الرسول محمد (ص) هو نعمة الله العظمى لإنقاذ البشرية

لقد كان العالم بأسره في كل أنحاء المعمورة في واقعٍ مظلم، وكل الكيانات والقوى والزعامات القائمة- آنذاك- متماهيةٌ مع ذلك الواقع، فالشرك والباطل قد عمَّ، والظلام ادلَهَمَّ وأعتم، وباتت البشرية أسيرة الشقاء والضياع، لا هدف في الحياة لها، ولا غاية فلاحٍ تسير إليها {وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا}[آل عمران: من الآية 103]، الواقع العربي والعالمي يرزح- آنذاك- تحت وطأة الجاهلية بظلامها الدامس، ورجسها النجس، ويتجه نحو التفاقم ازديادًا من الشر، وانتقاصًا من الخير، وتلاشيًا للأخلاق، دون التفاتةٍ جادة لخطورة ما هم فيه، وسوء ما هم عليه، وكانت الأجيال ستواصل توغلها في تلك المتاهة الظلماء بدون منقذ رباني يأتيها بالنور، ويأخذ بيدها نحو الصراط المستقيم، وصدق الله القائل في كتابه الكريم: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}[البينة: 1-3]، فلولا هذا الرسول الذي أنعم الله به، أتى من الله بذلك الهدى القيم من الصحف المطهرة (كتاب الله الكريم)، لكانت الجاهلية استمرت وتعاظمت؛ سوءًا وجهلًا وباطلًا وظلامًا وفسادًا وإجرامًا ومنكرًا وطغيانًا إلى حدٍ يفوق الخيال ولا يخطر ببال، ولَكُنَّا فقدنا كل أثر لإنسانيتنا وبشريتنا، وهبطنا دون مستوى الحيوانات، لكانت الأصنام الحجرية والخشبية والبشرية في هذا الزمن هي وجهة عبادتنا، ولكانت الأوثان مؤلهةً بيننا، ولكانت أرجاس الجاهلية ومفاسدها وفحشها وخبثها وفوضَوِيَّتها السلوكية هي المسيطرة علينا.

إننا يا أمتنا الإسلامية حينما نشاهد المستوى البائس والمؤلم اليوم لأمتنا، وهذا بعد أن كان الله استنقذنا بنبيه وهديه، بما كان قد غير الواقع الجاهلي أولًا، نتصور كيف لو لم يكن هذا النبي وهذا الدين وذلك التغيير العظيم قد أتى في واقع الأمة؟ وكيف لو امتدت بها جاهليتها الأولى دون انقطاع؟ لكانت في وضعٍ خرجت فيه عن طور الإنسانية تمامًا، ولكُنا قطيعًا من الحيوان المتوحش الضائع في غاباتٍ قاحلة، فما أعظم نعمة الله علينا، ولطفه بنا حين استنقذنا من مصيرٍ نهايته الحتمية جهنم، وهيَّأَ لنا سبيل الخير والنجاة الذي يوصلنا- إن سرنا عليه والتزمنا به- جنته ورضوانه في الآخرة، ويسمو به ونسعد به في الحياة الدنيا.

 

السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي

من كلمة السيد القائد في ذكرى المولد النبوي لعام 1439هـ

قد يعجبك ايضا