القمة العربية…… ديكور سياسي فضفاض وتاريخ كله مؤامرات
محمد علي الحريشي.
ماتسمى «القمة العربية» في مدينة جدة السعودية وهي كغيرها من القمم العربية الماضية لاتحرك ساكنا ولا تغير حالا، ولاتحل قضية ولاتوقف نزيف الدعم العربي في فلسطين واليمن وسوريا وأخيرا في السودان، المواطن العربي البسيط يعرف ان القمم العربية لاتقدم حلولا لمشاكله، بل معظم الكوارث والمصائب والحروب التي حلت بالشعوب والأقطار العربية كان للجامعة العربية والقمم العربية دور كبير فيها.
التاريخ يقول إن فكرة ونشاة الجامعة العربية في منتصف اربعينيات القرن الماضي تقف خلفها المخابرات البريطانية لتكون أداة سياسية تجمع ملوك العرب حينها الذين كان معظمهم على ارتباط وثيق بالتاج البريطاني وتحقق بها سياساتها وتنافسها مع الإتحاد السوفيتي، وللتاريخ شهدت الجامعة العربية نقلة نوعية في اداءها السياسي والعربي في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وبموت الزعيم عبد الناصر عادت الجامعة العربية وقممها إلى الحضن الأمريكي وبعد مقاطعة الأنظمة العربية لمصر بسبب اتفاقية (كامب ديفيد) التي تم فيها اقامة علاقات بين مصر والكيان الصهيوني تم نقل مقر الجامعة العربية الى تونس وفي تلك الفترة حتى عودة مقر الجامعة العربية إلى مصر عام 1989 شهدت فترة ركود سياسي، لكن بعد عودة الجامعة العربية الى مصر، سيطر على قرارها المال السعودي والخليجي بتواطىء من الرئيس المصري الاسبق محمد حسني مبارك الذي سخر قمم الجامعة العربية لجني الأموال السعودية مقابل تسخيرها لخدمة الأهداف السعودية، منذ ذلك التاريخ حتى اليوم ارتمت الجامعة العربية في احضان النفط والريال السعودي ومن اعترض من عدد قليل من الرؤساء العرب فان جام الغضب السعودي ينصب عليهم وعلى شعوبهم واقلها طرد العمالة وقطع المساعدات والتربص برؤساء الدول المعترضة لدى الأمريكي.
أول انغماس سعودي في الجامعةالعربية والسيطرة على قرارها وشراء موقف الرئيس المصري حسني مبارك كان في قمة شرم الشيخ الطارئة التي دعا اليها الرئيس المصري الاسبق حسني مبارك نهاية عام 1990 بطلب من الملك السعودي الاسبق فهد بن عبد العزيز بسبب دخول القوات العراقية الكويت، وفي تلك القمة التي دفعت فيها السعودية مئات الملايين من الدولارات للرئيس المصري حينها تم اصدار قرار تدمير العراق وشعب العراق ومقدرات العراق لان القرار دعا مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرار عزو العراق، ثم تكرر الدور السعودي في القمة العربية التي اتخذت قرارا يدعو مجلس الامن لغزو ليبيا واحتلاله ونهب مقدراته، ولم تكن قمة الجامعة العربية التي انعقدت في شرم الشيخ المصرية يوم السبت 28 مارس 2015 عقب العدوان على اليمن ييومين فقط بطلب من الملك سلمان بن عبد العزيز وبمساندة ودعم من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي هو الآخر تولى السلطة في مصر إثر انقلاب عسكري دعمته السعودية، تلك القمة التي باعت اليمن مثلما باعت العراق وليبيا وشرعت قرارا دعا فيه مجلس الأمن للتدخل لما اسموه بالانقلاب في اليمن.
هذا هوتاريخ الجامعة العربية والقمم العربية التي يتجمع فيها الملوك والروساء والامراء العرب في قمم ديكورية تدفع فيها السعودية شراء الذمم وتصدر بياناتها الختامية عبر السفارة الأمريكية، وتتكرر عبارات مملة كاذبة في بياناتها وقراراتها التي تعتبر حبرا على ورق مثل دعم نضال الشعب الفلسطيني وحقه في اقامة دولة منزوعة السيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة، غالبا ماكان يشن جيش العدو الصهيوني حملات قمع وتنكيل بالفلسطينيين عقب القمم العربية في رسالة تحدي للعرب.
هل خدمت القمم العربية الشعب الفلسطيني طيلة خمس وسبعون عاما؟
اليوم القمة العربية في جدة بالمملكة السعودية يراد منها تلميع وجه النظام السعودي القبيح وتبييض صفحته السوداء والتغطيةةعلى هزيمته العسكرية المذلة في اليمن وهزائمه السياسية في ايران وسوريا ولبنان وفلسطين ولتعطي القمة صورة نرجسية للشعب السعودي ان محمد بن سلمان استطاع جمع كلمة العرب وتوحيد رؤاهم وحل مشاكلهم معززة ذلك باتفاق جدة بين طرفي الحرب في السودان متناسية ان اتفاق جدة بين طرفي الحرب السوداني يعتبر لغما شديد الانفجار في السودان وهو عقد المشكلة اكثر مما أوجد لها حلول وهاهو الشعب السوداني اليوم يتجرع مرارات الحرب والقتال الذي اشتدت وتيرته بين الجيش السوداني والجنجويد عقب قنابل جدة المتفحرة وليس اتفاق الفرقاء السودانيين.
اراد النظام السعودي تلميع قمة جدة واعطاءها حيوية وزخم سياسي واعلامي بحضور الرئيس السوري بشار الأسد ليوحي للراي العام الدولي والعربي والسعودي عن القيمة السياسية الكبيرة لقمة جدة، ليغطي على ديكوريتها وزخرفها المخادع، ومما لاشك فيه ان النظام السعودي قد بذل جهودا ديبلوماسية مضنية حتى يضمن حضور الرئيس السوري إلى القمة وهو المجروح والموجوع بخناجر وسهام ومؤامرات النظام السعودي والانظمة الخليحية طيلة سنوات الحرب والعدوان الامريكي الغربي على سوريا والذي مولته اموال النفط السعودي والخليجي، فمئات الآلاف من قتلى الشعب السوري طيلة سنوات العدوان كان للسعودية وقطر والامارات مساهمة بقتل ذلك العدد الكبير مساهمة مباشرة فضلا عن تدمير الإقتصاد السوري والمدن السورية، فكيف رضي الرئيس بشار الأسد لنفسه ولتضحيات دماء الشهداء السوريين بحضوره في تلك المسرحية التراجيدية الهزلية في جدة ومقابلة مصاصي دماء العرب والمسلمين، من المؤكد أنه مورست عليه ضغوطا شديدة حتى اتخذ قرار الحضور، ورغم ذلك فحضوره كضيف شرف عاد لتوه إلى مايسمى بحضن الجامعة العربية الذي قام النظام السعودي وانظمة الخليج ذات يوم بنزع مقعد سوريا واستبدلوه بمقعد يمثل المعارضة التي مولتها ودعمتها الأموال الخليجية لتفتك بالشعب السوري قتلا وخرابا ودمارا.