رسائلُ الرئيس لرعاة العدوان: صنعاءُ تحمي مسارَ السلام الفعلي وتثبّت معادلات الردع

||صحافة||

أعطت الرسائلُ التي وجّهها الرئيس المشاط، خلال لقائه الممثل الأممي، هذا الأسبوع، تقييمًا واضحًا لطبيعة المرحلة الراهنة، إذ أكّـدت أن جهود السلام لا زالت تواجه عوائق كبيرة تتمثل في الإصرار الأمريكي والبريطاني على مواصلة العدوان والحصار؛ وهو ما يعني أن إيجابيةَ الجهود المبذولة لا تزال مرهونةً بمدى إدراك العدوّ لضرورة إيقاف المماطلة والبدء بتنفيذ الخطوات العملية للحل العادل؛ الأمر الذي يضعُ السعوديّةَ في المقدِمة أمام اختبار بالغ الأهميّة خلال الفترة القادمة التي يُفترَضُ أن تشهد استئنافًا للحراك التفاوضي.

تحذيراتُ الرئيس المشاط من الدور السلبي الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في عرقلة جهود السلام وإفشال التفاهمات، جاءت مصحوبة بوعيد واضح وصريح حول تداعيات هذا الدور السلبي، إذ أكّـد الرئيس أن “العالم كله سيتضرر إذَا عاد التصعيد في اليمن”، وهو تذكير واضح بالجهوزية العسكرية لاستئناف عمليات الردع بمستويات أعلى.

هذا الوعيدُ لم يأتِ مصادفةً، وإنما جاءَ لتبيين مدى وحجم حساسية المرحلة و”خطورة ومخاطر الأدوار المشبوهة” التي تلعبها الولاياتُ المتحدة الأمريكية وبريطانيا، بحسب تعبير نائب وزير الخارجية بحكومة الإنقاذ، حسين العزي، وَأَيْـضاً لتوضيح عدم جدوى التعويل على أية محاولات لتقييدِ خيارات صنعاء العسكرية.

وتتوجّـه هذه الرسالة أَيْـضاً إلى دول العدوان وفي مقدمتها السعوديّة التي تتحمل مسؤولية عدم الرضوخ للرغبات والتوجّـهات الأمريكية والبريطانية؛ مِن أجل إخراج نفسها من المستنقع اليمني، خُصُوصاً في ظل انفتاح باب التفاوض المباشر مع صنعاء، بعيدًا عن التعقيدات الأممية والغربية؛ لأَنَّ الاستجابة للرغبات الأمريكية والبريطانية من شأنها أن تجعل استمرار التفاوض بلا معنى، كما أنها ستعيد إلى الواجهة المخاطر التي تحاول السعوديّة أن تتفاداها.

وفي هذا السياق، يذكّر نائبُ مدير دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع العميد، عبد الله بن عامر، بأن “السعوديّة لم تتخذ أية خطوة جادة نحو السلام؛ فهي لم تغادر مربع التعبير عن الرغبة بزيارات ووعود وتفاهمات”، ويرى أن اقتصار السعوديّة على هذا المستوى من التجاوب يجعل “من الصعب الفصل بين السعوديّ والأمريكي فكلتاهما يتحدثان عن السلام، ما لم يكن التماهي بينهما ضمن تبعية الأول للثاني هو التوصيف الأقرب للواقع لما يحصل وما يجري”.

وتأتي تحذيراتُ وتأكيداتُ الرئيس المشاط بخصوص تداعيات الدور الأمريكي والبريطاني والجاهزية للحرب والسلام، في توقيت مهم، برزت فيه مؤشرات عديدة على دخول واشنطن بالذات على الخط ومحاولاتها لفرض تصوراتها على عملية السلام، ومن تلك المؤشرات تصريحات المبعوث الأمريكي، تيم ليندركينغ، التي عبّر فيها بوضوح عن اندفاع أمريكي كبير لكبح أي توجّـه سعوديّ إيجابي حتى ولو لم يكن قد وصل إلى المستوى العملي بعدُ.

وفي ظل هذه التصريحات فَـإنَّ إعلانَ وزارة الخارجية الأمريكية قبل أَيَّـام عن زيارةٍ جديدةٍ لمبعوث البيت الأبيض إلى المنطقة، مثل مؤشرًا واضحًا على أن واشنطن تريد إحباطَ الجولة القادمة من المشاورات المباشرة التي تم الاتّفاق عليها في صنعاء خلال جولة رمضان، وقد ألمح الرئيسُ المشاط إلى ذلك، من خلال استنكار قيام أمريكا بإرسال “مبعوثها المشؤوم” إلى المنطقة كلما تم التوصل إلى تفاهمات.

ومن أجل ذلك، حملت التحذيرات الأخيرة للرئيس رسائلَ واضحةً للولايات المتحدة الأمريكية بأن جهود السلام الجارية سيؤدي إلى انفجار لن تستطيع واشنطن استغلاله لمصلحة توجّـهاتها؛ لأَنَّه سيؤدي إلى أضرار “عالمية”.

تحذيرات ورسائل الرئيس المشاط حملت أَيْـضاً دلالات مهمة، من حَيثُ توجيهها للممثل الأممي؛ لأَنَّها وضعته في مكانه الفعلي كمُجَـرّد رسول للدول الراعية للعدوان، وليس “وسيط سلام”؛ وهو ما اقتضى نقل تلك التحذيرات من خلاله إلى المعنيين بها، وهذا يشير إلى إغلاق الباب أمام محاولات استخدام الأمم المتحدة كواجهة تنتحل دور الوسيط؛ مِن أجل خدمة الأجندة الأمريكية والبريطانية.

وتشير هذه الدلالة بوضوح إلى أن صنعاء حريصة على توجيه مسار السلام بعيدًا عن التعقيدات والتدخلات الأمريكية والبريطانية، خُصُوصاً بعد أن أثبتت سلطنة عمان نجاحًا ملحوظًا في لعب دور الوساطة الحقيقية الإيجابية؛ وهو ما يعني أن الطريقَ الوحيدَ أمام الأمم المتحدة للعب دور فاعل في عملية السلام هو تغييرُ سياساتها المنحازة إلى دول العدوان ورعاتها؛ ما لم ستبقَى في خانة المعرقِلين للحل.

هذا أَيْـضاً ما أشار إليه، حسب نائب وزير الخارجية، فَـإنَّ مجمل ما وجّهه الرئيس المشاط من رسائل وتحذيرات تؤكّـد “على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بسياسات جديدة تتسمُ بالواقعية والعقلانية وتنسجمُ بشكل عملي مع حقوق الشعب اليمني”.

 

صحيفة المسيرة

 

 

قد يعجبك ايضا