المشروع القرآني.. مشروع وعي وبصيرة وتزكية

المشروع القرآني الذي تحرك به السيد/ حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- هو مشروعٌ عظيم، ينطلق– كما قلنا- من قراءة واعية عن العدو، عن الأحداث، عن مسارات هذه الأحداث، عن المجالات التي يتحرك فيها العدو: سياسياً، إعلامياً، اقتصادياً، بالتضليل الثقافي والفكري، بالاستغلال لمشاكل هذه الأمة التي تكاثرت عبر قرونٍ من الزمن، بالتوظيف والاستغلال لكثيرٍ من الأحداث والأزمات والمشاكل… وعي بالعدو، بأساليبه، بمكائده، بمخططاته، بطبيعة هذا الصراع، وطبيعة هذه المعركة، ويعتمد على القرآن الكريم، وعلى النظرة الواعية إلى الواقع، والفهم الصحيح لهذا لواقع، على مبدأ (عينٌ على القرآن، وعينٌ على الأحداث).

هذا المشروع القرآني أيضاً يركز على الساحة الداخلية في تحصينها؛ لأن القرآن الكريم كلما تحدث لنا عنهم كأعداء يركز على أن يصيغ لنا رؤية صحيحة، نظرة صحيحة، فهماً صحيحاً عن هذا العدو كعدو، عن أساليبه، عن مكائده، عن النقاط الخطرة التي ينفذ من خلالها في معركته معنا كأمةٍ مسلمة؛ فيتجه المشروع القرآني إلى تحصين الأمة من الداخل، وفق الهداية القرآنية التي تركز على هذه النقطة بشكلٍ جوهري، ويركز القرآن الكريم على رؤية واسعة وكاملة، وفي نفس الوقت تعبئة معنوية عالية، وتربية على الشعور بالمسؤولية بشكلٍ كبير، وإيجاد طاقة معنوية هائلة لتحمل المسؤولية، والانطلاقة كما ينبغي في مواجهة هذه التحديات.

فالمشروع القرآني يمتلك بخصائص القرآن الكريم، وما يتميز به القرآن الكريم، وبارتباطه بالواقع، وملامسته لهذا الواقع، وصلته بالأحداث والظروف، وعلاقته بكل هذه المجالات في واقع الحياة، يمتلك مقومات عظيمة وفريدة ومهمة، يوفر الوعي، وأول ما نحتاج إليه في هذه المعركة هو الوعي، عندما تستقرأ في ساحتنا السياسية في عالمنا العربي والإسلامي تشاهد أن هناك أزمة خطيرة جدًّا ومشكلة حقيقية في الوعي، كم تسمع من التحليلات السياسية، والقراءة للأحداث، والنظرة إلى العدو، وتجدها- في كثيرٍ من الحالات- منعدمة ومفلسة في الوعي، كم تجد من الكتابات والأبحاث والمقالات والدراسات تفتقر إلى الوعي، كم تجد من التعليقات والبرامج وهي مفرغة من كل مضمونٍ واعٍ ويصنع الوعي في الساحة، فهناك مشكلة كبيرة يستفيد منها العدو؛ ولهذا لاحظ عندما يأتي العدو ليقدم عنواناً معيناً،

يخدع به الكثيرين، الكثير من أبناء الأمة لم يفهموا بعد أن العدو سيركز على عناوين داخلية من داخل الساحة الإسلامية والعربية، وأنه سيستغل هذه العناوين ويحرك فيها الكثير من الناس، بمجرد أن يشغِّل العنوان التكفيري الطائفي فيتجه الكثير من السذج والبسطاء والمغفلين ومنعدمي الوعي ليتحركوا بكل تفانٍ، وينفذوا خدمة كبيرة جدًّا للأمريكي والإسرائيلي بمجرد أن رفع لهم عنواناً معيناً، وشغَّل مع هذا العنوان بعض ما يتصل به من أدبيات، من شكليات، من أساليب معينة، هو يصمم ويصنع عناوين بما تحتاج إليه هذه العناوين، يحرك عنواناً هناك وعنواناً هناك وعنواناً هناك، ويحرك تحت هذا العنوان الكثير هنا وهناك، والبعض قد يعون أنها مجرد عناوين، ولكن قد يعجبهم ذلك؛ قد أصبحوا على تبعية تامة بالأمريكي، ويفهمون أن المسألة مسألة عنوان، ويعجبهم أن يكون هناك عنوان للتستر والتخفي تحته، عناوين للتمويه.

 

وهكذا تعتبر هذه المعركة معركة مهمة نحتاج فيها إلى الوعي، نحتاج فيها إلى زكاء النفوس؛ لأن العدو يستغل أسلوباً خطيراً في نشر الفساد في أوساط الأمة، والعمل على ضرب حالة الزكاء في النفوس، حالة القيم، حالة الأخلاق، الحالة المعنوية من الداخل في نفوس الناس، القرآن الكريم يقدم هذه الميزة على أرقى مستوى، كتاب تزكية للنفوس، والمشروع القرآني المستمد من القرآن الكريم أيضاً يكتسب هذه الميزة من القرآن الكريم ومن نوره وهدايته؛ فيقدم ما يساعد- كمنهج وكتربية وكمسار عمل- على تزكية النفوس لمن يتفاعل طبعاً، لمن يصدق في ارتباطه بهذا المشروع، يقدم أيضاً حالة عالية من الاستشعار للمسؤولية، وهذه مسألة مهمة في واقع الأمة؛ لأنها ضُرِبت على مرِّ التاريخ،

مراحل كثيرة جدًّا استهدف فيها هذا الجانب في واقع المسلمين، جُرِّدوا في كثيرٍ من بلدانهم من الإحساس بالمسؤولية، ومن الشعور بالمسؤولية العامة، وألغيت مبادئ مهمة في هذا الدين وشطبت، وغيِّبت عن الخطاب الديني وعن التعليم الديني؛ حتى أصبح الكثير من المسلمين لا يرون في الإسلام إلا طقوساً وعبادات وبعضاً من المعاملات، أما هذا الجانب المهم في الشعور بالمسؤولية أن نكون أمة تسعى إلى إقامة الحق، إلى التصدي للباطل والطاغوت، إلى مواجهة الظلم والاستعباد، إلى التصدي للأعداء.. كل هذه المفاهيم شطبت من نفوس الكثير، لا توعية ولا تربية، لا تثقيف، ولا تعليم، ولا بناء، ولا مشاريع عمل قائمة على أساس ذلك.

المشروع القرآني أيضاً يلحظ- مع مسألة الوعي ومسألة الزكاء للنفوس- برامج العمل والتعبئة المعنوية، برامج عمل، أنشطة عملية في كل المسارات: العدو يشتغل سياسياً، كيف نتصدى في الساحة السياسية؟ يشتغل إعلامياً، كيف نتصدى في الساحة الإعلامية؟ يشتغل على المستوى الاقتصادي، كيف نحمل رؤيةً اقتصادية تبنينا من جديد كأمة منتجة، وتعطي أولوية للمسائل المهمة جدًّا في عملية الانتاج الاقتصادي، وتعي أهمية الخلاص من التبعية للأعداء، رؤية متكاملة في هذا الاتجاه؟ ثم على المستوى الفكري والثقافي، كيف ننقي ثقافتنا وفكرنا من كل الشوائب التي تضربنا في ساحتنا العملية في واقع حياتنا، تجعلنا نتجه عملياً الاتجاهات الخاطئة؟ وهكذا نجد في المشروع القرآني الشمولية والتكامل الذي يلحظ كل الساحات وكل المجالات وكل الاتجاهات، ويلحظ أيضاً في شموليته التحرر من الأطر الضيقة التي تكبِّل الأمة، على مستوى: الأطر الجغرافية، أو الأطر المذهبية، أو الأطر… في أي شكلٍ من أشكالها الضيقة التي تكبل الأمة.

الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام

 

السيد حسين بدرالدين الحوثي

من كلمة السيد في ذكرى الشهيد القائد 1440هـ

 

قد يعجبك ايضا