الغاياتُ التصعيدية لرعاة العدوان تبرزُ من وراء مزاعم “تهريب السلاح إلى اليمن”
||صحافة||
كثّـفت الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ وبريطانيا، خلال الفترة الأخيرة، نشرَ دعايات “ضبطِ شحنات أسلحة متوجّـهة إلى اليمن” في البحر، في سياق محاولةٍ واضحةٍ لصناعة غطاء ومبرّر لتثبيت وتعزيز تواجدهما العسكري في المحافظات المحتلّة، لكن تلك الدعايات نفسها كانت تشهد بزيفها وتؤكّـد الدوافع المشبوهة التي تقف وراء إطلاقها.
الدعايات الأمريكية والبريطانية جاءت مترافقةً مع حملة واضحة ترعاها الإدارة الدولية للعدوان؛ لتكريسِ مزاعم “تهريب الأسلحة إلى اليمن”، وهي مزاعم لا علاقة لها في الحقيقة بالأسلحة؛ لأَنَّ القوات المسلحة قد أثبتت أنها تمتلك مخزونا استراتيجيا من السلاح المصنع والمطور محليا، ولم يسبق مرة أن قدمت الولايات المتحدة أَو بريطانيا أي دليل يثبت مزاعم التهريب.
تقريرُ ما يسمى “فريق الخبراء” التابع للأمم المتحدة الأخير كان قد حاول دعمَ هذه المزاعم بشكل واضح، لكنه هو أَيْـضاً لم يتضمن أية أدلة، بل ترجم “رغبةَ” دول العدوان ورعاتها في تثبيت دعاية التهريب لا أكثر.
دوافعُ هذه الرغبة في تكريس مزاعم تهريب السلاح، أوضحتها التحَرّكاتُ الأمريكية والبريطانية التي ترافقت مع إطلاق هذه المزاعم، وهي التحَرّكاتُ التي تركزت حولَ تعزيز وتثبيت التواجد العسكري في المحافظات المحتلّة، وعلى رأسها المهرة وحضرموت؛ لمطامعَ لم تعد خفيةً حتى على وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية نفسها، حَيثُ أكّـد موقعُ “هاف بوست” الأمريكي قبل أَيَّـام، أن واشنطن تسعى للاستيلاء على المهرة؛ لتحقيقِ مطامعَ جيوسياسية وتجارية طويلة الأمد.
محتوى دعايات “ضبط شحنات الأسلحة” كان يؤكّـد بنفسه زيفها؛ لأَنَّ الولايات المتحدة وبريطانيا تحدثتا في البداية عن ضبط بندقيات “AK”، وهو ما سخر منه نائب وزير الخارجية، حسين العزي، في وقت سابق، مؤكّـداً أن صنعاء لا تحتاج هذا السلاح بالذات؛ لأَنَّه الأكثر انتشارًا في اليمن حتى من قبل العدوان.
ويبدو أن هذه الحقيقةَ قد دفعت الإدارةَ الدوليةَ للعدوان إلى تغييرِ الدعاية قليلًا والحديث عن “ضبط صواريخَ”، لكن بدون أي دليل على مصدرها أَو على وجهتها، وبدون أي دليل على ضبطها أصلا، وهو ما يؤكّـد أن الغرض الرئيسي هو إطلاق الدعاية لاستثمارها.
والحقيقة أن مزاعم تهريب “الصواريخ” ستذكِّرُ دائماً بالفضيحة المدوية لتحالف العدوان الذي كان قد حاول فعلَ الشيء نفسه، وتحدث عن حصوله على مشاهدَ من داخل “ورشة” لتركيبِ الصواريخ البالستية “المهرَّبة” في ميناء الحديدة، ليتضحَ لاحقًا أنها مشاهدُ من فيلم وثائقي أمريكي يتحدث عن العراق.
وبالتالي فَـإنَّ محاولةَ تكريس مزاعم تهريب السلاح إلى اليمن لا تكشفُ إلا عن محاولاتٍ مستميتةٍ لصناعة غطاء تستثمرُه الولاياتُ المتحدةُ وبريطانيا؛ لمواصلة التدخل في اليمن بعد سقوط كُـلّ الدعايات والذرائع السابقة، وأبرزُها “استعادةُ الشرعية”، خُصُوصاً وأن صنعاء قد استطاعت وضعَ تحالف العدوان ورعاته في مواجهة مباشرة مع التزامات السلام العادل واستحقاقاته، وهو ما أبدت أمريكا وبريطانيا انزعَـاجًا واضحًا منه؛ لأَنَّه يغلقُ الطريقَ أمام مواصلة العدوان والحصار.
في هذا السياق، يؤكّـد نائبُ وزير الإعلام بحكومة الإنقاذ، فهمي اليوسفي، في حديثٍ لوكالة سبوتنيك الروسية، أن إعلانَ القوات البريطانية عن “ضبط شحنة أسلحة كانت متوجّـهةً إلى اليمن” قبل أَيَّـام، “يعكسُ عدمَ رغبة الطرف الآخر في الحوار”، ويمثل “مؤشرًا لإعداد خطة للتصعيد من قبل بريطانيا ومن قبل المنظومة الغربية التي تعرقلُ مسارَ التفاهمات”.
وَأَضَـافَ أن “بريطانيا نفسَها هي التي تبنَّت القرارَ الأخيرَ بتمديد العقوبات على اليمن؛ مما يعني أنها هي اللاعب الأَسَاسي في لُعبة عسكرة البحر الأحمر بمساعدة الرباعية”.
وأوضح اليوسفي أن هذه المزاعمَ “ليست مستغربةً ولا جديدةً”، وأنه “لا دليل على صحتها”.
وأكّـد أن صنعاءَ “لديها اكتفاءٌ ذاتيٌّ من الأسلحة، وليست بحاجة إلى أسلحة، وإنما إلى أغذية وأدوية وكسر الحصار، الذي يُراد له أن يستمرَّ من خلال هذه الادِّعاءات”.
وإلى جانب أهدافِ التصعيد التي تقف وراء إطلاق مزاعم ضبط شحنات الأسلحة فيما يتعلق باليمن؛ فَـإنَّ إصرارَ القوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية على تكريس وتكرير دعايات ضبط الأسلحة يعبر بوضوحٍ عن محاولة مدروسة لفرض الهيمنة على الممرات المائية في المنطقة، والظهور بمظهر الحامي الرسمي والوحيد للأمن البحري، وهو هدفٌ مرتبط باندفاع هذه القوات لتعزيز وجودها قبالة السواحل اليمنية المطلة على خطوط الملاحة، وخُصُوصاً في هذا التوقيت، حَيثُ بات واضحًا أن الإدارةَ الدولية للعدوان ترى أية فرصة لتحقيق السلام في اليمن بمثابةِ تهديدٍ لمشاريعها ومخطّطاتها في المنطقة بكلها؛ ولذلك تسعى لتثبيت هذه المشاريع والمخطّطات بسُرعة.
صحيفة المسيرة