صناعةُ “الإرهاب” كوسيلةٍ لاحتلال البلدان والشعوب.. أمريكا في مجهرِ الشهيد القائد
||صحافة||
بعد مرورِ 21 عاماً على “مسرحية الـ 11 من سبتمبر”:
بعد مرورِ واحدٍ وعشرين عاماً على ما يسمى “أحداث الـ 11 من سبتمبر”، تتوالى الحقائق منذ ذلك التاريخ “2001”، والتي تُثبِتُ هندسةَ الولايات المتحدة الأمريكية لتلك الأحداث؛ بُغيةَ تحقيق عدد من الأهداف، تجلت في صناعة الأدوات التكفيرية في بلدان العالم العربي والإسلامي، وتبرير احتلال القوات العسكرية الأمريكية للعديد من الدول العربية والإسلامية وبسط النفوذ في البر والبحر والجو واستباحة منطقة الشرق الأوسط بالطول والعرض، وارتكاب أبشع الجرائم في العراق وسوريا وأفغانستان، وأخيرًا اليمن، وما يجري في البلدان الأُخرى التي وطأتها “الأقدام الأمريكية”، سواء بشكل مباشر عن طريق القوات والمعدات العسكرية، أَو بصورة غير مباشرة عن طريق الأوراق التكفيرية والقوات العميلة والمرتزِقة.
ومع انتهاء العقد الثاني من عمر تلك الأحداث، تعيد صحيفة المسيرة التذكير بالسيناريوهات والأكاذيب الأمريكية، وما دمغتها من حقائق أدلى بها الشهيد القائد، ودراسات ودلائل تشير في مجملها إلى وقوف واشنطن بطرق مباشرة وغير مباشرة في اختلاق تلك الأحداث؛ تمهيداً لاحتلال الشرق الأوسط، انطلاقاً من قاعدة جورج دبليو بوش “من ليس معنا فهو ضدنا”، وما تلاها من ركوع زعماء الأنظمة العميلة للقاعدة الأمريكية وجعل البلدان التي يحكمونها ساحة حرب مفتوحة لأمريكا مع “صبيانها” العملاء، نحو تبرير الاحتلال للمنطقة.
وبالحديث عن الرواية الرسمية الأميركية، “فَـإنَّ 19 شخصاً من عناصر تنظيم القاعدة نفذوا الهجمات، حَيثُ شكل منفذو هذه العملية 4 مجموعات للتنفيذ، ضم كُـلّ منها شخصاً تلقى دروساً في معاهد الملاحة الجوية الأميركية، ونفذوا الهجوم باختطاف طائرات مدنية تجارية، وتوجيهها لكي تصطدم بأهداف محدّدة”، وقد أثيرت الكثير من التساؤلات حول الحادثة وكيف تمَّت بطيران مدني، فالإنسانُ العادي اليوم يستطيعُ أن يرصُدَ الطيران المدني من خلال تطبيقات مجانية على أي هاتف محمول ويعرف وجهة أية رحلة في العالم ومتى انطلقت ومتى ستهبط، فما بالك عندما تكون أجواء الولايات المتحدة وأية دولة في العالم مغطاة بشبكة ترصُدُ تحَرُّكَ الطائرات، وبرغم ذلك لم تتحَرّك أية طائرة من طائرات سلاح الجو الأمريكي في 28 قاعدة على مستوى أمريكا، كما لم يبلغْ أي كمبيوتر عن فقدان طائرة وتحولها من مسارها ودخولها إلى منطقة لا تدخلها الطائرات، ولماذا لم تستطع المنظمة المسئولة عن توجيه ورصد الطائرات المدنية اكتشاف الطائرات المفقودة.
مواقفُ عربيةٌ إسلامية مشكِّكة.. الشهيد القائد “منفرداً”:
ومع تواصُلِ “صدى” أحداث الـ11 من سبتمبر، وتوالي الردود المشككة والمعارضة من مختلف البلدان، ظهر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي –رضوان الله عليه–؛ كي يعلن موقفه من منطلق الوعي بنوايا ومخطّطات اليهود، وكذلك من منطلقه العلمي المنطقي، حَيثُ تحدث في الأيّام التي تلت الأحداث ووجّه إصبعَ الاتّهام إلى الصهاينة والأمريكيين، وأوضح آنذاك في تعليقه على الأحداث وأكّـد لاحقاً من خلال محاضراته -دروس من هدي القرآن الكريم- أنـها خطةٌ مدروسةٌ صيغت بطريقةٍ سرية ودقيقة، وهي بدايةُ مؤامرة أرادوا منها استثارةَ غضب جماهيرهم واستفزاز مشاعرهم في دعم التوجّـه الذي تريده أمريكا وأرادوا كسب تأييد الرأي العالمي في أُورُوبا وأمريكا وتأييد البلدان الإسلامية لاحتلال أفغانستان والعراق ووضع قواعد أمريكية في البلدان الإسلامية، بما يضمن لهم السيطرة والهيمنة على المنطقة العربية والعالم الإسلامي ونهب ثروات الشعوب المستضعفة وضرب الإسلام والمسلمين، وضرب الأحرار والمجاهدين في حركات المقاومة.
وما قدّمه الشهيد القائد -رضْــوان الله علـيْـه- لم يكُنْ مُجَـرّدَ أفكارٍ أَو تنظيرات منفصلة عن الواقع أَو بعيدة عن الموضوعية، بل كان يستند فيما قدمه إلى التشخيص القرآني لأهل الكتاب وللسنن الإلهية وللأحداث التاريخية ومن خلال معرفته الواسعة بسجلهم الطويل في الخداع واختلاق الذرائع والمبرّرات وقدرتهم على صناعة الرموز والجماعات، إضافة إلى إدراكه لعلاقتهم التاريخية بطالبان والقاعدة والجماعات الوهَّـابية التكفيرية وقد قال في إحدى محاضراته في ذلك الوقت: “قضية التفجيرات في أمريكا هذه خطة خبيثة جِـدًّا، ولا بدّ أنها صيغت في ظروف دقيقة؛ لأَنَّهم بحاجة قصوى إلى أنْ تكون سرية تماماً، سرية تماماً؛ لأَنَّها خطة لو تنكشف داخل أمريكا لكانت خللاً كَبيراً عليهم هم، داخل أمريكا نفسها، فضلاً عن بقية العالم، خطة محكمة ليبنى عليها مبرّر وذريعة لضرب الشعوب الأُخرى، واجتياح الشعوب الأُخرى، واحتلالها تحت عنوان إرهاب، مكافحة إرهاب!، تنفذ الخطة هذه”، وهو ما حصل بالفعل وشهده العالم أجمع خلال العقدين الأخيرين من الغطرسة الأمريكية.
كما أكّـد الشهيد القائد أن الهدفَ من اتّهام أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة هو جزءٌ من الترميز والتضخيم الذي يهدفون من ورائه إلى خلقِ ولاءات لرموز وأعلام محسوبين على الأُمَّــة الإسلامية هم من صنيعتهم وشد الناس إليهم ليكونوا بدائل ضعيفة تحل مكان القادة الحقيقيين من أعلام الهــدى، مُشيراً إلى أن أسامة ليس المستهدف ولا طالبان بل المستهدف هم الشعوب والحركات الجهادية وشيعة أهل البيت -عليهم السلام- بشكل عام.
ولم يتوقفِ الشهيدُ القائدُ عند تشخيص الواقع وتحليل الأحداث بل قدم الحلول، ورسم الخطط للمواجهة، وعمل على استنهاض الشعوب؛ للقيام بمسؤوليتها في مواجهة التحديات والمخاطر المحدقة بها، وفي ذلك السياق دعا الأُمَّــة الإسلامية إلى العودة إلى القرآن الكريم؛ للاهتداء به في مواجهة الأعداء ومقاطعة بضائعهم وكذلك ترسيخ السخط والعداء للأمريكيين والإسرائيليين من خلال رفع شعار الصرخة وهتاف البراءة الذي يحصن الأُمَّــة من العمالة والاستقطاب ويحبط مخطّطات الأعداء ويكشف مبرّراتهم وأقنعتهم ويكسر حاجز الصمت وتكميم الأفواه والتدجين للأُمَّـة.
مواقفُ أمريكية – أُورُوبية شكّكت بالحادث:
تلت تلك الأحداثَ نظرياتٌ عدةٌ تشكِّكُ في سيناريوهاتها وتحقّق في خلفياتها، حَيثُ توالت التكهُّناتُ داخل الولايات المتحدة وعدد من دول أُورُوبا، أشَارَت أبرزها إلى تورط أجهزة استخبارات في الداخل والخارج، والتخطيط المسبق من جانبها لخدمة أهداف توسعية أميركية فضلاً عن “مؤامرة يهودية”.
وبالحديث عن هذا السياق، رصد الكاتبُ والناشط الثقافي محمد الفرح في كتابه “شعارُ الحرية” عدداً من ردود الفعل الأمريكية والأُورُوبية التي شككت بكل قوة في الحادثة.
وقد ذكر الفرح في كتابِه “شعار الحرية” أبرزَ المواقف التي أذاعتها وسائل إعلام أمريكية وأُورُوبية وكذلك محللين ومسؤولين وسياسيين، تعيد صحيفة المسيرة نشرها على النحو التالي:
موقعُ “انفورميشن تايمز” الأمريكي وجّه أصابعَ الاتّهام إلى اليهود، وأعلن مسؤوليتَهم عن الحادث، وتحت عنوان، (4 آلاف يهودي لم يذهبوا للعمل بمركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر)، ذكر الموقع “أن العاملين اليهود ببرجي مركز التجارة تلقوا تحذيرات بعدم الذهاب إلى العمل في ذلك اليوم الدامي”، وجاء في المقال “أن ثمة دليلاً على أن الهجمات ليست من فعل متطرفين إسلاميين، إنما من عمل جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد)”.
بدوره، رأى ديل سكوت، وهو دبلوماسي سابق وأُستاذ جامعي، “أن الشعب الأمريكي وقع ضحية التضليل”، في حين ناقش غريفين “الروايات المتناقضة” كما وردت في الرواية الرسمية، قائلاً إن “سلوك الجيش الأميركي يوم 11 سبتمبر يشير إلى تورط قادتنا العسكريين في الهجمات”، مُضيفاً “أن انهيار برجي مركز التجارة والبناية رقم 7 كان مثالاً على عملية هدم بالتفجير المتحكم به تمت بزرع متفجرات في جميع أرجاء المبنى”.
في الكتاب ذاته، قال مورغان رينولدز، وهو أُستاذ بجامعة تكساس وعضو سابق بإدارة الرئيس الأميركي جورج بوش، إن “أحداث سبتمبر (أيلول) كانت عملية زائفة وأكذوبة كبيرة لها علاقة بمشروع الحكومة الأمريكية للهيمنة على العالم”، وهو الأمر الذي تحدث عنه أَيْـضاً أُستاذ القانون ريتشارد فوولك، رئيس مؤسّسة سلام العصر النووي، بقوله “إن إدارة بوش يحتمل أن تكون إما سمحت بحدوث هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وإما تآمرت لتنفيذها لتسهيل ذلك المشروع”، وَأَضَـافَ فوولك “أن هناك خوفاً من مناقشةِ حقيقةِ ما حدث ذلك اليوم، حتى لا تكتشف أسرار يصفها بالسوداء، وهو ما استنكرته السلطات الأميركية معتبرة إياها بدعة ولا أَسَاس لها من الصحة”.
وفي أُورُوبا، حصلت ردود أفعال كبيرة، من أشهرها كتاب الخديعة الكبرى 11/9 للصحفي الفرنسي «تيري ميسان» وكتاب (السي أي أيه و11 سبتمبر) للكاتب الألماني «اندريه فون بولو»، الذي فند الخصائص الفنية الصلبة لبرجي التجارة العالمي وأُسلُـوب بنائهما الفولاذي المعد لأن يكون مضاداً للحريق، كما تحدث فون بولوف في كتابه، عن دور واسع للاستخبارات الإسرائيلية (الموساد)، قائلاً “انتشرت الإشاعات بسرعة بأن الإسرائيليين الذين يعملون أَو يزورون مركز التجارة العالمية حصلوا مسبقًا على تحذير بألا يقربوا المكان يوم 11 سبتمبر، ولعل هذا يفسر عدم وجود إسرائيلي واحد بين الضحايا، على الرغم من أن عدد العاملين في مركز التجارة العالمية كان 45 ألفاً”، وهو الأمر الذي نفته إسرائيل لاحقاً، قائلة إن “هناك ما بين 10 إلى 15 % من ضحايا الهجوم يهود”.
أهدافُ السيناريو ودلالةُ صناعة أمريكا للتكفيريين:
يؤكّـد الكاتبُ محمد الفرح في كتابه “شعار الحرية” أن ما أعقب “أحداث الـ11 من سبتمبر” يكشف وقوف واشنطن ورائها بغية تحقيق الأهداف التي أنجزت خلال العقدين الأخيرين، منها احتلال المنطقة واستباحة بلدان عربية وإسلامية بأكملها، في حين يستعرض الفرح جملة من الأدلة التي تثبت عمالة الجماعات التكفيرية للولايات المتحدة الأمريكية، تعيد صحيفة المسيرة عرضها على النحو التالي:
1- الحقيقة التي أكّـدها الكثير من الخبراء في الجماعات التكفيرية، ومنهم بعض من كان مقرباً من أسامة بن لادن وأيمن الظواهري في وقت سابق، بأن داعش هي صنيعة أمريكية عبر حلفاء واشنطن في قطر وتركيا والسعوديّة؛ بهَدفِ ضرب سوريا ومحور المقاومة وإشعال الفتنة المذهبية في المنطقة واستبدال الصراع بين العرب وإسرائيل بالصراع السني الشيعي وبالحرب مع إيران.
2- ما أدلى به الجنرال الأمريكي «ويسلي كلارك» القائد الأعلى السابق لحلف شمال الأطلسي (1997 – 2000) في مقابلة له مع قناة «سي إن إن» الأمريكية، بأن الولايات المتحدة هي من قام بإنشاء داعش عن طريق حلفائها في المنطقة؛ بهَدفِ تدمير حزب الله ومحاربة إيران، مُضيفاً بأن الولايات المتحدة عملت على استقطاب المتطرفين الذين يعتبرون الشيعة أكبرَ عدوٍّ لهم؛ بهَدفِ خوض حرب بالوكالة ضد حزب الله وإيران وحلفائهما في المنطقة.
3- التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء حملته الانتخابية عام 2017م حينما قال: “الرئيس أوباما وهيلاري كلينتون هما مؤسّسا داعش، في الحقيقة، أعتقد أن هيلاري كلينتون إن كنتم في فريق رياضي، فَـإنَّ اللاعب الأفضل سينال جائزة، وتنظيم داعش يرغب في منح كلينتون جائزة أفضل لاعبة”.
4- التصريحاتُ التي أدلى بها «إدوارد سنودن» العميل الأمريكي الفارّ من الولايات المتحدة، والذي سرب تفاصيل برامج التجسس لوكالة الأمن القومي الأمريكية لإحدى الصحف، حَيثُ كشف «سنودن» بأن تنظيم داعش ليس إلا نتاج خطة استخباراتية أمريكية وإسرائيلية وبريطانية، تهدف إلى حماية أمن إسرائيل من خلال استقطاب إرهابيي العالم داخل تنظيم واحد؛ لنشر الفوضى في المنطقة وتدمير دولها وتشويه الإسلام وتكفير بقية المسلمين، ما يعطى إسرائيل والعالـم الغربي فرصة أكبر للسيطرة على ثروات المنطقة.
5- قيام طائرات النقل الأمريكية بتزويد الحركات التكفيرية بالمعدات والأسلحة التي تحتاجها أثناء المعارك التي تخوضها، كما حصل في العراق وفي ليبيا، من خلال إنزال كميات كبيرة من الأسلحة في المناطق التي تسيطر عليها داعش، وعلى الرغم من ادِّعاء أمريكا بأن ذلك حصل عن طريق الخطأ، فَـإنَّ تكرارَ هذا الأمر لأكثرَ من 5 مرات وحصوله في دول مختلفة ومتباعدة يؤكّـد أن الدعم الأمريكي للحركات التكفيرية كان مقصوداً.
6- اعترف الأمريكيون على لسانِ وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، عندما قالت: “دعونا نتذكّر هنا أن الذين نقاتلهم اليوم نحن أوجدناهم منذ عشرين عاماً، وفعلنا ذلك؛ لأَنَّنا كنا عالقين بنضال ضد الاتّحاد السوفيتي الذين غزو أفغانستان ونحن لا نريد أن نراهم يسيطرون على أسيا الوسطى وذهبنا للعمل بواسطة الرئيس ريغان وبمشاركة الكونغرس وقيادة الحزب الديمقراطي وهو قال (الرئيس ريغان): أتعرفون هذه فكرة جيدة دعونا نتعامل مع المخابرات الباكستانية والعناصر الباكستانية ودعونا لتجنيد هؤلاء المجاهدين هذا عظيم، دعوهم يأتوا من السعوديّة وأماكن أُخرى، استوردوا هذه العلامة (الوهَّـابية) للإسلام بحيث نستطيع التفوق على الاتّحاد السوفيتي وخمنوا ما ذا حصل.. لقد انسحبوا وخسروا مليارات الدولارات”.
وبعدَ مرورِ أكثرَ من عقدين على تلك الأحداث المدبرة، يتضح للجميع أن الولايات المتحدة الأمريكية صنعت “الإرهاب” وجعلته غطاء لكل تحَرّكاتها الاستعمارية في المنطقة العربية والإسلامية، حَيثُ أثبتت تجارب السنوات الماضية في أفغانستان وسوريا والعراق وليبيا واليمن أن واشنطن عمدت على أن يسبق احتلالها العسكري لتلك المناطق دخول معلن ومكثّـف للعناصر التكفيرية الإجرامية؛ كي تكون مبرّراً لأمريكا لاستقدام قواتها المحتلّة، وبهذا بات مسمى “الإرهاب” عنواناً لكل مشاريع أمريكا الاحتلالية، ومقرونة جرائمه الوحشية باسم كيان اسمه “الولايات المتحدة الأمريكية”.
صحيفة المسيرة