الخيار الإيماني أساس الحياة السعيدة
أفضل خيارٍ يختاره الإنسان لمسيرة حياته؛ باعتبار الحياة الطيِّبة، والمكاسب الحقيقية التي يرجوها لنفسه، والمصالح الحقيقية التي يريدها لنفسه، هو: الخيار الإيماني، الخيار الإيماني هو أفضل خيارٍ تختاره لتبني مسيرة حياتك عليه وعلى أساسه، هو الأرضية الصلبة المتماسكة التي تبني عليها واقعك ليكون واقعاً صحيحاً يتناسب مع ما يريده الله لك من الخير، وما هيَّأه الله لك في هذه الحياة من عوامل الخير، وعوامل الحياة الطيِّبة والفوز، ثم ما وراء ذلك في مستقبلك الأبدي والدائم والكبير في عالم الآخرة.
في هذه الآية المباركة عندما قال الله “سبحانه وتعالى”: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، يتبيَّن لنا أهمية هذا الإيمان؛ باعتبار أنه الذي يتحقق لك به أسمى الغايات، وأعظم النتائج، ويقيك أكبر الخسارات، أيُّ خيارٍ آخر حتى لو حصَّلت من خلاله مكاسب معينة، فهو في مقابل خسائر رهيبة وكبيرة جدًّا، إلى درجة أننا عندما نقيس المكاسب بالخسائر في أي خيارٍ آخر؛ تطلع تلك المكاسب لا شيء في مقابل الخسائر الكبيرة.
إذا اخترت لنفسك خطاً آخر منحرفاً عن الإيمان، وتجعل من حالة الانحراف تلك وسيلةً للحصول على مكاسب مادية مثلاً، وهذا ما يفعله الكثير من الناس: في مقابل أن يحصل على أموال كبيرة وإمكانات- وقد لا يصل إلى هدفه في ذلك- يمكن أن يقف في صف الباطل، يمكن أن يرتكب المعاصي، يمكن أن ينحرف عن خط الإيمان في كثيرٍ من سلوكياته وتصرفاته، يمكن أن يعمل المحرمات، ويقترف المعاصي والذنوب، هدفه
من ذلك: أن يجني مكاسب وفق أهدافه وآماله، مكاسب مادية معينة، أو مكاسب أخرى، مثلاً: على مستوى منصب معين يجمع له بين المال والجاه، والسلطة والنفوذ، هو في المقابل إذا جئنا لنقيس ما كسب، والكثير من الناس يكسبون أشياء ضئيلة جدًّا في واقع الأمر، أشياء تافهة جدًّا،
ولا يصلون حتى إلى مستوى ما يوعدون أو يمنيهم البعض به، في مقابل أنهم اقترفوا معاصي، أو جرائم، أو ذنوب، أو انحرفوا عن خط الإيمان بأي شكلٍ من الأشكال، أو وقفوا في صف الباطل، لكنهم في المقابل خسروا صلتهم بالله “سبحانه وتعالى” بكل ما يترتب عليها، على مستوى الشعور بأنك مع الله، وعلى ما يترتب على ذلك من عطاء الله الواسع، من رعايته الواسعة على المستوى النفسي وفي مسيرة الحياة،
خسروا ما كانوا سيحصلون عليه من الله بالحياة الطيِّبة، وبالجزاء العظيم الذي منه الجنة: الحياة الأبدية السعيدة الهانئة، التي فيها أسمى ما يمكن أن تطمح إليه، بل أكبر من مستوى كل طموح على مستوى النعيم والراحة الأبدية والدائمة، وفي المقابل تورَّطوا إلى أن يسببوا لأنفسهم سخط الله، والشقاء في الدنيا بأشكال متنوعة.
قد يأتي الشقاء حتى لمن جمع مالاً من الحرام، وهو في مستوى تاجر بشكلٍ أو بآخر، فلا يسعد بما معه من إمكانات مادية، قد يأتي الشقاء لمن هو في منصب وصل إليه بأساليب محرمة، وبمظالم رهيبة، وبوسائل محرمة، فيجد نفسه ليس سعيداً، ولا يعيش الحياة الطيِّبة، وهو في ذلك المنصب قد يكون البعض ملكاً أو أميراً، قد يكون البعض وزيراً، قد يكون البعض في مستوى معين، لكنه لا يعيش الحياة الطيِّبة، لا يحيى الحياة الطيِّبة، ومستقبله الأبدي مستقبل خسارة أبدية، وخسارة رهيبة جدًّا،
تلك الخسارة التي أول ما يصل الإنسان إليها، يرى أنما كان قد أمَّل أنه رِبْح، أمَّل فيه أنه خير، أمَّل فيه أنه سعادة، لا شيء في مقابل تلك الخسارة الرهيبة والأبدية، ولهذا يأتي في القرآن الكريم أيضاً في قول الله “سبحانه وتعالى”: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[العصر: 1-3] ما يؤكِّد هذه الحقيقة: الإنسان هو في خُسْر، يعيش فيما يقدِّمه من جهود، ما يعمله من عمل إذا كان خارج خط الإيمان، خارج هذا المسار الذي رسمه الله “سبحانه وتعالى” للربح والفوز والسعادة والحياة الطيِّبة، فهو يشقي نفسه، هو يحمِّل نفسه الأوزار والذنوب، والتي يترتب عليها الخسارة الأبدية، والشقاء الأبدي، والعذاب الشديد والعياذ بالله.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
من كلمة السيد عبدالملك الحوثي بمناسبة الذكرى السنوية لجمعة رجب 1442هـ