الثروة في قلْب الصدام المتجدّد: أبو ظبي لا تحتمل شريكاً

||صحافة||

لم تتوقّف المواجهات المسلّحة بين القوات الموالية للإمارات وتلك التابعة لحزب «الإصلاح»، في مدينة عتق، مركز محافظة شبوة شرقي اليمن، خلال الـ48 ساعة الماضية. وعلى عكس التوقُّعات، أخذت هذه المواجهات في الاتّساع، بعد أن استعانت أبو ظبي بـ«المجلس الرئاسي» في عدن، لإصدار قرارات جرّمت ما قام به عدد من القيادات العسكرية والأمنية الموالية لـ«الإصلاح» في المحافظة، بوصفها «تمرّداً على السلطات». على أن تلك القرارات، التي أعطت التشكيلات التابعة للإمارات الضوء الأخضر للمُضيّ في المعركة، لم تفلح سريعاً في تبديل الموازين لصالح الأخيرة؛ إذ إن ميليشيات «الإصلاح» استطاعت، ابتداءً، السيطرة على أكثر من 60% من مساحة المدينة، بعدما تلقّت تعزيزات كبيرة من داخل المحافظة وخارجها. وجاء ذلك على رغم أن «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي لأبو ظبي استدعى قوات «دفاع شبوة» و«ألوية العمالقة» الموالية له، من بيحان ومناطق أخرى، إلى عتق لخوض المواجهة، بعد تلقّيه توجيهات إماراتية بضرورة الحسم لصالحه بأيّ ثمن.

لكن الإمارات عادت ودخلت بنفسها على خطّ المواجهة من أجل استنقاذ حلفائها، متمكّنةً، بحلول مساء أمس، من طرد ميليشيات “الإصلاح” إلى خارج مركز المحافظة. وأفادت مصادر قبلية في شبوة، «الأخبار»، بأن القاعدة العسكرية الإماراتية في منشأة بلحاف شاركت، مساء الإثنين، في المعركة بطائرات مسيّرة لا حربية، بالنظر إلى عدم استقرار المواجهات في مكان محدّد، فضلاً عن امتدادها إلى أحياء سكنية لا يستطيع الطيران الحربي العمل فوقها. وأشارت المصادر إلى نزوح المئات من الأسر من داخل عتق خلال اليومَين الماضيَين، في أعقاب اقتحام أطراف القتال عدداً من منازل المواطنين بغرض التمترس فيها، فضلاً عن استخدامهم الصواريخ الحرارية والمدفعية في الأماكن المأهولة. من جهتها، أفادت مصادر طبّية في عتق بمقتل وإصابة نحو 53 عنصراً من الطرفَين، واحتراق عدد من سيارات المواطنين، في وقت شُلّت فيه الحياة العامّة بشكل كلّي.

 

القاعدة العسكرية الإماراتية في منشأة بلحاف شاركت في المعركة بطائرات مسيّرة

وتعكس هذه المعركة تصادُم المصالح بين القوى المحلية الموالية لكلّ من الإمارات والسعودية في محافظة شبوة مجدّداً، بعدما رعت الدولتان مسعًى سابقاً لتسوية خلافاتهما، من خلال اتّفاق مقايضة تَعزّزت بموجبه سيطرة حلفاء الرياض على شبوة، مقابل تمكين القوات الإماراتية من السيطرة على جزيرة سقطرى. لكنّ هذه التسوية، التي أدّت إلى انفراد «الإصلاح» بشبوة، حيث أكبر قطاع لإنتاج الغاز الطبيعي وعدد من القطاعات النفطية، سرعان ما بدأت بالاهتزاز مع بروز تطلّع الحزب إلى إخراج القوات الإماراتية من منشأة بلحاف الغازية الواقعة على البحر العربي. ومن هنا، عادت المحافظة إلى آتون الصراع مرّة أخرى، تحت مبرّر تنفيذ «اتفاق الرياض» الموقَّع أواخر عام 2019؛ إذ تمكّنت أبو ظبي من إطاحة المحافظ السابق المحسوب على «الإصلاح»، محمد صالح بن عديو، ودفعت بنجل سلطان العوالق الموالي لها، عوض بن الوزير العولقي، إلى الحلول بدلاً منه في كانون الأول الفائت، مع إبقاء القيادات الأمنية والعسكرية الموالية للحزب في مواقعها.

إلّا أن هذا الاتفاق لم يصمد، بدوره، طويلاً، بعدما أعادت تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، احتياطات الغاز المسال اليمني البالغة 10.2 تريليون قدم مكعّب إلى قائمة الاهتمامات الأميركية – الفرنسية. ومنذ مطلع آذار الماضي، كثّفت واشنطن وباريس جهودهما في سبيل تهيئة الأوضاع في شبوة أمنياً وعسكرياً، للبدء باستخراج الغاز وتصديره، بما قد يسدّ جزءاً من حاجة الأسواق الأوروبية. وفي هذا الإطار، مارست فرنسا ضغوطاً كبيرة على «المجلس الرئاسي» خلال الفترة الماضية، وقدّمت وعوداً بمساعدات اقتصادية لحكومة عدن. ووفقاً لمصادر اقتصادية، فإن الإمارات تمكّنت أخيراً من إطاحة وزير النفط السابق، عبد السلام باعبود، على خلفية رفضه مطلع نيسان الماضي، إملاءات إماراتية – فرنسية بشأن الموافقة على إعادة إنتاج الغاز المسال في شبوة، من دون تعديل أسعار بيعه المقيّدة بـ3 دولارات لكلّ مليون وحدة حرارية، في ظلّ ارتفاع أسعاره في الأسواق العالمية إلى أكثر من 40 دولاراً.

 

الاخبار اللبنانية

 

قد يعجبك ايضا