العدوانُ الأمريكي السعوديّ الإماراتي.. خطرٌ جديدٌ يهدّدُ الوَحدةَ اليمنية
||صحافة||
تحلُّ علينا الذكرى السنويةُ لعيد الوحدة المجيدة بحالٍ أسوأ من الأعوام السابقة؛ فالاحتلالُ السعوديّ الإماراتي لا يزال جاثماً في المحافظات الجنوبية والشرقية اليمنية، ومرتزِقته يتحَرّكون بشكلٍ مُستمرّ لتعميق حالة الانقسام والتفرقة في بلادنا.
وتسعى أمريكا وبريطانيا ودول تحالف العدوان لإفشال مفاوضات السلام، والتنصل عن الالتزام بحقوق الشعب والوطن، من خلال استهداف الوحدة اليمنية وإذكاء الصراع ودعم المليشيات للتحدث باسم الجنوب، فمشروع تمزيق اليمن والمؤامرة الغربية بقيادة أمريكا وبريطانيا وتعاون أممي تجاه استهداف الوحدة اليمنية، بات مكشوفاً وواضحًا، ولا يمكن القبول به أَو التنازل حتى عن شبر واحد من أرض اليمن، وهي حتميات تؤكّـد عليها القيادة الثورية والسياسية والعسكرية في صنعاء باستمرار.
وفي هذا السياق يقول محافظ محافظة عدن، طارق سلَّام: إن الشيء الذي يحاول المرتزِقة تجاهله هو أن المشروعَ الحقيقي والصحيح لما يسمى بإعلان الانفصال غائبٌ تماماً ولا توجد لديهم القدرة على تقديم أية معطيات أَو مؤشرات لازمة لتحقيق ما يسمى بالانفصال، موضحًا أن أبرزها ما يتمثل بتوفير الظروف الموضوعية والذاتية للحركة الثورية للتحرير والتي تراجعت كَثيراً في المحافظات الجنوبية بعد العام 2017م.
ويضيف سلام في تصريحٍ خاص لصحيفة “المسيرة” أنه وبسبب التجربة السيئة والصورة السلبية للإدارة التي قدمها المجلس الانتقالي التابع للاحتلال الإماراتي خلال فترة سيطرته على المحافظات المحتلّة خلقت قاعدة شعبيّة جنوبية رافضة للانفصال، مُشيراً إلى أن المحتلّ تمكّن من تمزيق البِنية الاجتماعية واللُّحمة الوطنية في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلّة والتي بدورها ساهمت في إعاقة مشروع استعادة وحدة الجنوب لقضيته ومظلوميته التي يشكو منها لعقود؛ ونتيجة لذلك استخدم ما يسمى بالمجلس الانتقالي؛ لتمرير مخطّطه الإجرامي في تدمير النسيج الاجتماعي الجنوبي ودفعه إلى ممارسة سلوكيات سيئة كالمناطقية والعنصرية المقيتة والانتهاكات بحق القوى الجنوبية الأُخرى وتقديم النموذج السيء للإدارة، الأمر الذي أفقد القضية الجنوبية قيمتها وجعلها محتلّة من قوى خارجية تريد استغلالها ونهب ثرواتها وَأَيْـضاً داخلياً عن طريق مرتزِقة وبيادق بأيدي ذلك المحتلّ لتسهيل مهامه ونهبه لثروات ومقدرات اليمن.
ويؤكّـد سلَّام أن معطيات الأحداث الجارية اليوم في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلّة تشير إلى أن المحتلّ الإماراتي السعوديّ وبإيعازٍ مباشرٍ من قوى الاستكبار العالمي أمريكا وبريطانيا و”إسرائيل” يسعَون وبكل الوسائل الممكنة والمتاحة للنيل من وحدة اليمن وتمزيق محافظاته الجنوبية المحتلّة، بعد فشلهم الذريع في تحقيق أية أهداف لعدوانهم الغاشم على اليمن طيلة 9 سنوات.
ويزيد بالقول: “إن المساعي الخبيثة والتحَرّكات الخفية للقوى العالمية في اليمن لا تخفى على أحد بعد أن شاهد الجميع وصول القوات الأجنبية والغربية للمحافظات المحتلّة خلال الأعوام الماضية، والعمل على الاستحواذ على أهم المواقع الاستراتيجية الحساسة فيها؛ لضمان سلامتها وتحقيق مصالحها وأطماعها، وذلك عن طريق دعم المليشيات المسلحة والمرتزِقة في التوسع والسيطرة في أغلب المحافظات المهمة الغنية بالنفط والغاز؛ حتى يضع المحتلّ يده عليها ويستفيد من عائداتها لتمويل مخطّطاته ومشاريعه التقسيمية في اليمن التي تضمن له الحرية في السيطرة على أهم الممرات المائية الدولية المتمثلة بسواحل البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب”.
خطرٌ يهدّد الوحدة:
إن العدوان والاحتلال الأجنبي يستهدف اليمن واليمنيين كافة وجنوبه قبل شماله؛ ولذا فَــإنَّ مخطّطَ الاحتلال اليوم هو المزيد من التمزيق لليمن ابتداءً بالجنوب وليس تمرير مشروع الانفصال؛ لأَنَّ جميعَ معطيات الواقع تؤكّـد على ذلك، وأن المخاطر اليوم هي أكبر من سابقاتها التي لم تكن وليدة اللحظة بالنظر إلى الظروف الاقتصادية الفاشلة والاجتماعية والسياسية والعسكرية المتتابعة زمنياً والتي تنخر في جسم اليمن الموحد حتى اليوم.
ويرى الباحث والكاتب السياسي أنس القاضي، أن مستقبل الوحدة اليمنية غامض، من الناحية السياسية؛ أي حول ما قد تقدم عليه الأطراف المحلية والأجنبية، أما على المستوى الاجتماعي الاقتصادي فروابط الوحدة اليمنية متينة، كما أن الوحدة هي نتيجة سياق تاريخي يتعمق من خمسينيات القرن الماضي؛ لذا فهي مستقبل الوطن اليمني.
ويشير القاضي في تصريحٍ خاص لصحيفة “المسيرة” إلى أنه يجب الاعتراف أن التهديد التي تتعرض له الوحدة اليمنية ليس ناشئاً عن اليوم، ولا عن “الانتقالي” والإمارات فقط، فالوحدة اليمنية مهدّدة منذ حرب صيف 94م، إلا أن المخاطر اليوم أكبر؛ باعتبار أن هناك أطرافاً إقليميةً ودوليةً تدفعُ نحو الانفصال، وفي حقيقة الأمر هذه القوى لا تدفع نحو العوة إلى ما قبل 22 مايو 1990م، بل تدفع إلى تقسيم جنوب اليمن وإعادته إلى ما قبل وحدة 1967م.
ويؤكّـد أن الشراكة الوطنية الحقيقة والحوار اليمني اليمني ودولة الديمقراطية والمواطنة والعدالة هي وحدها القادرة على حماية وحدة الشعب والوطن اليمني، فالمهمة الملحة اليوم والناجعة ليست مواجهة الانفصال، بل إصلاح مشاكل الوحدة.
بدوره يؤكّـد المحلل السياسي والعسكري، أحمد الزبيري، أن للوحدة اليمنية سياقاً تاريخياً، والمؤامرات عليها أَيْـضاً لها مسار تاريخي؛ فالشعب اليمني عندما طرد الاستعمار كان كله مقاتلاً للاستعمار من الشمال والجنوب والشرق والغرب، وعندما جاء الاستقلال حدث انقلاب 5 نوفمبر في الشمال وجاءت سلطة عميلة للنظام السعوديّ تحت الوصاية.
ويضيف الزبيري في تصريحٍ خاص لصحيفة “المسيرة” وفي الجنوب اتجهوا اتّجاهات متطرفة ويريدون توحيد اليمن على الطريقة التي يريدونها، حَيثُ كانت هناك حروب وصراعات فتن وقتال وجبهات، وبالتالي فالمؤامرة على الوحدة اليمنية قديمة وبالذات من الجيران من النظام السعوديّ، كذلك من أمريكا، من بريطانيا، فبريطانيا تريد تصفية حساب مع اليمن كله الذي أخرجها مهزومة في عيد الجلاء وهي اليوم تعمل على تجزئة اليمن.
ويؤكّـد أن مستقبلَ الوحدة اليمنية مرتبط بإرادَة كُـلّ اليمنيين، وإذَا وقف اليمنيون في وجه هذه المؤامرات، واستعادوا كُـلّ شبر من أرضهم، فالوحدة باقية، وإن كان هناك تفريط فلن تكون هناك وحدة، وسوف تتم تجزئة اليمن ليس فقط إلى شطرين، بل سيكون هناك دويلات كثيرة، لهذا علينا جميعاً أن نعي هذا الخطر.
ويشير إلى أن الحرب والعدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن له أهداف ومن ضمنها الأهداف التي لم يستطع تمريرها بالطريقة الناعمة عبر مؤتمر الحوار وتقسيم الأقاليم، من خلال أقاليمَ اتّحادية قابلة للانقسام والاستقلال وتقسيم جيش كُـلّ ذلك؛ بهَدفِ إقامة ست دول.
ويضيف: “واليوم يسعون إلى نفس الأمر عبرَ هذا العدوان؛ فعدن دولة والمهرة ستكونان مع سقطرى دولة، وحضرموت دولة، والتي كانوا يسمونها “المحمية الغربية” ستكون دولة”، مؤكّـداً أن “الوحدة ضمانة لاستقرار هذا البلد لتطوره، لكنها بحاجة إلى دولة، وَبحاجة إلى نظام وقانون، وَبحاجة إلى مواطنة متساوية لكُـلّ أبناء اليمن، وهي كذلك بحاجة إلى الحقوق، لا نهب ولا بطش ولا يؤكَلُ حَقُّ الآخر”.
صحيفة المسيرة