هكذا استولى العدو الصهيوني على أراضي عقربة في الأغوار وسمّمها

موقع أنصار الله – متابعات – 7 ذو الحجة 1444هـ‏

نشرت صحيفة “هآرتس” وثائق تُبيّن بشكل مفصّل كيف جرى الاستيلاء على أراضي قرية عقربة في الأغوار وتدمير المزروعات فيها عام 1972، وتهجير أصحابها منها لصالح إقامة مستوطنة “غيتيت”.

وبحسب الوثائق التي كشف عنها مشروع مركز “تاوب” الصهيوني الذي يرصد المواد التاريخية المتعلقة بالمشروع الاستيطاني، سعى جيش العدو بداية العام 1972 إلى تهجير سكان قرية عقربة في الأغوار من أراضيهم من أجل إقامة مستوطنة “غيتيت”، حيث تؤكد الوثائق من أرشيف العدو الجريمة التي ارتكبها جيش الاحتلال ضد أهالي القرية الذين تشبثوا بأراضيهم.

ولفتت الوثائق إلى الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال في عقربة من أجل إقامة المستوطنة، بدءًا من التخطيط لها وحتى تنفيذها، ففي البداية جرى سلب أراضي عقربة بذريعة كاذبة هي إقامة منطقة تدريبات لجيش العدو، وهذه حجة استخدمها الكيان الصهيوني عشرات المرات من أجل إقامة مستوطنات في أنحاء الضفة الغربية.

وبعد أن أصرّ الفلسطينيون في عقربة على مواصلة زراعة أراضيهم، أعطب جنود العدو آلياتهم الزراعية، ثمّ صدر أمر للجنود بالدوس على المزروعات بمركبات عسكرية بهدف تدميرها، ولأن ذلك لم يؤدِ إلى دفع المزارعين إلى مغادرة أراضيهم، لجأ جيش الاحتلال إلى ارتكاب جريمة أكبر، باستخدام طائرة رشّ مبيدات من أجل نثر مادة كيماوية سامة، تبيد المزروعات وتقتل البهائم، وتشكل خطرا على حياة البشر، بحسب الوثائق.

والملف الذي يوثّق تسميم أراضي قرية عقربة محفوظ في أرشيف جيش العدو، والوثيقة الأولى فيه مؤرخة في كانون الثاني/يناير 1972. وبموجبها، أصدرت قيادة المنطقة الوسطى أمرًا للواء الأغوار يقضي بالتأكد من “عدم زراعة الأراضي في هذه المنطقة، وبضمن ذلك تدمير المزروعات الموجودة بواسطة السير عليها”.

وتشير وثيقة أخرى من آذار/مارس العام نفسه إلى “نجاح المهمة”، وجاء فيها أنّ “المسؤول عن الأملاك المتروكة والحكومية” في قيادة الضفة الغربية طلب استدعاء المخاتير ورؤساء الحمائل وتذكيرهم “بألا يخالفوا الأوامر المذكورة، وإلا سيتم تدمير المزروعات وستجري محاكمتهم بسبب الدخول إلى منطقة مغلقة من دون تصريح”.

وزعمت وثيقة أخرى أنّ جيش العدو أوعز بفتح تحقيق ضدّ ضابط تسبّب بأضرار لأملاك السكان، باستهدافه مع عدد من الجنود لجرار ومحراث وقطعان ماشية تابعة لسكان القرية، لكن ملف الوثائق لا يتضمن أي توثيق لمحاكمة الضابط والجنود أو لأي عقوبة، ما يدل على أن هدف ذلك هو التضليل.

وأجرت قيادة المنطقة الوسطى في جيش العدو مداولات بمشاركة ضباط ومندوب دائرة الاستيطان في الوكالة اليهودية، في نيسان/أبريل، بعنوان “رش مبيدات في مناطق محظورة في منطقة تل-طال”، و”تل-طال” كان الاسم الأصلي لمستوطنة “غيتيت”، بحسب الوثائق.

وجاء في الوثيقة أنّ هدف المداولات هو تحديد “المسؤولية والجدول الزمني لرش المبيدات”، وأنّه بعد تنفيذ ذلك سيُمنع دخول البشر إلى المناطق التي جرى رشها بالمبيدات لمدة ثلاثة أيّام “تحسبًا من تسمم الأمعاء”، ومنع دخول المواشي إلى هذه الأراضي لمدة أسبوع آخر.

وجرت مداولات أخرى في الشهر نفسه، وجاء في الوثيقة أنّه “لا توجد معارضة من جانب هذه القيادة لتنفيذ رش المبيدات كما هو مخطط”، وأنّ “المسؤول عن الأملاك المتروكة والحكومية سيهتم بوضع علامات دقيقة لترسيم حدود المنطقة وسيوجه طائرة رش المبيدات بناء على ذلك”، وأنّ تعويضات لأصحاب الأراضي الفلسطينيين ستُدفع “في حال قدموا دعاوى”، في حين قدّر جيش العدو أنّ الأضرار ستكون بمبلغ يتراوح بين 12 – 14 ألف ليرة بحسب العملة المستخدمة حينها من قبل العدو.

وتشير وثائق أخرى في الملف إلى أنّ رش المبيدات السامة، بهدف “إبادة المحاصيل”، حصل في 17 نيسان/أبريل 1972، بعد “مصادقة منسق الأعمال في المناطق شفهيا على عملية رش المبيدات”، وشمل مساحة 500 دونم.

وشمل ملف الوثائق رسالة بعثها رئيس مجلس عقربة إلى وزير الحرب الصهيوني، جاء فيها أن “عدد سكان القرية 4 آلاف ويعتاشون من 145 ألف دونم من الأراضي الزراعية”، وأضاف أنّ سلطات الاحتلال أحرقت حقولًا مزروعة بالقمح وصادرت أراضي السكان، وأبقوا لهم 25 ألف دونم فقط.

وبحسب الوثائق، استكمل جيش العدو السيطرة على الأراضي التي جرى تسميمها في أيّار/مايو.

وفي آب/أغسطس، أقام قائد المنطقة الوسطى لجيش العدو رحبعام زئيفي، داعية الترانسفير المعروف، البؤرة الاستيطانية “غيتيت” في أراضي عقربة. وفي البداية سكن فيها جنود من لواء “هناحال” في خيام وبعد ذلك في مبان. وفي بداية العام 1973 تحولت هذه البؤرة الاستيطانية إلى بؤرة دائمة، وأقيمت المستوطنة في العام 1975.

ونقلت صحيفة “هآرتس” عن المسؤول السابق عن محفوظات الكيان يعقوب لازوفيك، الذي يرأس مشروع “مركز تاوب”، قوله إنّه أثناء تجميع الوثائق المتعلقة بالمشروع الاستيطاني، أدرك الدور المركزي لحكومات العدو في هذا المشروع، وأنّ “الحكومة هي المحرك وكافة الأمور تمر عن طريقها”.

وقال رئيس “مركز تاوب” رون تسفايغ “الاطلاع على المواد يسمح بإدراك أفضل أنّ هذا المشروع القومي العملاق هو ثمرة مبادرة لحكومات “إسرائيل” المتعاقبة، وليست اليمينية فقط وإنما جميعها”، على حدّ تعبيره.

 

قد يعجبك ايضا