من مواصفات الرسول الكريم وأتباعه الصادقين
{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}، في موقع الهداية والقيادة والقدوة والأسوة، حجةً لله على عباده.
{وَالَّذِينَ مَعَهُ}، وتعني الأتباع الحقيقيين الصادقين، الذين تتحقق في واقعهم هذه المواصفات، ويتميزون بها عن غيرهم من المنتمين والمدعين غير الصادقين، (مَعَهُ) إيمانًا واتباعًا، (مَعَهُ) في منهجه، (مَعَهُ) في موقفه وفي مسيرته، وتشهد لهم هذه المواصفات: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ}، الكفار هم المحاربون للرسالة الإلهية، الصادون عنها، والمعارضون لها، وهم جبهة الشر، ومنبع الفساد، وحركة الضلال، هم الطاغوت المستكبر الذي يحارب مبادئ الرسالة الإلهية، وقيمها، وأخلاقها، ومنهجها الحق، وعدلها الذي يحتاج إليه الناس، وهم أولياء الشيطان الذين عن طريقهم يسعى لتصفية حسابه مع بني آدم، إنهم على النقيض من المبادئ الإلهية، ففي مقابل أنَّ الرسالة الإلهية تحرر الإنسان، فهم يسعون إلى استعباده، وفيما هي تكرِّمه، فهم يهينونه، وينحطون به عن المرتبة الإنسانية، وفيما هي تزكيه وتصلحه، هم يعملون على إفساده بكل الوسائل ويدنسونه، وفيما هي تقدِّم له العدل في مبادئها وقيمها وتعليماتها ومنهجها، فهم يظلمونه ويقهرونه، إنهم يتحركون في كل زمن، بكل ما أوتوا من قوة، وبكل إمكاناتهم، وبكل الوسائل ومختلف الأساليب لمنع الناس من الإتِّباع للأنبياء، وصدهم عن التمسك برسالة الله تعالى في تعاليمها ومبادئها القيِّمة، وبالذات فيما يخالف أهواءهم ورغباتهم ومطامعهم، ويحاولون بكل جهدهم تشويه الرسالة الإلهية وتحريفها.
والبدائل التي يقدِّمونها ويسعون لفرضها على الناس، هي بدائل ظلامية، ومضلة، وظالمة، وفاسدة، وهم على الدوام في موقع العدوان والتسلط والظلم؛ ولذلك فلا يتهيَّأ التمسك بالرسالة الإلهية، والالتزام بتعاليمها، والثبات على منهجها، إلَّا بالصمود في وجههم، والتصدي لعدوانهم وشرهم، ورفض إملاءاتهم، والتحرر من هيمنتهم، والامتناع من التبعية لهم.
وهم في موقع المعتدي، المحارب، المعاند، المستكبر، الساعي للسيطرة، والمحاول لفرض أهوائه بالجبروت، والخيارات تجاه سياساتهم ومؤامراتهم تنحصر بين القوة والعزة والثبات والشدة، أو الخنوع والذلة والاستكانة والتراجع، ولن تكون الذلة والدنية والخنوع خيارًا إيمانيًا، فالله تعالى يقول في هذا النص المبارك: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ}[الفتح: من الآية29]، ويقول في آيةٍ أخرى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون: من الآية8]، ويقول تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}[المائدة: من الآية54]، إنَّ الشدة هذه تتجلى موقفًا قويًا صريحًا معلنًا لا ضبابية فيه، وتتجلى ثباتًا وتمسكًا وإباءً وصلابةً، وتتجلى جهادًا وتضحيةً وصمودًا مهما امتلك الطاغوت من وسائل الجبروت، وتتجلى تماسكًا واستمرارًا وعزمًا.
ثم يقول تعالى: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح: من الآية29]، فهم رحماء؛ لأن شدتهم ليست عدوانيةً، ولا توحشًا، ولا نزعةً اجرامية؛ إنما هي حيث يجب أن تكون، وبمقتضى الحكمة والحق، وضوابط الأخلاق والقيم، وهي نابعةٌ من قوة إيمانهم، ومحبتهم للخير، وللمبادئ الإلهية ومكارم الأخلاق، ومن مقتهم للظلم والشر والفساد والإجرام.
أمَّا فيما بينهم فهم رحماء، وتتجلى هذه الرحمة في إحسانهم ومعروفهم، وفي تعاملهم، وفي اهتماماتهم، وفي علاقاتهم، في كلامهم وفي أفعالهم، وهذه الرحمة فيما بينهم هي عاملٌ من عوامل وحدتهم، وإخائهم، وقوتهم، وتماسكهم، ونجد القرآن الكريم يقدِّم هذه المواصفات في آياتٍ أخرى، مثل قوله تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}[المائدة: من الآية54].
{تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا}[الفتح: من الآية29]، فهم خاضعون لله تعالى، يعبدونه ويعبِّدون أنفسهم له، ويخلصون في أعمالهم، فليست تحت سقف الأطماع الدَّنية، ولا الأهداف الشخصية، ولا الاستغلال الرخيص، بل كما قال تعالى: {يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا}[الفتح: من الآية29]، فهم قد توجَّهوا بآمالهم وبكل رغباتهم فيما يسعون للحصول عليه، والوصول إليه، إلى الله تعالى في فضله العظيم، وفي رضوانه الأكبر، وما يندرج تحت هذا العنوان من التفاصيل الكثيرة، وهم الشامخون، العالية رؤوسهم، الأعظم صلابةً من الفولاذ والحديد في مواجهة الأعداء، والخاشعون، الخاضعون، الساجدون لله تعالى رب العزة،
وقد ارتسمت هذه المواصفات جليةً واضحةً في مسيرة حياتهم ومواقفهم، كما ارتسمت معالم السجود لله تعالى، والخضوع له في وجوههم، هكذا كانت مسيرة رسول الله “صلى الله عليه وآله” وأتباعه الحقيقيين الصادقين، وهكذا انتصرت في بدايتها، وهكذا تبقى في امتدادها الصحيح والصادق والأصيل، وهي قبل ذلك مسيرة الرسالة الإلهية لكل الرسل والأنبياء، في عنوانها واسمها العظيم وهو الإسلام، كما قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}[آل عمران: من الآية19]، وكما قال عن نبيه وخليله إبراهيم: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[آل عمران: الآية67]، وقال تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران: الآية68].
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي
من خطاب السيد في ذكرى المولد النبوي الشريف 1442 هجرية