المشروعُ القرآني.. النورُ الذي فضح “ظلامَ أمريكا”

||صحافة||

 

لم يَسْلَمِ العالَمُ والبُلدانُ العربيةُ والإسلاميةُ، واليمن تحديداً، من شَــرِّ وفسادِ وأطماعِ ومؤامراتِ واشنطن.

أمريكا كدولةٍ حملت معها الشَّرَّ والدمارَ للعالم منذ اعتلت قيادة العالم المستكبر بعد الحرب العالمية الثانية، ومنحت لنفسها الحَقَّ في أن تدخل وتعبث في شؤون وحياة الشعوب والبلدان الأُخرى، منطلِقةً في تبنِّيها وانصياعِها للصهيونية العالمية كقوةٍ عسكرية واقتصادية عُظمى بنت إمبراطوريتها على دماءِ وثرواتِ الشعوب المستضعفة وعلى السياسات التآمرية والمخطّطات الخبيثة، كاستراتيجية صهيوأمريكية تفرضُ مشاريعَها الاستعماريةَ وهيمنتَها الأُحاديةَ على العالم، وتوغل في المزيد من الجرائم والدمار للبلدان والشعوب المستهدفة والمستضعفة، حسب استراتيجيتها ومصالحها المزعومة، والتي لا ترى ولا تؤمنُ بأية مصالح أَو حقوق أُخرى تتعارض مع مصالحها وأطماعها في عالم هو أشبه بغابة لا يستحقُّ الحياةَ فيها إلَّا للقوي.

لم تَسْلَمِ الشعوبُ العربية والإسلامية وبلدانُها من خطورة التحَرّكات الأمريكية ومخطّطاتها الخبيثة وأطماعها في ثروات بلدانها وشعوبها وسرقتها فعلياً أَو عن طريق أدواتها العملاء من الأنظمة العميلة التي وضعت نفسها رهينة للتبعية الأمريكية الصهيونية، ولم تكن اليمن بمنأًى عن الاستهداف الأمريكي، بل إنَّ أمريكا قد وضعت اليمنَ على رأسِ قائمةِ أولوياتها وأجنداتِها واستراتيجياتِها التي سعت وتسعى من خلالها للهيمنة على هذا البلد وشعبه، ووضعِ يدِها على ثرواته ومواقعه الاستراتيجية المهمة.

وَكشفت الأحداثُ التاريخيةُ لليمن عبر مراحل ومحطات فارقة مرت عليها الكثير والكثير مما أثبتته الحقائقُ والوقائعُ التي كشفت عن أطماع أمريكا في اليمن ومخطّطاتها التآمرية عليه وتحَرّكاتها الفعلية التي تسير وفق السعي الحثيث للسيطرة عليه واحتلاله.

وفعلاً فقد بدأت خطورة تحَرّكات أمريكا للسيطرة على اليمن بعد حادثة المدمّـرة “كول” المفتعَلة التي استخدمتها أمريكا كعنوان لـ “الإرهاب”؛ تمهيداً لتدخلها المباشر في اليمن للسيطرة عليه، واحتلاله في تلك الفترة وتحديداً عام٢٠٠٠م عند حدوث مسرحية المدمّـرة كول، وتلتها أحداث ١١سبتمبر٢٠٠١م، حينها كانت المخطّطات التآمرية الأمريكية الصهيونية تحاك ضد بلدان وشعوب المنطقة العربية والإسلامية، وكانت على رأس أجندتها وأولوياتها.

 

المشروعُ القرآني يُضيءُ الأرجاء:

اليمنُ التي كانت غارقةً في بحر من التجاذبات، يقودها نظامٌ مرتهنٌ لأمريكا وصراعات سياسية ومذهبية وثقافة وهَّـابية متوغلة في أوساط المجتمع وانحرافات وخدوش استهدفت الهُــوِيَّةَ الإيمَـانية والوطنية للشعب اليمني.. تلك الحالةُ المزرية التي كانت مسيطرةً على اليمن ومتفشيةً على المستوى الإقليمي وعلى مستوى المنطقة إلا ما ندر –في استثناء الثورة الإسلامية في إيران والحركة التحريرية المقاومة في جنوب لبنان (حزب الله)– في هذه الفترة والحقبة التاريخية الفارقة حصلت في اليمن ولادةُ المشروع القرآني الذي تحَرّك به الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي -رضوان الله عليه- وقدّمه للأُمَّـة كحركةٍ ثقافيةٍ توعويةٍ جهاديةٍ مصدرُها وحركتُها من القرآنِ الكريم.

ومن خلال محاضراته كان الشهيد القائد يقرأُ واقعَ الأحداث بعينٍ قرآنيةٍ ثاقبةٍ، ويكشف من خلالها نوايا أمريكا السيئةَ تجاه اليمن والمنطقة، ويسبقُ الجميعَ في كشف مخطّطاتها التآمرية وخطرها في تلك الفترة، حَيثُ قال في إحدى محاضراته ١1/2/٢٠٠٢م «سمعنا في هذا الأسبوع ما يؤكّـد فعلاً أن الأمريكيين شئنا أم أبينا سيصنّفون اليمن دولةً إرهابية، وأنهم سيعملون على أن يكون لهم وجودٌ هنا في اليمن وقواعد في اليمن؛ أي أن يسطروا على اليمن سيطرةً مباشرةً، أما الهيمنة فهي قائمة وكلّ الدول العربية تخضع لأمريكا في مختلف شؤونها».

وفي السياق، كان الشهيد القائد يحث الناس على التحَرّك، وأن يرفعوا أصواتهم بالصرخة ضد أمريكا وضد “إسرائيل”، وأن يعلنوا سخطهم ضد التواجد الأمريكي.

في اليمن كانت كُـلّ المؤشرات تتجه إلى ما حذر منه الشهيد القائد، وما تنبه له في تلك الفترة من خطورة مخطّطات وتحَرّكات أمريكا في المنطقة واليمن تحديداً؛ فقد كانت مسرحية المدمّـرة كول في عدن عام ٢٠0٠م ركيزة محورية استندت عليها أمريكا في فرض سيطرتها العسكرية والأمنية والسياسية على اليمن، واستخدمتها ذريعةً للسيطرة والتحكم بالسواحل اليمنية واستباحة الأجواء وإنشاء القواعد العسكرية، وعملت أمريكا على إعادة المقاتلين من أفغانستان إلى اليمن بعد أن استخدمتهم في قتال السوفييت في ثمانينيات القرن الماضي.

وقد استخدمت أمريكا وجودَهم في اليمن؛ لفَرْضِ تواجُدِها العسكري؛ بذريعةِ أن اليمن أصبح ملاذاً لمن “سمّتهم” الإرهابيين الذين هم صنيعتُها أصلاً!.

وكان الشهيدُ القائدُ يقرأُ الأحداثَ بعين القرآن، ويستشفُّ المستقبلَ من خلال الأحداث التي لها انعكاسات ومآلات على مستقبل الأُمَّــة ومستقبل الشعب اليمني فقد قال الشهيد القائد: «إذا ما دخل الأمريكيون بأنفسهم إلى بلداننا سيذلون الناس وسيحاربون الدين من داخل البلاد، سيذلون كُـلّ إنسان سيقهرون اليمنيين وسينهبون خيرات بلادنا ويتحكمون في كُـلّ شيء وهم سيبنون قواعد عسكرية لهم هنا وهناك ولا يسمح لليمنيين بأن يدخلوا إليها، وهم إذَا ما تواجدوا في قواعد لن تكون قواعدهم إلَّا في أماكنَ استراتيجية مهمة داخل اليمن فَـإنَّهم حينئذ يكونون قد خنقوا اليمن وأمسكوا بزمام أمر اليمنيين»، وهذه حقائقُ سردها الشهيدُ القائدُ -رضوانُ الله عليه- قبلَ أكثرَ من عشرين عاماً، وصرنا جميعاً نشاهدها أعلاماً على حقائقَ، حَيثُ بسط الأمريكي قواعدَه في المناطق الاستراتيجية والنفطية والسواحل والجزر التي تحتلُّ أهميّةً استراتيجيةً هي محَلُّ أطماع قوى العالم المستكبر.

 

مسرحياتُ أمريكا على لسان الشهيد القائد:

أيضاً كشف الشهيدُ القائدُ مخطّطاتِ أمريكا و”إسرائيل” ونواياهم الخبيثة تجاه اليمن، وقال سلامُ الله عليه: «الأمريكيون يصنعون أحداثاً إرهابيةً في اليمن قريبةً من مواقع مرتبطة بمصالحهم، أَو منشآت تابعة لهم، أَو يعملون أعمالاً ترهبُ الدولةَ نفسها، ثم يقولون: أرأيتم؟ إنكم بحاجة إلينا، ثم نسمع فيما بعدُ عن وصولِ جنودهم إلينا»، وهنا استشرف الشهيدُ القائدُ مستقبلَ اليمن في ظل التحَرّكات الأمريكية قبل عَقدَين، حَيثُ رأى الجميعُ ما حصلت عليه أمريكا من مزايا استعماريةٍ عسكريةٍ في اليمن عقبَ كُـلّ مسرحية اصطنعتها، بدءاً من مسرحية المدمّـرة كول، ومُرورًا بما حصل في البيضاء، وُصُـولاً إلى العدوان على اليمن.

تلك العينُ القرآنيةُ الثاقبةُ التي رأى بها الشهيدُ القائدُ واقعَ الأحداث وخطورةَ المرحلة على اليمن والمنطقة من المخطّطات والتحَرُّكات الأمريكية الخبيثة تجلت حقائقُها وانعكست آثارُها على المراحل التاريخية التي أعقبت تلك المرحلة، ففي الفترة ما بين ٢٠٠١م -٢٠١١م تمكّنت أمريكا خلالها من إحكامِ السيطرة العسكرية والأمنية والإخضاع السياسي لليمن، وُصُـولاً للتحكم بالإعلام والخطاب الديني وتغيير المناهج التعليمية والسيطرة على كُـلّ شيء، وكانت الطائرات الأمريكية تنتهك السيادة اليمنية يوميًّا، وتنفذ غارات القتل وتحلق وترصد أجواء كُـلّ جغرافية اليمن البرية والبحرية، حَيثُ نفذت أمريكا أول غارة جوية على اليمن عام٢٠٠٢م، مستهدفةً من زعمت أنه المسؤول عن تدمير المدمّـرة كول (أبو علي الحارثي)، ثم لم تتوقف بعدها غاراتُ القتل الأمريكي لليمنيين، واستباحةُ طائراتها للأجواء اليمنية، وعملياتُ التحليق والرصد المُستمرّ والاستطلاع ومع هذه الانتهاكات استقدام متواصِل للقوات العسكرية الأمريكية، حتى قيام ثورة ٢١ سبتمبر ٢٠١٤م.

الشهيد القائد عندما تحَرّك من خلال المشروع القرآني والثقافة القرآنية كان هذا التحَرّك من منطلق المسؤولية أمام الله -سبحانه وتعالى- وأمام الأمة الإسلامية وفي مرحلة هي الأخطر على الأُمَّــة من التحَرّك الصهيوأمريكي تجاه اليمن والمنطقة، وذهب الشهيدُ القائد في محاضراته إلى أبعد مدى في طرحِه القرآني الثاقب الذي فضح وعرَّى المشروعَ الصهيوأمريكي الذي تسعى واشنطن إلى أن تفرضَه على شعوب اليمن والمنطقة، فقال حينها الشهيد القائد -سلام الله عليه-: «الاستعمار الحديث جاء تحت عنوان خبيث باسم مكافحة الإرهاب، فهم معهم مجموعة (القاعدة وداعش) يسمونهم إرهابيين يقسمونهم على المناطق وفي الأخير يقولون: نريد ندخل نطردهم. ويدخلون البلادَ ويحتلونها، وفي اليمن تدخلوا باسم مكافحة الإرهاب وملاحقة إرهابيين، والهدفُ استعمارُ البلاد وإفسادُ الناس ومحاربةُ الدين».

ومع ما عاشته اليمنُ والمنطقةُ من أحداث، فقد كشفت الأيّامُ والمراحلُ التاريخيةُ المتعاقبةُ صحَّةَ وصدقَ ما نبَّه وحذَّر منه الشهيد القائد، فالشواهدُ والأحداثُ التي وقعت في اليمن والمنطقة حية وشاهدة، وخير دليل على ذلك ما حدث في العراق وسوريا وأفغانستان واليمن، وغيرها؛ ما يؤكّـد حقيقةَ ما قاله الشهيد القائد تجاه المخطّط الصهيو أمريكي الذي يحاك لأمتنا الإسلامية.

 

حصادُ أمريكا “المفضوح”:

إِنَّ التحَرُّكَ الأمريكي في اليمن ومخطّطاتِه التي كانت تفضي للسيطرة عليه حقيقةٌ لا يمكنُ تجاهُلُها، وقد تجسَّدت عبرَ مراحلَ وأحداثٍ ووقائعَ موثَّقةٍ وشاهدةٍ على أطماع أمريكا و”إسرائيل” في اليمن، ويمكن إيجازُ كشف حقيقة المخطّطات الأمريكية وتحَرّكاتها في اليمن في عدة نقاط موجزة عبر محطات ومراحل التدرج الأمريكي للهيمنة والسيطرة على اليمن وهي كالتالي:

١- افتعال حادثة المدمّـرة كول وإيجاد ذريعة لوجودها في اليمن باسم الإرهاب ومحاربته، وهنا تمكّنت أمريكا من استقدام قواتها وطائراتها واستباحةِ المياه اليمنية الاستراتيجية وأخيراً احتلالها.

٢- إعادة المقاتلين من أفغانستان إلى اليمن وتصنيفهم بأنهم إرهابيون؛ لفرض تواجدها العسكري لمحاربة ومكافحة الإرهاب في اليمن -كما تزعم-، وهنا جاءت أمريكا بطائراتها لتستبيحَ الأجواء وتنشئَ القواعدَ العسكرية الرامية؛ لفرضِ الاحتلال.

٣- تهيئة السيطرة العسكرية لأمريكا -بواسطة وتعاون النظام السابق- مكّنتها من السيطرة على الأجواء والسواحل والمياه اليمنية، وإنشاء واستحداث القواعد العسكرية في عدنَ وقاعدة العند وفي صنعاء.

٤- في الفترة من ٢٠٠١م-٢٠١١م، تمكّنت أمريكا خلالها من إحكام السيطرة العسكرية والأمنية والإخضاع السياسي والتحكم في كُـلّ شيء في اليمن، وهذا بشهادة قيادات الدولة السابقين.

٥- منذ بداية ثورة ٢٠١١م، كانت أمريكا تدير الأحداث عن كثب، وتسعى لتشكيل مشهد جديد في اليمن بعد (صالح)؛ لفرضِ وجودٍ أوسعَ في اليمن، وهذه حقائق كشفتها تلك الفترةُ، وزادت من كشفها ثورةُ الحادي والعشرين من سبتمبر.

٦- السفير الأمريكي كان هو الحاكمَ الفعليَّ في اليمن، وتوجيهاته كانت توجَّـه إلى الرئاسة بإصدار القرارات والتعيينات في البلد، وهنا شهادة رئيس الوزراء ابن حبتور وتأكيدُه بأن أمريكا كانت تمتلكُ غُرفةَ عمليات داخل مجلس الوزراء؛ وذلك للتحكم بمسار إدارة المؤسّسات والتعيينات وغيرها!.

٧- أمريكا وعبر سفيرِها والنظامِ العميلِ، قامت بتفكيك الجيش اليمني وهيكلته وتدمير أسلحته كتدمير منظومة وأسلحة الدفاع الجوي، وضرب هُــوِيَّته الوطنية والعقيدة القتالية، وما حدث في صعدةَ وفي جنوب اليمن وفي مناطقَ أُخرى من اعتداءات ظالمة خيرُ دليلٍ على ذلك، فضلاً عن المقاطع المصوَّرة وما أظهره فيلمُ “الحرب على السلاح” من حقائقَ تؤكّـدُ أن النظام السابق كان يقودُ الأمورَ نحو إخضاع اليمن ومقدراته لأمريكا.

٨- بعد التوقيع على ما سُمِّيَت “المبادرة الخليجية”؛ أدارت أمريكا عبر أدواتها مسلسل الفوضى في اليمن، وتصاعدت الفوضى الأمنيةُ والتخريبُ الممنهجُ للجيش ولمنظومات الطاقة والنفط، وعمليات “الإرهاب” والاغتيالات والتصفيات وبشكل كبير، وهذه كلها كانت تجهيزاتٍ لشن حرب على اليمن تنسفُ ما تبقى؛ كي تُعِيدَ اليمَنَ إلى الوراء عشرات السنين، وتجعلَ الأجيالَ القادمةَ تعاني لمئاتِ السنين حتى تستعيدَ عافيتَها.

9- بعد كُـلّ تلك المعطيات والتجهيزات؛ قادت أمريكا العدوان على اليمن براً وبحراً وجواً، وتم إعلان العدوان من واشنطن، واستخدمت الأخيرة أدواتها وقفازاتها في النظام السعوديّ والإماراتي ومن تحالف معهم كغطاء وأدَاة لشن العدوان على اليمن، حيثُ إنها هي التي وفّرت السلاح والدعم العسكري والغطاء السياسي، وهي المخطِّطُ والموجِّهُ؛ إذن هو عدوانٌ أمريكي بامتيَاز، وأمريكا هي المستفيد الأول منه.

 

 السيدُ القائد يجدِّدُ الحضور.. اليمن كفيلٌ بقشع الظلام:

وفي هذا السياق، كان قائدُ الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، قد أكّـد وبما لا يدَعُ مجالاً للشك، أن العدوانَ على اليمن رأسُه أمريكا ومن خلفه “إسرائيل” وتولى كِبَرَه النظامُ السعوديّ وقال: إن الطاغوتَ والشيطانَ الأكبرَ أمريكا هو المظلة الحقيقية لهذا العدوان والمدبِّرُ الحقيقيُّ له.

السيدُ القائدُ كشف مبكراً عن حقيقةِ وهدفِ المشروع الأمريكي الإسرائيلي في اليمن والمنطقة، حَيثُ قال في خطابه الذي ألقاه ووجّهه إلى الشعب اليمني والعالم بعد مرور ثلاثة أَيَّـام من شن العدوان على اليمن قال: «المشروع الأمريكي الغربي الإسرائيلي الذي تنفذه السعوديّة بالدرجة الأولى هو مشروع تآمري تدميري لبلدان المنطقة وعلى رأسها اليمن هو مشروع احتلال ومشروع قتل ومشروع تدمير ومشروع تجزئة ومشروع بعثرة وتفكيك وعدوان واستهداف لشعوب المنطقة».

وما حدث ويحدُثُ في اليمن جراءَ العدوان والحصار الأمريكي هو خيرُ شاهدٍ على حقيقةِ وأهدافِ المشروع الأمريكي الغربي الإسرائيلي الذي أشار إليه السيدُ القائدُ، وما سبَّبَه من كوارثَ وتدميرٍ على اليمن وشعبه، وما حمل معه من جرائمَ فظيعةٍ بالقتل والدمار والحصار ضد شعبٍ بأكمله.

وفي خِطابِه الملفِتِ والتاريخي بمناسبةِ الذكرى الثانية للعدوان على اليمن، أشار السيد القائد إلى نقطةٍ هامة وحقيقةٍ خطيرة تفضحُ أمريكا و”إسرائيل” وتنزعُ أقنعتَها المزيَّفة عن وجهِها البشع، حَيثُ قال: «هناك شعوبٌ بارزة ومهمة في هذه الأُمَّــة في حسابات العدوّ الأمريكي والعدوّ الإسرائيلي يرى أن يبدأَ بالخَلاصِ منها أولاً، إذَا تخلص منها تخلص مما عداها بكل سهولة، ثم هو ينظر أَيْـضاً إلى أن هذه الشعوب تُمَثِّلُ عَقَبَةً أَمَامَهُ؛ بحكم أن فيها قوًى متحرّرةً وواعيةً ومسؤوليةً ترفُضُ هيمنتَه وتقفُ في وجه مشاريعه ومؤامراته؛ فهو يريدُ أن يتخلص منها أولاً؛ لكي يستطيعَ بعد ذلك أن يُمَرِّرَ كُـلَّ مؤامراتِه ومشاريعِه في المنطقة بسهولةٍ وبدون مواجهةِ أيةِ صعوبة؛ فبدأ بهذه الشعوب، ويقع الشعبُ اليمني المسلم في المصافِّ الأولى لهذه الشعوب»، وهنا تأكيدٌ لما حصل ويحصلُ في المنطقة، حَيثُ تسعى أمريكا لتجزئةِ المعركة ضد الأطراف المعادية للهيمنة الأمريكية؛ وذلك لتتمكّن من تصفيتها الواحد تلو الآخر، غير أن حِنكةَ القيادة وإيمَـانَها بمشروعها الدامغ للطاغوت أكّـدت أنه لا يمكنُ بأي حال من الأحوال تجزئةُ المعركة، وأن اليمنَ سيكونُ في طليعة المدافعين عن أَيٍّ من شعوبِ الأُمَّــة الحرة التي تعرضت وتتعرَّضُ للاعتداءات والانتهاكات الصهيوأمريكية.

ولطالما تحدث الشهيدُ القائدُ عن الحقائقِ التي عاشها قبل عَقدَينِ وعشناها في السنوات الأخيرة، وكذلك لما تلا تلك المحاضرات من خطابات ثورية على لسان السيد القائد، فقد أكّـد السيد القائد وفي أكثر من خطاب أن هدف أمريكا من عدوانها على اليمن هو السيطرة الكاملة على اليمن إنساناً وأرضاً، والسيطرة على الجزر والسواحل والمدن الساحلية والموانئ ومضيق باب المندب الهام، وعطفاً على كُـلّ ذلك فَـإنَّ أحداث ثماني سنوات من العدوان والحصار على الشعب اليمني قد أفرزت وكشفت عن الكثير من الحقائق التي كانت متواريةً تحت يافطات التضليل الأمريكي، وضمن وسائل تزييفية وخداعة وماكرة، وعكست هذه الحقائقُ صدقَ ما قاله الشهيد القائد عن حقيقة أمريكا و”إسرائيل” ومخطّطاتها التآمرية وأطماعِها التوسعية في بلدنا والمنطقة، والتي تجلت اليوم فعلاً عبر مراحلِ وسنواتِ العدوان والحصار على اليمن في التحَرّكات الفعلية للسيطرة على اليمن وعلى مواقعه الاستراتيجية، واحتلاله ونهب ثرواته، وإخضاع وإذلال شعبه، وقد تجلّت تلك الحقائقُ في الكثير من الخطابات والكلمات التي وجّهها السيد القائد إلى الشعب اليمني والشعوب العربية والإسلامية والعالم، والتي أطلق من خلالها حملاتٍ مدويةً تفضحُ أمريكا و”إسرائيل” والغرب المتحالف معها والأدوات الإقليمية والمتحالفة معها في العدوان والحصار على اليمن وشعبه العظيم.

كما أثبتت الأحداثُ والوقائعُ أن محاضراتِ الشهيد القائد وخطاباتِ السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، قد أزاحت كُـلَّ الغُبارِ عن دور أمريكا وأدواتها الخبيثِ في اليمن والذي تلعبُه من خلال أدواتها وقفازاتها السعوديّة والإماراتية والمرتزِقة المحليين، ويكفي لأَيِّ متابع تلك الأرصدةُ الكبيرةُ لجرائم أمريكا وأدواتها ضد الشعب اليمني، خلال هذا العدوان والحصار، والحقائق المتجلية عبر تحَرُّكاتها العسكرية والسياسية في اليمن، والسيطرة على السواحل اليمنية والجزر الاستراتيجية والمنافذ المهمة، والتي تعتبر احتلالاً واضحاً وانتهاكاً فاضحاً لسيادة اليمن أرضاً وإنساناً من قبل أمريكا و”إسرائيل” وأدوات التحالف العدواني الإجرامي.

واليومَ تسعى أمريكا و”إسرائيلُ” عبر مشروعِهم التدميري لليمن وشعبه وعبر عدوانهم عليه وحصارهم له إلى إفقاد الشعب اليمني كُـلَّ عناصر القوة والنهوض الحضاري والاقتصادي ومشروع التحرّر والاستقلال، ومن جانب آخر تنفيذ مخطّطاتها لتحويل اليمن إلى ساحةٍ للقواعد الأمريكية والإسرائيلية، وقاعدةٍ متقدمةٍ؛ لتثبيت قبضة أمريكا على المنطقة ومواجهة خصومها في العالم، إضافة إلى استمراريةِ حلب مليارات الدولارات من أنظمة الغباء والتبعية النظام السعوديّ والإماراتي.

ومع تنبُّهِ الشعب اليمني وثورته العظيمة التي أسّس مداميكَها الشهيدُ القائدُ على أُسُسٍ قرآنيةٍ ثابتة وثاقبة، فقد تسلح اليمنيون الأحرارُ وعياً وبصيرةً، واستشرفوا كُـلَّ هذه المؤامرات، وأعدوا لها، وحسبوا حسابها؛ ولذلك فَـإنَّ أمريكا اليوم في مَأزِقٍ حقيقي تجاه اليمن وقواه الحرة التي تصدت لعدوانها، وصمدت أمام حصارها الظالم طيلةَ ثماني سنوات، والتي شكّلت سياجاً منيعاً وصُلباً يصعُبُ عليها كسرُه واختراقُه.

ومعادلةُ اليومِ التي فرضها الشعبُ اليمني وقيادتُه الحرة الشجاعة هي معادلةٌ يجبُ على أمريكا أَلَّا تستهينَ بها، وأن تضعَ في حساباتها أن السياسةَ التي تتعاطى بها تجاهَ اليمن وشعبِه لن تحقّقَ لها المكاسبَ والأهدافَ التي تريدُ تحقيقَها من وراء عدوانها وحصارها؛ لأَنَّها سياسةٌ تحملُ معها التعنُّتَ الأحمقَ، ولن تجنيَ منها في نهاية المطاف سوى الخسارة المؤكّـدة والهزيمة الساحقة، فشعبُنا قد تسلّح بالوعي والبصيرة قبل ولادة مؤامرات أمريكا، حينما كشفها الشهيدُ القائدُ قبل عَقدَينِ؛ أي خلالِ ذلك المخاضِ الذي صنعته أمريكا؛ لتمهيدِ الطريق أمام مؤامراتها، وما ملاحمُ اليمنيين منذ بدء العدوان إلَّا خيرُ دليل على أن هدي المشروع القرآني الذي أحياه الشهيدُ القائدُ، وواصل تنشئتَه السيدُ عبدُالملك بدرالدين الحوثي، قد صار سلاحاً يفتِكُ بكُلِّ مؤامرات أمريكا، لا سيَّما أن كلماتِ النورِ والبصيرةِ ما تزالُ الذخيرةَ التي تفضحُ مشاريعَ أمريكا، وتدفعُ الأحرارَ نحوَ المزيدِ من التحَرُّكِ؛ لإماتتها نهائيًّا.

 

صحيفة المسيرة

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com