من يبتعدون عن سبيل الله لا سيتفيدون من المقدرات الضخمة والثروات الهائلة التي يمتلكونها
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
أصحاب الكهف، عندما اتجهوا إلى الكهف، الوضعية التي كانوا فيها وضعية يبدو مجتمعهم، بسلطتهم بكلها، اتجاههم آخر.
هم مجموعة محدودة، ومن الطبيعي أن يحصل في تاريخ الأنبياء، في تاريخ الأولياء، أن يكونوا قليلًا بهذا الشكل محدودين، سيتجهون إلى مكان ليفكروا أين يتحركوا بعد، وأين يتجهوا ليعملوا على مواصلة نشاطهم، ما هو هروب، ليست مسألة أنه هروب، أنهم قد قالوا تلك الكلمة وهربوا وانتهى الموضوع؛ لأن الكهف نفسه لا يمكن أن يكون مقرًا لمن هو هارب من أمر، وسيجلس فيه وما له حاجة، أليس هكذا؟
وإنما ماذا؟ مرحلة يقضّوا فيه فترة، يتجهون إلى الكهف، يقضوا فيه فترة، ويفكروا أين يتجهوا، أو كيف يتواصلون مع الآخرين لمواصلة نشاطهم، يعني ليس هروبًا.
الله سبحانه وتعالى بين هنا بشكل عجيب؛ ولهذا قال: {كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} كيف أنهم قد لجأوا إلى كهف، ولا طعام، ولا شراب، وفي وضع خطير، قد يمكن أن يلحق بهم أحد. كيف هيأ الله أن يكونوا على وضعية يستغنون بها عن الطعام والشراب، وتحقق لهم أمنًا، بحيث أنه ما أحد يدخل عليهم، لا حيوان، ولا إنسان، ولا شيء.
كذلك رعاية أنه يحرك الشمس، يغير مجراها، كل يوم يغير مجراها في لحظة معينة عندما تطلع وعندما تغرب، كل يوم على مدى ثلاث مائة سنة، وتسع سنين.
فمن يحرك الفلك لمجموعة أشخاص راقدين في كهف من أوليائه ألا يستطيع يصنع كثيرًا من التغيرات في هذا العالم ليهيئ أمام من يتحركون في سبيله، وعلى سبيل هديه؟ هذا مثل للناس.
{وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت} (الكهف17) هنا بدأ يتحدث عن ما يهيئ لكم من أمركم مرفقا. كيف أنهم عندما كانوا راقدين في كهف، وهذا الكهف بحاجة إلى شمس، إما في لحظة معينة تنزوي عنه، وفي حالة معينة تعطي جزءًا من شعاعها إلى هذا الكهف، أو إلى محيطه؛ لحاجتهم إلى هذه؛ فليحرك الفلك من أجل صحتهم، من أجل الحفاظ على صحتهم هم يحرك الشمس عن مسيرها! {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت} كل يوم {تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ}.
وهكذا تجد في المقابل؛ لأنه في نفس الوقت: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا}، في المقابل أيضًا ماذا يعمل؟ يهيئ، ويدبر، ويعمل متغيرات كثيرة، تهيئ أمام من يتحركوا في سبيله، لكن إذا كانوا على هذا النحو: فتية آمنوا بربهم، صادقين، متجهين بصدق، ومصدقين بما هم متجهين فيه، أن يكونوا مصدقين بالقرآن، وواثقين بالقرآن، القرآن فقط، لا يمكن أن نتقبل أي شيء آخر غيره، أو تهتز ثقتنا به بأنه لا يمكن أن يهدينا في كل مجال من مجالات الحياة، وفي كل موقف من مواقفنا أمام الآخرين.
{وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} والتركيز على هذه بخصوصها: ذلك من آيات الله للناس؛ ليعلموا كيف يصنع هو سبحانه وتعالى لمن يتجهون في سبيله، وعلى هديه، كيف يعمل أشياء رهيبة، مجموعة فتية يحرك من أجلهم الشمس كل يوم مرتين عن مسارها الطبيعي! أليس هذا لتعظم ثقة الناس بالله، يعطيك الآيات التي تجعلك تثق بالله، وتعظم ثقتك به؛ فتتحرك في سبيله، وتلتزم بدينه.
{ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ} هو المهتدي حقًا {وَمَن يُضْلِلْ} ومن يضيعه {فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا}. تلاحظ أن موضوع الهداية، الهداية تأتي هداية إرشادية، بقيم تتحلى بها، بأعمال تمارسها، خلال تتخلق بها، وطريقة تسير عليها.
كذلك إن الله يهدي فيما يتعلق بوضعية الناس، فيما يتعلق بوضعيتك، في الجانب الأمني، والغذائي، والجانب الصحي. {مَن يَهْدِ اللَّهُ} كلمة هدى، معنى كلمة هدى الله أن الله يهدي الإنسان في كل مجالات حياته، ويقدم ما يصل به إلى الأفضل، والأقوم في كل مجالات حياته. ألم يقل هناك: {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (الإسراء9).
فمن يهدي الله، من يتولى الله هدايته فهو المهتدي حقًا، {وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا}، من يضيعه الله بسبب إعراضه عن هديه، بسبب إعراضه عن كتابه، فلن تجد له وليًا يرشده إلى الصواب، ويرشده إلى ما ينفعه في حياته.
فعندما يتجهون إلى الأمريكيين، عندما يتجهوا إلى البريطانيين، عندما يتجهوا إلى هؤلاء ويستوردوا خبراء من عندهم، كم يجلسوا يستنزفون من العرب! خبراء ألمان، بريطانيين، أمريكيين، كم يستنزفون من أموال في مجالات أخرى، ومع هذا ترى الناس ضالين، ضالين! أمة تائهة، أمة مستضعفة، أمة مقهورة، وهي تمتلك أضخم الثروات في العالم هذه الأمة؛ لأنه هكذا: ومن يضلل، من يضيعه الله فلن تجد له وليًا، أي ولي آخر على الإطلاق يرشده إلى الصواب، وإلى ما ينفعه.
{وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ} (الكهف18) هذا فيما يتعلق بالجانب الأمني بالنسبة لهم، كأنهم أيقاظ وهم رقود، بحيث أن أي شيء يدخل عليهم يخاف، ويرجع، سواء إنسان، أو حيوان، أو أي شيء كان.
وضعية مهيبة، وضعية مخيفة، يخاف من يبدي عليهم، وهم رقود. ما هو هنا شكل الباري من وضعيتهم، من قوله: {مِنْ أَمْرِكُمْ مَرْفِقَا} من حالكم، ومن وضعيتكم، ومن هيئتكم فيما يتعلق بالجانب الأمني والغذائي، ما تستغنون به عن الغذاء، وما يحقق لكم أيضًا أمنا وأنتم رقود!
{وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ} حتى لا تؤثر الأرض فيهم، أو يتعب جزء من الجسم {وَنُقَلِّبُهُمْ} لاحظ العبارة هنا: {وَنُقَلِّبُهُمْ}، إلى درجة التقليب يتولاها الله سبحانه وتعالى! ما هذه هي الرعاية الكاملة؟ من تقليب الشمس وتحركها إلى تقليب أجسادهم في الكهف.
هنا يضرب لك مثلًا بأن الله سبحانه وتعالى هكذا يعمل لمن يهتدون بهديه، ومن يسيرون على هديه، أنه يرعاهم في الأشياء الكبيرة والصغيرة.
{وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} وضعية الكلب نفسه يجعلها بالشكل الذي يبدو الكلب في وضعية حراسة وهو جالس في فناء الكهف باسط ذراعيه، فينقل الوضعية التي يكون الكلب عليها في حالة الاستعداد للحراسة.
لأنه إذا كان راقد تكون وضعيته ثانية، ما هو يكون متمدد على جنب، يتمدد الكلب؟ لكن تلك الوضعية وهو {بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ} في وضعية الحارس؛ لأنها هي الوضعية التي تتناسب مع جسمه، بمجرد أن يرى شيئًا ينطلق بسرعة، وضعية الانطلاقة بسرعة.
فالله يهيئ أن يجعل وضعية الكلب وهو في فناء الكهف وضعية الحارس، يعني: أي واحد يراه من بعيد يرى كلبًا هناك يقدر أنه مثلما يكون مستيقظ، وهو معهم راقد، الكلب معهم على طول الفترة، على طول الفترة، سواء الباري جعله راقد، أو الله أعلم، ما نعلم بشيء بالنسبة لوضعية الكلب هل كان راقد، إلا أنه فعلًا جالس على طول ثلاث مائة وتسع سنوات. ولكن فعلًا قد يكون راقد معهم، ويجعل له الباري ما يستغني به عن الأكل والشراب، ويبقى هناك في فناء الكهف باسط ذراعيه بالوصيد.
وضعية هيأها من الناحية الأمنية بهذا الشكل الذي قال بعد: {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} (الكهف18) ما هو هنا حقق لهم أمنًا على مستوى عالي جدًا؟ بحيث أنه ما ينالهم أي شر، من مخلوق من المخلوقات، لا من الإنسان، ولا من الحيوان، وعلى مستوى عالي، بحيث لو اطلع عليهم محمد وهو (صلوات الله عليه وعلى آله) من أقوى الناس قلبًا، وأشجع الناس {لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} وهم راقدين.
إذا كيف ما تأخذ عبرة من هذه، أن يتحرك الثائرون بيقظة في سبيل الله، وعلى هديه، وبثقة به، وابتغاء مرضاته، ومن أجله، كيف لا يمكن أن يحصل من جانبه رعاية لهم وهو قد رعى مجموعة شباب ممن كانوا على هذا النحو: مؤمنين به، رعاهم وهم راقدين ثلاث مائة وتسع سنوات؟!
ولهذا قال: {كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} من الآيات العجيبة، التي تخلق عندك ثقة أكثر، وتعطيك بصيرة أكثر، وترى فيها خرق للشيء المألوف؛ لأنه أحيانًا الإنسان متى ما قال الناس: نتحرك في سبيل الله، نعمل على الالتزام بهذا القرآن، ونعمل على أن نعلي كلمة الله، وأن ندافع عن نفوسنا، وعن ديننا.
فيكون يرى الدنيا هذه مقفل أمامه، مقفل، مع أن الوضعية عادة ما هي مستحيلة أن يحصل فيها تغيرات على يد الإنسان، وضعية الدنيا. لكن هنا تجد أنه عمل متغيرات غير مألوفة، وغير معتادة في هذه الوضعية، من حركة الشمس اليومية بشكل غير طبيعي، ومن وضعية هؤلاء الناس، ما هي كانت كلها خارقة للعادة؟ كانت خارقة للعادة، أي: متغيرات خارقة للعادة.
فهو سبحانه وتعالى الذي قال في آيات أخرى بأن له ملك السموات والأرض، وأنه إليه ترجع الأمور، وهو المدبر لشؤون السموات والأرض.
هذه تؤكد لك بأن من عمل المتغيرات الخارقة للعادة سيعمل المتغيرات لمن يسيرون على هديه ويهيئ لهم أن يعملوا في سبيله، إذا كانوا منطلقين لنصر دينه، لإعلاء كلمته، ليسوا منطلقين من قضايا شخصية لديهم.
والإنسان في هذا الموضوع أيضًا قد يجهل مثلًا كيفية التأييد الإلهي؛ لأننا دائمًا تفكيرنا يكون معناه: أن الناس ينطلقوا ولا يلاقوا أي صعوبة! أحيانًا تأتي بعض الصعوبات تكون هي تعتبر من أهم الأشياء للإيجابيات التي بعدها، ويكون لبعض الأعمال التي تبدو صعبة، أو بعض المشاكل التي تعترض الناس أحيانا يكون لها أثر كبير جدًا في نفوسهم وبالنسبة للعمل الذي ينطلقوا فيه هو.
نحن كنا نقول من بحين، أول ما بدأوا يسجنوا الشباب بصعدة: أنهم أفادونا كثيرًا بسجنهم هذا! أفادوا هذه القضية بشكل كبير فعلًا، بحيث سكَّتوا كثيرًا ممن كان يقولون: ما هي فائدة هذا العمل؟ ما هي فائدة هذا الموضوع؟
نقول لهم: لاحظوا هذا يبرهن على أننا نستطيع أن نزعج الأمريكيين، ونغيظهم بشعار واحد، ونؤثر عليهم! فهذا عمل صالح. في نفس الوقت برهنوا على أن هذا عمل يغيظهم ويؤثر عليهم. طمس كل تلك التي كنا نسمعها. ما كان هناك شائعات يقولون: [ويش منه ذا الكلام؟ ويش با يؤثر عليهم؟ ويش فائدته؟!] ألم يكونوا يقولون هكذا؟
ثم عرف الناس أن ما هم مسجنين لهم إلا لأن هذا عمل مؤثر عليهم، على الأمريكيين، وأنهم منزعجين منه جدًا. كيف ما ينزعجوا وهم فاهمين في إيران ما أخرجهم إلا شعار مثل هذا! ما هم عارفين؟ في إيران خرجوا على أعقابهم من مظاهرات فقط تهتف بشعار الموت لأمريكا الموت لإسرائيل.
هم عارفين وما زالوا مفجوعين من هذا الشعار، هم ما زالوا مفجوعين منه، من أيام ما كانوا يسمعوه في إيران.
طيب هذا هو العمل الصحيح: أنك تبحث عن عمل مؤثر على العدو، لا أن تنطلق انطلاقة الضعفاء، انطلاقة الجبناء، انطلاقة المهزومين، انطلاقة العمي، تبحث عما يرضيهم، أو تبحث عن الشيء الذي يزعجهم، ولا يؤثر عليهم. وأن يكون على هذا التقدير بالشكل الذي يتناوله الناس.
لو انطلق الناس يشكلوا مثلًا عصابات، مثلما يعمل الآخرون الذين يعملون أشياء من هذه، لكن لا، معلوم في مواجهة اليهود والنصارى أن أفضل طريقة أن يكون هناك جمهرة للناس، ولو في قضايا معينة. قدم للناس شعار يمكن أن يرددوه في أي قرية، ويرددوه في أي مكان.
أليس هذا عمل سهل، في متناول الناس جميعًا؟ بعضهم يقولون: لماذا لا تنطلقوا؟ نقول لهم نستطيع أننا نعمل مثل الآخرين، عشرة أشخاص، ما هي بحاجة أنك تهتم، عشرة أشخاص ينطلقوا، ويكونوا عشرة أشخاص، ويقوموا هم يختطفوا أمريكيين، ويقوموا يعملوا تفجيرات، ويعملوا أشياء من هذه، ما هو ممكن بعشرة؟ لكن لا، ليس المطلوب بالشكل هذا، المطلوب أنك تعطي للناس قضية يتحركون فيها؛ لأن هذا هو أسلوب القرآن. أسلوب القرآن وهو يوجه خطابه للمؤمنين، للمسلمين.
ولازم أن ننزل طريقة للمسلمين، للمؤمنين وأن نتحرك فيها، ونحرضهم هم؛ لينطلقوا فيها، وأن هذه أكثر أثرا، تعرفوا أن هذه أكثر أثرًا؟ عشرة لو نجعل عشرة أشخاص، أو عشرين شخصًا ويكونوا هم يعملوا أعمال مثلما يعمل الآخرون في مرحلة كهذه، في مرحلة كهذه، لما كان لها أثر مثل أن ننطلق بشعار نرفعه في مساجدنا، بالنسبة للأمريكيين.
ممكن يطلق من قبل الأمريكيين على مجموعة إذا كانوا يعملون هذا العمل أنهم إرهابيين، ومفجرين، وأنهم مخربين، وأنهم، وأنهم، الخ. فتكون هي تعطي شكل مبرر للأمريكيين في هذه المرحلة.
لكن الشعار نفسه انطلق أثّر عليهم جدًا، ويعرفوا ماذا يعني التأثير عليهم في هذا الموضوع. ولو نأتي نستقري ما حصل من تأثير عليهم، لو لم نذكر إلا ما ظهر من خلال السجن، وما حصل أنه مؤثر عليهم، وما قالوا للناس أنه مؤثر إلا من خلال قضية عملوها هم، الأمريكيون وهي ماذا؟ أن يسجنوا أشخاصًا.
إذًا تعرف أن مسألة السجن التي تبدو مخيفة عند الكثير من الناس، ما هي برزت عملًا مهمًا في إطار القضية؟ بمعنى أن ما معنى أنك عندما تنطلق في سبيل الله تكون متوقع أنك ما تخسر شيئًا، أو ما تتعرض لسجن، أو ما يحصل لك قضية. قد يحصل هذا، لكن تكون بالشكل الذي يكون لها إيجابية كبيرة جدًا في مجال نصر القضية التي أنت تتحرك من أجلها.
أي ما أسلوب القرآن أسلوب أنه يأتي يُأمّن الناس، يقول لهم: تحركوا، ولا عليكم شيء، ولا أحد سيتعرض لكم، ولا، ولا…، أليس هكذا؟ هو هنا يفترض من المؤمنين أنهم يبيعون أنفسهم من الله، هذه أول نقطة، يكون الناس منطلقين، مستبسلين وهم في [في نفس الوقت متوقعين أن يتعرضوا لأي شيء في سبيل الله، ولكنه سيكون بالشكل الذي يكون له إيجابية كبيرة جدًا في مجال نصر القضية التي يتحركون من أجلها].
إذًا انتهت القصة إلى هذا، إلى أنه عرض لنا كيف كانت رعايته لأوليائه، وكيف كان ثناؤه على أولئك الفتية، مجموعة، ما قال الباري: ماذا يمكن أن يعملوا؟! تعرفوا هذه؟ ما قال ماذا سيعملون وهم ليسوا سوى مجموعة بسيطة، مثلما قد يقول البعض مننا.
نعم يستطيع أن يعمل الناس كهؤلاء – ما بالك أكبر منهم – أشياء رهيبة جدًا، وكبيرة جدًا. فأثنى عليهم، وقدر لهم عملهم، وأحاطهم برعاية هائلة جدًا، بدءًا من الشمس إلى عند الكلب، إلى عند تقليب أجسادهم ذات اليمين وذات الشمال؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر المصلحين، ولا يضيع أجر المحسنين.
وكما قدر لهؤلاء وهم فتية حركتهم، قدر لاثنين من بني إسرائيل نصيحتهم، وتوجيههم لبني إسرائيل {قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} (المائدة23).
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يؤمنوا به حق الإيمان، وممن يربط على قلوبهم، وممن يحوطهم بعنايته، ورعايته في سبيل إعلاء كلمته ونصره.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
آيات من سورة الكهف
ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: الجمعة 29/8/2003م
اليمن – صعدة