الإمام زيد “عليه السلام” .. امتداد أصيل لنهج الثائرين على الطغاة والمستكبرين
يعتبر الإمام زيدٌ -عليه السلام- الامتداد الحقيقي لخط الهداية، سواء من حيث المنطلقات التي انطلق منها في ثورته ضد الطاغوت والفساد والتي تتمثل في القرآن الكريم ، والسيرة النبوية وأسس الدين من ولاء وبراء واستشعار المسؤولية الدينية والارتباط الوثيق بمصادر الهداية الحقيقة وتجسيدها في واقعه فهو من عرف بحليف القرآن لكثرة ارتباطه به وملازمته له والتخلق بأخلاقه حتى كان القرآن سمعه وبصره فيجيب على كل من عذله عن ثورته بقوله “والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت” فكانت علاقته وثيقة بالقرآن الكريم، متخذاً موقفه وقراره بما يمليه هذا القرآن الكريم، بما تقدِّمه وتفرضه تلك المبادئ والأخلاق والقيم التي ننتمي إليها في هذا الإسلام العظيم، وهو درسٌ مهمٌ جداً لنا في كل زمن، تتفاوت وتختلف توجهات الناس ومواقفهم تجاه كل الأحداث التاريخية الكبيرة بحسب فهمهم، ودوافعهم، وقيمهم ووعيهم بطبيعة انتماءاتهم، فالبعض قد يتخذ قراره من منطلقات أخرى وبحسابات أخرى، ليست قائمةً على أساس انتمائه لهذا الإسلام.
كانت ثورته (عليه السلام) تعبيراً حركيا عن مبادئ الإسلام وقيمه
كانت ثورته عليه السلام تعبيراً حركياً وعملياً عن حقيقة مبدأ الإسلام العظيم عن حقيقة الإسلام كمشروع عدالة مشروع كرامة مشروع حرية لبني الإنسان وكانت استجابة فعلية لتوجيهات الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله. ولذلك يجب أن تعي شعوبنا المنتمية للإسلام حقيقة هذه المبادئ المهمة جداً لأن الوعي بها والالتزام بها والتحرك على أساسها هو أمر مهم جداً في أن تغير الأمة واقعها في أن تتخلص من الظلم الذي تعانيه والذي عانت منه على مر التاريخ .أنه في المقابل ـ أيها الإخوة ـ الأعزاء كانت هناك ثقافة تحرك من خلالها حكام الجور وعلماء السوء استحكمت من خلالها قبضتهم على الأمة سيطرتهم على الأمة, لقد قُدمت طاعة الجائرين والطغاة والخضوع للظالمين والاستسلامُ للمستكبرين والمفسدين والإذعان لهم قدمت ديناً قدمت باسم الدين قدمت على أنها محسوبة على الإسلام ومن تعاليم الإسلام قدمت إلى الأمة لتتعبد بها الأمة, لتتعبد الله تعالى بطاعة الظالمين بالخضوع للمفسدين بالخضوع التام والمطلق لكل ما يفعلونه بها, فكانت النتيجة رهيبة جداً جداً جداً هي النتيجة التي نشاهدها اليوم. لأن واقعنا اليوم ـ كما نكرر كثيراً وكثيراً ـ ليس وليد اللحظة إنه نتاج الماضي إنه امتداد للماضي الذي حول الأمة الإسلامية من أمة قوية كبرى كان لها حضورها العالمي البارز والعظيم والمؤثر إلى واقع لا أسوأ منه في العالم. اليوم وقوى الطغيان مجتمعة في هذا الزمن قوى الطغيان والشر والظلم والجور من داخل أمتنا من المحسوبين على المسلمين تحت الراية الأمريكية تحت الراية الإسرائيلية عبيداً وخدماً وعملاء ومرتزقة يتحركون مجتمعين لتدمير المنطقة واستعباد الشعوب وقهرها وإذلالها نرانا اليوم في حاجة إلى هذه المبادئ إلى هذه القيم القرآنية إلى هذنعه الروح إلى هذه العزيمة إلى هذا الصبر إلى هذا المستوى العالي من الاستعداد من للتضحية إلى هذا الإباء إلى هذا الصمود إلى هذه القيم العظيمة إلى هذا الإيمان إلى هذا الوعي لنتحرك به في مواجهة هذه التحديات والأخطار.
نهضة الإمام زيد (عليه السلام) استمرت وأثمرت
الإمام زيدٌ “عليه السلام” بمقتضى انتمائه لهذا الدين العظيم بشكلٍ صحيحٍ وسليم اتخذ الموقف الصحيح، في نهضته العظيمة والمهمة التي أبقت لهذا الحق امتداداً مستمراً، وأبقت له صوتاً عاليا، وعندما كان ينصحه البعض بالسكوت، وهم ينطلقون من تلك الحسابات الشخصية الضيقة، ومن تلك المعايير البعيدة عن القرآن الكريم، كان يقول لهم: (والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت)، وكان العنوان البارز جداً في نهضته تلك هو كما قال “عليه السلام” في عبارته الشهيرة: (عباد الله: أعينونا على من استعبد أمتنا، وأَخْرَب أمانتنا، وعَطَّل كتابنا)؛ لأن هذا النوع الذي يتحكم بالأمة، ثم تكون هذه سياسته وثمرة سيطرته أن يستعبد الأمة، وأن يخرب الأمانة، وأن يتلعب بالمسؤولية، وأن يعطل كتاب الله “سبحانه وتعالى”، فلا يبقى له الفاعلية، ولا يبقى له الدور العملي في واقع الأمة، يشكِّل تهديداً رهيباً على الأمة، وخطراً كبيراً عليها في واقعها الداخلي، وكما قلنا: أنَّ جزءاً كبيراً من معاناة الأمة يعود إلى ركاكة وضعها الداخلي بما فيه من مشاكل وأزمات، وأحداث كبيرة تعاني منها الأمة.
فحالة الانحراف والتحريف في واقع الأمة هذه هي نتيجتها: الاستعباد للأمة وإذلالها، مع أنَّ الإسلام هو دينٌ عظيم يحرر الأمة، يربيها على العزة والكرامة، ويحقق لها في واقع حياتها الكرامة، والحرية بمفهومها الصحيح، فلا تكون مستعبدةً لأحد، ولا يكون الناس عبيداً إلَّا لله “سبحانه وتعالى ربهم وإلههم وخالقهم، وتتحرر الأمة من العبودية للطواغيت بكل أشكالهم، خاصة ممن هم محسوبون على هذه الأمة، هنا يتحقق للأمة الاستقلال والكرامة والحرية الحقيقية، ويعيش الإنسان بكرامته الإنسانية، وهذه مسألة هامة جداً.
الأمة إذا كانت متطلعة إلى أن تكون في واقع حياتها في حريةٍ وكرامةٍ واستقلال، أليست هذه من العناوين المهمة والجذَّابة والفطرية التي يرغب فيها الناس، تنادي بها الأمم والشعوب؟ كيف يمكن لنا أن نعيش حياة الحرية والاستقلال والكرامة إذا قبلنا بأن يتحكم بنا ويسيطر علينا مثل أولئك النوع: الذين يصلون في مستوى انحرافهم وتحريفهم إلى أن يكونوا على النقيض مما عليه دين الله في قيمه ومبادئه، وأن يرتبطوا بأعدائها، إلى درجة أن يكونوا في غاية الإخلاص لأعدائه، يحترمون أعداء أمتهم ودينهم أكثر مما يحترمون مقدسات هذه الأمة؟!
حاضر الأمة امتداد لماضيها
ولذلك فإنَّ حاضر الأمة هو امتدادٌ لماضيها في الاتجاهين: هناك امتداد لحركة النفاق في الأمة، الذي كان مثالها ونموذجها التاريخي السلبي في ذروته بنو أميَّة، وهناك امتداد لخط الهداية في هذه الأمة، وطريق الحق لهذه الأمة، الذي هو طريق الحرية والكرامة والاستقلال، والخلاص من التبعية للأعداء، الذي هو طريق الإخلاص للمبادئ والقيم الإلهية، لهذا الدين العظيم، لمقدساته، لرموزه، لمنهجه وكتابه، والفرق بين الاتجاهيين واضح، والصراع مستمر.
ولذلك عندما نعود إلى وضعنا الراهن، ونتأمل الأحداث التي تعاني منها الأمة في هذه المرحلة، سيتضح لنا كيف نعيش هذه الحالة في واقعنا الراهن والمعاصر، هناك النموذج الذي يمثل امتداداً واضحاً لمسار الانحراف والتحريف، والذي يقف دائماً في صف أعداء الأمة، ونراه اليوم متمثلاً بكل وضوح بالنظام الإماراتي والسعودي، اللذان هما على رأس هذا المسار في عصرنا يحملان راية النفاق، والولاء لأعداء الأمة، والتبعية لهم، ولعب الدور التخريبي والسلبي في داخل هذه الأمة، وهما يشتغلان في حالة الانحراف والتحريف على كل المستويات وفي كل المسارات والمجالات: على المستوى الثقافي، والفكري، والإعلامي، والسياسي، والاقتصادي وفي كل مجال، هذه حالة واضحة، عندما يصل الحال بالنسبة لهذا الزمن أنَّ نرى أعداءنا المتمثلين بالعدو الصهيوني اليهودي وأمريكا هم الذين يحملون راية العداء للأمة الإسلامية في مبادئها العظيمة، ومقدساتها، ورموزها، فيوجهون الإساءة للرسول “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله” بشكلٍ مستمر وإساءات متنوعة إلى القرآن الكريم، ومؤامرات على المقدسات الإسلامية، بما فيها المسجد الأقصى الشريف والمقدسات الأخرى في مكة والمدينة، من بينها الصد عن المسجد الحرام، وتقليص الحجاج، والكثير الكثير من المؤامرات وفي الأخير ترى لفيف المنافقين والمطبعين يؤيدون أن تبقى إسرائيل، وأن يُعادى عدوها ويحارب من يحاربها فيتصدرون قائمة المحاربين لحركات الجهاد والمقاومة في لبنان وفلسطين والعراق وسوريا واليمن والبحرين، وحتى على المستوى الفردي داخل دولهم فكل من له موقف سلبي من اليهود وما يفعلونه بحق هذه الأمة يعتبرونه عدوا ويصدرون ضده أحكاما مغلظة من قتل وسجن مؤبد وأعمال شاقة وتعذيب يصل لحد فقدان الذاكرة والإعاقة الشديدة في أحيان كثيرة والكثير من أولئك الأحرار يغيبون ولا يعلم ذووهم أين هم، ولا كيف مصيرهم كما هو واضح بشكل علني في السعودية والبحرين والإمارات المتصهينة.
ونستفيد من حركة الإمام زيد (عليه السلام)
- أن نوجه مواقفنا إلى رأس الهرم
الشر الكبير الذي تعاني منه الشعوب والمعاناة الكبيرة التي تعاني منها الشعوب هي من الحكومات والسلطات المتجبرة والظالمة سواء في منطقتنا, الحكومات التي هي عميلة وتعمل لصالح الأنظمة والحكومات المتسلطة والدول المستكبرة أم في بقية العالم ولذلك نجد أن البعض ممن يتهربون من المسئولية ومن ضعيفي الإيمان والوعي هم لا يعون جيداً مسئوليتهم في الوقوف ضد الظالمين والجائرين والمستكبرين وسيكون في الحد الأقصى وليس الأدنى إذا أراد أن يحس بمسئولية لإقامة العدل أو للوقوف ضد المنكر ضد الظلم ضد الفساد للأمر بالمعروف للنهي عن المنكر فهو سيوجه مواقفه على الآخرين, الناس العاديين!. أما ضد المتجبرين والسلطات والحكومات والدول المقتدرة المتمكنة فهو يخافها ويرهبها.
- أن نتعلم البصيرة و الثبات مهما كان حجم الظروف
نعود إلى تلك المدرسة في مواجهة الأخطار المتمثلة بالهجمة الأمريكية والإسرائيلية والخطر الأمريكي والإسرائيلي على شعبنا وعلى أمتنا على ديننا وعلى دنيانا على مبادئنا وعلى أخلاقنا، على أمننا وعلى سلمنا ، نعود إلى تلك المدرسة لنكسب من مجدها وعزها لنتعلم كتلامذة في تلك المدرسة الكبرى لدى أولئك الأساتذة العظماء الأجلاء نتعلم منهم العز والثبات واليقين والبصيرة والوعي والإخلاص نتعلم منهم الثبات في مواجهة التحديات نتعلم منهم التضحية من أجل المبادئ العظيمة والسامية نتعلم منهم كيف نستمر في حمل راية الحق والعدل لا نبالي لا بطغيان طغاة ولا بجبروت الظالمين والمستبدين نتعلم منهم كيف نثبت على المبادئ حتى لو ارتد وتراجع عنها الكثير من الناس كيف نحمل في قلوبنا ومشاعرنا عزة الإسلام وكرامة الإسلام والمبادئ الإلهية العظيمة التي بها شرف أمتنا وتمثل الأصالة الحقيقية للانتماء الصادق إلى الإسلام العظيم وإلى قرآنه ونبيه .
- أن نتحرك حتى وإن سكت الآخرون
نعود إلى الإمام زيد (عليه السلام) من عصرنا من واقعنا من ظروفنا ونحن نعيش كل التحديات ونرى كل المساوئ كل الظلم كل الطغيان نعود إلى الإمام زيد (عليه السلام) الذي تحرك رغم سكوت الآخرين شق حالة الصمت وحالة الجمود وحالة الإذعان والاستسلام وتحرك في وسط جمهور الأمة ليستنهض الأمة من جديد مذكرًا لها بكتاب الله سبحانه وتعالى وبالمبادئ العظيمة يتحرك لتغيير ذلك الواقع الذي ملئه الظالمون بظلمهم والمفسدون بفسادهم وأفسدوا فيه واقع الأمة على كل المسارات وفي كل الاتجاهات وفي كل المجالات . بفسادهم وأفسدوا فيه واقع الأمة على كل المسارات وفي كل الاتجاهات وفي كل المجالات .
وضعية أهل الكوفة بعد تفريطهم في الإمام زيد عليه السلام
ولما استشهد الإمام زيد أقبل يوسف بن عمر حتى دخل الكوفة فصعد المنبر وقال (يا أهل المدرة الخبيثة إني والله ما تقرن بي الصعبة و لا يقعقع ليي بالشنان ولا أخوف بالذنب هيهات حييت بالساعد الشد أبشروا يا أهل الكوفة بالصغار والهوان لا عطاء لكم عندنا و لا رزق ولقد هممت أخرب بلادكم و دوركم وأحرمكم أموالكم أما والله ما علوت منبري إلا أسمعتكم ما تكرهون عليه فإنكم أهل بغي وخلاف ولقد سألت أن يؤذن لي فيكم ولو أذن لي لقتلت مقاتلتكم و سبيت ذراريكم)
وقال الإمام زيد عليه السلام في آخر رسالته
(عباد الله فاجيبونا اجابة حسنة تكن لكم البشرى كما قال تعالى {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ{17}عباد الله على من استعبد أمتنا وأخرب أمانتنا وعطل كتابنا وتشرف بفضل شرفنا وقد وثقنا من نفوسنا بالمضي على أمورنا والجهاد في سبيل خالقنا وشريعة نبينا صلى الله عليه وعلى أله وسلم صابرين على الحق لانجزع من نائبة من ظلمنا و لا نرهب الموت إذا سلم لنا ديننا)
مواساة أبن لأباه
لما كانت ليلة الخامس والعشرين من محرم أصيب الإمام زيد عليه السلام بسهم في جبينه الأيسر فخالط دماغه وخرج منقفاه فصاح الإمام زيد (الشهادة الشهادة الحمد لله الذي رزقنيها )فاقبل عليه أبنه يحي وأخذ يمسح الم عن وجه أبيه قائلا (أبشريا ابن رسول الله ترد على رسول الله وعلي وفاطمة وخديجة والحسن والحسين وهم عنك راضون) فقال عليه السلام(صدقت يا بني فأي شيء تريد أن تصنع ؟ قال يحيى أجاهدهم والله ولو لم أجد إلا نفسي فقال عليه السلام نعم يا بني جاهدهم فوالله إنك على الحق وإنهم على الباطل وإن قتلاك في الجنة وقتلاهم في النار)