سبيل نجاتنا، وصلاح حياتنا يكون بالعودة إلى الله، والتطلع إلى الله فيما يقدِّمه لنا

 

 

 

{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ}، هو -جلَّ شأنه- من مقام ربوبيته، ومن مسؤوليته كإله، وكملك وعزيز وحكيم، هو -جلَّ شأنه- (الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ)، وهنا يجدر بنا أن نستفيد من هذا النص المبارك أننا في واقعنا البشري فيما نعيشه من: مشاكل، ومِحن، وأزمات، وهموم، وتضاربات، ورؤى متناقضة، واضطرابات كبيرة في واقعنا البشري، يجب أن نعي أن سبيل نجاتنا، وحل مشاكلنا، وصلاح حياتنا إنما يكون بالعودة إلى الله، والتطلع إلى الله -سبحانه وتعالى- فيما يقدِّمه لنا؛ ليرسم لنا هو -جلَّ شأنه- مسؤولياتنا في هذه الحياة، سبيل الخير، سبيل النجاة، سبيل الفلاح الذي فيه صلاح حياتنا، وحل مشاكلنا في كل مناحي حياتنا، أن نتطلع إلى الله باعتباره -جلَّ شأنه- المصدر لذلك، لا سبيل إلى ذلك إلَّا بالعودة إليه، وهو -جلَّ شأنه- يبتدئنا أصلًا،

لا تكون المسألة –مثلًا– تحتاج إلى أن نطالبه، أن نعمل مظاهرات في الأرض، نتجمع ككائنات بشرية ونعمل مظاهرات في كل أنحاء الأرض: [يا الله نحن نتظاهر لماذا لا ترشدنا، لماذا لا تدلنا على ما به حل مشاكلنا، على ما نصلح به حياتنا، على ما يضبط مسيرة حياتنا كمنهج وكنظام لهذه الحياة، على على… كل ما يتصل بواقع حياتنا التي نعيشها]. |لا|، الله -سبحانه وتعالى- يبتدئ عباده منذ بداية وجودهم، أول ما خلق الإنسان، منذ آدم -عليه السلام- أتى إليه وحي الله، توجيهات الله، تعليمات الله -سبحانه وتعالى- فهو -جلَّ شأنه- يبتدئ عباده، وعلى طول مسيرة التاريخ، منذ آدم -عليه السلام- وأتت الأجيال تلو الأجيال من البشر ويترافق معها نزول الهدى الإلهي، مجيء الهداية الإلهية إلى الواقع البشري، فالله يبتدئ عباده بالهداية، وتأتي إليهم الهداية منه وفق طريقته ووفق سنته التي هي مرتبطة بحكمته، بعزته، بقدسيته -سبحانه وتعالى-.

ثم ما يأتي منه -سبحانه وتعالى- وهو مشروعه لعباده في أرضه من موقعه في الملك والربوبية والألوهية، هو معنيٌ بأمر عباده، ليس فضوليًا يتدخل في شئونهم وليس له علاقةٌ بهم، فيأتي البعض مثلًا يقول: [لماذا يريد الله أن يفرض علينا في حياتنا منهجًا معينًا، ويقدم لنا توجيهات وأوامر ونواهٍ… وغير ذلك]. |لا|، هو -جلَّ شأنه- المعني بأمرنا؛ لأنه ربنا، ملكنا، إلهنا، وهو كذلك العزيز والحكيم، تأبى عزته، وتقتضي حكمته أن يكون له في واقع حياتنا تدخلٌ كامل، تأبى عزته أن يتركنا هملًا، وتقتضي حكمته أن يتدخل في كل شؤوننا بما فيه الخير لنا، فيرسم لنا منهجًا إذا سرنا عليه في هذه الحياة كان بذلك فلاحنا وخلاصنا وصلاح حياتنا، وكان بذلك فوزنا في الدنيا وفوزنا في الآخرة.

{هُوَ} -جلَّ شأنه- من موقع ملكه، وقدسيته، وعزته، وحكمته، {الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً}، ويتسم منهجه ورسالته هذه برحمته، بحكمته، مطبوعةٌ بطابع أسمائه الحسنى: بالرحمة، بالحكمة، بالعلم، بالخير، والعزة…إلخ. فليس فضوليًا، وليست مجرد مقترحات متروكة لمزاجنا، إن نحن رغبنا أن نعمل بها فلا بأس، وإن لم نرغب يمكن أن نتركها، ويكون الموضوع عاديًا وطبيعيًا. |لا|، بل المشروع الإلهي هذا هو ملزم ملزم؛ لأنه من الله -سبحانه وتعالى- الرب الملك للسموات والأرض وللناس، وإذا لم نعمل ولم نقبل بهذه الرسالة الإلهية هناك عقاب، وهناك حساب، وهناك جزاء، هناك عواقب وخيمة للرفض لهدي الله، والإعراض عن هدي الله -سبحانه وتعالى- في الدنيا وفي الآخرة.

 

قد يعجبك ايضا