الجاهلية الأخرى وسبل الخلاص

 

ولاحظوا ما تعيشه البشرية في هذا العصر من أمِّيَّة، في هذا الزمن لا يمكن أن يعالج مشكلة الأمِّيَّة التي نعيشها كعرب في المقدمة قبل كل الشعوب وقبل كل الأمم، ثم من حولنا بقية الأمم، نعيش حالة رهيبة وفظيعة جدًّا من الأمِّيَّة، غير أمِّيَّة الكتابة، وغير أمِّيَّة القراءة، المفاهيم الظلامية والخاطئة، المنتشرة بشكل كبير، والتي لها من يروِّج لها، من ينشرها، والتي لها حضور كبير في المناهج التعليمية الرسمية، وفي وسائل الإعلام، وفي الأنشطة التثقيفية والتعليمية بمختلف أنواعها، حضور واسع جدًّا، لا يمكن أن تتغير هذه الأمِّيَّة التي جعلت الأمة في حيرة وفي تخبط، وانعكست بآثارها السلبية على واقع الحياة، وعلى واقع الإنسان في نفسه، الحالة التربوية، الحالة الأخلاقية، الواقع العملي، الاهتمامات، التصرفات… تأثرت بالثقافة السائدة، وهي ثقافة جعلت الأمة في حالةٍ من الأمِّيَّة الشديدة، أمِّيَّة حينما لا يمتلك الناس الفكرة الصحيحة، الرؤية الصحيحة، الرؤية الرشيدة، التوجه الصحيح، النظرة الواعية إلى الأمور، هذه مفقودة في واقع الأمة إلى حدٍ كبير، ولا يمكن أن يعالجها إلَّا هدى الله، إلَّا الرجوع إلى هذا الهدى، هذا الهدى الذي أنقذنا- فيما سبق- في الجاهلية الأولى، وغيَّر الواقع بشكلٍ جذري، هو فقط الكفيل في الجاهلية الأخرى بإنقاذ الأمة والانتقال بها وانتشالها من هذه الحالة؛ حتى تمتلك- من جديد- رؤيةً صحيحة، رؤية في واقع حياتها، في شئون حياتها، في مواقفها، لمعالجة مشاكلها، لإصلاح وضعها، رؤيةً صحيحة، رؤيةً إلهية، رؤيةً ربانية من هدى الله -سبحانه وتعالى-.

 

{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ}، بعث رسولًا، الله -سبحانه وتعالى- لم يوكل مهمة تغيير الواقع الذي عانى منه المجتمع العربي والمجتمع البشري من حوله، البشرية بكلها؛ لأن رسول الله هو إلى الناس كافة، وليس فقط إلى العرب، في المقدمة كبيئة أولية انطلقت فيها التعاليم الإلهية، وأتت إليها الرسالة الإلهية لتنطلق من خلالها إلى بقية العالم، لم يوكل المهمة الانقاذية أمام ذلك الواقع المأزوم والظلامي الذي يعاني فيه الناس، لا يمتلكون حتى الفكرة الصحيحة للخروج من ذلك الوضع، ولا لإصلاح ذلك الواقع، لم يوكل هذه المهمة- مثلًا– إلى زعيمٍ وطني، فيقول مثلًا: [هو الذي بعث في الأميين زعيمًا وطنيًا]، أو [زعيمًا قوميًا]، أو مثلًا يقول: [هو الذي بعث في الأميين عالمًا دينيًا]، أو بأي تعبيرٍ من التعبيرات الأخرى.

الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام

 

السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي

من المحاضرة الأولى من سلسلة محاضرات المولد النبوي 1440هـ

قد يعجبك ايضا