مميزات نهضة الإمام زيد بن علي عليهما السلام
فهذه النهضة التي لها أهميتها من جوانب متعددة، بالنظر أولاً: إلى شخصية الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ “عليهما السلام”، فهو سليل بيت النبوة، أبوه الإمام زين العابدين، وسيِّد الساجدين: علي بن الحسين، وجده الإمام الحسين بن عليٍّ “عليهما السلام” سبط رسول الله “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، وما عُرِفَ به الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ “عليهما السلام” في أوساط الأمة بشكلٍ عام بمختلف اتجاهاتها الثقافية والفكرية، بمختلف أطيافها، ما عُرِفَ به من مكانته العظيمة، معروفٌ بمقامه العظيم على المستوى العلمي، والثقافي، والأخلاقي، والقيمي، وهو المعروف بين الأمة في ذلك العصر بحليف القرآن؛ لعلاقته الوثيقة بالقرآن الكريم، بكتاب الله تبارك وتعالى، علاقة العلم، والمعرفة، والعمل، والالتزام الأخلاقي والإيماني، الارتباط الوثيق الذي يشمل كل شيء: كل ما يمثل أهميةً في علاقة الأمة، وعلاقة الإنسان المؤمن بكتاب الله تبارك وتعالى.
ومن حيث طبيعة القضية التي تحرَّك من أجلها الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ “عليهما السلام”، وكذلك من حيث مظلوميته، وحجم تلك المظلومية، كل هذا جعل لهذه النهضة موقعها البارز، والكبير، والمتميز، والحاضر في كتب التاريخ، وفي أحداث التاريخ، وفي مسار أحداث التاريخ، التي أثَّرت في واقع الأمة على امتداد أجيالها.
الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ “عليهما السلام” في نهضته تميزت تلك النهضة بوزنها وأهميتها على المستوى الأخلاقي والقيمي والمبدئي، فهي نهضة يستند فيها إلى كتاب الله تبارك وتعالى، إلى مبادئ وقيم هذه الأمة الإسلامية، المبادئ الأصيلة، وهي تمثل الامتداد للنهج المحمدي الأصيل، وهي نهضةٌ سعى من خلالها إلى إنقاذ الأمة من الاستعباد، والإذلال، والاضطهاد، وسعى لإنقاذ الأمة من حالة الاستسلام والخنوع في ظل وضعٍ كارثي تعيشه الأمة آنذاك نتيجةً لاستحكام سيطرة طغاة بني أمية عليها، واتخاذهم دين الله دَغَلا، وعباده خَوَلا، وماله دُوَلا.
الطغيان الأموي انتهك كل الحرمات، وتجاوز كل الخطوط الحمر، واستباح المقدسات، واستهتر بالدين الإسلامي، واستبعد الأمة وأذلها، وبلغ الذروة في ذلك، وصل إلى درجة الاستباحة لكل المقدسات، ما فعله طغاة بني أمية في مكة بإحراقهم للكعبة لمرتين، واستباحتها، والاستباحة لمدينة النبي “صلوات الله عليه وعلى آله”، وقتل سكانها، والاستباحة لذرية وعترة رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، والسعي لإبادتهم، والاستباحة للأمة الإسلامية بشكلٍ عام، واعتبار الأمة عبيداً وخولاً لهم، واستهتارهم بالدين الإسلامي، وسعيهم لتحريف مفاهيمه، والتلعب به، واستئثارهم بثروة الأمة، واستغلالها لشراء الذمم والولاءات، والاضطهاد للأمة من خلال استئثارهم بإمكانات الأمة، وبناء قوة عسكرية تخدمهم لتنفيذ أهدافهم ومصالحهم فيما يضر بالأمة، وصولاً إلى الاستهتار بالقرآن الكريم، طغاة بني أمية كانوا يستهترون ويستخفون حتى بالقرآن الكريم، نظرتهم إلى القرآن وتعاملهم معه بالاستخفاف، والاستهتار، والسخرية، والاستهزاء، والسعي لتحريف معانيه، والسعي أيضاً لتغيير مفاهيمه، بالافتراء والتزوير، وكذلك الاستخفاف بالرسول “صلوات الله عليه وعلى آله وسلم”، والإساءة إليه، واختلاق الكثير من المرويات التي تشوِّه رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، وتسيء إليه أبلغ الإساءة، وهذا حدث كثيراً في تاريخهم، وقائلهم يزيد الذي قال:
تلعَّب بالبرية هاشميٌ بلا وحيٍ أتاه ولا كتاب
فما فعله بنو أمية بالأمة، وما وصلوا إليه من الظلم لها، والاستعباد لها، والإذلال لها، جعل الأمة في وضعية صعبة جداً، وفي تلك المرحلة التي نهض فيها الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ “عليهما السلام”، كانت وضعية الأمة قاسية جداً؛ لأن السيطرة الأموية كانت قد استحكمت قبضتها على الأمة من جديد، كانت ثورة الإمام الحسين ونهضة الإمام الحسين “عليه السلام” ضد الانقلاب الأموي على الإسلام، أحدثت تأثيراً كبيراً في واقع الأمة، واهتزازاً كبيراً لطغيان بني أمية، ثم أتت نهضة الإمام الشهيد زيد بن علي حفيد الحسين “عليه السلام”، أتت باعتبارها امتداداً لنهضة جده الإمام الحسين “عليه السلام”، وباعتبارها أيضاً من منطلق القرآن الكريم، والمبادئ الإسلامية، فهي ضرورة دينية، وهي كذلك نهضةٌ تمثل الامتداد للإسلام المحمدي الأصيل، فهي بكل هذه الاعتبارات تقدِّم لنا النموذج، القدوة والأسوة الذي نقتدي به، ونتأسى به، وهي أعطت أيضاً للحق حيويةً في واقع الأمة، وامتداداً واستمراراً في مستقبل أجيالها، وهي أسهمت بشكلٍ كبير في إسقاط الكيان الأموي الطاغوتي فيما بعد؛ ولذلك لها أهميتها الكبيرة، ولها علاقتها بنا وبواقعنا، وهي غنية بالدروس والعبر، التي نستلهمها ونستفيدها منها.
بمثل ما وصف التاريخ من مختلف كتب الأمة، باختلاف أطيافها، وليس من وجهة نظرٍ أو روايةٍ تخص طيفاً من أطياف الأمة، أو جهةً من أبناء الأمة، بل بمصادرها بشكلٍ عام، بمختلف أبنائها، واتجاهاتهم، وأطيافهم، ما وصفوه من طغيان طغاة بني أمية، وظلمهم، وإفسادهم، واضطهادهم للأمة، وإذلالهم للأمة، ووحشيتهم في ارتكاب أبشع الجرائم بحق الأمة، وقتلهم لمئات الآلاف من أبناء الأمة، ولاستباحتهم مقدسات هذه الأمة، واستخفافهم برسالتها، ودينها، وقرآنها، ونبيها، وصف الإمام زيدٌ “عليه السلام” كل ذلك الواقع في رسائله للأمة، وهو يذكِّرها بما هي فيه من واقع، ويذكِّرها بمسؤوليتها تجاه ذلك الواقع، وهذا فيه دروسٌ مهمٌ جداً لنا في هذا الزمن.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
من كلمة السيد في ذكرى استشهاد الإمام زيد عليه السلام لعام 1444 هـ