(مَولِدُ نُورٍ ومَشرُوعُ هُدَى)

الشَّاعر/ علي  النعمي

 

 

مقامٌ عظيمٌ لا تفيهِ المشاعرُ

وحضرةُ هادٍ في حشى القلبِ حاضرُ

 

ومشروعُ هديٍ وانطلاقةُ رحمةٍ

ومولدُ نورٍ عانقتْه النواظرُ

 

ويومٌ تهاداه الزمانُ بشائراً

وزفته للدُّنيا العلا والمفاخرُ

 

وذكرى ختامِ الأنبياءِ تلخَّصت

رسالاتُهم في هديهِ والمآثرُ

 

رسالتُه القرآنُ نورٌ ورحمةٌ

أضاءت به أبصارُنا والبصائرُ

 

تعاليمُه الأخلاقُ والقيمُ التي

بها تُعمرُ الدُّنيا وتحيا الضمائرُ

 

ومشروعُه الإسلامُ عدلٌ وعزةٌ

فمن رام ديناً غيرَه فهو خاسرُ

 

هدانا به الرحمنُ بعدَ ضلالةٍ

وظلمةِ دهرٍ كلُّ ما فيه حائرُ

 

وألَّفَ بالإسلامِ بين قلوبِنا

وشرَّفَنا بالدِّينِ فالحظُّ وافرُ

 

تسودُ به روحُ التَّراحمِ بيننا

ونحن أشداءٌ بمن هو كافرُ

 

فكان رسولُ اللهِ أعظمَ نعمةٍ

من اللهِ للإنسانِ لو هو شاكرُ

 

وما قيمةُ الإنسانِ لولا مُحمَّد

لما عزَّ مسكينٌ ولا قامَ عاثرُ

 

فيا عالَماً كالغابِ قد غابَ وعيُه

كراماتُه في كلِّ يومٍ تُصادَرُ

 

ويا أمةً في كلِّ شعبٍ تحيَّرَت

وفي كلِّ بيداءٍ ذرتْها الأعاصرُ

 

قفي عند ذكرى خاتَمِ الرسلِ وقفةً

نصحِّحْ بها أوضاعَنا ونبادرُ

 

تعالوا إلى حيثُ افترقنا فقد نأت

مساراتُنا واستضعفتنا المخاطرُ

 

لذكراه في الدُّنيا محبٌ ومبغضٌ

عميلٌ بإسمِ الدينِ فيها يكابرُ

 

ولكنَّ شعباً شامخاً قد تعمقتْ

روابطُه بالمصطفى  والأواصرُ

 

يعايشُ من ذكرى النبوةِ واقعاً

ويصغي لها إحساسُه والمشاعرُ

 

لئن عادَ وضعُ الجاهليةِ ثانياً

وصرنا لأُخراها الأشد نعاصرُ

 

فابشرْ بنا يا سيدَ الكونِ ثانياً

وأنت الهدى والنورُ أنت البشائرُ

 

نصرناك في الأولى على كلِّ كافرٍ

وما قصَّرت منا السيوفُ البواترُ

 

وقد عادت الأخرى فعدنا ولم نزلْ

على العهدِ مهما حاربونا وحاصروا

 

وما زادنا العدوانُ الا تمسكاً

وحباً وتسليماً كأنك حاضرُ

 

ونحن لدينِ اللهِ والعرْب أولُ

ونحن له في آخرِ الدهرِ آخرُ

 

نلبيك رغمَ الكفرِ في كلِّ مولدٍ

وأنت إلينا كلَّ عامٍ تهاجرُ

 

نلبيك من ميدي وقد مادَ بالعدى

زنادُ الشياكي والليوثُ الكواسرُ

 

نلبيك من لحج وكهبوبَ والمخا

وتأتي تعزّ من حماها وصافرُ

 

نلبيك من عمقِ البحارِ وصيدُنا

بوارجُ أمريكيةٌ وبواخرُ

 

نلبيك من نهم وجوف ومأرب

وفيها على الباغي تدورُ الدوائرُ

 

نلبيك من خلفِ الحدودِ وخلفُها

ممالكُ إجراميةٌ تتطايرُ

 

يلبيك منا جيشُنا وسلاحُنا

وشعبٌ عظيمٌ صابرٌ ومصابرُ

 

تلبيك أرواحٌ لنا في أكفِّنا

بها في سبيلِ اللهِ دوماً نتاجرُ

 

هجوماً وزحفاً واقتحاماً فخضْ بنا

غمارَ المنايا نحن شعبٌ مغامرُ

 

يلبيك زلزالٌ ونجمٌ وصرخةٌ

يلبيك بركانٌ وتوشكا وقاهرُ

 

يلبيك أوسٌ آخرون وخزرجٌ

كآبائهم آوَوا وضحوا وناصروا

 

وفي نَكَفٍ تأتي قبائلُ شعبِنا

شباباً وشيباً والنساءُ الحرائرُ

 

يلبيك منا بذلُنا وعطاؤنا

قوافُلنا أموالُنا والذخائرُ

 

مدارسُنا طلابُنا جامعاتُنا

مسيراتُنا وقْفاتُنا والتظاهرُ

 

تلبيك منا ثورةٌ مستمرةٌ

فلا عاشَ طاغوتٌ ولا ذلَّ ثائرُ

 

يلبيك جرحانا وحبُّك بلسمٌ

يلبيك أسرانا الأباةُ الأكابرُ

 

يلبك منا موكبٌ بعد موكبٍ

بكلِّ شهيدٍ للخلودِ يسافرُ

 

تلبيك من أيدي الشظايا نفوسُنا

ومن تحت أكوامِ الركامِ المجازرُ

 

وأشلاءُ أطفالٍ يناجيك صمتُها

كأوراقِ قرآنٍ هنا تتناثرُ

 

وشعبٌ تحدَّى الموتَ وهو قنابلٌ

وجسَّدَ معنى الجودِ وهو محاصرُ

 

وأرضٌ عليها كلُّ شيئٍ مقدسٌ

وتحت ثراها للغزاةِ مقابرُ

 

هنا كلُّ شيئٍ يفتديك وينتمي

اليك بصدقٍ وهو لله شاكرُ

 

هنا يمنُ الإيمانِ يا كلَّ كافرٍ

هنا نَفَسُ الرحمنِ من ذا يفاخرُ

 

أخيراً إلى العدوانِ منَّا رسالةٌ

مدويةٌ يصغي لها وهو صاغرُ

 

غرورُك منكوسٌ وأنفُك راغمٌ

وحشدُك مهزومٌ وحظُّك عاثرُ

 

لكم أمريكا وهي في الضَّعفِ قشةٌ

ونحن لنا ربٌ قويٌ وقاهرُ

 

ومن هي أمريكا أمامَ مُحمَّدٍ

وأتباعِه ماذا تكونُ الطوائرُ

 

إذا سجدَ المستضعفون لربِّهم

فقد سقطَ المستكبرون الجبابرُ

 

سلام على الأنصارِ في كلِّ جبهةٍ

ويا حلفَ أمريكا عليك الدوائرُ

 

وصلَّى عليك اللهُ يا خيرَ مرسَلٍ

مع الآلِ ما حنَّت إليك المنابرُ

 

ألقاها  بمناسبة المولد النبوي الشريف في ميدان السبعين 1438هـ

قد يعجبك ايضا