سبيل السلام في الإسلام
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
نحن من نشاهد تلك الأحداث، ألسنا نسخر من هذه الكلمة في الأخير؟ ألسنا أصبحنا نفهم أنها كلمة لا أحد من أولئك يسمعها؟ هل إسرائيل تسمع العرب عندما يقولون نريد السلام؟ أم أنها تتحرك هي فتضرب وتقتل وتدمر؟ هل إسرائيل تجيب العرب عندما يقولون نريد السلام؟ هل الأمريكيون يجيبون العرب عندما يقولون نريد السلام؟ لقد أصبحنا جميعًا نعلم أن كلمة (سلام) كلمة لا قبول لها عند أولئك. وأن كلمة [سلام] كلمة ظل يتمسك بها زعماء العرب بعد أن أصبحوا على يقين من أنها كلمة لا أحد يستجيب لها من أولئك.
ونحن إذا ما نظرنا إلى هذه الأحداث على هذا الأساس فإنما نحن أيضًا انعكاس آخر لأولئك الزعماء الذين ظلوا يهتفون بهذه الكلمة أمام كل حدث يكون ضحيته تدمير منازل وإزهاق أرواح وإحراق مزارع.
عندما بدأت هذه الأحداث كلنا لمس أن هناك تحرك من نوع آخر، تحرك مكشوف، تحرك ترافقه عبارات صريحة تنبئ عن نوايا سيئة، تنبئ عن أهداف شريرة ضد المسلمين في كل بلد، ومع ذلك يبدو أن تلك الكلمة بدأت تتسرب أيضًا إلى مشاعرنا نحن كلمة [سلام] بذلك المعنى الذي تردد كثيرًا ولم يستجب له أحد.
ها نحن نسمع أن اليمن نفسه يواجَه بحملة دعائية أنه دولة إرهابية وأنه بلد خصب للإرهاب. نسمع أيضًا بأن هناك محاولة بل هناك فعلًا دخول للأمريكيين إلى اليمن، الأمريكيين قد دخلوا كجنود بالمئات إلى اليمن، وإذا جاء أحد يتحدث مع الناس: إن علينا أن نستيقظ أمام ما نشاهد، وأمام ما نسمع، إن العواقب ستكون سيئة، إن المصيبة كبيرة، إن نوايا أولئك سيئة، إن علينا أن نستيقظ، إن علينا أن نعد أنفسنا حتى لا نكون من يسمح لأولئك أن يعملوا ما يريدون؛ حتى لا نرى أنفسنا في يوم من الأيام ضحية في الوقت الذي لا نستطيع أن نعمل فيه شيئًا. هناك من قد يرى أن السكوت هو أسلم، وأنه يجب أن نطالب بالسلام وأن نحافظ على السلام.
نحن ننسى أمام كل حدث، أمام كل حرب نواجهها – وهذه هي من المشاكل الكبيرة علينا – نحن ننسى أن نعود إلى القرآن الكريم، نحن ننسى أننا عبيد الله، والله هو رحيم بنا، وأن الله هو (السلام) وهو من سمانا (مسلمين)، وهو من سمى حتى جنته (دار السلام). أليس السلام هو من أسماء الله الحسنى؟ أوليس ديننا هو الإسلام؟ أوليست الجنة هي (دار السلام)؟ أولم يقل الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {قَد جاءَكُم مِنَ اللَّهِ نورٌ وَكِتابٌ مُبينٌ * يَهدي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} (المائدة: من الآية16).
ننسى أن من أسماء الله الحسنى (السلام)، وننسى أننا نحمل اسم كلمة (إسلام)، وننسى بأننا نسعى لأن نحظى بأن نكون من أهل (دار السلام)، وننسى أيضًا بأن كتابنا القرآن الكريم يهدي إلى سبل السلام. فلماذا لا نعود إلى القرآن لنعرف ما هو هذا السلام الذي هو اسم من أسماء الله الحسنى. ما هو ذلك السلام؟ وأين هي سبل السلام التي يهدي إليها القرآن الكريم؟ إذا كنا نبحث عن السلام.
إذا كان زعماء العرب يبحثون عن السلام فإن عليهم أن لا يبحثوا عن السلام من أمريكا أو من إسرائيل أو من بلدان أوروبا، أوليس هذا هو ما يحصل؟ عرفات عندما أصبح سجينًا في بيته يوجه خطابه إلى أمريكا يناشدها بالسلام، والزعماء كلهم على طول البلاد العربية وعرضها يناشدون أمريكا بالسلام.
هل نسيتم أيها العرب أن ربكم هو السلام؟ هل نسيتم أن اسمكم مشتق من السلام؟ {هُوَ سَمّاكُمُ المُسلِمينَ} (الحج: من الآية78) ونحن نحمل اسم (مسلمين). هل نسيتم أن الله سبحانه وتعالى قال: {قَد جاءَكُم مِنَ اللَّهِ نورٌ وَكِتابٌ مُبينٌ * يَهدي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} (المائدة: من الآية16) فلماذا لا نعود إلى القرآن إذا كنا ننشد السلام لنعرف السبل التي يهدي إليها؟ أليس هذا هو الحل؟
فنحن كل واحد منا – أيها الإخوة – أمام أي حدث يسمعه عليه أن يعود إلى القرآن قبل أن يفكر هو، قبل أن يفكر ويضع لنفسه تفسيرات قد تجعله يتخذ قرارات يظن أن من ورائها السلامة، وهي في الواقع إنما تكون عاقبتها الندامة. إذا كنا نريد السلام فلنعد إلى القرآن ليهدينا هو إلى السلام، ولنسر على هديه ليتحقق لنا السلام. فلا أحد منا ينبغي أن يعود إلى نفسه أمام أي حدث عندما نسمع أن هناك اتفاق على أساس أن اليمن فيه إرهابيون، وأن هنـاك اتفاق على أن يكون هنـاك حرب للإرهاب ومنابع الإرهاب وجذور الإرهاب بالمـعنى الأمريكي – أليس هذا حدث يخيف؟ – فالكثير قد يفكر: إذًا فإذا كانت كلمة (الموت لأمريكا) قد تثير الآخرين علينا فإن السلامة هو أن لا نتحدث بها. أليس هذا الشعور قد يحصل عند أي واحد منا؟
فإذا كان دخول الأمريكيين إلى اليمن نحن نعلم أنه بداية شر في هذا البلد الميمون، ثم نرى بأن علينا أن نسكت؛ لئلا نثيرهم فيدخلوا من جنودهم أكثر مما قد وصل، فحينئذٍ سيكون كل واحد منا يرى أن السلام سيتحقق من خلال السكوت، وأن السكوت، وأن الصمت، وأن الجمود هو وسيلة السلام. لا. لا.. إن هذا ليس منطق القرآن أبدًا. ومن هو الذي يمكن أن نسمي قراره بأنه قرار صحيح؟ من يتخذ قرارًا من عند نفسه، فيقول لنا بأن السلامة في ذلك القرار الذي اتخذه والحكمة التي وضعها.. أم من يعود إلى القرآن الكريم ليبحث عن سبل السلام التي يهدي إليها؟
الآية صريحة {يَهدي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ}، فلنرجع إلى القرآن الكريم، هل طلب الله من عباده المؤمنين أن يصمتوا أمام الظالمين أمام الكافرين أمام اليهود والنصارى أم أوجب عليهم أن يتكلموا؟ أوجب عليهم أن ينفقوا، أن يجاهدوا، أوجب عليهم أن ينفقوا في سبيل الله، وجاء الأمر في ذلك بعبارة صريحة {وَأَنفِقوا في سَبيلِ اللَّهِ وَلا تُلقوا بِأَيديكُم إِلَى التَّهلُكَةِ} (البقرة: من الآية195).
ألم يقل هنا أنك إذا كنت تريد السلام فإن عليك أن تنفق في سبيل الله، إذا كنتم تريدون السلام فإن عليكم أن تتوحدوا فيما بينكم، أن تعتصموا بحبل الله جميعًا وأن لا تتفرقوا، أن تنفقوا في سبيل الله، أن تتحركوا، أن تعدوا ما تستطيعون من قوة. أليس هذا منطق القرآن؟ إنه بكل هذا يهدي إلى السلام، وإذا كنا نحن لا نفهم منطق القرآن فإن الأمريكيين هم يفهمون ذلك، لديهم مثل يقول [إذا كنت تريد السلام فاحمل السلاح].
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
الإرهاب والسلام
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 8/3/2002م
اليمن صعدة