لا قُبولَ بجغرافيا ناقصة.. صنعاء تثبت مداميك السيادة

||صحافة||

عمد العدوانُ الأمريكي السعوديّ خلالَ أكثرَ من سبع سنوات مضت على قَضْمِ عددٍ من الأراضي اليمنية، أَو بالأصح احتلالها وإخضاعها تحت هيمنتِه في الشمال والجنوب والشرق، محاولاً تحقيقَ جُملةٍ من الأهداف التي وضعها مع أول طلقة في العدوان 26 مارس 2015.

ومع أن العدوانَ رفع جُملةً من الأهداف وعلى رأسها “إعادة شرعية الفارّ عبد ربه منصور هادي”، و”مواجهة النفوذ الإيراني في اليمن”، إلا أنها أكاذيب برهنت الأيّام عدم مصداقيتها، فقد اتضح المخطّط الحقيقي للعدوان، والمتمثل في التحكم بمضيق باب المندب أولاً، ونهب ثروات وخيرات اليمن ثانياً، وجعل الجغرافيا اليمنية تحت سيطرته وتحكمه، ومحاربة ثورة 21 سبتمبر 2014 التي جاءت لتعيد الأمور إلى نصابها، وتنتصر للسيادة اليمنية.

ويدرك الكثيرُ من المتابعين للمِلَفِّ اليمني بشكل جيد أن ما يحدث من عدوان وقصف وغارات هستيرية هو احتلال واضح وعلني لليمن، وأن المرتزِقة أنفسهم وفي كثير من الأحيان يعترفون أن الذي يحصل هو احتلال، وأنهم في حالة لا قرار لهم فيها، وواقع لا سيطرة لهم عليه، وإنما ينفذون ما يؤمرون به، وقد حصلت هذه الاعترافات من شخصيات كثيرة منهم، ممن هم باسم وزراء، وممن هم باسم قادة عسكريين، وممن هم بأسماء وعناوينَ كثيرة، كما يؤكّـد ذلك قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- في خطابه بمناسبة الذكرى السنوية السادسة للصمود.

ويزيد قائد الثورة قائلاً: “وضع المناطق المحتلّة، والمحافظات المحتلّة وضع شاهد على أنَّ الحالة هي حالة عدوان واحتلال خارجي، وأنَّ الذين تورطوا في الخيانة من أبناء هذا البلد، إنما هم في موقع الخيانة والاستسلام والتبعية للمعتدي الخارجي، الذي هو السعوديّ كمنفذ، والإماراتي كمنفذ، تحت إشرافٍ أمريكي، وبدورٍ إسرائيلي وبريطاني، هذه مسألة واضحة جِـدًّا يعترفون بها، وشواهدها قائمة في الساحة”.

ويوضح السيد عبد الملك جملة من الحقائق، مؤكّـداً أن ما يحدث هو احتلال وانتهاك للسيادة اليمنية، فمحافظة مأرب الواقعة تحت سيطرة المرتزِقة يديرها ضابط سعوديّ، وكذلك الحال في عدن، وبقية المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلّة، وفيما يتعلق أَيْـضاً بكل المنشآت الأَسَاسية والحيوية والسيادية في المحافظات المحتلّة يسيطر عليها الأجنبي (السعوديّ، أَو الإماراتي) بشكل مباشر: المطارات، الموانئ، القواعد العسكرية، المراكز المهمة والحيوية، المنشآت النفطية -كثيرٌ منها- تحت سيطرتهم المباشرة، وتحت أعينهم ورقابتهم، أموالها، عائدتها كذلك، كثيرٌ منها يُجبَى إلى بنوك سعوديّة، أَو بنوك إماراتية، ويتم حجزه، ولا يتم التصرف فيه إلا وفق أوامر سعوديّة، ما عدا القليل، الذي ينهبه أُولئك الخونة.

 

صنعاء استثناء

وإذا كان المرتزِقة قد ارتضوا الذهابَ بالبلاد نحو الهاوية، واسترخاصَ الأرض، فَـإنَّ صنعاء لن تقبل إلا بخيار النصر والحرية والاستقلال، وهذا ما يؤكّـده جميع المسؤولين السياسيين والعسكريين وغيرهم بالعاصمة.

أحدث هذه التصريحات ما أكّـده رئيس حكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء، الدكتور عبد العزيز بن حبتور، أن “اليمن يمتلك الكلمة الفصل في بوابة مضيق باب المندب، ولن يسمح بتحويل البحر الأحمر إلى بحيرة إسرائيلية”، مؤكّـداً أن “باب المندب ممر دولي لكنه جزء من الأراضي اليمنية”.

وجاء هذا التصريح في وقت يعتقد فيه العدوان والمرتزِقة أن احتلالهم لمدينة عدن، سيمكنهم من التحكم بالجزر والموانئ اليمنية إلى أمد بعيد، غير مستوعبين أن الإرادَة القوية للشعب اليمني لا تقبل بالاحتلال، ولا بالجغرافيا الناقصة، وأن السيادة ستشمل كُـلّ المناطق اليمنية، سواء في البر أَو البحر، طال الزمن أم قَصُرَ.

ويؤمن اليمنيون أن تطاول الأعداء واحتلالهم للجزر اليمنية، والموانئ، ومنابع النفط والغاز، لن يكون سوى فاصل زمني قصير، وأن وقائع التاريخ تثبت بأن الغزاة إلى زوال، وأن اللعنات ستطارد المرتزِقة أينما وُجدوا.

وإلى جانب الرسالة السياسية التي يبعثها رئيسُ الوزراء، بن حبتور، يرسل وزير الدفاع اللواء محمد ناصر العاطفي عدداً من الرسائل العسكرية التي تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن القوات المسلحة اليمنية تمضي بكل عزيمة لتطهير اليمن من دنس الغزاة والمحتلّين، سواء عاجلاً أم آجلاً، وأنها لن تساوم في هذه المسألة على الإطلاق؛ ولذا نجده يؤكّـد خلال زيارته لجبهات محور المرازيق بمحافظة الجوف المحاذية للمملكة السعوديّة بتاريخ 25 يوليو 2022 أن القوات المسلحة اليمنية تمتلك اليوم أكثر من أي وقت مضى كُـلّ عوامل القوة التسليحية الاستراتيجية الرادعة، وهي تمضي في سباق مع الزمن لمواجهة كُـلّ التحديات والمخاطر، وهي تصريحات لا تأتي لمُجَـرّد الاستهلاك الإعلامي، وإنما هي حقائق وواقع يفهمه العدوان جيِّدًا.

وخلال الزيارة أَيْـضاً، يقول اللواء العاطفي بلغة تحذير: “إذا ظل الأعداء يسيرون في هذا الطريق مجهول النهاية، فسيكونون هم المهزومين وسيذهبون حتماً إلى مزبلة التاريخ”، مخاطباً المرابطين في جبهات العلم وحويشان والنضود والشهلاء والدحيضة قائلاً: “أنتم الأبطال الميامين بمرابطتكم في هذه المواقع العسكرية إنما تؤكّـدون أن الجغرافيا اليمنية حرة وعصية على الأطماع والاحتلال، وأن كُـلّ ذرة رمل من هذه الأرض هي أمانة في أعناقنا كقواتٍ مسلحة ومجاهدين، وأن أيةَ أيادٍ تمتد إليها سوف تُقطَع”.

وتكمُنُ أهميّةُ هذا التصريح من موقع محافظة الجوف ذاتها، والتي كانت خلال عشرات السنين وفي ظل الأنظمة السابقة تحت الهيمنة السعوديّة، ولا سيما المناطق التي تتركز فيها منابع النفط وَالغاز، كاليتمة، المحاذية لمدينة نجران، وهو ما يعني أن اليمنَ الذي واجه العدوان خلال السبع السنوات الماضية يمضي بثباتٍ في تثبيت مداميك السيادة، والحفاظ على الجغرافيا التي مزّقها العدوان في الشمال والجنوب والشرق؛ لهثاً وراء الثروات المخزونة في باطن الأرض اليمنية؛ ولذا يأتي هنا التركيز لوزير الدفاع حينما قال: “الذي أعاد الجوف إلى الجغرافيا اليمنية قادر على استعادة جميع أراضي الجهورية اليمنية، وأنه لا قبول ولا نقاش حول سلامة السيادة الوطنية على كُـلّ الجغرافيا دون انتقاص”.

ومن منطلقاتِ هذه القوة، والإيمَـان الكبير للقيادة الثورية والسياسية والعسكرية اليمنية بالمسار الخاطئ للعدوان، سيستعيدُ الوطنُ عافيتَه، وستعودُ الأرضُ لأصحابها، وسيُهزَمُ الجمعُ ويولّون الدُّبُر.

 

صحيفة المسيرة

قد يعجبك ايضا