(نص + فيديو ) المحاضرة الرمضانية الأولى للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1444هـ

أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارضَ اللَّهُمَ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

أَيُّهَــــا الإِخْــــوَةُ وَالأَخَوَات: السَّــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَــةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُــه؛؛؛

ومباركٌ لكم حلول شهر رمضان المبارك، نَسْأَلُ اللَّهَ “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يَتَقْبَّل مِنَّا وَمِنْكُم الصِّيَام، وَالقِيَام وَصَالِح الأَعمَال.

مسيرة الحياة تتجه بنا جميعا نحو آجالنا، فوجودنا في هذه الحياة هو وجودٌ مؤقت، ووجودٌ نحن فيه في ميدان مسؤوليةٍ واختبار، نتحمل المسؤولية تجاه أعمالنا وتصرفاتنا أمام الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، الله هو ربنا، ومالكنا، وملكنا، وإلهنا المنعم علينا، وهو “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” الذي يجازينا على أعمالنا وتصرفاتنا، ونحن في هذه الحياة التي وهبها لنا نعيش على أساس فترةٍ محدودةٍ مؤقتة، وحتمية الرحيل لكُلٍّ منَّا من هذه الحياة مسألةٌ معروفةٌ ومعلومة، وإذا أدرك الإنسان شهر رمضان فهي فرصةٌ تجددت، فرصةٌ عظيمةٌ وثمينةٌ ومهمةٌ تجددت، ما يدريك، قد لا تدرك شهر رمضان من عامك القادم! أو ما يدريك، قد تعيش في واقع حياتك وتدخل في كثيرٍ من الإشكالات، وتتأثر بكثيرٍ من المؤثرات، فيأتي ذلك الشهر من عامك القادم وقد تغيرت نفسيتك كثيرًا، وأصبحت بعيدًا كثيرًا عن التمكن من إصلاحها، والتمكن من العودة إلى جادة الطريق، إلى جادة الصراط، إلى إصلاح النفس وتزكيتها، إلى الاستقامة وفق منهج الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، وأصبحت مسألة تزكية النفس والعمل لإصلاحها مسألة عسيرة جدًا! إذًا فينبغي ألَّا يسوِّف الإنسان.

أكبر المخاطر التي تؤثر على الإنسان، فيفوته بسببها الكثير من الفرص المهمة، وما هيّأه الله له، هو التسويف، الإنسان أحيانًا يسوِّف، تأتيه فرصة عظيمة هيأها الله له، فيؤجل الموضوع ويسوِّف، ويلهيه الأمل، يلتهي بالأمل، [لا زالت الحياة أمامي طويلة، لا زال العمر طويلًا، لا تزال عندي أولويات أخرى، اهتمامات أخرى…إلخ. فيفوِّت الفرصة، وهذه المسألة خطيرة جدًا على الإنسان، الإنسان لا يضمن حياته، ولا يتأكد ولا يتيقّن إلى متى هي، ولا يضمن نفسه.

البعض من الناس بتسويفه، ولامبالاته، وغفلته، يضيع نفسه؛ لأنه يتركها حتى تتأثر سلبًا، وتتغير عن فطرتها وعن حالة التقوى والإيمان كثيرًا، ثم قد لا يتمكن فيما بعد ذلك من إصلاحها، قد يُخذل والعياذ بالله، وهي حالة خطيرة حالة الخذلان التي حذَّر الله منها في القرآن الكريم.

أول ما يجب أن نلتفت إليه، عندما وفقنا الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” وأدركنا شهره الكريم (شهر رمضان)، هو: ألَّا نفوِّت هذه الفرصة، وأن نحسن الاستثمار لها، والاغتنام لها، والاستفادة منها.

الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” وهب لنا شهره الكريم، وأنعم علينا به، بما جعل فيه من البركات والخيرات، هيأ لنا فيه: 

  • فرصة الاستقامة.
  • فرصة الصلاح للنفس.
  • فرصة التزكية للنفس.
  • فرصة التروُّض على الصبر.
  • والسيطرة على الشهوات والرغبات.
  • وفرصة الحصول على الأجر العظيم.
  • فرصة الارتقاء في إيماننا وأخلاقنا، والقرب من الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” أكثر.

فهي فرص عظيمة جدًا، ومهمة للغاية، إذ يتيسر في ذلك كله (في شهر رمضان) ما لا يتيسر في غيره، هي وسيلة تعين الإنسان وتساعده على تزكية نفسه، وإصلاح نفسه، والسيطرة على شهوات نفسه ورغبات نفسه، والتعوُّد على حالة الصبر والتحمل، وتكسبه قوة الإرادة، وقوة العزم، وترتقي بعلاقته مع الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، فيُحِس بالقرب أكثر من الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، ويحظى برعايةٍ أكثر من جانب الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، الإنسان كلما أقبل إلى الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، فالله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” يزيده من الخير والهداية والتوفيق، كما قال “جلَّ شأنه”: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}[محمد: من الآية17].

فلنتجه في شهر رمضان المبارك بكل جدية إلى استثمار هذه الفرصة، إلى اغتنام هذا الشهر المبارك، في مجال تزكية النفس، والأعمال الصالحة، والتقرب إلى الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، ولنحذر من حالة الهدر للوقت، والإضاعة للوقت، كما يفعله الكثير من الناس، الذين يمضون ليالي الشهر المبارك في السَمَرات الفارغة، في اللغو، واللهو، والكلام الفارغ، والانشغال بالأشياء التافهة، أو الانشغال الشديد بالأشياء الروتينية، التي ينشغل بها الإنسان في بقية عمره، مما لا يحتاج أن يُفَرِّغ كل وقته له، الحديث طوال الليل- مثلًا- عن أمور المعيشة، وهموم المعيشة، ومشاكل المعيشة…إلخ. لا يحتاج من الإنسان أن يعطي لذلك كل وقته، يستطيع الإنسان أن ينظِّم أوقاته في اهتماماته وشؤونه، واهتماماته المعيشية والحياتية، يستطيع أن ينظِّم وقته؛ حتى لا يضيع شهر رمضان، الإنسان منشغل طول عمره، طول حياته، فليأخذ بعين الاعتبار مستقبله عند الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، وأيضًا ما يعود بالخير والصلاح على حياته هذه.

التقوى، والإيمان، والاهتداء بهدى الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، والاستقامة على منهج الله، لذلك كله الأثر المهم في حياة الإنسان؛ لأن حياتنا، ومستقبلنا، وحاضرنا، مرتبطٌ بالله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، هو ربنا، هو المنعم الكريم، هو الذي بيده رزقنا، وبيده كل شؤوننا، فإقبالنا إلى الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، وتنظيمنا لاهتماماتنا وشؤون حياتنا، لن يكون له تأثيرٌ سلبيٌ على حياتنا، بل تأثيرٌ إيجابي، هو لمصلحتنا ولمنفعتنا، فنحن بحاجةٍ إلى الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”.

ثم أيضًا ليحذر الإنسان من المعاصي في هذا الشهر المبارك، ليحرص على أن يلتزم حالة التقوى لله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” في شهر رمضان، من خلال تجنب المعاصي، والحذر من المعاصي، والحذر من خطوات الشيطان، ومن الوسائل التي تجرُّ الإنسان إلى الخطايا، تجرّ الإنسان إلى المعاصي، تنزلق به نحو الجرائم والمفاسد والعياذ بالله، فليحرص الإنسان على أن يكون حذرًا متنبهاً في نهاره وليله من ذلك، ليلتزم حالة التقوى؛ لأن هذا غبنٌ كبيرٌ على الإنسان، عندما يمنحه الله فرصة لصلاح نفسه، لتزكيه نفسه، لتعزيز وترسيخ حالة التقوى التي فيها خيرٌ له، ثم لا يكتفي فقط بأن أضاع هذه الفرصة، من حيث عدم الاستفادة منها، بل أن يحوِّلها هي إلى معصية، أن يعصي الله فيها، أن يفرِّط في حالة التقوى فيها، فعلى الإنسان أن يحذر من ذلك، وأن يسعى لالتزام حالة التقوى، حالة التقوى ضرورية حتى لتقبُّل العمل؛ لكي يتقبل الله منك الصيام، ويتقبل منك ما تتقرب به إليه من العبادات، من الأعمال، فالإنسان بحاجة إلى التقوى لقبول العمل، 

ولــــذلـك من المهم أن يسعى الإنسان- وهو في بداية الشهر- إلى التخلص مما عليه من الذنوب والمعاصي، وأن يقيِّم واقعه، وأن يتفقد حال نفسه، في ما هي الجوانب التي قد يكون عاصيًا لله فيها، أو مقصرًا تقصير يصل به إلى حد المعصية، في أي جانب من الجوانب، في أي مجال من المجالات، في أي شيءٍ له علاقةٌ بأوامر الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، في ما أمرنا به، أو نواهيه، ثم ليحاول أن يتخلص من ذلك؛ حتى لا يكون عائقًا له، يبطل عليه أعماله، يحول بينه وبين قبول العمل، وقبول الدعاء، وقبول الذكر، وقبول ما يتقرب به إلى الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”.

الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” ذكر لنا في القرآن الكريم قصة ابني آدم: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}[المائدة: الآية27]، كلاهما يَدِين بدين الله، وينتسب إلى مِلَّة التوحيد لله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، ولكن بعد أن قرَّبا قرباناً لم يُتَقَبَّل من أحدهما، لم يكفه انتماؤه إلى ملة التوحيد، انتماؤه إلى الدين الإلهي، لم يكفه ذلك في أن يقبل الله منه قربانه، ومعنى أنه لم يقبل منه قربانه: أنه لا يتقبل منه- أصلًا- بقية أعماله، يعني: هذا مؤشرًا حتى تجاه بقية الأعمال، وكانت مشكلته هي في ماذا؟ في انعدام حالة التقوى لديه، ولهذا كانت ردة فعله تجاه أخيه مبنيةٌ، أو منبعثةٌ من حالة الحسد، هذا يدل على بُعده عن حالة التقوى، فالإنسان ليحذر، فليحذر الإنسان من أن يكون بعيدًا عن حالة التقوى، التي يخسر بسببها قبول الأعمال، قبول صلاته، قبول صيامه، قبول ما يتقرب به إلى الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، وليحرص على تحقيق حالة التقوى؛ ليتقبل الله منه أعماله، {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}.

شهر رمضان في صيامه، الذي هو فرضٌ عظيمٌ وركنٌ من أركان الإسلام، وفرضٌ لازمٌ، يجب على الإنسان المستطيع أن يصومه، جاء في القرآن الكريم، وفي الشريعة الإسلامية، التسهيلات المتعلقة بالمريض، والمسافر، والشيخ الهرم، ومن يتضرر صحيًّا بشدةٍ من الصيام فلا يطيقه، بأحكام معروفة في الشريعة الإسلامية، لكن ما عدا ذلك، الإنسان ملزم، الصيام فريضةٌ من فرائض الله “عزَّ وجلَّ” في شهر رمضان، وهو أيضًا ركنٌ عظيمٌ من أركان الإسلام، وغايته الأولى- بالنسبة لنا في واقعنا العملي- هي غايةٌ تربوية، كما قال الله “جلَّ شأنه”: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: الآية183]، وهذا ما يجب أن نتذكره، وأن نستحضره في أذهاننا ووجداننا، أثناء أدائنا لهذه الفريضة العظيمة والمهمة، أن الغاية التربوية منها- وهي غاية مهمة جدًا- هي: تحقيق التقوى، تحقيق التقوى لله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، أن نتعوَّد وأن نتروض على الصبر والالتزام العملي بطاعة الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، وأن نسيطر على أهوائنا، وشهواتنا، ورغباتنا، التي قد تؤثر على الإنسان أحيانًا، فتكون هي دافعًا له إلى المعصية، والمخالفة، المخالفة لشيءٍ من أوامر الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، أو لشيءٍ من نواهيه “جلَّ شأنه”. فتذكُّر هذه الغاية التربوية أمرٌ مهم، والتقوى شأنها عظيم، وأهميتها كبيرةٌ جدًا، والمشكلة التي يعاني منها المجتمع المسلم بشكلٍ عام هي: النقص في التقوى.

الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” منَّ علينا ووفقنا للانتماء للإيمان والإسلام، وهو يخاطبنا في تشريعاته، وتوجيهاته، وتعليماته المهمة والعظيمة، التي هي لمصلحتنا، ينادينا بهذا النداء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، نعمةٌ عظيمة انتماؤك للإيمان، أصبحت متجهًا من خلال هذا الانتماء، على أساس الالتزام بتعليمات الله وتوجيهات الله “جلَّ شأنه”، وأصبح هذا الانتماء ميثاقًا بينك وبين الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” على ذلك؛ لأن ثمرة انتمائك للإيمان: هي الطاعة لله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، والاستجابة له، والتمسك بهديه، والالتزام بتعليماته، هذه هي ثمرة انتمائك الإيماني، فرق بين أن تكون مؤمنًا، أو كافرًا، منتسبًا للإسلام، أو خارجًا عن ملة الإسلام، إيمانك بهدي الله وتعليماته، إيمانك بالله وكتبه ورسله وأنبيائه، ثمرته ثمرةٌ عملية، هي في التزامك العملي، في طاعتك لله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، تجاه أوامره، وتجاه نواهيه، فيبقى أن يكون هذا الانتماء الإيماني منطلقًا نحو العمل، نحو الالتزام بهدى الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، وبتوجيهاته “جلَّ شأنه”، أن تبني مسيرة حياتك على أساس ذلك، هذا ما عليك أنت كمنتمٍ للإسلام، كمنتمٍ للإيمان، بحكم هذا الانتماء الإيماني.

التقوى فيما تعنيه للإنسان شخصيًا، وللمجتمع المسلم بشكل عام، هي ذات أهميةٍ كبيرة، ليست شيئًا هامشيًا يمكن للإنسان أن يستغني عنه، وألَّا يبالي به، وألَّا يحرص عليه، يقول: [شيء عادي، إن كنت أريد ذلك، وإلا فالأمر عاديٌ تمامًا]، التقوى تعنيك أنت في نجاة نفسك، في الوقاية لنفسك من عذاب الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، من الشقاء، من جهنم، فأهميتها للإنسان أهمية كبيرة، الإنسان الذي يريد لنفسه الخير، يحرص على نجاة نفسه، الوقاية لك من عواقب مخالفتك لتعليمات الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، وأوامر الله “جلَّ شأنه”، التي هي عواقب وخيمة، عواقب سيئة جدًا.

ننحن نؤمن بالجزاء، نؤمن بما وعد الله في القرآن الكريم، وما توعَّد به، نؤمن بالوعد والوعيد، فيما توعَّد الله به على المعاصي، على المخالفة لتعليماته، المخالفة لهديه، المخالفة لتوجيهاته “جلَّ شأنه”، وما يترتب على ذلك من العقوبات العاجلة في الدينا والآجلة في الآخرة، وكثيرٌ من المشاكل التي يعاني منها المجتمع البشري هي تعود إلى التفريط في التقوى، ما يتسبب به الناس من خلال أعمالهم: من جرائم، ومفاسد، ومظالم، وما ينتج عن ذلك من عقوبات في واقع الحياة، وما يترتب على ذلك من عقوبات في واقع حياتهم المعيشية وغير ذلك، هو يعود إلى تفريط في حالة التقوى، فالتقوى هي نجاة، هي فوز، هي فلاح، هي خيرٌ للإنسان، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}[الطلاق: 2-3]، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ}[الطلاق: من الآية5]، {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}[الزمر: الآية61]، يقول الله أيضًا عن الجنة: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}[آل عمران: من الآية133]، {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا}[مريم: من الآية63]، {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[الأعراف: من الآية96].

حالة التقوى يترتب عليها كل خيرٍ في عاجل الدنيا وفي آجل الآخرة، الفوز بما وعد الله به في الدنيا والآخرة مترتبٌ على مسألة التقوى، فهي مسألة ضرورية، لا يمكن أن يستهتر بها الإنسان، ويتصور أنه لا ضرورة لها، ولا حاجة إليها؛ لأنها تعنيه هو، تعني وقاية نفسه، الوقاية له من عواقب الأعمال السيئة، على المستوى الشخصي، وعلى مستوى المجتمع كمجتمع.

والتربية على التقوى، والأمر بالتقوى تكرَّر كثيرًا في القرآن الكريم، حتى لأنبياء الله، ولأوليائه، ولعباده المؤمنين، واقترن في كثيرٍ من الآيات مع أوامر الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، يأمرُ بأمرٍ، ويأمرُ معه بالتقوى؛ للحذر من المخالفة في ذلك الأمر، كما اقترنت أيضًا مع كثيرٍ من النواهي في القرآن الكريم، ينهى عن شيءٍ ويحذِّر منه، ثم يأمر بالتقوى؛ ليبيِّن العواقب للمخالفة في ذلك النهي، الذي ورد في القرآن الكريم، فالمسألة في غاية الأهمية، والتربية على التقوى والعناية بهذا الأمر أمرٌ مهمٌ جدًا؛ كي لا يتعود الناس بشكلٍ عام كمجتمع، أو الإنسان شخصيًا، على التمادي في المخالفة لأوامر الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، والاستهتار بالمعاصي، والجرأة على التعدي لحدود الله وأوامر الله.

الفرق بين الحالة التي تترسخ لدى الإنسان فيها التقوى، وبين الحالة التي تنعدم فيها حالة الشعور بالتقوى وأهمية التقوى، هي هذا: الإنسان المتقي لله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” يستذكر العواقب السيئة للمخالفة؛ فيحذر من المخالفة، ويكون بعيدًا عن الجرأة على المعصية، ويكون حريصًا على الالتزام العملي، ويكون جادًّا في طاعة الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، وحريصًا على تنفيذ أوامر الله، على الاستجابة لله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، فإذا فقد الإنسان هذه الحالة، كان مستهترًا، جريئًا على المعصية، جريئًا على المخالفة، سواءً تجاه شيءٍ من أوامر الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، أو تجاه شيءٍ من النواهي، وإذا فقد الإنسان حالة التقوى، أصبح جريئًا على العصيان، على المخالفة، على الرد لتوجيهات الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، فهي حالة خطيرة جدًا، توقع الإنسان في الذنوب والمعاصي الكبيرة، تبعد الإنسان عن حالة الالتزام العملي والطاعة لله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، يتحول إلى عاصٍ مُصِرّ على معاصيه، ومستهتر وجريء على التعدِّي لحدود الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” والعياذ بالله، وهذا يجرُّ الإنسان نحو الخُذلان، أن يخذله الله، أن يسلب منه التوفيق، فلا يتوفق، لا للتوبة، ولا للرجوع إلى الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، ويصبح ممن حق عليهم القول، يعني: استحقوا الوعيد الإلهي، وابتعدوا تمامًا عن العودة إلى طريق الحق، ابتعدوا عن التوبة والإنابة والرجوع إلى الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، ويسيطر عليهم الشيطان سيطرةً تامة، بعد زيغهم، وفسادهم، وانحرافهم، وقسوة قلوبهم؛ لأن لهذا آثار نفسية في قسوة القلوب، في الجرأة، في انعدام حالة الخشوع والتذكُّر، والحياء من الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، والاستذكار للعواقب الخطيرة في الدنيا والآخرة، والتذكر لمآل- ما يؤول إليه الإنسان- مآل عصيانه في الآخرة، وهو جهنم والعياذ بالله.

الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” ذكر لنا في القرآن الكريم قصةً مهمة، تبين لنا خطورة التمادي في العصيان، والاستهتار، وانعدام حالة التقوى، والجرأة على المعاصي، والمخالفة في الأمور العملية، وما يترتب عليها من عواقب في الدنيا والآخرة، هي قصة أصحاب السبت، يقول الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}[الأعراف: الآية163]، تلك القرية كانت قريةً في الساحل (في ساحل البحر)، وكان أهلها يعتمدون في حياتهم المعيشية على الصيد، وكانوا من بني إسرائيل، في المرحلة التي كانوا هم فيها أمة الرسالة الإلهية، التي يجب عليها أن تقدم النموذج لبقية الأمم، في التزامها بدين الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” وتشريعاته وأحكامه، وأن تكون هي القدوة لبقية الأمم في تلك المراحل، ما قبل بعثة الرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، فتلك القرية التي كانت حاضرة البحر، يعني: قرية ساحلية، ويعتمد أهلها في واقعهم المعيشي وكسبهم على الصيد، كانوا يستهترون بتوجيهات الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، ولا يلتزمون حالة التقوى لله، ويتجرؤون على معصية الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”؛ فكانوا يفسقون، يخرجون عن تعاليم الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، ويتجاوزونها، ولا يلتزمون بها، فحصل لهم هذا الابتلاء الخطير، وهذا مما يحصل للإنسان شخصيًا، أو للمجتمع كمجتمع، إذا أصبح مستهترًا، لا يلتزم بتعليمات الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، جريئًا على المعصية، جريئًا على الفسق، جريئًا على المخالفة لتوجهات الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” والرد لأوامره والتجاوز لمناهيه، فيُبتلى بما هو أخطر، يُبتلى بما هو أخطر، فإذا تورَّط في ذلك، كانت العقوبة عقوبة شديدة جدًا، فابتُلُوا في كسبهم المعيشي، كان محرمًا عليهم هم الاصطياد في يوم السبت، فكانت تخرج الأسماك في يوم السبت شُرَّعًا على ظاهر الماء وبكثرة، بحيث يسهُل اصطيادها، فإذا كان في غير ذلك اليوم- في بقية الأيام التي يحل لهم فيها الصيد- تختفي إلى أعماق البحر، ويتعسَّر عليهم جدًا اصطيادها، لماذا؟ يقول الله: {كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}.

في حالة التقوى يأتي اليسر من الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، يأتي العون من الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، تأتي البركات من الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، كما قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}، ويجعل الله بعد العسر يسرًا، لكن في حالة المعصية، والتجرؤ على المخالفة لتعليمات الله وهديه، يأتي الاختبار بشيءٍ عسيرٍ على الإنسان، كان اختبارًا خطيرًا لهم هذا، عندما كانت تظهر في اليوم الذي يحرُم عليهم اصطيادها على وجه الماء، وفي بقية الأيام تختفي في أعماق البحر، ويتعسر عليهم اصطيادها، فما الذي حصل؟ خالفوا، خالفوا وتجرَّؤا في مسالة عملية، يعني: لم تكن مخالفتهم- مثلاً- عبادة صنم من الأصنام، أو خروجًا من مِلَّة التوحيد، لكن مخالفة في التزامهم العملي، فخالفوا، وانتهكوا محارم الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، وقاموا بالاصطياد في ذلك اليوم الذي يحرُم عليهم الصيد فيه، وكان هذا في شريعتهم، عندما حصلت منهم المخالفة، كان البعض يَعِظُهم، ويحذرهم، وينذرهم، ويذكرهم، ويحثهم على التقوى، فلم يكونوا يستجيبون، وكان البعض يتنصَّل عن النهي، والاستنكار عليهم لما هم فيه، والتذكير لهم، ويتجاهل ما يعملونه، فكانوا ثلاثة أقسام: 

  • قسم يتجرأ على تلك المعصية.
  • قسم لا يُشارِكهُم فيها، ولا يحذرهم منها، ولا يُنكر عليهُم ما هم فيه.
  • وقسمٌ آخر يُحذرهم، يُنذرهم، يُذكرهم، ويتقي الله من الوقوع في ذلك المحذور.

{وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}[الأعراف: الآية164]، المُقصِّرون والساكِتون كانوا ينتقِدون على الذين يُذكِّرون ويستنكِرون ذلك المُنكر، يذكِّرون قومهم، ويستنكرون عليهم تلك المخالفة العملية، فهم يبيِّنون لهم أن هذا أداء لواجب، أننا نعمل ما علينا مسؤولية أن نعمله أمام الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، نؤدي واجبنا تجاه الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، {مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}، وتذكيرٌ لهم، إقامةٌ للحجة عليهم، تنبيهٌ لهم؛ لربما يتذكر منهم مَن يتذكر، ولكن دون جدوى، استمر أولئك وتمادوا، تمادوا في المعصية، في المخالفة، والتمادي في المخالفة والمعصية أمرٌ خطير، خطيرٌ جدًا على المجتمع كمجتمع وعلى الإنسان شخصيًا.

{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}[الأعراف: الآية165]، عندما أصبح ما ذُكِّروا به، من هدي الله، من تعليمات الله، لا قيمة له عندهم، لم يعودوا يبالون به، ولا يلتزمون به، ولا يستجيبون له، أتى العذاب، وكانت النجاة لمن؟ للذين كانوا ينهون عن السوء، {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ}، عذاب شديد عُذِّبوا به، {بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}، كذلك الإشكالية هي هذه: حالة الفسق، الجرأة على معصية الله، على مخالفة أوامر الله، على الرد لتوجيهات الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”.

مع ذلك، لم ينفع فيهم بعد أن ذُكِّروا بالعذاب، {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}[الأعراف: الآية166]، لـمَّا لم ينفع فيهم التذكير من هدى الله، لم ينفع فيهم حتى العذاب البئيس، عقوبة معينة تأتي قبل العقوبة الكبرى، لتكون هي ذكرى لهم، فلم ينفع معهم ذلك، أتت لهم العقوبة الكبرى، وكانت- هذه كعقوبة عاجلة- كانت عقوبةً رهيبة، مُسِخوا إلى قِرَدَة، مُسِخوا إلى قِرَدَة والعياذ بالله، أمر رهيب عندما مُسِخوا من حالتهم البشرية إلى قِرَدَة؛ والسبب هو ماذا؟ تلك المعاصي، تلك المخالفات في الواقع العملي، لم تصل بعد إلى حالة أن عبدوا صنماً، أو خرجوا من ملة التوحيد، لكن التمادي في المعصية لله، في المخالفة لله، من جانب أمةٍ قد أنعم الله عليها بنعمة الهُدى، ووصلت إليها تعليمات الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، وأصبحت من حيث الانتماء بينها وبين الله ميثاق على الالتزام بهديه، والاتِّباع لكتابه وتعليماته “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”. 

هذا الدرس يبين لنا الخطورة الرهيبة للتمادي في المعاصي، والمخالفة لتوجيهات الله، والمخالفة لأوامر الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”، أنه يترتب على ذلك عقوبة، والعقوبات كثيرة ومتنوعة، فليحذر الإنسان عندما يتيقَّن ويؤمن أن المخالفة لتعليمات الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” وتوجيهاته وهديه، يترتب عليها حتمًا عقوباتٌ عاجلةٌ في الدنيا؛ أمَّا في الآخرة فنار جهنم والعياذ بالله، سوء الحساب ونار جهنم والعياذ بالله. 

هذا يبين لنا ما تعنيه لنا التقوى، أهميتها لنا؛ لأن بها نجاتُنا، سلامتُنا من عذاب الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” من عواقب أعمالنا في هذه الحياة وفي الآخرة.

نتحدث- إن شاء الله- عن العواقب الرهيبة في عالم الآخرة، التي تنتج عن التفريط في حالة التقوى، والعاقبة الإيجابية للتقوى في الآخرة- إن شاء الله- في المحاضرات القادمة.

نَسْأَلُ اللَّهَ “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يَتَقبَّل مِنَّا وَمِنْكُمُ الصِّيَام، وَالقِيَام، وَصَالِحَ الأَعْمَال، وَنَسْألُهُ “جَلَّ شَأنُه” أَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنصُرنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.

وَالسَّــــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَــــةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتـــُه؛؛؛

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com