التكفيريون والمنفلتون.. نموذجان يجسّدان الانحرافَ الأموي.

 

بقلم/ هاشم أبو طالب

إن هذه الأُمَّــة، أُمَّـة القرآن وأمة الهدى والنور، أُمَّـة محمد -صلوات الله عليه وآله- أراد الله لها أن تكون متقدمةً في كُـلّ المجالات وأن تكون أهدى وخيرَ الأمم، يعم خيرها العالم، ولكن الواقع غاية في السوء، أُمَّـة مفرقة مشتتة تائهة لا هداف لها ولا مشروع.
الجميعُ يدرك مدى الانحطاط الذي وصلت إليه أمتنا ومدى الهوان والذل الذي تعاني منه، بعد أن وصل بها الحال إلى أن يأتي الأمريكي من خلف البحار ليحتل ويقتل وينتهك الحرمات ويسرق الثروات ويبني له قواعد عسكرية ويتحكم في كُـلّ شؤون الأُمَّــة.
ومن واقع الذل الذي نعيشُه أن يُزرعَ الكيان الصهيوني في قلب الأُمَّــة في أرض فلسطين، حَيثُ القدس والمقدسات ثم لا يكون لنا موقفٌ تجاه أناس ضرب الله عليهم الذل والمسكنة.
إن هذا الواقع ليس صدفةً ولا قدراً من الله تعالى، إنه نتيجة طبيعية للانحراف الذي أسّسه ولاة بني أمية ومن على شاكلتهم، حين انحرفوا بالأمة عن منهج الله القويم، كما وصف ذلك الرسول الأعظم حين قال عنهم: “اتخذوا دينَ الله دَغَلاً وعباده خَوَلاً وماله دُولَاً”، فيما يعنيه هذا الحديث من إفساد للدين وَتحريف لمفاهيمه وطمس لقيمه وتضييع لأخلاقه ناهيك عن استعباد عباد الله والاستئثار بالمال العام، وهذا التوصيف شامل ودقيق من الرسول الأعظم، فكانت جنايتهم على الأُمَّــة عظيمة تفوق التصور والخيال.
الانحرافُ بالأمة كانت نتيجته صناعة نموذجين:- النموذج الأول: ألبسوه رداءَ التدين؛ لاستيعاب واحتواء المتعطشين للتدين في أوساط الأُمَّــة، فكان النموذج التكفيري في وقتنا الراهن هو امتداد لذلك النموذج الذي كان له وجود في المراحل الماضية من تاريخ الأُمَّــة، بتدينه الذي لا قيم فيه ولا رحمة ولا عدل بل يتصف بالوحشية والإجرام، وفي نفس الوقت أدَاة طيعة بيد المجرمين والمفسدين.
والنموذج الآخر: هو المنفلت من الذين لم يعد لهم ارتباط بالمبادئ الدينية، ويتحَرّكون في مواقفهم وأعمالهم بالغريزة والأهواء؛ فهم مع المال والمناصب وليس مع الحق والمبادئ؛ فأذاقوا الأُمَّــة سوءَ العذاب، استبداداً وقهراً وظلماً من موقع القدرة والسلطة والحكم؛ فدجنوا الأُمَّــة وأخضعوها لهيمنتهم.
لذلك وبالنظر إلى واقعنا فَـإنَّ الرسولَ الأكرمَ قد وضّح للأُمَّـة سُبُلَ نجاتها من الفتن، حين قال صلوات الله عليه وآله: “حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً”، وقول الرسول هذا ليس مُجَـرّد ثناء، وإنما تأكيد على الدور المهم للإمَـام الحُسَين في أخطر مرحلة من المراحل التي مرت بها الأُمَّــة، وبالتالي فاللوم على المتخاذلين والمتنصلين الذين هيئوا الساحة لأن يحكمَها يزيد، وما أكثرَهم في هذا الزمن.

قد يعجبك ايضا