الرئيسُ المشاط يكشفُ للشعب خطةَ العدوّ ويؤكّـدُ استمرارَ تثبيت معادلات الردع وحماية الثروة
||صحافة||
في خطابَينِ ألقاهما أثناءَ زيارتِه محافظتَي: عمران وصعدة، نهايةَ الأسبوع الماضي، وضَعَ رئيسُ الجمهورية، القائدُ الأعلى للقوات المسلحة، المشير الركن مهدي المشاط، النقاطَ على الحروف، فيما يتعلق بالكثير من قضايا المرحلة الراهنة التي تمر بها معركة مواجهة العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي، حَيثُ كشف عن تجربة صاروخية متطورة أربكت قوى العدوّ في البحر، تم تنفيذُها تزامناً مع استمرار عمليات حماية الثروة الوطنية، مؤكّـداً في السياق الجهوزية للدخول في تصعيد عسكري لانتزاع مرتبات الموظفين، في حال تعثرت جهود الحل التي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية إفشالها وتنفيذ مخطّط عدواني تدير سفارتها في الرياض جزءاً كَبيراً منه، من خلال برنامج استقطاب وتضليل، توازيه تحَرّكاتٌ تصعيدية على الأرض، حذّر الرئيس من أنها ستقابل بردود عسكرية حازمة، موجِّهاً من خلال كُـلّ ذلك رسالةً جامعةً مفادها أن اليمن ماضٍ في مسار التحرّر والنصر، وأن هذا المسار سيكسر كُـلّ قوة تحاول إيقافه، سواء عسكرية أَو ناعمة.
تجربةٌ صاروخية تربكُ العدوّ في البحر الأحمر:
بعد شهر من إعلانه عن توجّـه القوات المسلحة نحو إجراء تجاربَ لأسلحة متطورة إلى بعض الجزر اليمنية، كشف الرئيس خلال كلمته في محافظة عمران، أن القوةَ الصاروخيةَ نجحت قبل أَيَّـام في اختبار “أفضل تقنياتها”، من خلال تجربة أكّـد أنها “أربكت القوات الأجنبية في البحر الأحمر”.
تنفيذ هذه التجربة وإعلانها في الوقت الذي تتدفق فيه القوات الأمريكية إلى البحر الأحمر، يوجّه رسالةً واضحة بأن اليمن ماضٍ في فرض معادلات السيادة على كامل الجغرافيا الوطنية، وأن كُـلّ محاولات الأعداء لتقييد الخيارات العسكرية الوطنية لن تنجح، وأن إصرارَ الأعداء على تجاهل حقيقة امتلاك صنعاء القدرات المتطورة والقرار المستقل لاستخدامها، سيضعهم في مواجهة متغيرات أقل مفاعيلها “إرباك” كُـلّ حساباتهم.
إحباطُ محاولة لنهب الغاز عبر ميناء عدن:
وتوازياً مع التجربة الصاروخية، كشف الرئيسُ أن صنعاء “خاضت خلال الأسبوعَ الماضيَ مواجهةً مستعرةً مع سفينتين قَدِمَتا إلى ميناء عدن لنهب الغاز اليمني وقد تراجعتا 4 مرات”، مؤكّـداً أنه “تم إبلاغ الشركات المالكة للسفينتين (سينمار جين) وَ(بوليفار) بأنه سيتم ضربُهما إذَا دخلتا لنهب الغاز من ميناء عدن”، وأضاف: “جاهزون لفعل ذلك”.
هذا الإعلانُ يحملُ أَيْـضاً رسالةً واضحةً لدول العدوان ورعاتها بأن معادلة حماية الثروة الوطنية ثابتة، وأن أية محاولات لاستغلال وضع خفض التصعيد؛ مِن أجل فتح ثغرات لمواصلة نهب النفط والغاز ستصطدم بيقظة عالية وجهوزية كبيرة للتصرف؛ وهو ما يعني بدوره أن كُـلّ آمال العدوّ بإعادة الوضع إلى سابق عهده لم يعد لها مكان، بل إن التمسك بهذه الآمال قد يرفع مستوى الصدام مع يقظة وجاهزية القوات المسلحة؛ وهو ما قد يفضي إلى تداعيات أوسع.
تداعياتٌ تؤكّـدُها أَيْـضاً التجربةُ الصاروخية الناجحة التي لا يمكن فصلها عن سياق حماية الثروة الوطنية؛ لأَنَّ إصرار العدوّ على نهب مقدرات الشعب اليمني يأتي ضمن رغبته في تعزيز وجوده وسيطرته على الجغرافيا اليمنية براً وبحراً.
وجدّد الرئيس التأكيد على أن هدف معادلة حماية الثروة هو منعُ نهبها وتهريبها إلى الخارج لصالح العدوّ ومرتزِقته، حَيثُ أوضح أن صنعاء “سمحت بإمدَاد الكهرباء في عدن بالطاقة من مأرب لأجل أبناء المحافظات الجنوبية وأبناء عدن الأوفياء المظلومين”.
للقوات الأجنبية: يدُنا خفيفةٌ على الزناد:
الرئيسُ المشاط تطرّق أَيْـضاً إلى موضوع تدفق القوات الأمريكية والبريطانية إلى اليمن؛ وهو الموضوع الذي عاد إلى واجهة المشهد بقوة مع انتشار صُوَرٍ لقوات المارينز الأمريكي يتجولون في العديد المناطق اليمنية المحتلّة.
وفي هذا السياق، حذر الرئيس القوات الأمريكية والبريطانية من “التمادي”، مؤكّـداً أن “اليمن خط أحمر”، وأنه “يمتلك الطائرات المسيَّرة والقوة الصاروخية ويمتلك قائداً يده خفيفة على الزناد”.
تحذيرٌ مباشر وواضح في مضمونه، حَيثُ يؤكّـد الرئيس هنا بشكل صريح أن استمرار تواجد القوات الأجنبية، وتدفقها إلى المحافظات المحتلّة، سيضعها تحت نيران قوة الردع الوطنية، وأن القيادة الثورية لن تتردّد في اتِّخاذ قرار استهداف هذه القوات؛ لأَنَّها لا تساوم على الاستقلال والسيادة.
ويضع هذا التحذيرُ دول العدوان ورعاتها في مواجهة حقيقة ثابتة لا زالوا يحاولون الالتفاف عليها، وهي أن إنهاء الاحتلال التزام ثابت: إما أن ينفذونه هم سلماً، أَو تنفذه صنعاء بالقوة، وأن أي مخطّط لتثبيت تواجد القوات الأجنبية كأمر واقع، سيفشل حتماً، ولن يستطيعوا تمريره تحت أي عنوان.
للسعوديّ: الصواريخ والطائرات هي الحل البديل:
على ضوء الحقائق التي أكّـدتها الرسائل والتحذيرات السابقة، والتي تتلخص في أن معركة التحرّر لا زالت مُستمرّة وأن صنعاء تواصل تعزيز قوتها وتثبيت معادلاتها على كُـلّ ميادين المواجهة، وجه الرئيس المشاط رسالة أُخرى مباشرة لقوى العدوان ورعاتها بخصوص مِلف المرتبات، أكّـد فيها أن صنعاء “جاهزة للدخول في تصعيد عسكري لانتزاع المرتبات وتوفيرها لكل موظفي الجمهورية اليمنية”، وأنه “إذا لم يتم حَـلّ القضايا الأَسَاسية، فَــإنَّ الحل سيكون بالصواريخ والطائرات المسيَّرة، وعلى العدوّ أن يعلم ذلك”.
رسالة صريحة تأتي في الوقت الذي يحاول فيه العدوّ التهرب من هذا المِلف عن طريق محاولة إلقاء المسؤولية على عاتق صنعاءَ؛ لخلق صدام بينها وبين الشعب؛ وهذه الرسالة تؤكّـد بوضوح أن نتائج سلوك العدوّ لن تأتي وفق طموحاته وخططه، بل ستبرز له من قلب أسوأ مخاوفه، وهو تحذير من تفويت ما تبقى من فرصة الحل السلمي.
وتعزيزاً لهذا التحذير، وجّه الرئيس رسالة مباشرةً للسعوديّة بأنها “هي من تتحمل مسؤولية معالجة تداعيات العدوان؛ لأَنَّها هي من جلبته”، وأن هذه المسؤولية تنطوي أَيْـضاً على رفض الخضوع لـ”الضغط” الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية؛ بهَدفِ “الهروب من الاستحقاقات الإنسانية في المِلف اليمني”، مذكّراً بأن “النظام السعوديّ هو المسؤول الأول عن العدوان”.
هذه الرسالة تغلق بابَ المماطلة والمراوغة أمام النظام السعوديّ، وتضعُه أمام الخيارَينِ الوحيدين المتاحين أمامه: إما تحمل مسؤوليته وإعادة حقوق اليمنيين، أَو مواجهة الحَلِّ البديل المتمثل بالضربات العسكرية؛ لأَنَّ “الضغوطَ الأمريكية” لن تتيحَ له أيَّ خيار بديل.
خطة السفارة الأمريكية:
في سياق الحديث عن مِلف المرتبات وموقف العدوّ إزاءه، كشف الرئيس المشاط عن معلومات بالغة الأهميّة حول طبيعة المسار العدائي الذي تحاول الولايات المتحدة فرضه لتجنيب دول العدوان الالتزام بحقوق الشعب اليمني وعلى رأسها الرواتب، حَيثُ أوضح أن الحملاتِ الدعائية التي يطلقها العدوّ ومرتزِقته لتحميل صنعاء مسؤولية معاناة الموظفين، تأتي ضمن خطة وضعتها السفارة الأمريكية في اليمن والتي تتخذ من الرياض مقراً لها، مؤكّـد أن هذه الخطة تتضمن برنامجاً لخمسة أعوام (من 2020 إلى 2025) وأن صنعاء مطلعة بالكامل على هذه الخطة.
وَأَضَـافَ أن خطة السفارة الأمريكية تتضمن محاولات قادمة “لإثارة المشاكل تحت عناوين قمح الحريات”، وأن السفارة ستعمل خلال العام 2024 القادم على “استقطاب لشخصيات عبر المنظمات وعقد ندوات في الخارج”، إضافة إلى “إنشاء منظمات مجتمع مدني لتجنيد بعض الشخصيات”.
وحرص الرئيس على كشف هذه المعلومات بغرض التحذير من الانجرار وراء الأكاذيب والشائعات التي ترتكز عليها الخطة الأمريكية الرامية لتجنيب دول العدوان التزامات الحل، وتوجيه السخط نحو السلطة الوطنية؛ وهو ما بدا بوضوح من خلال الحملات الدعائية التي شهدتها الأيّام والأسابيع الماضية، والتي أكّـد الرئيس أن انجرار البعض ورائها يمثل “خدمة للعدو” وَ”تبرئةً له من التزام دفع المرتبات”، وأنه “يعيق ويؤخر تسليم المرتبات”.
وردّاً على المزايدات التي تضمنتها الحملات الدعائية الأخيرة ضد صنعاء بخصوص المرتبات، أكّـد الرئيس المشاط أن السلطة الوطنية “مسؤولةٌ عن مِلف المرتبات، لكن إمْكَانيات دفعها لدى العدو”، مُشيراً إلى أن صنعاء “تمكّنت من الضغط على العدوّ في هذا الملف، وجعلت قضية تسليم المرتبات أمرًا مسلَّمًا به لدى الأمم المتحدة ولدى أطراف العدوان”.
وأضاف: “لا يمكنُ للغوغائيين المزايدة علينا، وقد تحملنا المسؤولية في ظروف صعبة يوم هرب الآخرون”، مؤكّـداً أن القيادة الوطنية قد “بحثت ودرست كُـلّ الحلول”، وأنها حريصة على عودة الرواتب، لكل الموظفين، وعلى رأسهم المجاهدون في الجبهات.
وأجاب الرئيس على التساؤلات المشبوهة التي أثارتها الحملات العدائية الأخيرة حول موازنة الدولة، مؤكّـداً بشكل صريح أن “السلطة التنفيذية امتنعت عن تقديم الموازنة أمام مجلس النواب، بعد أن قدمت موازنة عام 2019 وتسربت إلى لجنة العقوبات في مجلس الأمن خلال أسبوع واحد”.
وإضافة إلى ما كشفه حول خطة السفارة الأمريكية، أكّـد الرئيس في كلمته بمحافظة صعدة أن “العدوّ يتجه في هذه الأيّام إلى زعزعة الجبهة الداخلية”، وأن هناك “معلومات مؤكّـدة بأنه يستهدف القلاع الحصينة للمسيرة القرآنية”، مُشيراً إلى أن مساعي العدوّ تستهدف “إثارة المشاكل في الداخل؛ مِن أجل القيام بتصعيد في الجبهات العسكرية فيما يكون الجميع مشغولًا بالوضع الداخلي”، مؤكّـداً أن ذلك لن ينجح.
هذه المعلوماتُ التي كشفها الرئيسُ حول مساعي ومخطّطات العدوّ في المرحلة الراهنة، تضع الشعب اليمني في صورة المشهد الذي تحاول دول العدوان أن تزيِّفَه، وبالتالي تقطع الطريق أمام أية محاولاتٍ لفتح ثغرات داخلية يبدو بوضوح أن العدوّ يراهن عليها كَثيراً ويتعمد المماطلة؛ مِن أجلِها.
ويتضمن الكشف عن هذه المعلومات رسالة واضحة لدول العدوان، بأن جميع تحَرّكاتها ومخطّطاتها تحت الرصد الكامل، وبالتالي فَــإنَّ نواياها مكشوفة تماماً للقيادة، والآن للشعب؛ وهو ما يعني أنه لا مجال لمواصلة المراوغة والمماطلة.
“ليندركينغ” يحاولُ التغطيةَ على ما كشفه الرئيس:
الرسائل التي وجّهها الرئيس والمعلومات التي كشفها، أعطت مفعولَها بشكل سريع؛ إذ دفعت المبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ للتصريح عبر قناة “الجزيرة” بأن “الولايات المتحدة لا تريد تحقيق مصالحَ عسكرية من خلال جهود التوصل إلى حَـلّ في اليمن”، في ما بدا بوضوح أنه محاولة للتغطية على ما كشفه الرئيس المشاط من معلومات تصدق عليها كُـلّ مؤشرات الواقع.
وبرغم أن ليندركينغ أسرف في خلال الفترات الماضية في إطلاق تصريحات تزعم أنه لا يمكن معالجة قضية المرتبات إلا “بمفاوضات يمنية يمنية”، فقد لجأ هذه المرة إلى المغالطة وزعم أن بلاده “تريد أن ترى حلاً سريعاً لقضية الرواتب”، في محاولة للتغطية على موقف واشنطن الذي يربط ملف الرواتب باشتراطات وإملاءات عدوانية كالتفاوض مع المرتزِقة.
مع ذلك، لم ينجح ليندركينغ في إخفاءِ إصرار بلاده المُستمرّ على عرقلة أية تفاهمات بخصوص صرف المرتبات، حَيثُ زعم أن “هناك قضايا صعبة تحتاج إلى مفاوضات بين اليمنيين”؛ وهو ما يحيل بشكل مباشر إلى تصريحاته السابقة بخصوص ملف المرتبات.
وضمن محاولته الركيكة للتغطية على ما تضمنته رسائل الرئيس المشاط من وعود وتحذيرات ومعلومات، لجأ ليندركينغ إلى الاختباء وراء عنوان “جهود السلام” زاعماً أن “لغة التصعيد لا تتوافق مع جهود التوصل إلى سلام”، متجاهلاً حقيقة ما تمثله التحَرّكات الأمريكية التي كشفها الرئيس من تصعيد عملي.
ويُعَبِّرُ الاندفاع الأمريكي للتغطية على ما تضمنته كلمتَي الرئيس المشاط، عن حرص واضح على مواصلة رسم صورة مغلوطة عن الوضع تضمن إطالة أمد معاناة الشعب اليمني وتضيع استحقاقاته المشروعة والعاجلة.
صحيفة المسيرة