ليعرف الناس أنهم إذا انطلقوا بجد مؤمنين بالله فإنه يقوي أنفسهم؛ فهو الذي يتحكم في نفوس الناس.
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
(أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا) (الكهف9) من الآيات العجيبة، من أعجب الآيات التي تكشف رعاية الله، وعنايته بأوليائه، وثناءه على من ينطلقون صامدين في سبيله، آية لمن؟ آية لمن بعدهم، آية للناس. آية من آيات الله، تكشف لنا حقيقة، تعطينا عبرة، تعطينا رؤية، نحن المتأخرين من بعد أصحاب الكهف.
{إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} (الكهف10) فتية، مجموعة فتيان، {فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} ودائمًا ترى القرآن الكريم، كلما يتحدث، ويعرض أي نموذج من أوليائه، في أي مجال من مجالات أعمالهم، دائمًا يكشف لك مشاعرهم، أنها ممتلئة بحب الله، والانشداد إليه.
وهذه حالة هامة جدًا، قضية هامة جدًا، لاحظ هؤلاء: {فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} لأن نسيان الله، نسيان الناس لله، نسيان الإنسان لله يكون لها آثار سلبية خطيرة جدًا عليه، في دنياه وفي آخرته، ولا يتمكن ينهض بأي مسؤولية.
الإنسان الناسي لله، إذا ما كان مرتبطًا بالله، ومشاعره مرتبطة بالله، يظل دائمًا ضعيفًا، مهما ملك، كضعف حكام العرب الآن، ما هم ضعاف، لديهم ممتلكات هائلة من الأموال؟ ولديهم أسلحة هائلة، ولديهم، ولديهم، لكن تراهم في أضعف موقف!
{فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} (الكهف12) هذا موجز القصة، خلاصتها، ثم يقول في تفصيلها: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ} (الكهف13) مؤمنون بالله، ومنشدين إلى الله انشدادًا قويًا.
{فِتْيَةٌ} مجموعة شباب، {آمَنُوا بِرَبِّهِمْ}، ونحن ما كل واحد يدعي أنه مؤمن؟ لكن يوجد فوارق كبيرة جدًا بين إيمان مجرد كلام، إيمان لا يحرك ساكنًا في مشاعرك، إيمان ما يوجد لديك أي غضبة لله سبحانه وتعالى، هذا إنما هو مجرد عنوان إيمان، مجرد اسم. هؤلاء {آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}.
{وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} (الكهف14) قوى قلوبهم، وهذه هي قضية عندما يقول عنها في المقدمة بأنها آية من آياته، آية لنا المتأخرين نعرف، ليعرف الناس أنهم إذا انطلقوا مؤمنين بالله بشكل صحيح، مؤمنين بالله بشكل جاد، فإن الله يقوي أنفسهم؛ لأنه هو الذي يتحكم في نفوس الناس.
هذه أيضًا تلغي أمامك كثيرًا من التقديرات التي تحصل عند كثير من الناس، عندما يتحرك الناس في عمل، فيكونون في الأخير ينظرون أن ما معهم مشايخ كبار، وينظروا ما معهم علماء كبار كثير، ولا وجهاء، ولا تجار، فكأنهم يرون أنفسهم ضعافًا! لا، هنا يقول لك: أن الناس إذا انطلقوا بصدق فإنه يرفعهم هو سبحانه وتعالى، وفي الأخير ترى في يوم من الأيام أولئك الآخرين، الذين تراهم الآن كبارًا، تراهم صغارًا، يصغرون فعلًا، يتهمشون، يضيعون.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
آيات من سورة الكهف
ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: الجمعة 29/8/2003م
اليمن – صعدة