المنهاج “الإسرائيلي” يتغلغل في قلب المدارس المقدسية والخاسر الأكبر هو الطالب والقضية الفلسطينية

موقع أنصار الله  || صحافة عربية ودولية || تنفذ سلطات الاحتلال الإسرائيلي محاولات عدة لتهويد المناهج التعليمية في القدس بربط عمليات ترميم وتطوير المدارس العربية ذات البنية التحتية المتهالكة بتطبيق المنهاج الإسرائيلي، في سعي منها لمزيد من الطمس لكل ما هو عربي وفلسطيني في المدينة المحتلة واستكمالها لمشروع «القدس الكبرى» حسب التسمية الإسرائيلية.
وأشار تقرير صادر عن مركز العمل التنموي «معا» إلى اشتراط «وزارة شؤون القدس» في حكومة الاحتلال تحويل ميزانية مدارس القدس الشرقية التي يرتادها الفلسطينيون والبالغة قيمتها 20 مليون شيكل بقبول هذه المدارس لاعتماد المنهاج الإسرائيلي في تعليمها، معلنة أن الأموال ستحول للمدارس التي ستوافق على البدء بتطبيق المنهاج الإسرائيلي.
ويعتبر هذا الشرط وفقا للمركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية «عدالة» غير قانوني، لأن التشريعات القانونية في «دولة إسرائيل» تمنع تخصيص الميزانية بشكل غير متساوٍ وتمييزي وهذا مس بالحق الدستوري للمساواة الذي يصل حد التمييز المرفوض على خلفية قومية خاصة، وأن المدارس العربية هي وحدها التي ستتضرر من تطبيق هذا القرار، فالتشريعات تؤكد على أن الميزانيات الحكومية والبلدية يجب أن تكون متساوية ومبنية على أسس ومعايير واضحة ومكتوبة.
وبحسب المركز فإن وزارة شؤون القدس لا تملك الصلاحية لاتخاذ مثل هكذا قرار لأنه يقع ضمن صلاحيات وزارة التربية والتعليم فقط بالإضافة إلى أن «وزارة شؤون القدس» غير مخولة بالمس بحقوق دستورية دون قانون يحدد لها هذه الصلاحية بشكل واضح.
وأشار زياد الشمالي رئيس لجنة أولياء أمور الطلبة في القدس إلى أن مدارس القدس تعاني نقصًا في الغرف الصفية يصل إلى 2800 وحدة صفية ما يسبب اكتظاظا طلابيا في الصفوف الموجودة، وهكذا استغلت حكومة الاحتلال هذه الحاجة لدى المقدسيين وبدأت تساومهم على تقديم الدعم لقاء اعتماد المنهاج الإسرائيلي.
وأكد أن فكرة تعميم المنهاج ما هي إلا مقدمة لمسح الارتباط الفلسطيني بالهوية العربية ومقدمة للسيطرة الكاملة على فكر الشباب المقدسي كأحد أهم أركان مجتمع المدينة وذلك عبر استهداف 76 مدرسة، يرتادها حوالى 70.000 طالب وطالبة. وبحسب الشمالي فقد شهد العام الدراسي 2013/ 2014 بدء تدريس المنهاج الإسرائيلي في خمس مدارس في القدس هي مدرسة إناث صور باهر ومدرسة عبد الله بن الحسين الثانوية ومدرسة ابن خلدون الثانوية للبنين ومدرسة ابن رشد في صور باهر، لكن وبحسب جمعية حقوق المواطن في إسرائيل فقد ارتفع هذا العدد في العام الأكاديمي الحالي 2016 / 2017، إلى 14 مدرسة.
ولمواجهة هذا التهويد عمدت لجان الاتحاد بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم الفلسطينية مطلع العام الدراسي إلى توزيع كتيبات توعوية على الطلبة تعرفهم من خلالها بمخاطر المنهاج الإسرائيلي على الفكر والهوية، بالإضافة إلى توزيع كتب المنهاج الفلسطيني الأصلية غير المحرّفة. ويعمل المنهاج الإسرائيلي لا يحرف المواد الاجتماعية على نحو خاص، بل يلغيها. وبحسب مدير التربية في جمعية حقوق المواطن في إسرائيل شرف حسان فإنه «لا يعترف بالشعب الفلسطيني ورموزه بل هو ممعن في تقديم الرواية الإسرائيلية الصهيونية، لذلك فإنه من الصعب حصر نماذج التشويه لكن سنحاول في هذا التقرير تسليط الضوء على أبرزها».
ويحاول المنهاج الإسرائيلي بحسب حسان، وضع علامات استفهام حول أصل الفلسطينيين وعلاقتهم بالأرض فيتناول المنهاج حجم الهجرة اليهودية مقابل الفلسطينية في محاولة منه للتشكيك بعلاقة الفلسطينيين – الذين أصبحوا أقلية – في أرضهم التاريخية.
كذلك، يحاول المنهاج بنسخته الجديدة تبني سياسة الحكومة الإسرائيلية المتمثلة بـ «فرق تسد» حيث بدأ مؤخراً بالحديث عن القومية الآرامية التي بدأت بالترويج للتجنيد من خلالها وتقول في المنهاج أن عددهم 130 ألف نسمة وهو العدد الفعلي للمسيحيين في الأراضي المحتلة ،وما هذا إلا أسلوبا لتشتيت شمل المواطنين العرب.
ويتجاهل كتاب «المدنيات» الذي يدرس لطلاب «الثانوية» الرواية الفلسطيية كاملة محاولا غسل دماغ الطلاب وتوجيههم نحو القبول بالدولة اليهودية على أنها شيء طبيعي وشرعي إلى جانب تشويه مفاهيم الديمقراطية وخلق مصطلحات جديدة غير موجودة أصلا بالعلوم السياسية المتعارف عليها دوليا. وتستخدم كتب الجغرافيا المترجمة عن العبرية بما يلائم الرواية الجغرافية الصهيونية التوراتية الأسماء العبرية بدلاً من العربية مثل «أورشليم» و»يهودا والسامرة» وتدعي أن الأسماء العربية هي تحريف لما جاء من اسماء في التوراة لذلك تستعين الكتب بأسماء توراتية للأماكن وأسماء البلدات وحتى التضاريس.
وتكرس الرواية الصهيونية الواردة في المنهاج الإسرائيلي مقولة أن فلسطين «أرض بلا شعب» ، فالسهل الساحلي يصور على أنه منطقة قطنها سكان قلائل تنقلوا في أماكن متعددة، وأن سكان فلسطين غرباء أصلهم من الصحراء. أما النكبة فلم يتم ذكرها كما لم يتم ذكر عدد سكان فلسطين قبل قيام «دولة إسرائيل» الذين كانوا أكثرية وتم تحويلهم إلى أقلية، في محاولة لإخفاء الحقائق الديمغرافية.
وتاريخيا شرعت إسرائيل في محاولاتها لأسرلة المنهاج الفلسطيني منذ عام 1967 بفرضه على جميع مدارس القدس والضفة الغربية لكن المجتمع المقدسي رفضها وأعلن الإضراب فتراجعت إسرائيل تدريجيا واضعة منهاجًا بديلا يدمج بين الأردني والإسرائيلي ليحارب من جديد وليحل مكانه المنهاج الأردني الذي بقي يدرّس حتى عام 2000 حيث تم إحلال المنهاج الفلسطيني مكانه تدريجيا.
ويعاني قطاع التعليم في مدينة القدس العديد من الأزمات بعضها أسبابه داخلية لها علاقة بالمنهاج وجهات الإشراف ومشاكل أخرى يكون الاحتلال سببًا رئيسياً في تناميها ضمن مشروعه لأسرلة كل ما هو فلسطيني واستكمال مشروع ضم القدس.
وحسب تـــصنيف وتـقييم لجنة أولياء أمور الطلبة في القدس، يشرف على التعليم في المدينة المحتلة أربع جهات الأولى مدارس تابعة لما يسمى «بلدية القدس» أما الجهة الثانية فهي مدارس «المقاولات» الخاصة تحصل على ميزانيتها من وزارة المعارف الإسرائيلية والجهة الثالثة تتمثل بالمدارس الأهلية ومدارس الأوقاف يرتادها 20% من الطلبة في القدس بالإضافة إلى مدارس «الأنروا» البالغ عددها «7» ويرتادها 2000 طالب وطالبة ومستواها مــقبول. ويبقى الطالب المقدسي الفلسطيني هو الخاسر الأكبر في ظل غياب رسمي فلسطيني والمطلوب لحمايته والحفاظ على الهوية العربية والفلسطينية للمدينة التحرك على مستوى عالٍ جدا وتضافر جهود جميع الـــجهات ذات الــعلاقة محلياً ودوليًا وعدم إبقاء إدارة الــحرب التعليمية مع الاحــتلال من قبل الطلاب والاهالي ولــجان أولياء الأمور، فالــهدف الرئــيسي للاحتلال ســياسي بالدرجة الأولى.
المصدر : وكالة القدس للأنباء + القدس العربي

قد يعجبك ايضا