نص كلمة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي خلال تدشين فعاليات إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف

 

 

أرحب بكم جميعاً، وفي المقدِّمة: الآباء العلماء الأجلاء، وأرحب بالأخ الرئيس، والأخوة الحاضرين من مؤسسات الدولة، وأرحب أيضاً بالحاضرين من الجاليات الأفريقية، وأرحب بكافة الحاضرين أجمعين، حياكم الله جميعاً، وأهلاً وسهلاً ومرحباً.

أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ

بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

أيُّها الإخوة الأعزاء الحاضرون جميعاً:               السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

في البداية نتوجه إليكم وإلى كل شعبنا اليمني المسلم العزيز، وإلى أبناء أمتنا الإسلامية كافّة، بالتهاني والتبريكات، بدخول هذا الشهر المبارك: شهر ربيعٍ الأول، الذي فيه ذكرى مولد الرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، خاتم الأنبياء، وسيد المرسلين، محمد بن عبد الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه الطَّيِّبِيْنَ الطَّاهِريْنَ”.

وفي هذا المقام المبارك، وفي هذا اليوم المبارك، بداية الشهر المبارك، ندشن الفعاليات التي هي تحضيرٌ وتمهيدٌ ليوم الاحتفال الكبير العام، ليوم المناسبة الرئيسية، وبفضل الله وتوفيقه قد بدأت أصلاً الفعاليات والأنشطة الثقافية المتنوعة، وبدأت أيضاً مظاهر الابتهاج بالمناسبة المباركة في أرجاء بلدنا كافّة، في مختلف المحافظات، إلَّا ربما استثناءً المحافظات المحتلة؛ للظروف التي يعيشها أبناء شعبنا هناك، وبحمد الله وبتوفيق الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” فإنَّ العناية بهذه المناسبة، من خلال الفعاليات التثقيفية والتوعوية، ومن خلال مظاهر الابتهاج والفرح بالزينة، بالأضواء التي تزين شوارع المدن الكبيرة في البلد، وتنتشر في كثيرٍ من أصقاع بلدنا ومناطقه، وكذلك مظاهر كثيرة ومتنوعة للابتهاج بالمناسبة، وعلى نحوٍ مميز، عندما نتأمل في ما هو قائم في بلدنا من مظاهر الابتهاج، والفرح، والاحتفال، والفعاليات المتنوعة؛ نرى احتفاءً وابتهاجاً واهتماماً متميزاً، تصدَّر به شعبنا اليمني المسلم العزيز بقية أبناء أمتنا الإسلامية وشعوبنا الإسلامية في العالم العربي وفي غيره، وهذا هو من مصاديق الحديث النبوي الشريف: ((الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّة)).

من أهم ما في الإيمان: هو الإيمان برسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، وأيضاً يرتبط بهذا الإيمان المحبة للرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، المحبة العظيمة بعد المحبة لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وفوق المحبة للنفس والأهل والناس أجمعين، كما ورد في الحديث النبوي ربط هذه المسألة بالإيمان، ومصداقية الإيمان، وكذلك ما ورد في الآية المباركة في (سورة التوبة)، التي خُتمت بعد قوله: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}[التوبة: من الآية24]، فأتى الموقع للرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” في مستوى المحبة، فيما يفترض بالإنسان المؤمن أن يكون عليه، بعد ذكر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، الموقع الثاني في المحبة، وهذه المحبة لابدَّ أن تتجلى، لابدَّ أن تظهر، عندما تكون محبةً عظيمة، تظهر هذه المحبة وتتجلى في كل ما يعبِّر عنها من مظاهر التعظيم، والتبجيل، والتقديس؛ لأنها محبة للرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” في مقامه العظيم، في منزلته الرفيعة العالية، في كماله بالنبوة، بالإيمان، بالأخلاق، بالمنزلة العالية عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في مقام القدوة، في مقام الهداية، في مقام القيادة، وتتجلى بالاتِّباع، بالاقتداء، بالتأسي، بالتمسك؛ ولذلك فشعبنا العزيز وهو يعبِّر عن هذه المحبة العظيمة بكل مظاهر الابتهاج، هو أيضاً يعبِّر عن شكره لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، واعترافه بعظيم فضل الله، وبعظيم رحمته، وبعظيم نعمته، عندما بعث فينا سيِّد رسله، وخاتم أنبيائه محمد “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”.

والله “جلَّ شأنه” حينما قال في القرآن الكريم: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس: الآية58]، {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}، فلنفرح، وليتجلى فرحنا في كل الوسائل المشروعة، التي تعبِّر عن الفرح، عن الابتهاج، عن السرور، عن الاستشعار لقدر هذه النعمة العظيمة، وهذا الفضل العظيم، والرحمة الكبيرة، وما يترتب عليها من النتائج المهمة، وهي تلك النعمة: (الرسول، والقرآن)، الرسول والقرآن هي تلك النعمة العظيمة، التي ترتبط بها نعمة الهداية، أعظم النعم، وأسنى النعم، والتي يترتب عليها الخير للإنسان في الدنيا والآخرة.

فمن التوفيق ومن النعمة أن يكون شعبنا العزيز، يمن الإيمان والحكمة، أحفاد الأنصار، في هذا العصر متميزاً ومتصدِّراً للشعوب الإسلامية في مختلف أرجاء الدنيا، في مدى اهتمامه بهذه المناسبة تعبيراً عن الشكر لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والابتهاج والفرح بهذه النعمة، وهو يحمل نوعاً من تلك المشاعر: مشاعر المحبة، والحفاوة، والاستقبال، التي استقبل بها أجداده وآباؤه الأوائل أنصار رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، الذين سمَّاهم الله في كتابه الكريم بالأنصار، الله هو الذي سمَّاهم بالأنصار، فهم عندما استقبلوا رسول الله استقبلوه بالحفاوة، بالمحبة، المحبة الكبيرة، بالتقدير، بالفرح الكبير، فرحوا به، واستبشروا به، ورحبوا به، ثم كانوا من آووا ونصروا، إيواء، ونصرة، وإيمان، وموقف، وجهاد، وعطاء، وتضحية، عطاء عظيم، وعطاء متميز، بلغ إلى درجة الإيثار على النفس، وهم في حالة الخصاصة، والظروف الصعبة، والمعاناة الكبيرة، لكن هكذا هم الكرام، من نفوسهم نفوسٌ كريمة، تقدِّر الأشياء الكريمة والعظيمة والمهمة، وذات القيمة العالية على المستوى الإنساني، والأخلاقي، والقيمي، والإيماني.

وهذا بكله هو من البشائر المبشِّرة بأنَّ شعبنا اليمني العزيز راسخاً في انتمائه الإيماني، بأنه راسخ في انتمائه الإيماني، وأنَّه- إن شاء الله تعالى- ماضٍ في مسيرته، ليقدم النموذج أمام بقية الشعوب في الالتزام الإيماني، وفي التمسك برسالة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والاقتداء برسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، والاتِّباع للقرآن الكريم، كما فعل أجداده وآباؤه الأوائل ذلك، يوم كانت القبائل من مختلف المناطق العربية، عندما يعرض عليها رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، يعرض عليها الشرف الكبير، الذي هو أعظم شرف، أن تكون هي من تحتضن الرسالة الإلهية، وتحمل راية الإسلام، فكانت تلك القبائل قبيلةً قبيلة تُعرِض عن هذا الشرف، وتتهرب عن هذا الشرف الكبير، وهذه قصةٌ عجيبة في السيرة النبوية، كان هذا الشرف وهذا الفضل، وربما هي من سنَّة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في إقامة الحجة، والوفود من مختلف المناطق العربية تحج إلى مكة، وأثناء الحج يعرض عليها رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” أن تحظى بهذا الشرف، فكانت تلك القبيلة تعتذر، وتلك القبيلة ترفض، وتلك القبيلة تختلق لها التبريرات وتتهرب، إلى أن جاء الأوس والخزرج فبادروا، واستبشروا، وسبقوا، واستعدوا، ثم كان ذلك مقدِّمةً للهجرة النبوية، ثم كان ذلك مقدِّمةً لمرحلة جديدة، وبعد ذلك تحققت النتائج الكبيرة والمهمة عندما هاجر النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” إليهم، وبدأت مرحلة الجهاد في سبيل الله، وإحياء رسالة الله، وإقامة دين الله، تحققت النتائج العظيمة، فعمَّ نور الله أرجاء الجزيرة العربية قاطبةً، لكن بعد عمل وجهاد، وبعد أن حظي الأنصار بذلك الفضل الكبير.

أملنا في شعبنا العزيز بانتمائه الإيماني الراسخ، ونحن في مرحلة تاريخية مهمة، ونحن في ظروف على المستوى العالمي ذات أهمية بالغة، فيها الكثير من التحولات والمتغيرات، لكن نحن كأمةٍ إسلامية، ننتمي للإسلام، لابدَّ أن يكون مسارنا منطلقاً من أساسٍ صحيح، من انتمائنا نفسه، من انتمائنا للإسلام، من انتمائنا للقرآن، من انتمائنا للرسالة الإلهية.

يقولون في هذه المرحلة: تغيَّر وضع أمريكا في نفوذها العالمي، وفي هيمنتها على بقية الدول والشعوب، وأصبحت هناك بلدان أخرى تنهض لتحتل لها وتتبوأ لها موقعاً خارج الهيمنة الأمريكية، والنفوذ الأمريكي، فأين هي وجهة العرب أمام هذا؟ هل سيتجه الجميع نحو الصين، للالتحاق بها كبديل عن أمريكا، أو إلى التحالف الصيني الروسي، أم كيف؟ أين هي وجهتهم؟

ولذلك أمام هذه التغيرات والمتحولات، يجب أن تكون وجهتنا قائمةً على أساس انتمائنا للإسلام، نحن أمة إسلامية، تمتلك كل المقومات، وكل العناصر اللازمة لأن تبني نفسها لتكون أمةً لها اتجاهها المتميز، المبني على أساس انتمائها العظيم للإسلام، وللرسالة الإلهية، وللمبادئ الإلهية، وللقيم الإلهية، ومهما كان حجم المؤامرات علينا، مهما كانت المعاناة، مهما كانت التحديات، مهما كانت الصعوبات، إلَّا أنَّ بإمكاننا من خلال كل عناصر القوة تلك، التي تختزنها هذه المبادئ الإلهية، والقيم الإلهية، نستفيد منها ومن خلالها تتحول كل التحديات وكل الصعوبات إلى فرص، وهذا متاحٌ لنا بمعونة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” وبتوفيقه.

فأمام كل هذا نحن معنيون بأن نجعل من هذه المناسبة المباركة محطةً تساعدنا في انطلاقتنا، وتساعدنا على التزود بالنور، بالنور الإلهي، من خلال قنواته المباركة: القرآن والرسول، وأيضاً نتزود الزكاء؛ لأن من أهم عطاء الرسالة الإلهية، هو ما تقدمه من نور، ومن تزكيةٍ للنفوس، وهذا أهم ما يحتاج إليه الإنسان، وأهم ما يسمو بالإنسان، وأهم ما يؤهل الإنسان لأداء دوره في هذه الحياة بكرامةٍ وبجدارةٍ كمستخلفٍ لله في الأرض، ويكسب له خير الدنيا والآخرة.

في هذه المناسبة المباركة أملنا- إن شاء الله- أن يكون اهتمام شعبنا إلى مستوى تصاعدي، وبأفضل من كل الأعوام الماضية، مع أنَّ إحياءه الكبير والعظيم لهذه المناسبة في الأعوام الماضية كان مبهراً، ومدهشاً، وملفتاً على مستوى العالم، في العالم الإسلامي، وفي خارج العالم الإسلامي، حتى من جهة الأعداء أنفسهم، الأمريكيون والإسرائيليون، وكذلك الدول الأوروبية، الكل كانوا مندهشين لمستوى التفاعل والإحياء الكبير للمناسبة في بلدنا العزيز.

كما أنَّا أيضاً رأينا في العام الماضي عودةً في كثيرٍ من البلدان الإسلامية لإحياء هذه المناسبة بالمستوى الجيد، في عددٍ من البلدان العربية، وفي عددٍ من البلدان الإسلامية الأخرى، كان هناك عودة إلى إحياء مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، وتفاوت الاهتمام بها من بلدٍ إلى آخر، لكن هذه بشائر خير، ولها إيجابيتها الكبيرة، وأثرها المبارك إن شاء الله.

أملنا في هذا العام أيضاً أن يكون مستوى الإحياء أيضاً بشكلٍ كبير في بقية البلدان العربية والإسلامية، كان قد حصل في السنوات الماضية تراجع في إحياء هذه المناسبة في كثيرٍ من العالم الإسلامي، والسبب هو:

  • حملات تكفيرية، حملات التكفيريين الذين يصدون عن هذه المناسبة، ولهم موقف مسيء، وموقفٌ خاسر وخائب وسيء تجاه مسألة التعظيم لرسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، وكل مظاهر الإعزاز والتقدير لرسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” هم لا يستسيغونها، ولا يريدون أن يحمل الإنسان المسلم تجاه رسول الله أي مشاعر تعظيم، أو إعزاز، أو تقدير، هم في ثقافتهم وعقائدهم يقدِّمون الرسول كشخصية عادية، لا يجوز أن يحمل لها الإنسان المسلم أي تقدير البتة، وهذه مشكلتهم هم، هذا من أسوأ انحرافاتهم، ومن أفضح جهالاتهم، وأوضح دلائل بطلان ما هم عليهم.
  • ومن جانبٍ آخر: التأثيرات للتثقيف والحرب الناعمة للأعداء، التي تسعى لفصل هذه الأمة عن مصادر عزتها، وقنوات هدايتها (عن الرسول، وعن القرآن)؛ لأن اللوبي اليهودي الصهيوني، وأتباعه في العالم من النصارى وغيرهم، حتى من الوسط الإسلامي، والساحة الإسلامية، هم يعملون بكل الوسائل والأساليب إلى فصل الأمة عن الرسول والقرآن، بما في ذلك: أن يفرِّغوا من قلوب الأمة كل مشاعر التعظيم، والتوقير، والإعزاز، والتقدير للرسول والقرآن، كل مشاعر التقديس، والتبجيل للرسول والقرآن.

فبهذا وذاك، شغل اللوبي اليهودي الصهيوني وأدواته من خارج، وشغل التكفيريين السلبي من الداخل، كان قد أضعف في الوسط الإسلامي والساحة الإسلامية الاحتفال بهذه المناسبة، والعناية بها، والاهتمام بها، والاستفادة منها، وكان هذا حرمانٌ للأمة من خيرٍ كبير، والله المستعان.

نحن نأمل- إن شاء الله- أنه مع عودة الإحياء لهذه المناسبة، والاستفادة منها، وبالذات في هذه المرحلة الحسَّاسة، التي يتحرك فيها الأعداء، أعداؤنا من الكافرين والمنافقين، الذين يسعون لصدنا عن ديننا، عن مبادئنا الإلهية، عن القيم العظيمة، ويحاولون الانحراف بنا عن نهج الله وتعاليمه، نأمل أن يكون إحياؤنا لهذه المناسبة مما يزيدنا وعياً، وإيماناً، وثباتاً، ومحبةً لرسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، ولرسل الله وأنبيائه، وأيضاً أن يكون مما يسهم في العمل على تغيير واقعنا؛ لأن هذه مسألة مهمة جدًّا، نحن في أمسِّ الحاجة إليها في هذه المرحلة، والظروف العصيبة التي يعاني منها مجتمعنا المسلم في كل البلدان معاناةٍ كبيرة، من مشاكل كثيرة، وأزمات كثيرة، يحتاج في سعيه للخلاص منها: إلى النور، إلى الوعي، إلى البصيرة، إلى الرشد، إلى الحكمة، إلى التوجه الصحيح، إلى الرؤى الصحيحة، الهادية، المنقذة، المخلِّصة، والتي أيضاً تصله بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتعيد له ارتباطه الوثيق؛ ليحظى برعاية الله، بمعونة الله، بالتأييد من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

في هذه المرحلة من المعروف عالمياً أنَّ أولياء الشيطان من قوى الطاغوت والاستكبار الظلامية، تسعى بشكلٍ مكثف، وبشكلٍ مفضوح- أكثر من أي وقتٍ مضى- لإضلال المجتمعات البشرية، وإفساد الناس، نشاطها بكل أنواعه، بكل ما فيه من أساليب، وبرامج متنوعة، وأنشطة متنوعة، يركز على هذين العنصرين:

  • الإضلال للناس ثقافياً، وفكرياً.
  • وأيضاً الإفساد لهم أخلاقياً.

وباتوا واضحين في هذه المسألة، ومفضوحين أكثر من أي مرحلة مضت، لماذا؟ لأنهم يريدون السيطرة التامة على الناس، والاستعباد لهم، والاستغلال لهم، ولكن في سبيل تحقيق هذا الهدف، يريدون أن يكونوا قد فرَّغوا الإنسان من كل مشاعره الإنسانية، وسلبوا منه الشعور بكرامته الإنسانية، وبقيمته الإنسانية والأخلاقية، هذا هدف يسعون لتحقيقه بكل اهتمام، يريدونك كإنسان ألَّا تبقى لك مشاعرك الإنسانية، ولا قيمك التي فطرك الله عليها، وفي نفس الوقت ألَّا يكون لديك أنت لنفسك عند نفسك أي قيمة إنسانية، ولا أخلاقية، أن تنظر إلى نفسك كمجرد حيوان تافه، لا قيمة له، وكائن مادي لا قيمة له، ولا قيمة لوجوده، ولا هدف لوجوده، وأن تنظر إلى الحياة من حولك نظرةً عبثيةً، مستهترة، مستخفة، لا ترى لوجودك أي معنى، ولا أي هدفٍ مقدَّس، ولا يرتبط بك وبوجودك في هذه الحياة أي مسؤولية مقدسة، ولا أي مستقبل مهم ومقدَّس، وهذه مسألة ملحوظة.

هم من روَّجوا- وعلى مستوى واسع- للنظرية الباطلة التافهة: [أنَّ أصل الإنسان قردٌ]، وأرادوا أن يقنعوا المجتمعات البشرية بهذا، وقدموها كنظرية علمية، وهي مقولة تافهة، باطلة، سخيفة جدًّا، لكنهم أرادوا أن يقتنع بها الناس، وأن يقرأوها في مناهجهم الدراسية، وأن يثقفوا بها، لماذا؟ لماذا أرادوا للإنسان أن يقبل بهذه النظرية، وأن ينظر إلى نفسه أنه من سلالة قرد، وأنَّ أصله قرد، يريدون له أن يحمل الشعور بهذه الفكرة، أنه مجرد قرد، لكن ظهر بشكل إنسان، وإلَّا فأصله من القرود، فلا يستشعر لنفسه أي كرامة، ولا قيمة إنسانية ولا أخلاقية.

وهم من وصلوا في هذه المرحلة بالمجتمعات الأوروبية، أوروبا التي تقول عن نفسها: أنها موطن الحضارة، وأنها التي حملت في العصر الحديث راية الحضارة، والرقي، والتقدم، والقيم الإنسانية بالحريَّة… وغيرها، هم من أوصلوا تلك المجتمعات إلى أن تقبل في هذه المرحلة أن تتحول من حياتها كمجتمعات بشرية، يقبل البعض منهم بالتحول من طبيعة حياته ككائنٍ بشري، إلى أن يتحول في حياة الكلاب، وشكل الكلاب، وأقنعة الكلاب، يبيعون منهم أقنعة وملابس وأزياء يتحول من خلالها عندما يلبسها وكأنه كلب، ثم يحول حياته ككلب، ويباع في السوق ككلب، يبيعونه بـ 70 ألف يورو، أو 50 ألف يورو… أو بأي مبلغ ككلب، والسلسلة إلى عنقه، ويذهب به من اشتراه ليعيش عنده في منزله ككلب، وليس كإنسان، وأصله إنسان، لكنه قَبِل أن يتحول في حياته إلى أن يعيش ككلب، وترك حياته كإنسان، ما الذي أوصله إلى هذا المستوى؟ تثقيف، أفكار ورؤى باطلة، سخيفة للغاية، وتربية سيئة هبطت به، بنفسيته؛ حتى فقد كل معنى للكرامة الإنسانية، وحتى أصبح سخيفاً، وهذا لا يريدونه في أوروبا فحسب، والبعض بأزياء حيوانات أخرى.

هذه حقيقةٌ واقعة، وهذا لا يريدونه في أوروبا فحسب، هم يريدونه في مختلف المجتمعات، هم يريدونه عندنا في العالم العربي بأسوأ، بأسوأ مما في أوروبا، ويريدونه في بقية المجتمعات بأسوأ أيضاً، هم يسعون بكل جهد إلى أن يفرِّغوا المجتمع الإنساني من الشعور بالكرامة الإنسانية، ومن الإيمان بالقيمة الإنسانية والأخلاقية، وهذه مسألة خطيرة جدًّا؛ ولذلك فإن مسعاهم الشيطاني الظلامي هو تهديد للإنسانية، للمجتمع البشري في كل أرجاء الدنيا، تهديدٌ للناس في إنسانيتهم، المجتمع البشري اليوم مهددٌ في إنسانيته، يريدون أن يهبطوا به عن مرتبته الإنسانية، يريدون له أن يؤمن أنه مجرد كائن وحيوان مادي لا قيمة له، بل يرى في قيمة الحيوانات الأخرى يراها أكثر قيمةً منه، فيتحول إلى أن يتزيا بأقنعة مشابهة لها، ويقلد أصواتها وحياتها، ويتحول إلى أن يعيش بطريقتها، هذه سخافة!

ولذلك مسؤوليتنا كمسلمين، ونحن ننتمي للإسلام، للإسلام بكتابه، كتاب الله القرآن الكريم، وثيقة النور الإلهية، الخالدة إلى آخر أيام الدنيا، التي حفظها الله من التحريف في النص، ننتمي للإسلام برسوله العظيم، سيد المرسلين وخاتم النبيين ووارثهم، وبين أيدينا إرث الأنبياء، إرث الرسالة الإلهية، مسؤوليتنا إلى أن نجعل من هذه المناسبة المباركة فرصةً لإيصال النور الإلهي إلى مختلف أنحاء العالم، وللاهتمام بما يحصن واقعنا نحن كأمة، كأمة مستهدفة، أمة مستهدفة، بما يحصن واقعنا كأمة مستهدفة.

عندما نعود إلى الرسالة الإلهية، بماذا تربينا عليه؟ تربينا إلى أن نعي قيمتنا الإنسانية، وكرامتنا الإنسانية، ماذا يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في كتبه، وعن طريق أنبيائه ورسله، ماذا يقول لنا عن أصل وجودنا؟ يذكرنا كيف أن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” كرمنا، منذ بداية وجودنا خلقاً كائناً مميزاً أعلم ملائكته عنه، وبعد خلقه أسجد له ملائكته، لاحظوا هذا التكريم العظيم، هذا الكائن الإنساني في بداية وجوده كرمه الله أعظم تكريم، كرمه أولاً في خلقه، {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}[التين: الآية4]، كرمه في خلقه، كرمه في طريقة حياته، في معيشته، فيما أنعم عليه من مختلف النعم، فيما وهبه إياه، {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}[الإسراء: الآية70]، فالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يربينا ويعلمنا، ويهدينا ويرشدنا، إلى ما هو متناسقٌ ومنسجمٌ مع ما كرمنا به في خلقنا، ومع ما كرمنا به في بداية الوجود للكائن البشري، الذي أسجد الله له ملائكته، هذا ما يخبرنا الله به؛ ليرسخ فينا الشعور بالكرامة، بالقيمة الإنسانية.

ثم أكرمنا الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بهديه، بنوره، بتعليماته، أن يتولى هو هدايتنا، التقديم للتعليمات التي نستنير بها في حياتنا، فكما كرمنا في خلقنا، وخلقنا في أحسن تقويم، وأسجد الملائكة لآدم بعد وجوده مباشرةً، أو بعد وجوده بمرحلة معينة، الله أعلم! بعد كل ذلك، التكريم بالهدى، التكريم بخير القادة والهداة، بالرسل والأنبياء، تكريم بالهداية والتعليمات القيِّمة والعظيمة التي تسمو بنا، تكريم بالأخلاق العظيمة، والمبادئ الإلهية، والقيم الإلهية، كله تكريم.

ثم إذا استجبنا لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وشكرنا نعمه، وسرنا على أساس تعليماته وهديه، يأتي التكريم العظيم جدًّا في عالم الآخرة، في ساحة القيامة، ما يكرم الله به ويكرم عباده الصالحين، وفي الجنة التكريم العظيم، تكريمٌ في الدنيا، وتكريمٌ في الآخرة.

ولذلك فعلينا أن نعي أهمية التركيز على الاستفادة من هذه المناسبة، في التصدي لمساعي الأعداء، التي يحاولون من خلالها أن يهبطوا بالمجتمع البشري عن مرتبته الإنسانية؛ ليتمكنوا بشكلٍ نهائي من استعباده تماماً، واستغلاله بشكلٍ تام، وفعل ما يشاءون ويريدون به، وأن يفقدوه قيمة وجوده الإنساني، ومسؤوليته في هذه الحياة ودوره، وقيمته الإنسانية والأخلاقية.

هم من يروِّجون إلى أن الوجود في هذه الحياة عبثي، ولأهداف مادية بحتة، والله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو الذي علمنا أن وجودنا في هذه الحياة وجود ترتبط به مسؤوليات مهمة، هو القائل: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}[المؤمنون: الآية115]، هو القائل: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ}[ص: الآية27].

وجودنا في هذه الحياة ترتبط به مسؤوليات مهمة، ودورٌ عظيمٌ مقدس، وغاياتٌ عظيمةٌ وحكيمة، ولذلك علينا أن نستشعر هذا؛ لنعود على أساس الرسالة الإلهية، نجعل منها منطلقاً في حياتنا، في أعمالنا، في مواقفنا، وأن ندرك أن خلاصنا، وخلاص مجتمعاتنا بشكلٍ عام، خلاص الناس جميعاً مرهونٌ بالتمسك بالرسالة الإلهية، لا خلاص إلَّا بذلك، مهما تعددت الرؤى وتنوعت، ومهما كان هناك جهات هنا أو هناك تتحرك في أوساط العالم، الخلاص، الفرج، العزة، الكرامة، الحياة الطيبة، العزة والكرامة الإنسانية، لا تتحقق إلَّا بالتمسك بالرسالة الإلهية، الخروج من الظلمات إلى النور، ولهذا قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[إبراهيم: الآية1].

لذلك لابدَّ لنا أن نعي هذه الحقيقة، فنتحرك على أساسها بيقينٍ تامٍ بها، وندرك مسؤوليتنا كمسلمين، أن نكون الرواد الذين يتحركون في هذه الحياة وفي هذا العصر لإنقاذ المجتمع البشري، مما يحاول أعداء الإنسانية أن يوصلوه إليه، من الحالة الظلامية الرهيبة جدَّا، من الانحطاط به عن مرتبته الإنسانية، من تدمير قيمه وأخلاقه بشكلٍ تام، أمر خطير جدَّا على المجتمعات البشرية.

هذه الأمة التي يقول الله لها، ويقول عن أبرارها، وصالحيها، وأخيارها، وقدواتها: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ}[آل عمران: من الآية110]، هذه الأمة هي المعنية برسالتها، بنبيها وقرآنها، أن تقدِّم هي إلى كل المجتمعات البشرية، مع أن يكون من أولوياتها: صيانة وضعها الداخلي، لكن أن تقدِّم لبقية المجتمعات البشرية الخلاص، النور، الهداية، الإرشاد، أن تتصدى لكل محاولات قوى الطاغوت الظلامية، في إضلال المجتمعات البشرية.

في هذا العصر، وفي هذه المراحل بدأوا يقدِّمون- مثلاً- في الصين، وفي عددٍ من البلدان، مادة تعليمية عن الرجولة؛ لأنهم يدركون أنَّ تلك القوة الظلامية، التابعة للوبي اليهودي، تسعى إلى تمييع المجتمع البشري، ليتحول الرجال في حالة من المياعة، فيفقدوا رجولتهم، الإنسان مستهدف في إنسانيته، والرجال مستهدفون في رجولتهم، يسعون إلى أن يكون هناك مادة تعليمية للحفاظ على الرجولة.

الرجولة، والكرامة، والشهامة، العزة والكرامة الإنسانية لكل بني الإنسان، هي في اتِّباع الرسالة الإلهية، هي عندما نعود إلى كتاب الله، وإلى رسول الله؛ أمَّا اللوبي اليهود الصهيوني وأتباعه الظلاميون في المجتمعات الغربية، فهم لا يريدون لك أن تبقى حتى كإنسان، بإنسانيتك، وبشعورك بالقيم الإنسانية.

ولهذا نحن معنيون في هذه المناسبة أن ندرك طبيعة المتغيرات، وطبيعة النشاط الظلامي، المضل، المفسد، للوبي اليهودي الصهيوني، في سعيه لإيصال المجتمعات البشرية إلى أسوأ مستوى؛ لاستعبادها، واستغلالها، وامتهانها، هدفهم هو ذلك، ولذلك أكبر انزعاجٍ ينزعجون منه، أكبر ما يزعجهم هو: القرآن والرسول.

وعندما نظموا حملات مسيئة إلى القرآن، لإحراق المصحف الشريف في عددٍ من البلدان الغربية، وأنشطة ما قبل ذلك وما بعد ذلك، من رسوم مسيئة، وعبارات مسيئة، وكتابات مسيئة للرسول، إلى رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، هو لأنهم يدركون أنَّ الذي بقي للبشرية، لخلاصها، لفلاحها، لنجاتها، للحفاظ على إنسانيتها، لقيمتها الإنسانية، وكرامتها الإنسانية، هو: الرسول والقرآن، ولهذا قال الله: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[إبراهيم: الآية1]، العزة، والحمد، والشرف، والكرامة، هي في سلوك صراط الله، في السير في صراط الله، بالاهتداء بكتاب الله ورسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”.

والتجربة العظيمة الرائدة لخاتم الأنبياء، وسيِّد المرسلين، رسول الله محمد “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، والنجاح الكبير والهائل الذي حققه، والنقلة الكبيرة العظيمة التي تحققت بجهوده العظيمة، بيَّنت كم أنَّ الرسالة الإلهية فاعلة في إخراج الناس من الظلمات إلى النور، في فترة وجيزة، كم هي تلك النقلة الهائلة والقفزة الكبيرة في واقع العرب البدائيين آنذاك، الأميين، كيف انتقل بهم إلى أن كانوا سادة الأمم، وأصبحوا هم في المستوى الأعلى بين كل الأمم في فترة وجيزة، تلك هي نقلة إخراجهم من الظلمات الرهيبة، ظلمات الجاهلية، إلى نور الإسلام، نور الهدى الإلهي، التعليمات الإلهية، الحكمة الإلهية، التي تسمو بالإنسان.

ولذلك فإنَّ من أهم ما نقدِّمه من رسائل، في الاحتفال الكبير جدًّا هذا العام إن شاء الله، بهذه المناسبة المباركة والعظيمة، في يوم المناسبة، وما يسبقها من أنشطة، وما كان ضمن ذلك من مظاهر الفرح والابتهاج، الرسالة إلى الأعداء، الذين أساءوا إلى القرآن، إلى أولئك الأعداء الذين أحرقوا المصاحف، إلى اللوبي اليهودي الصهيوني الذي هو وراء ذلك، ومن معه من أذرعته، كل أذرعة أخطبوط الشر والإجرام، الظلاميين في هذا العالم، رسالتنا لهم في مستوى إحيائنا لهذه المناسبة، بما قبلها من فعاليات، ومن مظاهر الابتهاج والفرح، هي رسالة تحدٍ لهم، وأننا متمسكون أكثر من أي وقتٍ مضى- بتوفيق الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” إن شاء الله- بهذه الرسالة، وبتعظيمنا لرسول الله، وبتقديسنا لكتاب الله ورسول الله؛ وبالتالي- إن شاء الله وبتوفيق الله- في تمسكنا بهذه الرسالة الإلهية.

في هذه الأيام نأمل– إن شاء الله- أن يكون هناك استمرار في الأنشطة بمستوى تصاعدي أكثر، كذلك استمرار في كل مظاهر الابتهاج والزينة بالشكل المشروع، وأيضاً اهتمام كبير بالإحسان، والعناية بالفقراء والبائسين، وقيم الرحمة التي تجسِّد الرحمة؛ لأننا في مناسبةٍ عظيمة، تعود إلى ذلك الرجل العظيم: خاتم رسل الله وأنبيائه، الذي قال الله له: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: الآية107]، أن تتجسد قيم هذه الرحمة في الإحسان، في الاهتمام بالفقراء، في صلة الأرحام، في الأخوَّة، في التعاون، في تجنب كل حالات الفتن والشقاق، في العمل على الارتقاء الأخلاقي، في تكثيف الأنشطة التوعوية، في الاهتمام بالسيرة النبوية، والحديث عن شخص الرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، من خلال القرآن الكريم وما وافق القرآن، اختيار الصحيح الثابت الموافق للقرآن من السيرة النبوية، إلى أن تأتي- إن شاء الله- المناسبة، يأتي يوم الاحتفال الكبير العام.

وأنا أؤمِّل كثيراً في شعبنا العزيز، يمن الإيمان والحكمة، أحفاد الأنصار، كما خرجوا في الأعوام الماضية خروجاً مليونياً حاشداً كبيراً لا مثيل له في كل الدنيا، أن يخرجوا في المناسبة القادمة خروجاً مليونياً لا مثيل له في الدنيا، وأن يكونوا على الدوام النموذج المتصدر بين شعوب أمتنا الإسلامية كافّة لهذه المناسبة، لكل ما يجسِّد قيمهم الإيمانية، وأن يقدِّموا الشاهد من جديد لكل أرجاء الدنيا، ولكل أبناء العالم، ولأمتنا الإسلامية في المقدِّمة، أنَّ هذا الشعب هو يمن الإيمان، ويمن الحكمة.

أَسْأَلُ اللَّهَ “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنصُرنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.

وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

قد يعجبك ايضا