الاستعمار الرقمي الجديد الذي يتبعه الكيان الإسرائيلي في أفريقيا وآسيا
موقع أنصار الله || علوم وتكنولوجيا || يقوم الكيان الاسرائيلي وبالتعاون مع الفيسبوك على توفير خدمة إنترنت بشكل مجاني للدول الآسيوية والأفريقية في ما ينظر إليه المراقبون على أنه الاستعمار الرقمي الجديد الذي يتبعه الكيان.
وتقوم شركة “سبيسكوم” للاتصالات الفضائية المحدودة بدعم خطة الكيان الإسرائيلي الذي يخطط لتوفير الوصول إلى الإنترنت في البلدان الأفريقية في جنوب الصحراء، ولكن هذا المشروع عانى ظاهرياً من ضربة عندما خسرت سبيسكوم أقمارها الصناعية بعد انفجار في موقع الاطلاق في فلوريدا (سبيس اكس) في 1 سبتمبر ايلول.
ووقعت الفيسبوك الشبكة اجتماعية الموالية للکیان الإسرائيلي خدمة إنترنت مجانية في البلدان الأفريقية في استراتيجية مثيرة للجدل للاستيلاء على السوق الرقمية في واحدة من أكبر مناطق نمو البيانات المتنقلة في العالم، فالدول المشمولة في هذا المشروع “الفيسبوك-الإسرائيلي” يبلغ مجموع عدد سكانها ما يقرب من 700 مليون، ومن المثير للاهتمام، هو تزامن فشل اطلاق سبيس اكس مع رحلة مؤسس الفيسبوك مارك زوكربيرج في كينيا وسط خطط ما يسمى خدمة الإنترنت المجانية في المناطق النائية، هو مبادرة الإنترنت المجانية التي تواجه بالفعل معارضة واسعة النطاق.
ففي ديسمبر من شهر كانون الاول عام 2015، عبرت الهند عن قلقها من انتشار برنامج اتصال مجاني بالإنترنت والفيسبوك فشركات الاتصالات وخبراء الأمن، والنشطاء يعتقدون أن خطة الفيسبوك الموالية للکیان الاسرائيلي لتقديم “الإنترنت المجانية” موجهة إلى الفقراء وهي في الواقع حيلة بغية السيطرة على تفصيلات المستخدم.
الاستعمار الرقمي الجديد
الاستعمار الرقمي له على أثر على العقل في خضم الرسائل الإعلامية الجماهيرية المتكررة التي يحملها، بما في ذلك الإعلانات التجارية، التي تستهدف شريحة واسعة من الجماهير في جميع أنحاء العالم، وفي هذا النوع من الاستعمار، يشبه تماما عندما سعت بريطانيا والمستعمرين الآخرين بالسيطرة على الأراضي في أي مكان في العالم، وعمالقة الوسائط المتعددة التي ترعاها الدولة تسعى الآن للقبض على الملايين من المشاهدين والقراء، أو المستمعين إن صح التعبير، حيث تنتمي معظم هذه الشركات العملاقة المتعددة الوسائط للقوى الاستعمارية الغربية السابقة والكيان الإسرائيلي.
فقد عانت البلدان الأفريقية على مدى عقود من الاستعمار السياسي والاقتصادي والثقافي، وكثير من هذه البلدان الافريقية لا تزال تحت نير الاستعمار الجديد، كنتيجة للتغيرات التكنولوجية السريعة، وقد دخل العالم مرحلة جديدة من الاستعمار الرقمي في بلدان أمريكا الآسيوية والأفريقية واللاتينية والتي تستهدفهم في هذا المخطط الشنيع، ومع النمو السريع للاقتصادات الأفريقية، يتم تعيين الشركات الغربية والإسرائيلية للاستيلاء على هذه السوق الكبيرة والقطاع الرقمي والتي لديها هدف رئيسي وهو الاستعار الرقمي على ابناء هذه البلدان الفقيرة.
ومن المتوقع أن يرتفع عدد الفقراء المستفيدين من هذه الخدمة إلى أكثر من 1397000000 بحلول عام 2025 إلى جانب الطبقة الوسطى المتنامية للسكان في أفريقيا في جنوب الصحراء الكبرى، حيث أنه من المتوقع أن تلعب دورا قياديا في ارتفاع افريقيا كقوة اقتصادية عالمية في عالم التكنولوجيا.
أهداف الكيان الاسرائيلي في توفير الإنترنت المجاني إلى أفريقيا
البلدان الأفريقية ولعدة عقود دعمت النضال الفلسطيني من أجل التحرر من الاستعمار الإسرائيلي، وهذا انعكس سلبا على مكانة تل أبيب دولياً وبشكل ملحوظ، ولكنه وفي الماضي القريب، بدأ الكيان الإسرائيلي بشق طريقه الاستعماري في أفريقيا، فبعد الشعور بالعزلة الدولية التي قد يواجهها الكيان الإسرائيلي في مثل هذه الحالة، تسعى تل أبيب لجذب الأصدقاء في أفريقيا إلى التصويت لصالحها في الأمم المتحدة، حيث يواجه صعوبات جمة ويريد الكيان الاسرائيلي تبرير جرائمه ضد الفلسطينيين، فيدرك هذا الكيان أن البلدان الأفريقية تحتاج إلى تقنيات لكي تتحرك الآن في القارة مع وعود لحل أزمة المياه، والزراعة، والأمن، والرعاية الصحية في القارة وتحديات تكنولوجيا المعلومات.
الكيان الإسرائيلي يقديم الإنترنت مجانا وهو لايمتلك المؤهلات الكافية
من المفارقات الافتة للنظر هي أن الكيان الإسرائيلي يسعى لتقديم خدمة الإنترنت المجانية في أفريقيا في حين كشفت دراسات مؤخرا عن خطط لفرض رقابة على منصات وسائل الإعلام الاجتماعية في جميع أنحاء العالم للإنترنت وسطة تحالف دولي لمواجهة الانتقادات التي قد يتعرض لها الكيان الغاشم، ففي شهر يناير من هذا العام، دعا جلعاد إردان وزير الأمن العام في الكيان الإسرائيلي لـ “تطوير التشريعات بالتعاون مع الدول الأوروبية،” والتي اعتبر معظمها “مهتما جدا في هذه الفكرة، وقال المتحدث باسم وزير التشريع في الكيان الشركات التي لا توافق سوف تجد نفسها في المحكمة وستدفع غرامة” .
وفي منتصف هذا العام، حذفت الفيسبوك وتويتر الآلاف من الوظائف، والصفحات والحسابات في استجابة لمطالب من الكيان الإسرائيلي، حيث قال ايليت شاكيد وزير العدل في الكيان الاسرائيلي”لقد نجحنا في تحقيق أهدافنا حيث أن حوالي 70 في المائة من مطالبنا [بحذف محتوى في الفيسبوك وتويتر] تم الوفاء بها”.
ولذلك، فإن الكيان الإسرائيلي، بل وادارة الفيسبوك هم اقل المؤهلين لتقديم الحرية في الإنترنت إلى البلدان الأفريقية حيث أنهم يحرمون الفلسطينيين وغيرهم، الحق في النضال من أجل تحرير فلسطين من خلال وسائل الاعلام الاجتماعية، فالكيان الإسرائيلي يسيء استخدام شركاته التكنولوجية الفائقة لنشر مخالبه باستخدام القوة الناعمة ومتابعة التوسع وسياسات الاستبداد لتحقيق الذي كان غير قادر على تحقيقه من خلال استخدام القوة العسكرية، فالكيان الاسرائيلي وعلى مدى عقود قد اتبع سياسة التجميل من نفسه للقادة الأفارقة، والآن قد وضعت نصب أعينه السيطرة على الجماهير من خلال هذا الطعم “إنترنت المجاني”.
وفي رد فعل على خطة الكيان الإسرائيلي لتقديم الإنترنت المجاني إلى أفريقيا وآسيا، قال علي جنتي وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي في الجمهورية الاسلامية الإيرانية: “من الغريب أن النظام الغاصب للاراضي الفلسطينية، والذي هو أيضا نظام ارهابي يمكن أن يرغب دول أيضا.” في اشارة لإطلاق القمر الصناعي الإسرائيلي الذي يهدف لتقديم الانترنت المجاني إلى البلدان أفريقيا، وأشار إلى أن” اليوم تقنية المعلومات، والهيمنة على وسائل الاعلام الاجتماعية ووسائل الإعلام الرئيسية من قبل الأعداء الذين يستخدمونها الان كأسلحة، فقد تم بناء الصاروخ الفاشل التي قام الكيان الإسرائيلي باطلاقه وتمويله من قبل عصابات خاصة في الولايات المتحدة التي لديها دعم كبير من تل أبيب.
وفي النهاية يجب على الدول الأفريقية فهم آلام الاستعمار والفصل العنصري، وبالتأكيد سوف لن ترغب أبدا في العودة إلى تلك الحقبة المظلمة، ومع ذلك، الاستعمار الرقمي يشكل الآن تحدياً جديداً للقارة، ويجب الدعوة إلى اليقظة وفهم هذه الظاهرة وأهمية التصدي لها.
المصدر: الوقت التحليلي