ما الذي كان يفترض بهذه الأمة منذ نشأ الكيان الصهيوني؟
نحن- أيُّها الإخوة والأخوات- عندما نعود إلى واقعنا من جهة كأمةٍ إسلامية، وفي داخلها العالم العربي، أو إلى مسؤولياتنا بحسب انتمائنا الإسلامي والقرآني، وحتى بحسب الفطرة، حتى بحسب الإنسانية، ندرك أنَّ المفترض بهذه الأمة بشكلٍ عام، أنها كانت ومنذ أن نشأ الكيان الصهيوني، وفرضه الاستعمار، ودعمه الاستعمار، وزرعه الاستعمار في قلب أمتنا، في جغرافيا داخل جغرافيا هذه الأمة، ليحتل بلداً من بلدان هذه الأمة، ليظلم شعباً، ويشرِّد شعباً، ويصادر حقوق شعبٍ من شعوب هذه الأمة، ليشكل تهديداً مباشراً على مقدسات إسلامية من مقدسات هذه الأمة، منذ تلك البدايات، منذ تلك المرحلة، كان يفترض بأمتنا الإسلامية بشكلٍ عام أن تكون في حالةٍ من التعبئة المستمرة، والاستنهاض المستمر، والنفير المستمر، والعمل الدؤوب، إلى التخلص من هذه المشكلة، إلى معالجة هذا الخطر، إلى إنهاء هذا التحدي، هذا هو الموقف الطبيعي، هذا هو الاتجاه السليم.
لا أن ننظر إلى أي تحركٍ جادٍ، وصادقٍ، وواعٍ، ومخلصٍ، ومضحٍ في داخل هذه الأمة، إلى أنه الذي يمثل الإشكالية؛ لأنه يتبنى موقفاً صحيحاً تجاه أعداء الأمة:
فنرى سواءً في هذه المسيرة القرآنية، أنها مثَّلت إشكالاً عندما انطلقت من اليمن.
أو نرى في المقاومة اللبنانية، وعلى رأسها حزب الله، وكأنها تمثل مشكلة في ساحة الأمة.
أو ننظر بسلبية إلى المقاومة الفلسطينية.
أو ننظر بعدائية إلى الجمهورية الإسلامية في إيران، أو إلى أحرار العراق، أو إلى سوريا.
الشيء الصحيح، الشيء الطبيعي في هذه الأمة بشكلٍ عام: أنه منذ نشأ العدو الصهيوني في فلسطين، واحتل فلسطين في بداية الأمر، أنَّ الأمة بقيت في نفير عام، في حركة مستمرة، حتى في المراحل التي حدثت فيها إخفاقات في بعض المواجهات العسكرية، في بعض المراحل من جانب بعض الأنظمة والجيوش العربية، حتى في تلك المراحل، لم تكن تلك الإخفاقات لتبرر حالة الانكسار، والصمت، والتنصل عن المسؤولية، واللا مبالاة، التي سادت في أوساط الكثير من أبناء هذه الأمة.
فوجود العدو الإسرائيلي، الصهيوني، اليهودي، محتلاً لجزءٍ من البلاد الإسلامية، مهدداً بشكلٍ مباشر لجزءٍ من المقدسات الإسلامية، مضطهداً لشعبٍ من شعوب الأمة الإسلامية، يحتم علينا أن نبقى في حالةٍ مستمرة، هذا بحد ذاته، بحد ذاته كافٍ في أن تكون علينا جميعاً مسؤولية أن نسعى، وأن نتحرك، وأن نعمل بشكلٍ مستمر، وأن يكون هناك نشاط واسع في داخل أمتنا، في مختلف شعوب أمتنا، لإنهاء هذا التحدي، لتخليص شعبنا الفلسطيني، الذي هو جزءٌ منا، جزءٌ من أمتنا، من كياننا الكبير الإسلامي، لإنقاذه من هذا العدو، لدحر ذلك العدو الصهيوني من تلك الأرض، ولطرده مما يشكِّله من تهديد لمقدسات هي من مقدسات هذه الأمة، هذا هو الشيء الصحيح، الشيء الطبيعي.
فالحالة التي هي غير طبيعية هي: ما ساد لدى الكثير من ركود، وجمود، وتنصل عن المسؤولية.
والشيء الأسوأ من ذلك، والأكثر قبحاً، والذي يجب أن يستفز الجميع، وأن ينتقده الجميع، وأن يكون للجميع منه موقف: هو حالة العمالة للعدو الإسرائيلي والأمريكي، هو حالة التعاون مع العدو الأمريكي والإسرائيلي، هو الوقوف جنباً إلى جنب مع الأمريكي والإسرائيلي، في هذه الحالة الإجرامية، التي اعتدوا بها على هذه الأمة، واحتلوا جزءاً من أبناء هذه الأمة، ومن أرض هذه الأمة، ومن مقدسات هذه الأمة، فما بالك والأمر أنَّ هناك استهدافاً يشكِّل خطورةً مباشرة على كل هذه الأمة.
العدو الإسرائيلي وهو كان يسعى للتمدد من داخل فلسطين، حتى عسكرياً وبشكلٍ مباشر، إلى بقية البلدان، ما الذي أعاقه؟
أعاقته المقاومة الفلسطينية في غزة.
وقبل ذلك المقاومة اللبنانية في لبنان.
هذا ما مثَّل إعاقة حقيقية للعدو، وإلا فكان توجهه معلناً وواضحاً في أن يتمدد للاستيلاء المباشر نحو خريطته المعلنة، فيما يسميها بإسرائيل الكبرى، وأن يسعى من خلال ذلك إلى السيطرة على الأمة بشكلٍ عام، على الموقع الجغرافي للأمة، الذي يمثِّل أهميةً كبيرة على مستوى المنطقة العربية، وأن يتمكن من ذلك في تعزيز نفوذه على المستوى الدولي.
فإذا جئنا إلى المسؤولية، فهذه هي المسؤولية، هذه هي المسؤولية، وهذا هو الواجب، هذا هو التحرك الصحيح.
ولذلك يجب أن ننظر بإيجابية إلى كل حالات الصحوة والوعي، والاستشعار للمسؤولية:
سواءً في إطار هذه المسيرة المباركة عندنا، والتي تحركت من اليمن.
أو باتجاه محور المقاومة بشكلٍ عام.
أن هذا هو التوجه الصحيح، التوجه الطبيعي، تجاه الخطر الإسرائيلي، وتجاه الخطر الأمريكي، والمؤامرات الأمريكية.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
من محاضرة السيد في الذكرى السنوية للصرخة 1442هـ