في مواجهة الطاغوت نحن بين خيارين: السلة والذلة

نحن في هذا العصر نواجه الطاغوت المتمثل بأمريكا وإسرائيل ومن يدور في فلكهم، ونحن بين خيارين:

إما أن نبني مسيرة حياتنا على أساسٍ مستقل ومتحرر من هذه الهيمنة، بالاعتماد على تعليمات الله، وتوجيهات الله، ومنهج الله، وبمقتضى انتمائنا لهذا الإسلام العظيم.

أو أن نصنع كما يريد الآخرون أن يتكيفوا مع الطاغوت، أن يتكيفوا، وأن يقولبوا واقعهم الديني بما يتلاءم مع الطاغوت، وهذا الحالة التي كان يسعى لها الطاغوت في حربه على رسول الله “صَلَوَاتُ اللهِ عَلَـيْهِ وَعَلى آلِه” ولكنه فشل، رسول الله لم يتكيف، من قبله في حركة الرسالة السابقة أهل الكتاب كانوا قد تكيَّفوا، اليهود تكيَّفوا مع الطاغوت، وآمنوا بالجبت والطاغوت، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً}[النساء الآية:51]، تكيَّفوا هم، وحرَّفوا الرسالة الإلهية، وانحرفوا عن كثيرٍ من مبادئها الرئيسية والأساسية، وتعاليمها المهمة، وأبقوا منها طقوساً وشكليات بالقدر الذي لا يحتكون به مع الطاغوت، وأصبحوا تحت ولاية الطاغوت.

المنافقون لا مانع عندهم أن يتكيَّفوا- من واقع انتمائهم الإسلامي- أن يتكيفوا مع الطاغوت، وكانوا على هذا النحو حتى في زمن رسول الله “صَلَوَاتُ اللهِ عَلَـيْهِ وَعَلى آلِه” ونزل قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً}[النساء الآية:60]، هكذا (يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ): أن يقبلوا بحاكميته، بحاكمية الطاغوت عليهم، ويؤكِّد القرآن الكريم ذلك: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً}[النساء الآية:61]، فلا مانع لدى المنافقين والذين في قلوبهم مرض، والذين لم يعوا جوهر هذا الدين، أساس هذا الدين، المبادئ الرئيسية لهذا الإسلام، لا مانع عندهم من واقع انتمائهم لهذا الإسلام- الانتماء غير الواعي، غير السليم- أن يتكيفوا مع الطاغوت، وأن يبتعدوا عن ما أنزل الله في كثيرٍ من المبادئ، في كثيرٍ من التوجيهات، في كثيرٍ من التعليمات، وأن يتحركوا وفق ما يأمر به الطاغوت، وتحت ولاية الطاغوت.

 

السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي

المحاضرة الرمضانية الـ17 لعام 1440هـ

قد يعجبك ايضا