صرفُ رواتب موظفي الدولة.. تجاهُــلٌ أممي مفضوح
||صحافة||
لا يزال اليمنيون ينظِّمون وقفاتٍ احتجاجيةً أمام مبنى الأمم المتحدة بصنعاءَ؛ للمطالبة بتحرُّك أممي جاد لصرف رواتب موظفي الدولة، مؤكدين أن العدوانَ الأمريكي السعودي يُصِرُّ على مفاقمة معاناة اليمنيين، وعدم تنفيذ بنود الهُدنة.
وبتتبع الحراكِ الأممي لإنجاز هذا المِلف يبقى حديث المرتبات مسكِّناً ومادةً للاستهلاك ضمن هُـدنة وُصفت منذ اليوم الأول بأنها هشةٌ تترنحُ يمنةً ويسرةً.
ويشير الخبيرُ الاقتصادي، الدكتور أحمد حجر، إلى أن هناك ما يقفُ أمام حَـلِّ هذا الِملف، بالإشارة إلى التزامات تحالف العدوان لشراء ضمائر المرتزِقة ومواليهم في حربه ضد اليمن والتي رأى أنها التزامات مالية كبيرة وأن موازنات ضخمة تستهلك موارد البلاد لشراء تلك الولاءات المزيفة والتي أظهرت العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن وكأنه لا علاقة له بما يجري وأن ما يحصل في البلاد هو حربٌ أهلية لا أكثرَ كتزييف للحقيقة.
ويقول الدكتور حجر: إن حصولَ وزير في حكومة عملاء ومرتزِقة الرياض والإمارات ما بين ٢٠-٢٥ ألف دولار وحصول أبنائهم بالسفارات على ما يصل إلى ٥ آلاف دولار شهرياً هي مبالغُ كبيرةٌ جِـدًّا تستنزفُ مواردَ الدولة وتكون على حساب بنود الموازنة ومستحقات موظفي الدولة ككل، موضحاً أن السعوديّة أمام التزاماتها الكبيرة لشراء العملاء والمرتزِقة لا تستطيع من وجهة نظري أن تدفع رواتب الموظفين إلا أن تزيدَ في بيع وسرقة النفط من المناطق المحتلّة وما يحصل هو عبارة عن مماطلات واختلاق لأعذار من وقت لآخر وَإذَا ما كانت هناك جدية فيجب أن يكون هناك حديث من الوفد الوطني إذَا ما كان هناك أي اتّفاق حول المرتبات أن يتم بنقاطٍ محدّدة، بأشياءَ محدّدة، بتاريخ محدّد لا أن تؤخذ الأمور بالعمومية التي لا تفصح عن شيء.
ويواصل: “واضحٌ منذ نقل البنك المركزي وحتى اليوم، لم يتطرق أي اتّفاق أَو تفاهم عن حجم المبالغ المخصصة لصرف مرتبات الموظفين ولا من سيتم الصرف لهم وفق رؤية محدّدة.. وقد كان الحديث مؤخّراً في الأردن عن تقدم حول آلية لصرف المرتبات لكنها لم تكن واضحة ولا نعلم ولا يعلم الرأي العام ما هي”.
ويتابع حجر: في العمومِ، الأمريكان هم من يديرون اللُّعبة بأكملها ويعلمون علم اليقين أن صرف مرتبات الموظفين سيُحدِثُ فارقاً لصالح الدولة والمواطن، سيكون هناك انتعاشٌ اقتصادي وزيادةٌ في إيرادات الدولة وتحسُّنٌ في الخدمات وزيادةٌ في القدرة الشرائية والذي سيحقّق استقراراً في السوق وتحسناً ملحوظاً مقارنة بما يحدث في المناطق المحتلّة التي تعيش حالةَ تدهور معيشي وفوضى، وهذا لا يسر المحتلّ، فالمخطّط الأمريكي ومن يدور بفلكه يسعى لإبقاء حالة الفوضى واللا استقرار في كُـلّ المناطق بما فيه الوضع الاقتصادي اللا مستقر وبقاء المعيشة متدهورة لإلهاء الناس عن مخطّطاته الرامية لإنشاء قواعده العسكرية وتنفيذ أهدافه فيما الشارعُ مشغولٌ بلقمة عيشه التي يحرصُ هذا المحتلُّ أن تبقى في يده وتحتَ رحمته.
ويضيف: لا أرى أُفُقاً لصرف مرتبات الموظفين في ضوء ما يجري الآن، أما الهُـدنةُ فقد استغلها تحالفُ العدوان لترتيب أوراقه في المناطق المحتلّة خَاصَّة فيما يخُصُّ مرتزِقته وعملائه الذين أصبح الثأر والعداء بينهم واضحاً ولا يمكن حله إلَّا بما يجري الآن من إزاحة واستبدال، والشيء الثاني إن وجدوا لأنفسهم متنفساً لتخدير الرأي العام العالمي في ظل ضغوط المنظمات الدولية المدنية وغير المدنية عليهم بما فيها مجتمعاتها نفسها مع محاولاتهم أن ينسى العالم هزائمهم التي تجرعوها.
أمريكا هي المعرقل
وإلى جانب هذا، فنظرةُ العدوان أن من الجيد حصول فترة استقرار وهدوء وتحسن لأوضاع الناس يعقبها مواجهة وعدوان جديد قد يجعل المواطن ينظر إلى أن تجدد العدوان سببه “كذباً” تعنت صنعاء، في المقابل الظهور أمام الرأي العام الدولي بمنظر الباحث عن السلام من خلال هذه الهُـدنة التي لم تنجز أشياءَ ملموسةً بحياة الشعب كما كان متفقاً عليه.
وينظر تحالف العدوان إلى ملف مرتبات الموظفين من منظورَين اقتصادي وسياسي يجعل هذا المِلف شائكَ الحل وإن تحدث عن حلحلة هذا المِلف الذي يبقى إنسانياً بحتاً لا علاقةَ له بالمواجهة في ظل مواثيق الأمم المتحدة وإعلان حقوق الإنسان.
ويرى الأمينُ العام لاتّحاد عمال اليمن، عبدالكريم العطنة، أن تحالف العدوان ينظر إلى أن أي تقدم في جانب صرف المرتبات هو انتصار لصنعاء في حين يستبقيه كملف ضمن مفاوضاته السياسية
ويقول: إن اعتبار ملف صرف المرتبات كانتصار لطرف هو خطأ كبير، فالمرتبات هي مكتسبات موظفين ضحوا في الوظيفة العامة ذات المدخول المتواضع خَاصَّة المتقاعدين الذين قضوا عمراً طويلاً في خدمة الدولة ما بين ٣٥-٤٠ عاماً وخلالها استقطعت مبالغ من مرتباتهم لصالح التأمين لما بعد التقاعد من العمل، أي أن تلك المبالغ أصبحت أمانة لدى الدولة لسداد رواتب أُولئك المتقاعدين لما يعينهم مع حالة الضعف والشيخوخة والمرض.
ويضيف العطنة: إن موقفَ قيادة صنعاء من رفض أية هُـدنة أَو تمديد قادم هو الصوابُ مع الإصرارِ على أن تتحقّق التزامات وشروط الهُـدنة التي تعهد الطرف الآخر بها والتي تأتي مرتبات موظفي الدولة على رأسها كحقٍّ مستحقٍّ يجب أن يصرف بهذا التوقيت في فترة الهُـدنة الحالية لا فترة قادمة.
ويتابع: مع تمديد الهُـدنة الأخير بدأ مبعوثُ الأمم المتحدة شيئاً من الحراك حول هذا المِلف، تحدثوا عن تحقيق تقدم في جانب آلية صرف هذه المرتبات، بعدها لم نسمع شيئاً سوى تقرير لبنك عدن المركزي مثل نوعاً من المماطلة والتهرب من استحقاق واجب عليهم منذ اليوم الأول لنقل البنك المركزي إلى عدن وهو صرف مرتبات المناطق الحرة كما المناطق المحتلّة… ونقول لأُولئك: إن هذا لن يجدي نفعاً فالمرتبات بأثرها الرجعي يجب أن تصرف طالما وتحالف العدوان يسيطر على موارد البلاد وثرواته ويقوم بنهبها وبيعها سراً وعلانية.
صحيفة المسيرة