ثرواتُ اليمن السيادية في دائرة الأطماع الأمريكية السعوديّة

||صحافة||

عائداتُ النفط والغاز التي نهبها العدوانُ وأدواتُه كافيةٌ لتغطية مرتبات الموظفين ونفقات مؤسّسات الدولة لأكثرَ من عشر سنوات

ما تم نهبُه منذ بداية العدوان كفيلٌ بتمويل البرامج الاستثمارية في الجانب الزراعي والصناعي واستكمال البنية التحتية وقيام نهضة اقتصادية

مشروعُ الأطماع الأمريكية السعوديّة الإماراتية على اليمن وثرواته كبيرٌ وقديمٌ وما زالت الخطط والمؤامرات لتدمير الاقتصاد اليمني مُستمرّةً حتى يومنا

العدوانُ تديرُه دولُ الطغيان لأجلِ الاستحواذ على الثروات السيادية والسيطرة على الموانئ والجزر والمنافذ البحرية في مضيق باب المندب وخطوط الأنابيب وغيرها

تنبأ الشهيد القائد قبل نحو 20 عاماً بالأعمال الاستعمارية التي تمارسها دولُ العدوان بقيادة أمريكا والنظامين السعوديّ والإماراتي

إحصائياتٌ عالمية تقول إن بابَ المندب أكثرُ الممرات استيعاباً للسفن التجارية وناقلات النفط

يستحوذُ باب المندب على 7 % من الملاحة العالمية ونحو 13 % من إنتاج النفط العالمي و10 % من تجارة الغاز الطبيعي المسال و21 ألف سفينة وناقلة تمر في الاتّجاهين وتعبُرُ منه حوالي 12 مليون حاوية سنوياً

بالتوازي مع التركيز على الحقول النفطية اليمنية تسعى أمريكا للسيطرة على المناطق الاستراتيجية بغرض استكمال مشروعها الاستعماري الطامع

ما توضحُه التقاريرُ والإحصائياتُ الاقتصادية التقديرية حجم النهب الكبير والمهول من كميات النفط والغاز الطبيعي اليمني منذ بداية العدوان التي يتم تحميلها ونهبها عبر سفن النقل العملاقة والتي تقدر قيمتها الأولية بأكثر من خمسة تريليونات وستماِئة وخمسين مليار ريال يمني، وهذه المبالغ كافية لتغطية مرتبات الموظفين ونفقات مؤسّسات الدولة لأكثر من عشر سنوات، وَأَيْـضاً كفيلة بتمويل البرامج الاستثمارية في الجانب الزراعي والصناعي واستكمال البُنية التحتية وقيام نهضة اقتصادية تعمل على تحقيق الاستقرار والتنمية الاقتصادية في اليمن وجعلها في مصافي الدول المتقدمة.

هذه الإحصائيات فقط ما تم الإعلان عنها وما خفي كان أعظم، وهي في الحقيقة تفوق ذلك بأضعاف، وما هو المعتاد من دول العدوان ومن خلفها أمريكا يتم نهب النفط عبر سفن ناقلات عملاقة تورد قيمتها للبنك الأهلي في الرياض والتي كان آخرها سفينة النقل العملاقة التي كانت محملة بنفط خام بما قيمتُه أكثر من ربع مليار دولار وهذه السفينة لم تكن الأولى، حَيثُ سبقها المئات ولن تكون الأخيرة وكلها تصُبُّ في مسار صفقات النهب الممنهج لثروات ومدخرات الشعب اليمني من النفط والغاز وفي إطار دائرة الأطماع الأمريكية السعوديّة على ثروات اليمن.

 

أطماعٌ قديمة متجددة ومُستمرّة

مشروع الأطماع الأمريكية السعوديّة الإماراتية على اليمن وثرواته الطبيعية كبير وقديم وما زالت الخطط والمؤامرات لتدمير الاقتصاد اليمني ونهب ثرواته ومدخراته السيادية من النفط والغاز مُستمرّة حتى يومنا هذا، وما رافق ذلك المشروع الخبيث السابق والحديث من الأطماع الأمريكية وأذنابه في المنطقة في الاحتلال والاستيلاء على اليمن وثرواته الاقتصادية بالتوازي مع إحياء مشاريع التجزئة وانتشار الأعمال الإرهابية من اغتيالات وتفجيرات والسيطرة على سيادة واستقلال اليمن والتحكم بقرارها السياسي.

وما يؤيد ذلك هو ما حدث من تعزيز التعاون بين التحالف الأمريكي الإسرائيلي ودول العدوان على اليمن وانتقل هذا التعاون من السر إلى العلن ومما لا شك فيه فقد أسقط العدوان على اليمن كافة الأقنعة التي كان يتوارى خلفها الكثير من الدول والأنظمة العالمية التي تدعي نشر الأمن والسلام وباتت مؤامرات أمريكا والسعوديّة والإمارات على اليمن وعدد من الدول العربية وارتباطها المباشر مع الصهاينة تتجلى وضوحاً وباستمرار، فمنذ بداية هذا العدوان تسعى هذه الدول إلى فرض سيطرتها على اليمن نظراً لما تمتلكه من ثروات هائلة وما تحتله من موقع جغرافي واستراتيجي متميز ومكانه هامة إقليمياً وعالميًّا يؤكّـد ما يحصل حول حقيقة الأطماع الاستعمارية التي تنفذ عبر الأنظمة الخليجية الرخيصة التي تقوم بدور الوكيل لتنفيذ الأجندات والسياسات الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة العربية ومن بينها اليمن.

وفي هذا الإطار فَـإنَّ العدوان على اليمن تديره دول الطغيان والاستكبار العالمي وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل؛ مِن أجلِ الاستحواذ على ثروات اليمن السيادية من النفط والغاز وكذلك السيطرة على الموانئ والجزر والمنافذ البحرية في مضيق باب المندب وخطوط الأنابيب وغيرها من الثروات التي لم يتم اكتشافها بعد، حَيثُ كشفت بعض تقارير الاستخبارات الروسية عن احتياطي النفط في اليمن بأنه يفوق احتياطي النفط في دول الخليج كاملة وفي هذا الإطار تكمن الأهداف للأطماع الأمريكية والإسرائيلية التي تسعى عبر أدواتهما في المنطقة للتحكم بها والسيطرة عليها.

 

الأطماع الأمريكية في مجهر القائدين

وفي هذا السياق ووفقاً للمعطيات والأحداث التي وقعت فقد كان الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- يرى بنور القرآن ما لا يدركه قاصروا النظر فقد حذر في حينه من التقصير والتجاهل تجاه التواجد الأمريكي في اليمن وأطماعه في الاستحواذ والسيطرة على ثرواته، حَيثُ شخص مبكراً خطر أمريكا على الأُمَّــة العربية والإسلامية وقد تحدث الشهيد القائد بشكل حاسم أن أعداء اليمن والذين يضمرون الشر لهذا البلد وشعبه عبر مخطّطاتهم التآمرية لاحتلاله والسيطرة على ثرواته هم الأمريكيون.

وبالحديث عن الأطماع الأمريكية على الثروات الاقتصادية في اليمن أكّـد قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- أن أمريكا سعت بكل الطرق والوسائل لتدمير الاقتصاد الوطني والسيطرة على ثروات اليمن النفطية والغازية واعتماد النظام الرأسمالي والقروض الربوية لليمن حَيثُ كانت أمريكا وأذنابها خلال الفترات السابقة السبب الرئيسي خلف تعرض الاقتصاد اليمني لانتكاسةٍ حقيقيةٍ على مختلف المستويات؛ نتيجةَ اعتماد البنك الدولي سياسةً تدميريةً لتنفيذ مخطّط أمريكي وتطرق إلى العوامل والسياسات وطبيعة الاستهداف لمقدرات اليمن الاقتصادية والمعضلات الرئيسية للوضع الاقتصادي في ظل الارتهان لسياسة تدميرية رسمتها أمريكا، حَيثُ تسببت تلك السياسة من حجم المشكلة الاقتصادية وتوسعت دائرة الفقر ولم يحقّق الاقتصاد اليمني أي تقدم، وَأَيْـضاً أكّـد السيد القائد -حفظه الله- سعي أمريكا ومن معها من المتحالفين إلى السيطرة على الثروات النفطية والغازية مما أفقد الشعب الاستفادة منها وأفقدها أثرها الاقتصادي.

 

الدول الطامعة.. دخول من باب المندب

وما يجعل اليمن محطة لأطماع أمريكيا وإسرائيل منذ عقود ما يمثله مضيق باب المندب والذي يعد من أهم الممرات المائية في العالم؛ نظراً لما له من أهميّة استراتيجية وعسكرية وأمنية ووفقاً لإحصاءات عالمية يعد باب المندب أكثر ممر تسير فيه السفن التجارية وناقلات النفط، حَيثُ يستحوذ على 7 % من الملاحة العالمية ونحو 13 % من إنتاج النفط العالمي و10 % من تجارة الغاز الطبيعي المسال و21 ألف سفينة وناقلة تمر في الاتّجاهين، وتعبر منه حوالي 12 مليون حاوية سنوياً، هذا بالإضافة لكونه بوابة عبور السفن عبر قناة السويس وتلك التي تمر إلى أُورُوبا والدول التي تطل على البحر الأبيض المتوسط.

ووفقاً لتقرير عملية مسح جيولوجي أمريكي عام 2002م فَـإنَّ النفط غير المنقب في منطقة باب المندب لوحدها يفوقُ 3 مليارات برميل وهذا ما يؤكّـد بما لا يدع مجالاً للشك أن الحرب على اليمن هي حرب للاستيلاء على ثروات اليمن من النفط والغاز.

وفي هذا الإطار فَـإنَّ الأبعاد السياسية والاستراتيجية من السيطرة الأمريكية وأذنابها السعوديّة والإمارات على الثروات السيادية والاستحواذ على أبار النفط والغاز في محافظات مأرب وحضرموت وشبوه تأتي منها أهميّة المحافظات الثلاث كموقع استراتيجي مهم في مناطق النفط والغاز فهي تحتوي على احتياطي كبير منها يُعد مطمعاً للاحتلال الأمريكي وأذنابه، وتمثل أهميتُها الحالية في كونها مورداً مالياً لدول العدوان الأمريكي السعوديّ ومرتزِقتهم لتمويل عملياتهم العسكرية وما يوجد في شبوة أَيْـضاً من أكبر مشروع اقتصادي في اليمن وهو ميناء بلحاف والذي يمثل أهميّة استراتيجية واقتصادية ويضم أكبر مرفق لتصدير الغاز الطبيعي المسال على ساحل بحر العرب.

 

الزياراتُ الأمريكيةُ تفضحُ الأطماع

وفي ذات السياق كشفت الزيارة الأخيرة للمبعوث الأمريكي والقائم بأعمال السفارة الأمريكية في اليمن إلى محافظتي شبوة وحضرموت الواقعة تحت الاحتلال عدة أهداف سياسية واقتصادية منها إعادةُ تشغيل منشأة بلحاف المتوقفة منذ سبع سنوات لتغطية احتياج دول أُورُوبا؛ نتيجة العجز الحاصل جراء حرب روسيا على أوكرانيا، ومما لا شك فيه فَـإنَّ مشروع الغاز المسال في بلحاف يعد أضخم مشاريع اليمن الاقتصادية، إذ يكلف أكثر من 4 مليارات دولار وبطاقة إنتاجية نحو 6.9 ملايين طن سنوياً، حَيثُ بدأ اليمن في إنتاج وتصدير الغاز المسال عام 2009م.

وكذلك إعادة إنتاج وتصدير النفط الخام من المسيلة في محافظة حضرموت لزيادة حجم الإنتاج والتصدير فيهما وذلك يعود نتيجة الوضع السياسي الحاصل في الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا وما لها من تداعيات في أزمة الغاز والنفط وفي إطار المساعي الأمريكية لإيجاد منافذ مختلفة لتصدير النفط والغاز المسال عالميًّا، وخلال الشهور الماضية أجرت شركة توتال الفرنسية وشركائها الأمريكيين عدة لقاءات في سبيل إعادة إنتاج وتصدير الغاز في منشآت بلحاف الذي يوجد فيها احتياطي كبير يقدر بأكثر من 10 ترليونات قدم مكعب من الغاز الطبيعي المسال ويأتي ذلك عبر عقد اتّفاقيات مشبوهة مع شركت توتال ومرتزِقة العدوان وتتضمن هذه الاتّفاقيات البيع على السعر القديم وهو 3 دولارات فقط لكل مليون وحدة حرارية بينما يتجاوز السعر الجديد أكثر من 40 دولاراً، وتعتبر هذه الاتّفاقيات صفقةً مشبوهةً بكل المقاييس وتُعتبَرُ سرقةً ونهباً للثروة السيادية اليمنية، هذا مع أنه كان يمكن لمشروع الغاز في اليمن أن يكون نموذجاً اقتصاديًّا رائعاً للنجاح والعبور بالاقتصاد اليمني نحو آفاق عظيمة ويعود بالفائدة الكبيرة لأبناء الشعب اليمني، وهذا يأتي اقتصاديًّا في إطار تحقيق الأطماع الأمريكية على ثروات اليمن الاقتصادية من النفط والغاز والتي كانت ضمن أجندتها ومخطّطاتها التآمرية في شن العدوان على اليمن.

وتبلغ كمية احتياطي الغاز المؤكّـدة في قطاع 18 بمحافظة مأرب والمخصصة لمشروع الغاز الذي تقوده شركة “توتال” 9.15 تريليون قدم مربعة كما يوجد احتياطي آخر يقدر بنحو 700 بليون قدم مكعبة، مع العلم أن توتال كانت ملزمة برفد خزينة الدولة اليمنية بمبلغ 500 مليون دولار سنوياً ولم تستطِعْ توريد ما تم الاتّفاقُ عليه وفي وقت يقول خبراءُ محليون: إن المبالغ التي حصلت عليها توتال خلال فترة عملها تزيد عن 25 مليار دولار، وهذا التفاوت الكبير ناتج عن عمليات فساد كبيرة في السعر المحلي والبيع خارجياً أَدَّت إلى فقدان اليمن عشرات المليارات من الدولارات وما زالت عمليات النهب والسلب للنفط والغاز اليمني مُستمرّة حتى يومنا هذا وبغطاء أمريكي سعوديّ إماراتي في إطار العدوان على اليمن والشعب يعاني من انعدام الغاز والمشتقات النفطية وبيعه له بأسعار كبيرة.

 

أدوات خفية تظهرها الأطماع

ومما لا يدع مجالاً للشك أن أمريكا تسعى لتنفيذ مخطّطاتها التآمرية، فمن ناحية تحتل وتنهب ثروات الدول وتسيطر عليها وتخلق الأزمات السياسية والاقتصادية والإنسانية عبر أدواتها من عملائها وأذنابها في المنطقة، ومن ناحية أُخرى تدّعي الإنسانية وتقديم يد العون والمساعدة لتلك الدول عبر إرسال المساعدات الوهمية الكاذبة والمخادعة والمنتهية الصلاحية بواسطة منظماتها غير الإنسانية، وتدّعي أنها راعية للأمن والسلام العالمي وهي بالأَسَاس من يستغل إمْكَانيات وخيرات هذه الدول وتعيش وتنهض على استغلال ثرواتها الاقتصادية وتسعى لتدمير وتجويع الشعوب وشغلهم بالمنازعات والصراعات والحروب.

بينما تسعى من جوانبَ أُخرى لنهب ثروات الشعب اليمني من النفط والغاز والاستيلاء عليها وفي نفس الوقت يعيش في أزمة اقتصادية كبيرة نتيجة صعوبة الحصول على أبسط الأشياء وتتمثل في الحصول على الغاز المنزلي والمحروقات النفطية التي أصبحت متطلباتٍ أَسَاسيةً وضروريةً في عصرنا الحديث، فهل تعقلُ شعوبُ دول العالم ذلك الوضع وهل يعقل العملاء ومرتزِقة العدوان أنهم كانوا سبباً في الاحتلال على بلادهم والتسبُّب لشعوبهم بمعاناة إنسانية واجتماعية واقتصادية فاقت التصورات؟!

 

صحيفة المسيرة: د. يحيى علي السقاف

 

قد يعجبك ايضا