أمة الإسلام.. بين استهداف اليزيدية القديمة والحديثة
ثم عندما نأتي إلى واقعنا في هذا العصر، فنحن في هذا الزمن، والذين قد نقرأ واقعة كربلاء، ونقرأ تفاصيلها، ثم نتألم، ثم نستغرب من بعض المواقف، وننقد البعض منها، ونتخذ الموقف من البعض منها، يجب أن نعي أننا في هذا الزمن في نفس الاستهداف، أننا أمةٌ مستهدفة، كما كانت الأمة الإسلامية في عصر الإمام الحسين “عليه السلام” مستهدفةً، بذلك المستوى الكبير من الاستهداف، الذي يشكل خطورة عليها في دينها، ودنياها، وعزتها، وكرامتها، وحريتها، واستقلالها، وقيمها، ومبادئها…إلخ. فالأمة في هذا العصر هي مستهدفةٌ بنفس نوع الاستهداف ومستوى الاستهداف، بل وفي هذا الزمن هناك من الوسائل والإمكانات لقوى الطاغوت، والكفر، والنفاق، والشر، أكثر بكثير من الإمكانات التي كان يمتلكها يزيد في عصره.
ولذلك عندما نأتي لتأمل واقعنا، نحن أمة مستهدفة بالاستعباد، يسعى أعداؤنا الذين يمثلون في هذا العصر الامتداد لنهج يزيد وتوجه يزيد، من الكافرين والمنافقين، وقوى الكفر والنفاق يقودهم في عصرنا هذا أمريكا وإسرائيل، أمريكا وإسرائيل تمثل الامتداد لموقف يزيد، وتوجه يزيد، ونهج يزيد، ومن يتجه معهم، يقف في صفهم، يواليهم، يؤيدهم، يعمل لصالحهم من داخل الأمة، من المنتسبين للإسلام، هو يقف كما وقف ابن زياد، كما وقف شمر بن ذي الجوشن، كما وقف أولئك الذين وقفوا في صف يزيد وناصروه، وأيدوه، وباشروا هم ارتكاب الجريمة والمأساة بحق سيد الشهداء، سبط رسول الله الإمام الحسين “عليه السلام”، وأسرته، وأنصاره.
فنحن في هذا العصر نواجه نفس التحدي، أولئك الأعداء يسعون إلى استعبادنا كأمةٍ مسلمة، إلى مسخ هويتنا الثقافية والدينية، إلى مسخ قيمنا وأخلاقنا، إلى الانحراف بنا عن المبادئ الإسلامية الأصيلة، يسعون إلى إذلالنا، إلى قهرنا، إلى استعبادنا، إلى السيطرة علينا، إلى استغلالنا، إلى التحكم بنا، ولديهم نفس العقدة من المبادئ الأصيلة والصحيحة للإسلام العظيم، الأمريكي والإسرائيلي يرى في المبادئ العظيمة التي تكفل للأمة أن تكون أمةً حرةً، متخلصةً من التبعية لأعدائها، مستقلةً بما تعنيه الكلمة من استقلالٍ حقيقيٍ وتام، تتجه على أساس مبادئها وقيمها، ومنهجها الإلهي العظيم، فالأعداء هم يسعون إلى فصلها عن كل ذلك، وهم يسعون إلى أن ينحرفوا بهذه الأمة حتى في ولاءاتها، وفي طاعتها، لتكون مطيعةً لأعدائها، مواليةً لأعدائها، خاضعةً لأعدائها، فمصدر الخطر اليزيدي المعاصر هو أمريكا وإسرائيل وعملاؤهم؛ وبالتالي يتحتم علينا أن نقف الموقف الذي وقفه الإمام الحسين “عليه السلام”؛ لأنه وقف موقفاً يمثل فيه الأسوة والقدوة، هو سبط رسول الله، هو امتدادٌ لرسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله” في قيادة الأمة، وهداية الأمة، وإرشاد الأمة، والحركة بالأمة على أساس منهجها الحق.
الإمام الحسين “عليه السلام” عندما اتجه لمواجهة الانقلاب الأموي على الإسلام، وعلى الرسالة الإلهية، بعد أن وصل بنو أمية إلى الذروة في استهدافهم للأمة، بما يدخل ضمن ذلك التوصيف الذي تحدَّث عنه رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، أنهم عندما يتمكنون سيتجهون على أساسه في طبيعة استهدافهم لهذه الأمة: ((اتخذوا دين الله دَغَلا، وعباده خَوَلا، وماله دُوَلا))، نفس هذا التوجه تُستهدف به الأمة في هذا العصر، أعداؤنا وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل، وعملاؤهم، والموالون لهم، هم يتجهون هذا التوجه: يحاولون أن يفسدوا المفاهيم الدينية لإضلال هذه الأمة؛ حتى لا تمثل عائقاً أمام سيطرتهم، أمام تغلبهم على هذه الأمة، لا تمثل عائقاً أمامهم في الهيمنة على هذه الأمة، والتلعب بهذه الأمة، فهم يعملون من خلال علماء السوء، ومنابر الضلال، ودعاة الضلال، إلى تحريف المفاهيم الدينية، وإلى شرعنة كل أشكال الانحراف بشكلٍ ديني، باسم الدين، والخطاب الديني، وهذه عملية إفساد، إفساد للدين نفسه في فهم الناس له، في تصور الناس له، يصبح لديهم تصور فاسد، تصور غير سليم، يبرر ويشرعن حالات الانحراف بما فيها الموالاة، في مقدِّمتها: الموالاة والتبعية لأمريكا وإسرائيل، وهذا ما نشاهده في هذا العصر، كيف يسعى علماء السوء، الذين يقفون في صف المنافقين من أبناء هذه الأمة، في سعيهم لما يسمونه بالتطبيع مع إسرائيل، والتبعية المعلنة والواضحة والصريحة لأمريكا، فيتجهون إلى التبرير تحت العناوين الدينية، بالخطاب الديني، بمسميات دينية، حتى عنوان الإبراهيمية وما يتصل بذلك هو في هذا السياق، وعنوان التقارب والاندماج تحت العناوين الدينية هو في هذا السياق من التحريف، ومحاولة تحريف بعض المعاني للآيات القرآنية هو في هذا السياق، فهم يتخذون دين الله دَغَلا، وسعيهم من وراء ذلك هو إلى أن يتمكنوا من استعباد الأمة، واستغلالها، عندما يتمكنون من الانحراف بالأمة عن منهج الله الحق، عن الاستقلال الحقيقي، عن الحرية الحقيقية، التي تخلِّص الأمة من التبعية لأعدائها؛ وبالتالي من سيطرة أعدائها، عندما يتمكنون من فصل الأمة عن ذلك، والتضليل عليها في ذلك، فهو ليسعوا من خلال ذلك إلى استعباد الأمة، والسيطرة عليها، واستغلالها؛ حتى تتجه الأمة كأداة بيد أعدائها، تتحرك وفق مخططاتهم، وفق مؤامراتهم، وفق سياساتهم، التي تحقق مصالحهم هم كأعداء، وتضرب الأمة في كل شيء، وتضرُّ بالأمة في كل شيء من شؤون حياتها، في دينها ودنياها.
((وماله دُوَلا)): الاستئثار بثروات الأمة، ومصالح الأمة، وأموال الأمة، والاستغلال لها كذلك في شراء الذمم، في شراء الولاءات، في تجنيد من يتجند معهم لخدمتهم، وضرب أبناء الأمة الأحرار الذين لا يخضعون.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
ذكرى عاشوراء 1444 هـ