الفهم المغلوط للقرآن حط من عظمة القرآن وحكمته

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

الاستواء على العرش معناه: ثم اتجه نحو تدبير شؤونه، هو خلقه ثم دبره، وجاء صريحاً هذا في أول [سورة يونس]، ومعظم ما تأتي عبارة: [استوى على العرش] تأتي في مقام عرض لمظاهر قدرته سبحانه وتعالى ففي أول [سورة يونس] يقول تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} (يونس: من الآية3) يدبر الأمر.. وهم يقولون: [استواء يليق به، وفي الأثر: استواء يليق به!!] وأينما وصلنا عند: [استوى على العرش]: استواء يليق به!

فهم مغلوط للقرآن، بل حط، حط لعظمة القرآن وحكمته. أي: أنه خلق وعندما خلق هذا الكون الفسيح ذو الشؤون، ذو الشؤون الكثيرة لم يتخلّ عنه، هو وليه، هو ملكه، هو من يدبر أمره، هو حكيم، هو حكيم لا يخلق شيئاً هناك ثم يرم به، ثم ما عاد له حاجة منه.

اتجه إلى تدبير شؤونه، وهذا ما يعني في اللغة العربية، العرب يسمّون المُلك والسلطان ولاية الأمر يسموها العرش، عرش المملكة، هو أساساً مأخوذ – في لغة العرب، وفيما هو معروف – من الأشياء عند الملوك هو أن يكون للملك عرش يجلس عليه، لا يجلس عليه إلا الملك، حتى ولي العهد يكون له مقام آخر، هذا العرش الذي هو أصله كرسي، كرسي مزخرف كبير مفخم، يضفي على الْمَلِك هيبة أيضاً. عرش، عرش تكرر في الذهنية استخدام [عرش .. عرش..] ثم أصبحت العبارة تعني: المملكة والملك.

والقرآن الكريم هو قرآن عربي، هو قرآن عربي، بلسان العرب، وبأساليب العرب يتحدث، فقال: هو خلق هذا العالم السموات والأرض، ثم اتجه نحو تدبير شؤونها؛ لأنه ملكها، عبر عن المسألة بالعبارة المعروفة لدى العرب [الاستواء على العرش].

أذكر أنه في الأردن قبل فترة طُبِع دينار أردني مكتوب فيه: [بمناسبة مرور خمسة وعشرين عاما من الاستواء على العرش] أو بعبارة تشبه هذه، في الدينار الأردني طبعوه، معروف إلى الآن.

ألسنا نقول: أن المسؤول همه الكرسي، ماذا تعني هذه، عبارة [كرسي]؟ المنصب، المقام، الرتبة التي هو فيها، لا تزال الكلمة معروفة لدينا إلى الآن تستعمل، التعبير عن الملك، عن المنصب، عن المقام بما هو عادة يكون متوفراً لدى الملوك ولدى المسؤولين، فنقول: الرئيس ما همه إلا الكرسي، رئيس الوزراء همه الكرسي، وزير الخارجية همه الكرسي، ألسنا نحن نقول هكذا؟.

الذي يسمعك تقول ما همه إلا الكرسي، هل ممكن أن يقول لك: [يا أخي نحن سنبحث له عن كرسي ونوصله إلى بيته من غير أن يزعجنا]، هل أحد سيقول كذا؟. لا أحد يقول لك هذا، هو فاهم أنه يعني: همه المنصب، همه الملك، همه الزعامة.

{إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} مثل عبارة سورة الحديد {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}(يونس3) تذكرك نفس الآيات في [سورة الحديد]. بما هو بمعنى: يدبر الأمر الذي جاء في [سورة يونس] {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}(الحديد4) أليس هذا هو تصرف المُلْك، تصرف الْمَلِك؟. هذا معنى {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ}.

{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}(الحديد: من الآية4) هو معنا، عندما يحاول المتكلمون دائماً أن يعملوا التعريفات لكل شيء فلا يدعوا الموضوع للمعرفة الفطرية الجُمْلِيَّة تحدث إشكالات، أقل ما يحدث فيها هو تضييق، تضييق المفهوم الذي فيما لو تركت المفردة تتجه نحو الوجدان سيكون بالشكل الذي أيضاً لا يكون فيه ما يتنافى مع توحيد الله سبحانه وتعالى، ما لا يكون فيه ما هو تشبيه لله.

{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} لا يغيب عنكم، رقيب عليكم، عليم بكم، يحصي عليكم كل شيء، قادر على أن يرعاكم، يعلم كل الحالات والظروف التي تمرون بها، عليم بذات الصدور.

{وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، هو يعلمها ويعلم ملابساتها، ويعلم دوافعها، ويعلم غاياتها. {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}(الحديد:5) هذه الآيات هي تختلف عن الآيات التي يعدد فيها النعم، أليس كذلك في نفس الأسلوب؟.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن

معرفة الله -عظمة الله – الدرس (6)

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي

بتاريخ: 23/1/2002م

اليمن – صعدة

قد يعجبك ايضا