبررات للتراجع عن تنفيذ ملفات الهدنة وتشكيل فريق علاطي يتقن هندسة الاتهامات الكاذبة ضد صنعاء والتعتيم على تحشيد المرتزقة في هذه المرحلة.
دوافع التحالف للهدنة متعددة منها:
أولا:
لضمان إيقاف صنعاء من الاستمرار بتوجيه ضربات موجعة للمؤسسات الاقتصادية السعودية تحديدا التي يترتب عليها تأثير على اقتصاد الغرب والخليج بدرجة أساسية خصوصا المؤسسات النفطية، لأن نجاح صنعاء بتوجيه صفعة كبيرة للسعودية أي قبل الهدية عندما تمكنت من استهداف مصاف أرامكو بجدة رغم الباتريوت الغربي بعد أن كان فيها مليون برميل من النفط، جعل الغرب يسارع بإعطاء الضوء الأخضر للسعودية بإعلان هدنة لأنها على يقين أن الاستمرارية باستهداف تلك المؤسسات يعنى إحداث أزمة نفطية في الأسواق الأوربية وهذا سيكون كابوسا مرعبا للناتو لأن ذلك سينعكس سلبا على اقتصاده خصوصا مع تزامن الحرب الروسية الأوكرانية بمجريات الوضع في اليمن .
تلك الضربة أصبحت بمثابة ترمومتر قیاس طرفي المعادلة حيث يقاس نجاح صنعاء باستهداف تلك الشركة بعد صمودها لـ7 سنوات في وجه العدوان والحصار ودخولها العام الثامن وتدشين تلك الضربة بحديث قائد الثورة حفظه الله عن الجاهزية القتالية والشروع بتدشين البروفات التجريبية للقوات البحرية التي أصبحت مصدر قلق لأمريكا وأخواتها +حلفائها العرب رغم افتقار صنعاء لأدنى درجات التسليح، وهذا بحد ذاته تتويج لانتصار القرى المناهضة للعدوان في المعركة العسكرية وهزيمة مدوية لكوكتيل تحالف العدوان ومن يقف خلفه من الغرب مع قناعتي أن تلك الضربة بالنسبة للتحالف والغرب هي إقرار غير مباشر بالهزيمة العسكرية رغم امتلاكهم أحدث الأسلحة و معسكراتهم النظامية وحشدها لكم هائل من معسكرات الارتزاق والتدعيش التي لم تحقق أهداف العدوان بل أصبحت فشنج.
لهذا السبب لم يجد الغرب والتحالف سوى أن يقولوا ok للهدنة لأنها بالنسبة لهم انتهاءً وفشلا للخطة (أ) التي خاض تحالف العدوان معركته العدوانية ضد اليمن بموجبها أي قبل سنوات وباعتبار فشل تلك الخطة يعني الفشل العسكري للتحالف والغرب، تطلب الأمر بالنسبة لهم مراجعة حساباتهم والإطاحة بمجمل قيادات الأجندات التي كانت مشمولة ضمن الخطة (أ) ومنهم الفار عبدربه منصور وعلي محسن فأصبحت الهدنة بهذه الحالة هي المدخل الذي يكفل لهم تغيير الخطة من أ إلي ب وإعادة ترتيب صفوفهم لتصعيد عدواني جديد من خلال تشكيل تحالف دولي يكون مشمول ضمن الخطة الجديدة (ب) كما توحي بعض ملامحه .
بهذه الحالة اقتضى الأمر للإمبريالية بشقيها الغربي والعربي الشروع الغير مباشر بتنظيم أجنداتها المشمولة في الخطة (ب) من الداخل والذي يرتكز على جدول البرنامج المتمثل بمخرجات مرتزقة الرياض وهي في حقيقة الأمر مخرجات المطبخ المشترك لدول الرباعية ومن رحمها جاء مجلس جديد للمرتزقة بقيادة العليمي بعد أن اجتازوا اختبارات التطبيع مع الكيان الإسرائيلي وأصبحوا موأمركين من القاع للنخاع لكن أخزاهم الله .
ثانيا:
من وجهة نظري لم ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد بل من ضمن الدوافع لموافقتهم على الهدنة كي يتمكن الغرب والخليجيات من اتخاذها وسيلة لتشويه صنعاء من الاستمرار في المواجهة العسكرية وإيقاف الضربات لمؤسساتهم الاقتصادية وبما يكفل للأطراف الدولية والإقليمية والداخلية الإعداد والتحضير لتشكيل تحالف جديد لعملية التصعيد العدواني يكون تحت قيادة واشنطن ولندن كما أسلفت ويتطلب من وجهة نظرهم استخدام الهدنة فقط وسيلة لاستنفاذ الوقت الأمر الذي جعلهم يقسمونها إلى ملفات صغيرة تبعثر جهود الوفد المفاوض بقيادة الأستاذ محمد عبدالسلام، ومنها ملف معابر تعز والآخر عن الأسرى ووو..إلخ بحيث تظل قوی ۲۱ سبتمبر تدور حول ذاتها ولا تلتفت للترتيبات الجديدة التي يعد ويحضر لها الناتو والتحالف وبجانبهم إسرائيل أي التي تصب نحو تصعيد جديد بحيث يتمكن المعتدون من نقل صورة مشوهة للمجتمع الدولي عكس الواقع، لهذا ليس من فراغ تحركات سفيري واشنطن ولندن في المحافظات الخاضعة للاحتلال وكذلك توافد أساطيل ومساطيل الغرب للمياه السيادية اليمنية إضافة لما تقوم به إسرائيل والغرب من بناء قواعد عسكرية ومشاريع أخرى في الأراضي اليمنية ومنها الجزر، ومن ضمن أهدافهم تثبیت مخالبهم في تلك المحافظات الخاضعة للاحتلال .
ثالثا:
أن يستثمر الغرب وكوكتيل التحالف البرنامج الزمني للهدنة بحيث يتمكنوا من إعادة ترتيب أجندائهم على ضوء ثوابت الاتفاق لدول الرباعية بتقاسم النفوذ والثروات في اليمن ويرتكز على ثوابت القاعدة الأمريكية تقسيم المقدم .
هنا لمن يفكر بعين العقل تقاس خارطة طريق الغرب والتحالف لما بعد الهدنة أي بعد استكمال عملية الترتيب للخطة ( ب ) بتصعيد جديد بقيادة واشنطن وتصبح جهود التفاوض عبثية وضحك على الذقون أي شبة مسرحية واهية ووهمية يشارك في إخراجها المبعوث الأممي وبقية سماسرة الهيئة الأممية باعتبار دوره مكمل لضمان إخراج المسرحية أو اللعبة الوهمية إن جاز التعبير .
هنا ينبغي أن ندرك أن قوى العدوان لن تلتزم بتنفيذ حتى بـ10% من مجمل بنود الهدنة ويحق للجميع وضع أكثر من علامة استفهام حول هذه المسألة وفتح المطار بالقطارة يعد بمثابة مسكنات بسيطة لا تكفل المعالجة الشاملة، وإلا لماذا تتهرب تلك القوى من الولوج نحو الحلول الممكنة للملف الإنساني وفي مقدمتها مرتبات موظفي الدولة .
على هذا الأساس ينبغي على صنعاء أن تشير بالسبابة لتلك التحركات الغير شرعية سواء تحركات سفراء الغرب في المحافظات اليمنية وللمشاريع الإسرائيلية والغربية في الجزر اليمنية وللتوافد المستمر لأساطيل ومساطيل الغرب وتحالف العدوان للمياه السيادية اليمنية وترجمة مخرجات مؤتمر مرتزقة الرياض لتكون الصورة أكثر وضوحا مع نقل النصائح والموجهات لقائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي حفظه الله للتنفيذ وفق مشاريع مدروسة لأنه استطاع بحكمته وحنكته السياسية والثورية أن يصوب مكمن الخلل ووضع برنامج مواجهة الخطة ( ب ) وهي واضحة في سياق حديثه خلال لقائه مع القيادات المركزية في صنعاء لأن تلك الموجهات لقائد الثورة بالغة الأهمية وتحمل في طياتها خطة استراتيجية المواجهة كافة التحديات الراهنة و المستقبلية بعيدا عن الترجمة السطحية بل ينبغي الغوص بعمق لترجمة مضامينها وهو المراد والأمل.