دولُ العدوان بين خيارَين: حتمية تسليم استحقاقات اليمنيين أو الاستعداد للردع والوجع الكبير

||صحافة||

لم يشهدْ أيُّ بلد في العالم حالةً من الاستخدام للوسائل التي تتصفُ بالابتزاز والمساومة السياسية والسقوط اللاأخلاقي والقيمي والإنساني، كما هي حالة الاستهداف العدواني الذي شنته وتمارسه دول العدوان والحصار على اليمن واليمنيين بقيادة أمريكا وبريطانيا، حَيثُ وصل هذا النهجُ الإجرامي لقوى العدوان إلى مستوى الحضيض سياسيًّا وإنسانيًّا وصل إلى حَــدِّ استهداف ما يزيد عن مليون ونصف مليون موظف من موظفي الجمهورية اليمنية بقطع استحقاقهم القانوني والإنساني المتمثل في (الراتب)، كورقة ضغط لجأ إليها العدوّ لتركيع هذا الشعب وتجويعه، وقد وصل بهذا الأمر بأن أصبح وسيلة للعدو ليساوم بها صنعاء في المفاوضات السياسية، وهي أَيْـضاً تستخدم مؤخّراً من قبل العدوِّ؛ لتغطية هزيمته العسكرية التي مني بها وتجرعها على مدى ثماني سنوات على يد القوات المسلحة اليمنية، وهي أَيْـضاً تمثل حالة هروب من هذه الهزيمة ومواراة الخيبة والفشل الذريع، ومحاولة بائسة منه لانتزاع مكسب سياسي هنا أَو هناك، وتخبط عجيب في هذه الحالة التي لم يسبق لأحد من العالمين أن خاضها أَو مارسها أَو كان لها مثيل.

العدوّ الأمريكي والبريطاني والسعوديّ والإماراتي يحاول من خلال التمويت السريري لهذا المِلف، أن يوجّهَ لقيادة صنعاء ضربةً وإرباكًا كَبيراً سياسيًّا وشعبيًّا تهيئ له المجال لانتزاع بعض المكاسب والتنازلات في المفاوضات السياسية، هذه الخطوة للعدو والجرأة الوقحة منه برغم أنها ستؤول بالفشل ولن ينجح العدوّ في مبتغاه، فَــإنَّها أَيْـضاً تكشف عن الحجم الكبير لإفلاسه وسقوطه الأخلاقي والإنساني والسياسي، وبما قد وصل إليه من حماقة باتت محل مقت واشمئزاز كُـلّ المراقبين والمتابعين للشأن اليمني.

إذن ومن خلال ممارسات العدوّ لهذه اللعبة مع الشعب اليمني وقيادته وسعيه الحثيث في محاولة استثمار مسألة الراتب للتلذذ في استمرار، معاناة الشعب اليمني وشريحة الموظفين، فَــإنَّ صنعاء اليوم وعبر تصريحات الرئيس المشاط، جادة بوضع حَــدّ يعيد العدوّ إلى جادة الصواب ويرغمه على دفع هذا الاستحقاق بأي شكل أَو وسيلة قد تقوم بها صنعاء في الأيّام القادمة حسب تصريحات الرئيس المشاط مؤخّراً.

 

استعادةُ الراتب مسألة حتمية:

ومن خلال تصريحاته، يتأكّـدُ للجميع أن الخيارَ الوحيدَ أمام صنعاء بات عسكريًّا في ظل استمرار دول العدوان والحصار بقيادة أمريكا في سلوك يملأه التنصل والتملص عن تسليم الاستحقاقات الإنسانية للشعب اليمني وفي مقدمتها الثروات والمرتبات.

وقد أشار المشاط إلى ذلك بوضوح عندما قال في خطابه الذي ألقاه من محافظة حجّـة نهاية الشهر الفائت: “ولن نتساهل، وجاهزون في سبيل توفير المرتبات لكل موظفي الجمهورية اليمنية أن ندخل في تصعيد عسكري لانتزاع هذا الراتب”، فيما رد المشاط على محاولات الالتفاف وتضييع البوصلة الحقيقية التي تشير إلى هُــوِيَّة الطرف الناهب للمرتبات بقوله: “الغوغائيون الذين يتبعون (الإمارات) والجهات التابعة لها برَّأوا العدوّ، وأقول للموظفين أن هؤلاء أعاقوا وأخّروا تسليم الراتب، لذلك لا مناص لكم ولن تستطيعوا أن تزايدوا علينا، نحن تحملنا المسؤولية في ظروف صعبة يوم هرب منها الآخرون”.

إن قضيةَ الراتب اليوم وبالأمس كانت وما زالت من مسؤوليات القيادة والحكومة في صنعاء ومن أولوياتها في حَـلّ هذا الملف ورفع المعاناة على شريحة واسعة من موظفي الجمهورية اليمنية، الذين حرمهم العدوّ على مدى أكثر من ست سنوات من استحقاقهم القانوني والإنساني لرواتبهم؛ واستشعاراً لهذه المعاناة للموظفين، فقد أبدت القيادة الثورية والسياسية، اهتماماً كَبيراً وأولوية مطلقة لهذه القضية وفرضتها كملف أول على طاولة المفاوضات مع العدوّ، كما جعلت من هذا الملف مفتاحًا لبقية الملفات الأُخرى ومعالجته مرهون بإثبات حسن النوايا التي يدّعيها العدوّ، والذي سيمهد لمعالجة باقي الملفات العالقة كاستحقاقات على العدوّ يجب عليه معالجتها وجَبْرُ أضرارها، إن أراد السلامة والسلام مع الشعب اليمني وخيار لا مفر له منه.

واليومَ لا يستطيعُ المزايدون من أدوات العدوان ومرتزِقيه وممن يخدمون العدوّ بحماقاتهم أن يغطون شمسَ هذه الحقيقة بغِربالِ التضليل والكذب وقلب الحقائق وفي هذه المسألة تحديداً (الراتب) فكان من الطبيعي في هذا السياق أن يؤكّـد الرئيس ويقولُ: “بحثنا كُـلّ الحلول ونريد الخير لكل موظفي الدولة وَإذَا تحدثنا عن الراتب فالراتب في المقدمة لرجال الرجال في الجبهات”، في إشارةٍ واضحة منه إلى من يزايدون اليوم على الراتب ويتحَرّكون من خلال هذا العنوان هم يدركون بأنهم يكيلون التهم الباطلة ويلقونها على حكومة صنعاء وعلى القيادة الوطنية وهم بالأمس ولا زالوا إلى اليوم أبعد الناس وأقلهم تحَرّكاً في مواجهة العدوان والتصدي له في هذه المعركة وبالأخص عسكريًّا.

 

الخيارُ العسكري ضرورةٌ ملحّةٌ لحسم المِلفات والاستحقاقات:

الرئيس في سياق مسألة الراتب وضع حداً وأعلن موقفاً قوياً يخرس المهرطقين والمزايدين عليه وأطلق تحذيراً للعدو شديد اللهجة يؤكِّدُ من خلاله مبدئية صنعاء حول مسألة المرتبات ويؤكّـد بأنه لا يمكن التنازل عنها أَو المساومة عليها بأيةِ صورة أَو شكل من الأشكال، وأن هذا المِلف إن استمر العدوّ اللعب عليه بالمماطلة والاستثمارات القذرة التي يستخدمها في خططه واستراتيجياته العدوانية ضد الشعب اليمني فالنتائج وخيمة والتصعيد العسكري سيكون له اليد الطولى في ذلكَ؛ وهو ما أكّـد عليه الرئيس المشاط في خطابه الذي ألقاه عند تدشين العام الدراسي الجديد “سنعمل على توفير الحوافز وعلى توفير الراتب في المستقبل إن شاء الله وسننتزعه انتزاعًا من عدونا”، في إشارةٍ إلى ضرورة الخيار العسكري لحسم هذا الملف الذي يستخدمه العدوان كوسيلة للضغط على الشعب وممارسة الابتزاز ضد صنعاء بغية الحصول على مكاسب سياسية وعسكرية غير مشروعة.

ما تلا هذا الخطاب من تصريحات للرئيس من خلال لقاءاته المختلفة بأبناء وقيادات المحافظات يؤكّـد أن صنعاء ماضية بقوة وبإصرار في إيجاد حَـلّ جذري لهذا الملف الإنساني عبر خيارَينِ لا ثالث لهما:-

الأول: إما أن يتلقف العدوّ هذه الرسائل الجادة والمسؤولة من القيادة اليمنية وتعاطى معها بجدية وإيجابية وسارع في معالجة هذا الملف ودفع استحقاقاته ليتم إثرها الدخول في الملفات الأُخرى.

الثاني: يؤكّـد أن استمرار العدوّ في تعنته ومماطلَته واستثماره في مضاعفة معاناة الشعب اليمني ومحاولة استهداف الجبهة الداخلية بأي شكل من الأشكال يؤدي، وهو الأقرب -حسبَ كُـلّ المؤشرات- إلى حتمية الردع والوجع الكبير.

 

العدوّ بين خيارَين:- تسليم الحقوق والفضيحة أَو التنصل المصحوب بالوجع:

كما عزز الرئيس المشاط من معادلة صنعاء التي تضع العدوّ بين خيارين، وذلك في خطابه الذي ألقاه، أمس الأول، من محافظة الحديدة، حَيثُ جَدَّدَ الرئيس المشاط التحذير لدول العدوان من محافظة الحديدة “حارس البحر الأحمر” بقوله: “الآن أوجه لهم الرسالة التالية على الصعيد البري، خَاصَّة مع الهواجس التي تطلع برؤوسهم بين الحين والآخر، أقول لهم: ربما أنكم تحتاجون إلى أن تجرّبوا الآن قوتنا الصاروخية، تستطيع أن تضرب أي هدف في أية مدينة في دول العدوان من أي مكان باليمن، وليس من منطقة بعينها”، وهذه الرسالة تؤكّـد أن تحالفَ العدوان -في ظل إصراره على المضي في سلوكه المليء بالتهرب والتنصل عن تسليم استحقاقات اليمنيين- قد يجبر الطرف الوطني على اللجوء للخيار العسكري كضرورة ملحة لإنهاء الحركة الغوغائية داخل حلقة مفرغة.

وبهذه المعطيات باتت دول العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ الإماراتي على موعد مع نتيجتين حتميتين، الأولى هي تسليم الراتب مع الوقوع في فضيحة لطالما خشيت الوقوع فيها لسنوات طويلة، وهي أن تظهرَ أمام الجميع كمتورطة في نهب مرتبات اليمنيين خلال السنوات الماضية، واضطرت لتسليمها خشية الردع اليماني الموجع، والثانية هي الاستمرار في التنصل والتملص مع الاستعداد لتلقي الضربات الموجعة والصفعات العسكرية الخاطفة من الأيادي اليمنية الطُّولى الكفيلة باستعادة كُـلّ الحقوق، وعلى تحالف العدوان أن يحسن الاختيار وألا يقع في فخ سوء التقدير ولخبطة الحسابات؛ لأَنَّ الخطأ في هذه المرحلة الحساسة يشكل منعرجاً جديدًا تنتهي عنده كُـلّ المغامرات.

 

 

صحيفة المسيرة: محمد يحيى السياني

قد يعجبك ايضا