الكثير من الظالمين يصل بهم الطغيان إلى أن يطمئنوا أنهم لن  يدفعوا ثمن طغيانهم

 

 

{وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ}[إبراهيم: الآية 44]، الكثير من الظالمين يصل بهم الطغيان والكبر إلى أن يطمئنوا اطمئناناً تاماً في هذه الحياة، وكأنه لا حساب، ولا عقاب، ولا جزاء، وكأنهم سيفعلون كل ما يفعلون من دون أن يدفعوا ثمن ذلك، من دون أن يعاقبوا على ذلك، {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ}[إبراهيم: الآية 45]، في الدنيا هناك الكثير من العبر عمَّن ظلموا، عمَّن طغوا، وعمَّن تكبروا، وكيف عاقبهم الله في هذه الدنيا؛ ثم انتهت سطوتهم، انتهت حياتهم، انتهت إمكاناتهم، تلاشت قوتهم، فلماذا لا تؤخذ العبرة من ذلك: ممن يطغى، ممن يظلم، ممن يتكبر؟

يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” عن يقوم القيامة أيضاً: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[الزمر: الآية47]، هذا يبين على مستوى الخوف الشديد جدًّا، وعلى سوء الحساب، وشدة العذاب الرهيب جدًّا، لدرجة أنه لو كان للظالم ما في الأرض، ونحن عندما نتخيل- على سبيل التخيل حتى- كم في الأرض من إمكانات… من أشياء يطمع فيها الناس، كل ما في الأرض من ممتلكات، كل ما في الأرض من أموال، كل ما في الأرض من مُدَّخرات ونفائس وأشياء غالية لدى الإنسان، مهمة لدى الإنسان، ليس هذا فحسب، بل {وَمِثْلَهُ مَعَهُ}: ويكون أيضاً مثله معه يضاف إليه، {لَافْتَدَوْا بِهِ}: لقدموه فديةً لو أمكن أن يفتدوا به {مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}؛ لأنه عذابٌ شديد جدًّا، عذاب رهيب جدًّا، وللأسف الكثير من الناس قد يظلم من أجل شيء تافه، شيء تافه، أنت في يوم القيامة لو أمكنك أن تفتدي بكل ما في الأرض جميعاً، وبمثله معه، لافتديت به؛ فكيف تَظْلِم من أجل شيءٍ تافه تحصل عليه من هذه الدنيا؟! وأكثر المظالم، نسبة كبيرة جدًّا من المظالم تكون- وهي وراء سعي الإنسان- تكون نتاجاً لسعي الإنسان للحصول على شيء من هذه الدنيا، الذي يذهب في صف الطغاة والظالمين والمجرمين، يقاتل معهم ويناصرهم؛ من أجل أن يحصل على شيء معين، كم انطلق في صف العدوان، كم التحق بالسعودي والإماراتي من أجل الحصول على قليلٍ تافهٍ من المال؟ ثم كم حصل من ظلم نتيجة ذلك؟

كثيرٌ من الناس من موقعه في المسؤولية قد يظلم؛ من أجل أن يحصل على شيءٍ من الدنيا، كثيرٌ من الناس في معاملاته قد يظلم؛ من أجل أن يحصل على شيءٍ من الدنيا، قد يظلم البعض حتى قريبه؛ من أجل أن يحصل على شيءٍ من هذه الدنيا.

يوم القيامة لو كان للإنسان ما في الأرض بكله ومثله معه لافتدى به، {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}[الزمر : 47]، ظهر لهم من عذاب الله وبأسه وجبروته ما لم يكونوا يتوقعونه، ما لم يكن في حساباتهم، ولا في تقديراتهم، أمور رهيبة جدًّا.

فهذا الوعيد في الآخرة: جهنم، العذاب الشديد، العذاب الدائم، أمر رهيب جدًّا، هذه الحسرة، هذا الذل، هذا الندم، هذا الخوف للظالمين في يوم القيامة، الاحتراق الدائم في نار جهنم، الإذلال الدائم في النار والعياذ بالله! السجن في جهنم والعياذ بالله! أمر رهيب جدًّا يستدعي من الإنسان أن يكون حذراً؛ حتى لا يكون ظالماً، ولا يكون مساهماً في ظلم عباد الله.

الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام

السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي

 

المحاضرة الرمضانية الثالثة عشرة: الثلاثاء 12 رمضان 1441هـ 5 مايو 2020م

 

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com