ثورة الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء.. الوقودُ لكل الثورات

||صحافة||

لم يخرُجِ الإمَـام الحُسَين -عليه السلام- إلى كربلاء أَشِرًا ولا بَطِرًا إنما خرج للإصلاح في أُمَّـة رسول الله الذي تركها على المَحَجَّـة البيضاء.

ولم يستمر الأمر طويلاً على وفاة الرسول الأعظم حتى تولى أمر الأُمَّــة أُولئك الناقمون على الإسلام ونبيه وآل بيته، فعاثوا بالأمة الفساد وحرّفوا منهجية الإسلام السمحة بما يتماشى مع أهوائهم الشيطانية فاتخذوا دِينَ الله دغلاً وعباده خولاً ومالَه دولاً وتوشّح الظلمُ والفجور وجهَ الأُمَّــة التي ذلت للطغاة ولم تتجرأ على الوقوف بوجه الظالمين.

وإزاء هذا الواقع لم يكن الإمَـام الحُسَين ليصمت حيال ذلك، إنما أعلنها ثورةً ضد الظلم وأربابه، فخرج غِيرةً على دين جده وأمته، رافضاً الذل والهوان، فكانت ثورة الحر الشجاع شعاره فيها (ألا وَإِنَّ الدعيَّ ابنَ الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهاتَ منا الذلة)، فرسم بذلك منهجية لكل المظلومين وأشعلها ثورةً كانت وقوداً لكل الثورات من بعده وعليها سار اليمنيون الذين جسّدوها خيرَ تجسيد بكاملِ أهدافها وشعارتها ضد طغاة العصر فكانت اليمن هي كربلاء هذا العصر، وكما انتصر الدم على السيف في الطف سينتصر الدم اليمني على كُـلّ قوى الاستكبار العالمي وعلى رأسهم من هم محسوبون على الإسلام والأمة المحمدية يزيديو عصرنا هذا.

 

دوافعُ الخروج

وتقول الناشطةُ غادة حيدر: إن الأُمَّــة الإسلامية أحوج ما تكون في هذا العصر إلى الوعي والبصيرة والنور، فما ضربها ولا أضر بها شيء مثل انعدام الوعي والبصيرة وظلام التضليل، فإذا أرادت الأُمَّــة اليوم تغيير واقعها وتصحيح وضعها فذلك بلا شك مرتبط بعودتها الجادة الواعية إلى مبادئ وقيم وأخلاق هذه الرسالة وإلى الرسول وآل بيتة الطاهرين كعلي والحسن والحسين وزيد -صلوات الله وسلامة عليهم أجمعين-، مشيرة إلى أننا اليوم وَفي ذكرى عاشوراء هذه الذكرى التعبوية التربوية الجهادية نستلهم من الحسين في ثورته وحركته الكثيرَ من الدروس والعبر والأسباب والدوافع لهذه الثورة العظيمة والتضحية المباركة من خلال أنها صحّحت المفاهيم لدى الأُمَّــة الإسلامية، بأن لا شرعية لظالم أَو فاسق، ونشرت الوعي وبيّنت القضية الحق بأن الموتَ سعادةٌ وما الحياة مع الظالمين إلا برماً، وبينت أن الإسلام لا يقبل الهزيمة ولا الاستسلام والضعف أمام مبايعة الظالمين وتوليهم والانقياد لتوجيهاتهم.

وتزيد حيدر أن الحسين -سلام الله عليه- اعتبر هذا إن حصل فَإنَّما هو؛ بسَببِ ضعف الإيمَـان وقد كان يحرض ويشحذ همم أصحابه بمقولته الشهيرة (والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد)، موضحة في سياق حديثها أن الإمَـام الحُسَين خرج مبرّرا للمسلمين وللأُمَّـة جمعاء من بعده سبب خروجه وإن دل على شيء فَإنَّما يدل على مدى الضلال والانحراف الذي قد وصلت إليه أُمَّـة محمد بعد ٥٣ عاماً من وفاته -صلوات الله عليهم أجمعين- حتى يخرج مبرّرا لهم سبب خروجه وهو الحسين سبط النبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- ابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين بنت خاتم الأنبياء وَابن علي المرتضى أخو وخليفة ووصي وباب مدينة علم رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين.. سيد شباب وشهداء أهل الجنة قائلاً لهم: (واللهِ ما خرجتُ لا أشراً ولا بطراً ولا متكبِّراً ولا ظالماً ولا مفسداً، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أُمَّـة جدي أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن منكر).

وتؤكّـد غادة حيدر أن مقتلَ الحسين مثّل مظلومية وفاجعة كبرى؛ تضحيةً في سبيل تحقيق القضية العادلة للبشرية فكان ثمنها هذا القربان الحسين وآل بيته الأطهار، حَيثُ إنه أدرك أن الحياة لا تساوي شِراكَ نعله وأن الدين مواقف وتضحيات وليس مُجَـرّد أقوال فحقّقت هذه التضحية النتائج العظيمة التي هزت الضمائرَ الميتة في نفوس أبناء الأُمَّــة وأحيتها وصنعت الوعي ورسمت الموقفَ الحقَّ، وحدّدت المسار الصحيح لكل أجيال الأُمَّــة، وحفظت لنا الإسلام وَمنهجه الحق، وكشفت الزيف والضلال، وبالتالي قدمت النموذجَ الحقَّ في التفاني والصمود والثبات في مواجهة الظالمين والمستكبرين والطغاة فانتصر الدم على السيف وبقيت العترة الطاهرة هي الأمان والنموذج الحق في التفاني والصمود والثبات في مواجهة الظالمين والمستكبرين فغدا الكثير من أبناء الأُمَّــة الإسلامية حسينيين فدائيين قولاً وعملاً.

وتلفت غادة حيدر في ختام حديثها إلى وجه الارتباط بين كربلاء الحسين وكربلاء اليمن، موضحة أن ما نراه ونلمسه من بشاعة العدوان الأمريكي الإسرائيلي السعوديّ الإماراتي إلا خير شاهد ودليل على نفس المظلومية، فالجلاد واحد والفريسة مجدّدًا واحدة وكلٌّ يمثل في واقعه نفس الخط والامتداد، فالعدوان اليوم امتدادٌ لبني أمية في تسلطهم وغطرستهم وبشاعة وفداحة جرمهم ضد أبناء الشعب اليمني والضحية نفسها هم آل بيت رسول الله وأشياعهم وأنصارهم ولكن هيهات منا الذلة، ونحن نتطلع إلى هذه القيادة القرآنية الربانية من العترة الطاهرة في سبط النبي محمد –صلوات الله عليهم أجمعين المتمثلة بالسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- فنزداد فخرا وعزا وشجاعة وقوة وإيمَـانا وثقة مطلقة بالنصر والفتح المبين ونزداد صلابة وتماسكا وصمودا وثباتا في مواجهة الطغاة والمستكبرين حتى تحرير المقدسات الإسلامية من يد الطغاة والمستكبرين وما ذلك على الله ببعيد.

 

انحرافُ الأُمَّــة وتحريفُ الدين

بدورها، تقول الناشطة الثقافية منى الشامي: “فـي حين كانت الأُمَّــة حول الإمَـام الحُسَين تتسمى بالإسلام إلَّا أنها خذلت وفرّطت وقصّرت في نصرة الإمَـام الحُسَين، بل إن تلك الأُمَّــة سارعت لقتل الإمام مع معرفتها التامة بمن هو الإمَـام الحُسَين -عليه السلام-“.

وتضيف منى: “ومع أن الإمَـام الحُسَين لم يخرج في ثورته تلك طالباً دنيا أَو ملكاً إنما خرج وكما قال: (للإصلاح في أُمَّـة جدي رسول الله أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر)، بمعنى أنه أراد للأُمَّـة الصلاح بعد أن رأى الانحراف يستفحل بها وأصبح الظالمون يعيثون فيها الفساد، موضحة أن الإمَـام الحُسَين لم يكن ليسكت وهو يرى من نصبوا أنفسهم خلفاء للأُمَّـة يحرفون في منهجية الرسالة المحمدية ويتخذون دين الله دغلاً وعباده خولاً ومالَه دولاً ويتغنون بدولة الإسلام التي علاها الفجورُ وشربُ الخمور؛ لذلك كان خروجه لرفع الظلم عن المظلومين والتصحيح في منهجية الدين الذي أصبح معاوية يحرّف فيه بأحاديثَ مكذوبةٍ عن الرسول الكريم”.

وتبيِّنُ الشامي في سياق حديثها أن انحراف الأُمَّــة وخوفها جعلها تخذل سبط رسول الله وأن وحشية الظالمين جعلت منهم أشر الخلق فلم يرقبوا في الإمام ولا أهله ولا أصحابه أية حرمة..، حَيثُ طبقوا عليهم حصارا خانقا حتى يهلك فيه الرضيع والمرأة والشيخ دون رحمة، مؤكّـدة على أنهم خلعوا الدين وتجاوزوا كُـلّ المبادئ ليس فقط الإسلامية وإنما الإنسانية فقتلوا الرضع والأطفال والنساء وارتكبوا أبشع الجرائم في حق الإمام وأهله وأصحابه من قتل وتشويه وقطع للرؤوس المطهرة؛ انتقاماً من الإسلام وآل بيت رسول اللّه.

وتوضح منى الشامي في سياق حديثها أن فعلهم هذا كان ظناً منهم بأنهم سيمحون دولةَ الإسلام وذِكْرَ آل رسول اللّه لتبقى دولةُ بني أمية هي القائمة على الأُمَّــة، لكن ذلك لم يكن إلَّا تأسيسًا لثورة ضد الظالمين وهدم أركان دولتهم الهشة، وكما أكّـدت الشامي على أن الإمَـام الحُسَين بثورته تلك قد رسم منهجية لكل المظلومين يقتفون أثرها لصد طغيان المتكبرين عنهم، لافتة إلى ثورة اليمن التي سار شعبها على نفس الصراط الذي سار عليه الإمَـام الحُسَين في إحياء دين الله وإقامة العدل وإماتة البدع، سار الشعب اليمني في نفس النهج ونفس المبادئ وكما ارتكبت أبشع الجرائم في حق الإمَـام الحُسَين وآل بيته ارتكبت أَيْـضاً في اليمنيين وكما خُذل خُذل أَيْـضاً اليمنيون.

وتواصل الشامي: نرى العالم المسلم من عرب وغيرهم في وجوم وصمت حيال ما يحدث في اليمن، بل إن بعضهم سارعوا لإعانة المعتدي فكانوا هم اليد التي تضرب وتحاصر وتقتل وتدمّـر في ظل هيمنة أمريكية إسرائيلية، فقتلوا الرضع والأطفال والنساء وَالعجزة والمعاقين، لم يستثنوا أحداً، قتلوهم بأبشع الأسلحة المحرمة دوليًّا وارتكبوا إبادات جماعية وأطبقوا حصارا خانقا برا وبحرا وجوا على هذا الشعب حتى صار الجسد النحيل للصغار والكبار يحن للموت هربا من عذاب الجوع والحرمان ومن قبله النفاق والخذلان.

وتختم منى الشامي حديثها قائلة: “لكن ثورة الإمَـام الحُسَين علّمتنا معنى الإباء وكيف تنتصر الدماء، وبإذن الله كما انتصر الدم على السيف في كربلاء الطف سينتصر اليمن”.

 

استشعارُ المسؤولية

من جهتها، تؤكّـد هنادي محمد، وهي ناشطة إعلامية، أن أهل البيت “عليهم السلام” مسؤوليتهم تمثّلت بمختصر الحديث في حماية الأُمَّــة من الوقوع في الضلال لقوله صلوات الله عليه وآله: “أهلُ بيتي فيكم كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرقَ وهوى” وقوله: “إني تاركٌ فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي أبداً، كتابَ الله وعترتي أهلَ بيتي”، من هنا يمكن أن نلخّصَ بشفافية ووضوح أسبابَ ودوافعَ ثورة الإمَـام الحُسَين “ع” على لسانه حينما قال: “والله لم أخرج أشِرًا ولا بطرًا، إنما خرجتُ لنصرة أُمَّـة جدي رسول الله”، بمعنى أن مسؤوليته الإيمَـانية دفعته لنصرة الحق وإبطال الباطل الذي أراد أربابه آنذاك بأن يسود واقع الدولة الإسلامية بعد أن تمكّنوا من إحكام قبضتهم في السلطة والحكم فعاثوا في الأرض الفساد، ظلماً وطغياناً وتجبراً واستضعافاً لعباد الله، كُـلُّ ذلك باسم الدين.

وتضيف: “وقتَها استشعر الإمَـامُ الحُسَينُ “ع” خطورة المرحلة وتحَرّك باذلا نفسه وأهل بيته لصد المستكبرين وردعهم؛ جهاداً واستبسالاً وتضحيةً في سبيل الله، إعلاءً لكلمة الله ونصرة الدين والمستضعفين، حَيثُ لم يمتنع -عليه السلام- أَو يتخاذل ويتراجع حينما رأى جحافل الكفر بحشودهم وعتادهم، فأخلص لله جهاده وقتاله حتى ارتقى شهيدا طاهرا في أرض كربلاء وفُصل رأسه عن جسده الشّريف”.

وتذكر هنادي أنّ الأعداء لم يكتفوا بذلك، بل تجرأوا وتمادوا إلى التمثيل بجسده على الملأ؛ ظنًّا منهم أنهم بهذا الفعل سيمحون ذكره ويخمدون نيران ثورته فخابت ظنونهم السيئة وازدادت ثورته تسعّرًا واشتعلت في قلوب المؤمنين نار الثأر لدمه الطاهر ولو بعد حين، مؤكّـدةً أنه وفي الوقت الحالي أعاد التاريخُ نفسَه مع اختلاف مسميات الأدوات المنفّذة وتعدد مبرّرات الفعل، اليوم أبناءُ الشعب اليمني عاش كربلاءَ أُخرى منذ ثمانية أعوام مضت، عدوان همجي إجرامي استهدفه وأرضه ومقوماته.

ونوّهت هنادي في سياق حديثها إلى أن حلقات الارتباط هي ذاتها، فكما ضحّى الإمَـام الحُسَين -عليه السلام- كذلك الشعب اليمني يواصل دربه ونهجه بصموده وثباته في وجه أعتى ترسانة وأمكر تحالف تقوده قوى الاستكبار العالمي.

وتؤكّـد هنادي محمد في ختام حديثها أنه وكما حصد “عليه السلام” انتصارًا شخصيًّا بنيله شرف ووسام الشهادة في سبيل الله وانتصرت قضيته، على ذات الطريق تتابع قوافل من الشهداء، يتسابقون لمجاورة سبط رسول الله، لا يخشون في الله لومة لائم، ولا يهابون بني أمية العصر والزمان، وستنتهي مسيرتُنا بتحقيق النصر المؤزر بإذن المولى.

 

الحسينُ أَسَّسَ نهجاً للمظلومين

أمَّا الناشطة الإعلامية نوال أحمد فقد بدأت حديثها بالقول: “في كُـلّ عام يتجدد الحزن بقدوم شهر محرم الحرام الذي يأتي إلينا حاملاً معه الذكرى الحزينة والفاجعة الأليمة الحادثة العظيمة التي وقعت للإمَـام الحُسَين بن علي عليهما السلام”.

وتضيف: فهو -عليه وعلى آبائه السلام- وَبما يحمله من إرث تأريخي عن أبيه وجده رسولِ الله وبما يمتلكه من كمال في الإيمَـان وقوةٍ في الثبات، خرج مكمِّلاً المسارَ على الدرب الذي ابتدأه جده المصطفى وأبوه علي المرتضى من حملٍ للأمانة وأداءٍ للمسؤولية في نصرة دين الإسلام ورفع راية الحَــقّ وَتثبيت دعائم الإيمَـان وإقامة العدل والمساواة بين الناس، موضحة أن ثورةَ الحسين كانت ثورةً مِن أجلِ الإصلاح في واقع الأُمَّــة المنكوبة والتي كانت قد بدأت بالانحراف عن الدين؛ بسَببِ حكم الطواغيت وتسلطهم عليها في ذَلك العصر الأموي.. وعند خروجِه -عَلَيْهِ السَّـلَامُ- قال كلمته الشهيرة “واللهِ ما خرجتُ أَشِراً ولا بطراً وإنما خرجتُ للإصلاح في أُمَّـة جدي رسول الله”، مشيرة إلى أننا ونحن نحيي هذه الذكرى الأليمة نستذكرُ مواقفَه -عليه السلامُ- وَعطاءَه وبذله وتضحياته ووقوفه هو وأهل بيته في العراء عطشى ومحاصرين بين أيدي الظالمين، وأنه بعزمه وثباته وقوة إيمَـانه لم يتزحزح عن موقف الحَــقّ، بل أشهر سيفه في وجوه أعدائه عندما خيّروه بين الاستسلام أَو الحرب، فاختار النِّزالَ ومقاومة الأنذال ومحاربة الأشرار والتضحية؛ مِن أجلِ الحرية والكرامة ونُصرة دين الله ودين رسول الله محمد -صلواتُ الله وسلامه عليه وعلى آله- ومن أجل أن تبقى رايةُ الحَــقّ عاليةً خفّاقةً في عنان السماء.

وتؤكّـد نوال أننا اليوم ونحن نواجهُ طواغيتَ هذا العصر أمريكا وإسرائيل وأدواتهم ومواليهم أحفاد بني أمية بني سعود وعيال زايد وكل من تحالف معهم من المتجبرين من ارتصوا في صف الباطل وقاتلوا في لوائه تحتَ راية الملعونين من اليهود والذين أشركوا من دول الغرب الاستكبارية، إنما نحن تحتَ راية الحَــقّ في ظل قائدنا العلَم عَبدالملك بن بدر الدين الحوثي، من قاد ثورة مباركة ضد الظلم والظالمين والفساد والمفسدين، هذه الثورة التي هي امتداد لثورة جده الحسين -عليهما السلام-.

وتلفت نوال أحمد في سياق حديثها إلى أننا اليومَ نشاهدُ كربلاءَ أُخرى في اليمن ومظلومية مشابهة لمظلومية الحسين وأهل بيته وأصحابه؛ لأَنَّ هنا كانت ثورة الحَــقّ أمام الباطل ثورة تحرّر ورفض العبودية والاستسلام، قام أُولئك الظالمون الطواغيت المتجبرون بشن هذا العدوان الظالم وحاصروا شعب اليمن ومنعوا عنه الغذاء والدواء؛ لكي يخضعوه وَيحتلوا أرضه وينهبوا ثرواته وَيجعلوه شعباً مستعبَداً ذليلاً، مؤكّـدة أن اليمن قد عاشت كربلاءَ أُخرى وجسّدتها بكل تفاصيلها، حَيثُ إنهم قد جعلوا كُـلّ أيّامنا عاشوراءَ، وأضحت هذه الأرض كربلاءَ، عايشنا وكل أبناء شعبنا تلك المظلوميةَ بكل تفاصيلها، رأينا البيوتَ تهد على رؤوس ساكنيها ليُقتَلوا جياعاً نياماً، كما أُحرقت الخيامُ على نساء وبنات وأطفال الحسين، مما رأينا الطفلَ اليمني يُذبَح بقنابلهم الأمريكية كما ذُبِحَ عبدُالله الرضيعُ في كربلاء بسهام الغدر الأُموية.

وتزيد نوال: رأينا الطفلةَ اليمنيةَ اليتيمة تبكي بحُرقة، لفقد أبيها كما بكت رقيةُ -عليها السلام-، رأينا المجاهد الذي ذهب ليدافعَ عن أصحابه ورفقاء دربه ويفك عنهم الحصار لكن الأعداء غدروه وَقتلوه كما صنع بنو أمية مع العباس -عَلَيْهِ السَّـلَامُ-، رأينا المرأةَ اليمنية وهي تستقبل شهداءَها بكل إيمَـان وفخرٍ وصبر كما كانت زينب -عليها السلام-.

وتواصل: “هنا رأينا ونرى كربلاء، وهنا تجددت ثورة الإمَـام الحُسَين، وجُسِّدَ مشروعه ثورة وانطلاقة مبدأ وثقافة، فكرا ونهجا وبسالة، وَهنا الحسين تجسد في جيشنا ولجاننا الشعبيّة إيمَـانا وثباتا وصبرا، هنا نرى الإنجازات اليمانية، والضربات الحسينية.

وتختم نوال أحمد حديثها بالقول: “هنا ثورةُ الحسين لا زالت حيةً وتجسّد في الميدان واقعا وقضية، هنا تنتصر نسائم الحق اليمانية، على كُـلّ المخطّطات الأمريكية.. ستنتصر القضية على كُـلّ المؤامرات السعوديّة الأمريكية الإماراتية، هذا ما تعلمناه من مدرسة الحسين”.

 

كربلاءُ وقودُ كُـلّ الثورات

من جانبها، تقول الإعلامية وردة الرميمة: “إن ثورة الإمَـام الحُسَين عليه السلام جاءت في الوقت الذي بلغ الظلم منتهاه، وانتشر الفساد والبغي وازداد الطغاة تجبراً ضد أبناء الأُمَّــة الإسلامية آنذاك، على إثر تلك الأحداث كان لزاماً على الحسين السبط أن يتحَرَّكَ كما تحَرّك جَدُّه ليرفع الظلم عن كاهل الأُمَّــة الإسلامية التي صار يحكُمُها بنو أمية وتوشح ظلمهم وجبروتهم على كُـلّ القيم الدينية التي تركها النبي الكريم”.

وتوضح الرميمة أن الحسينَ السبط تحَرّك ببصيرة ووعي، مدركاً مدى خطورة السكوت عن الظالمين، قائلاً كلمته المشهورة (واللهِ ما خرجتُ أشرا ولا بطرا إنما خرجتُ للإصلاح في أُمَّـة جدي رسول الله)، وقد كان يزيد بن معاوية يُكن له الحقد والثأرَ ونزعةَ الانتقام لقتلى أشياخه ببدر. فلم تكن حادثةُ كربلاء إلا انتقام من محمد رسول الله ومن أهل بيت النبوة عليهم السلام، مشيرةً إلى وضع الأُمَّــة آنذاك قائلة: “والغريب في ذلك أن الأُمَّــةَ الإسلاميةَ آنذاك فقدت الوعيَ والبصيرة وخذلت الإمَـامَ الحُسَين، ووقفت مع الظالم يزيد فكانت المصيبة الكبرى أن خسرت الأُمَّــة خُسرانًا مبينًا، حَيثُ ذُبح الإمَـام الحُسَين وآلُ بيته الطاهرون وسُبيت نساؤه وأطفاله، كُـلُّ ذلك في دولة تنسب نفسَها زُوراً إلى الإسلام والمسلمين”.

وتؤكّـد الرميمة أن فعلَهم الشنيعَ هذا ظنوا أنهم به سيمحون ذكرَ آل رسول إلا أنهم ومع ذلك لم يستطِع أعداء الإسلام أن يمحو ذكر آل البيت، بل أصبح دم الحسين وثورته شُعلةً وشرارةً لكل الأحرار الذي جعلوا من ثورة الحسين نموذجاً للصرخة في وجه المستكبرين وشعارهم فيها شعار الحسين هيهاتَ منا الذِّلَّةُ.

وتختم وردة الرميمة حديثها بالقول: وهَـا هو الزمانُ يعيدُ نفسَه في اليمن التي انتهجت نهجَ الإمَـام الحُسَين في رفض الظلم والظالمين يزيدي هذا العصر الذين يرتكبون أبشعَ المجازرِ والانتهاكات في اليمن؛ وبسبب انعدام الوعي والبصيرة لدى أبناء الأُمَّــة الإسلامية التي ترى وتسمعُ الظلمَ الذي بلغ مُنتهاه، فقد قتلوا الأطفالَ والنساء، وحاصروهم براً وبحراً والأمة الإسلامية صامتة لم تحَرّك ساكناً، وليتها صمتت فقط، لكنها وقفت مع آل سعود الطغاة وساندتهم قولاً وعملاً ضد الشعب اليمني المسلم. ولأنه في كُـلّ عصر يوجد يزيد ظالم في المقابل هناك ثوارٌ حسينيون يصرخون بشعارِ الإمَـام الحُسَين: هيهاتَ منا الذلةُ، ولهم النصرُ بإذن الله كما انتصر الحسينُ في الطَّف”.

 

صحيفة المسيرة| المركز الإعلامي في الهيئة النسائية بمكتب الأمانة

 

قد يعجبك ايضا